أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة:"هناك بعض الناس عندما يدخل المسجد يصلي سنة الفجر بعد إقامة الصلاة لأنه يعلم أن الإمام يطيل في الركعة الأولى؛ فما حكم ذلك"؟. 

ورد دار الإفتاء المصرية، إن مشروعية الدخول في صلاة الفجر متى أقيمت الصلاة المفروضة، سواء خشي فوات الركعة الأولى أم لا؛ وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح" من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ».

ولما جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ حَتَّى قَالَ: «وَلَوْ رَكْعَةً»، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي وَالصَّلَاةُ تُقَامُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَصَلَاتَانِ مَعًا؟» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير". ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

فمِن الأمور التي رغَّبت فيها السُّنَّة المطهرة وأكدت عليها في غير موضع: ركعتا الفجر، أي: سنته؛ فقد ورد في السُّنَّة المشرفة أن ركعتي الفجر خيرٌ من متاع الدنيا، وأنهما من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى، ولذلك لم يدعها صلى الله عليه وآله وسلم لا سفرًا ولا حضرًا؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»، وعنها أيضًا رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي شَأْنِ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ: «لَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا» أخرجهما الإمام مسلم.

قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (6/ 5، ط. دار إحياء التراث العربي): [«رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» أي: من متاع الدنيا] اهـ.

وأشارت الى أن الأصل أن تؤدى ركعتا سنة الفجر قبل الفريضة؛ لما روته أمُّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ» أخرجه الترمذي في "السنن"، والطبراني في "الكبير".

وهذا ما قرَّره أئمة وفقهاء المذاهب المتبوعة؛ كما في "بدائع الصنائع" لعلاء الدين الكاساني الحنفي (1/ 284، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للإمام الحطاب المالكي (2/ 66-67، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (4/ 7، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (2/ 93، ط. مكتبة القاهرة).

أما بخصوص مَن دخل المسجد لِصلاة الفجر وقد أقيمتِ الفريضة ولم يصلِّ سنة الفجر؛ فقد اختلف الفقهاء في دخوله مع الإمام للفريضة وأدائه سنة الفجر بعدها أو أدائه السُّنَّة قبل الفريضة.

فذهب الحنفية إلى أنه إذا خشي فوات الركعة الأولى وإتمام الركعة الثانية مع الإمام صلى السُّنَّة، وأما إن خشي فوات الركعتين معًا دخل مع الإمام.

قال برهان الدين المرغيناني في "الهداية" (1/ 71، ط. إحياء التراث): [(ومَن انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر، إن خشي أن تفوته ركعة ويدرك الأخرى: يصلي ركعتي الفجر عند باب المسجد ثم يدخل)؛ لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين، (وإن خشي فوتهما: دخل مع الإمام)؛ لأن ثواب الجماعة أعظم، والوعيد بالترك ألزم] اهـ.

وقال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق" (1/ 182، ط. الأميرية): [قال رحمه الله: (ومن خاف فوات الفجر إن أدى سنته ائتم وتركها)؛ لأن ثواب الجماعة أعظم والوعيد بتركها ألزم، فكان إحراز فضيلتها أولى. قال رحمه الله: (وإلا لا) أي: وإن لم يخش أن تفوته الركعتان إلى أن يصلي سنة الفجر فإن كان يرجو أن يدرك إحداهما لا يتركها؛ لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين وهذا لأن إدراك الركعة كإدراك الجميع] اهـ.

وذهب المالكية إلى أنه إذا دخل المسجد وقد أقيمتِ الفريضة، فلا يصلي السُّنَّة، أما إذا كان خارج المسجد أو كان الإمام في الصلاة، فإن لم يخش فوات الركعة الثانية: صلى السُّنَّة، وإلا فلا.

قال الشيخ الدردير في "الشرح الصغير" (1/ 409، ط. دار المعارف) [(وإن أقيمت الصبح)، أي: صلاته، بأن شرع المقيم في الإقامة ولم يكن شخص صلى الفجر (وهو بمسجد) أو رحبته (تركها) وجوبًا ودخل مع الإمام في الصبح وقضاها بعد حل النافلة للزوال، (و) إن أقيمت الصبح وهو (خارجه)، أي: وخارج رحبته أيضًا (ركعها) خارجه (إن لم يخش) بصلاتها (فوات ركعة) من الصبح مع الإمام] اهـ.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه إذا أقيمت الصلاة، فإنه يدخل مع الإمام في الصلاة، سواء خشي فوات الركعة الأولى أم لا.

قال الإمام الجويني الشافعي في "نهاية المطلب" (2/ 342، ط. دار المنهاج): [المسبوق إذا دخل المسجد وصادف الإمام في فريضة الصبح، فلا ينبغي أن يشتغل بالسُّنَّة، بل يبادر الاقتداء بالإمام في الفريضة، ثم إذا فرغ منها، فليتدارك السُّنَّة] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 329): [وإذا أقيمت الصلاة، لم يشتغل عنها بنافلة، سواء خشي فوات الركعة الأولى أم لم يخش] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سنة الفجر قال الإمام سنة الفجر الإمام فی وآله و س ل ال ف ج ر إلى أن ى الله الله ع

إقرأ أيضاً:

هل تجزئ الأضحية عن العقيقة إذا تصادفا في موعد واحد؟ .. لماذا اختلف الفقهاء

مع ارتفاع أسعار الماشية في هذه الأيام ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك ، يتسائل الكثير من الناس حول العقيقة والأضحية حيث يسأل شخص قائلا: هل تجزئ الأضحية عن عمل العقيقة أم يجب تخصيص ذبيحة واحدة لكل منهما أم يجوز الجمع بينهما في ذبيحة واحدة ، وهو سؤال اختلف فيه الفقهاء فمنهم من يقول :


هل تجزئ الأضحية عن العقيقة 

إذا اجتمعت الأضحية والعقيقة ، فأراد شخص أن يعق عن ولده يوم عيد الأضحى ، أو في أيام التشريق ، فهل تجزئ الأضحية عن العقيقة ؟ ..اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين :

القول الأول : لا تجزئ الأضحية عن العقيقة، وهو مذهب المالكية والشافعية ، ورواية عن الإمام أحمد رحمهم الله .

وحجة أصحاب هذا القول : أن كلا منهما – أي : العقيقة والأضحية – مقصود لذاته فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى ، ولأن كل واحدة منهما لها سبب مختلف عن الآخر ، فلا تقوم إحداهما عن الأخرى ، كدم التمتع ودم الفدية .

قال الهيتمي رحمه الله في "تحفة المحتاج شرح المنهاج: " وظاهر كلام الأصحاب أنه لو نوى بشاة الأضحية والعقيقة لم تحصل واحدة منهما ، وهو ظاهر ; لأن كلا منهما سنة مقصودة " انتهى .

وقال الحطاب رحمه الله في "مواهب الجليل": "إن ذبح أضحيته للأضحية والعقيقة أو أطعمها وليمة ، فقال في الذخيرة : قال صاحب القبس : قال شيخنا أبو بكر الفهري إذا ذبح أضحيته للأضحية والعقيقة لا يجزيه ، وإن أطعمها وليمة أجزأه ، والفرق أن المقصود في الأولين إراقة الدم ، وإراقته لا تجزئ عن إراقتين ، والمقصود من الوليمة الإطعام ، وهو غير مناف للإراقة ، فأمكن الجمع .

الإفتاء توضح الدليل على مشروعية الأضحية من الكتاب والسنةهل تجزئ الأضحية عن أهل البيت جميعا ؟ .. الأزهر يوضحما حكم الأضحية وشروط صحتها؟.. الإفتاء توضحالأضحية.. تعرف على فضلها دينيا وإنسانيا واجتماعيا


القول الثاني : تجزئ الأضحية عن العقيقة ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهو مذهب الأحناف ، وبه قال الحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتادة رحمهم الله .

وحجة أصحاب هذا القول : أن المقصود منهما التقرب إلى الله بالنحر ، فدخلت إحداهما في الأخرى ، كما أن تحية المسجد تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد .

روى ابن أبي شيبة رحمه الله في "المصنف": عن الحسن قال : إذا ضحوا عن الغلام فقد أجزأت عنه من العقيقة .

وعن هشام وابن سيرين قالا : يجزئ عنه الأضحية من العقيقة . وعن قتادة قال : لا تجزئ عنه حتى يعق . وقال البهوتي رحمه الله في "شرح منتهى الإرادات" : " وإن اتفق وقت عقيقة وأضحية ، بأن يكون السابع أو نحوه من أيام النحر ، فعق أجزأ عن أضحية ، أو ضحى أجزأ عن الأخرى ، كما لو اتفق يوم عيد وجمعة فاغتسل لأحدهما ، وكذا نحر متمتع أو قارن شاة يوم النحر ، فتجزئ عن الهدي الواجب وعن الأضحية "  .

 وقال رحمه الله في "كشاف القناع" : " ولو اجتمع عقيقة وأضحية ، ونوى الذبيحة عنهما ، أي : عن العقيقة والأضحية أجزأت عنهما نصا [أي : نص عليه الإمام أحمد]" .

واختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فقال : "لو اجتمع أضحية وعقيقة كفى واحدة صاحب البيت ، عازم على التضحية عن نفسه فيذبح هذه أضحية وتدخل فيها العقيقة .
 

هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة

أوضح الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنه لا مانع شرعًا من الجمع بين نية الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة، مشيرًا إلى أن هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء، خاصة إذا رغب أحدهم في الجمع بين الذبيحتين في أيام الأضحى.

وأشار وسام في رده على سؤال حول إمكانية ذبح شاة واحدة بنية الأضحية والعقيقة معًا، إلى أن الذبح بنية العقيقة في أيام التشريق جائز، ويُحتسب عن العقيقة ويُجزئ عن الأضحية أيضًا.

وبيّن أن الذبح في وقت الأضحية بنية العقيقة يحقق المطلوب من الجانبين، ما دام قد تم في الأيام المخصصة، مؤكدًا أن خروفًا واحدًا يمكن أن يُذبح بنية مشتركة، بشرط ألا يكون قد نُذر للأضحية أو العقيقة؛ لأن النذر يُلزم الوفاء به كما هو.

وشدد وسام على أنه لا يجوز للمضحي أن يجمع بين نية النذر والأضحية في ذبيحة واحدة، لأن النذر لا يُدمج مع غيره، ومن نذر أضحية فعليه أن يذبحها بنية النذر فقط، وإذا أراد الأضحية تطوعًا، فعليه بذبيحة أخرى.

طباعة شارك الأضحية العقيقة عيد الأضحى هل تجزئ الأضحية عن العقيقة الجمع بين الأضحية والعقيقة

مقالات مشابهة

  • ما هو وقت الأضحية في الإسلام؟.. اعرف آراء الفقهاء فيها
  • بالقاهرة والمحافظات.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 2-6-2025
  • «الشؤون الإسلامية»: إقامة صلاة وخطبة الجمعة في جميع الجوامع مراعاةً لمن لم يؤد صلاة العيد
  • مواقيت الصلاة اليوم الأحد 1 يونيو 2025 في المدن والعواصم العربية
  • مواقيت الصلاة اليوم الأحد 1 يونيو 2025 في القاهرة وجميع المحافظات
  • مواقيت الصلاة غدا الأحد 1 يونيو 2025
  • حكم سب الرياح وماذا نقول لحفظ النفس منها؟ .. بما علق الفقهاء
  • هل تجزئ الأضحية عن العقيقة إذا تصادفا في موعد واحد؟ .. لماذا اختلف الفقهاء
  • مواقيت الصلاة اليوم السبت 31 مايو 2025 في المدن والعواصم العربية
  • مواقيت الصلاة اليوم السبت 31 مايو 2025 في القاهرة وجميع المحافظات