فى 6 أكتوبر 1973، كان آرئيل شارون قائداً لمركز القيادة المتقدم للجيش الإسرائيلى، باعتباره قائد فرقة، وأكبر رتبة عسكرية موجودة فى هذا الموقع، والذى يبعد قرابة 10 كيلومترات عن قناة السويس، وكان يتخذه «مركزاً لإدارة عمليات القتال» مع أبطال قواتنا المسلحة المصرية، وهو الموقع الذى سقط فى يد جنودنا البواسل يوم 8 أكتوبر 1973، ليتركه «شارون» منسحباً برجاله.

البداية كانت باستقلال أبطال القوات المسلحة، المكلفين باقتحام «النقطة الحصينة» التى تُدير عمليات القتال للجيش الإسرائيلى فى قطاع واسع من المواجهة مع القوات المسلحة المصرية، المعروفة باسم «تبة الشجرة»، القوارب المطاطية يسع الواحد منها 13 مقاتلاً، ثم ساروا لعمق 7 كيلومترات داخل أراضى سيناء، حتى وصلوا لطريق جانبى طوله قرابة 300 متر، ومنه للوصول إلى «موقع القيادة الوسطى الإسرائيلية بالحرب»، والتى كانت مركزاً متقدماً للقيادة للجيش الإسرائيلى إبان الحرب.

«الوطن» زارت هذا «المركز»، عدة مرات، الذى يُعتبر حالياً متحفاً عسكرياً، المعروف باسم «تبة الشجرة»، فور دخولك، تجد أمام عينيك حقل ألغام مؤمَّناً، تركه أبطال القوات المسلحة المصرية فى الموقع بعد تأمينه، ليحاكى الواقع الرئيسى للحرب، وهى الألغام التى رصها الجيش الإسرائيلى حول الموقع بأكمله عدا ثغرات بسيطة تسمح بعبورهم، مع وضعها على 3 صفوف متباعدة، والتى تضم ألغاماً كبيرة الحجم، بالسؤال عنها تبين أنها ألغام لدبابات ومدرعات، وألغام صغيرة للأفراد.

ثم بالاقتراب إلى موقع «تبة الشجرة»، تجد خنادق كثيفة لا تزال موجودة حتى اليوم، مع أسلاك شائكة، ودبابات ومدرعات وسيارات عسكرية كانت تستخدمها إسرائيل فى الحرب، وأمامها، تجد بوابة مدوناً عليها عبارتا: «تحيا مصر»، و«ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».

ورغم أن موقع «تبة الشجرة»، أحد أهم المواقع الشاهدة على انتصار قواتنا المسلحة الباسلة فى حرب أكتوبر المجيدة، لكنها شاهدة أيضاً على أن السلام يحتاج لقوة تحميه؛ فتجد عبارات عدة منها «السلام قوة»، وبالنظر إلى جوارك تجد معدات عسكرية إسرائيلية لم تستخدم أو يطلق منها رصاصة واحدة، ومنها رشاش «آلى متعدد»، وقذائف، وألغام، ومدفع هاون، وقذائف إسرائيلية، ورشاشات عدة بحالتها الطبيعية.

وبمواصلة سيرك، تجد أمامك إحدى أحدث الدبابات فى العالم، وقت حرب أكتوبر المجيدة، وهى الدبابة الإسرائيلية M48 A5، وهى «مكسورة»، إذ تجد برج قتالها الرئيسى متحركاً من موقعه، وماسورة مدفعها موجهة للأسفل، وهى دبابة دمرها البطل فتحى شلبى، والذى رافق «الوطن» فى زيارة لهذا الموقع العسكرى التاريخى فى عام 2017، وروى لنا كيف قضى على تلك الدبابة الحديثة فى هذا التوقيت.

صائد الدبابات من «تبة الشجرة»: دمرنا ثلثى دبابات الجيش الإسرائيلى فى أول أيام الحرب

ويقول البطل فتحى شلبى، والمعروف أيضاً بـ«صائد الدبابات»، إنهم لم يصدقوا أنفسهم من الفرحة وقتما جاءت لهم أوامر العبور إلى الضفة الشرقية للقناة، وأنهم واصلوا العمل ليل نهار حتى نفذوا المهام المكلفين بها، موضحاً أنه كان أحد عناصر اقتناص الدبابات عبر صواريخ «مالوتيكا»، موضحاً أن عناصر اقتناص الدبابات ورجال الجيش المصرى دمروا قرابة ثلثى الدبابات الإسرائيلية فى أول أيام الحرب فقط.

أما مركز القيادة الإسرائيلى نفسه؛ فتجد حولك خنادق دائرية كثيفة حول الموقع لتمكن القوات الإسرائيلية من الدفاع عنه، بالإضافة إلى شون وتحصينات وأماكن ارتكاز لرشاش نصف بوصة، وشون وتحصينات عدة.

ومع مواصلة التحرك له، تجد موقع «تبة الشجرة»، مزوداً بحجارة متراصة فيما بينها، متراصة بأسلاك من حديد موضوعة بينها، فضلاً عن مادة لاصقة حتى تتماسك، وهو التحصين الهندسى الذى اتبعه الجيش الإسرائيلى لحماية الموقع من «قنبلة ذرية»، أو طيران أو مدفعية، حال الإقدام عليها، بحسب أحد الجنود المكلفين بالوجود داخل الموقع وقت الزيارة.

«شارون» أدار من خلاله عمليات القتال مع قواتنا المسلحة من «الفردان» لـ«فايد».. وانسحب تاركاً خلفه «دباباته مكسورة»

أما داخل «مركز القيادة»؛ فتجده مقسماً لعدة غرف، منها غرف ضابط مخابرات، وضابط أمن، وضابط مدفعية، وضابط طيران، فضلاً عن غرف للضباط والجنود، وصولاً لمكتب قائد مركز إدارة العمليات، وكان وقتها الجنرال آرئيل شارون، وهى أكبر غرف الحصن، وتجد عليها خريطة كبيرة للمنطقة التى كان يتولى شارون مسئوليتها، وهى المنطقة الوسطى للجبهة، والممتدة من منطقة «الفردان» حتى «فايد».

وتجد فى غرفة «شارون» أعلاماً إسرائيلية، وتليفوناً سلكياً قديماً للاتصال بينه وبين قادة النقاط القوية على خط بارليف لتوجيههم خلال عمليات القتال، فضلاً عن نظارة ميدان معظّمة كان يستخدمها وقت الحرب.

وعلى جانبى مركز العمليات، تجد غرفة مفتوحة لأعلى، والتى تنقلك للخنادق المرتبطة بطرق للهروب من المركز حال استهدافه، ومع الخروج منها، تجد سيارات «جيب» كان يستخدمها الجيش الإسرائيلى فى تنقلاته، وكذلك ناقلات جند مدرعة من طراز M113.

كما تجد مبنى مزوداً بغرف محولات كهربائية لتوليد الطاقة للمركز، فضلاً عن مبنى مزود بـ5 غرف مبيت للضباط، وأسرة وغرفة طعام، وعيادة، وغرفة للطاقة، وأماكن للاستحمام وحمام، وغرفة طعام.

كما تجد لوحة تذكارية باسم شهداء قواتنا المسلحة موجودة فى الموقع، ومدوناً عليها الآية القرآنية التى تقول: «لا يقاتلونكم جميعاً إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون».

وأكد اللواء دكتور محمد الغبارى، مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق وسلاحى المدرعات والشرطة العسكرية، أن موقع «تبة الشجرة»، هو الموقع الشهير الذى هرب منه «شارون» خلال فترة الحرب، والذى أذيع منه تسجيل «شارون»، وهو ينسحب ويخاطب قيادته بأنه لا يستطيع أن يصد الهجوم المصرى.

وأضاف مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق، فى تصريح لـ«الوطن»، أن توافر المعلومات الكاملة عن الجيش الإسرائيلى وأماكن تمركزه ومواقع قيادته وسيطرته، وتسليحها، كان عنصراً حاكماً فى التخطيط الجيد لعملية اقتحام خط بارليف، والمواقع العسكرية الإسرائيلية منه وسيناء، موضحاً أن الهزائم المتتالية التى لحقت بالجيش الإسرائيلى وقت الحرب، جعلتهم «منهزمين نفسياً»، واستطاع رجال قواتنا المسلحة مواصلة الحرب وتحقيق النصر بشجاعة وبسالة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حرب أكتوبر حرب الاستنزاف خط بارليف الجيش الذي لا يقهر الجیش الإسرائیلى قواتنا المسلحة مرکز القیادة

إقرأ أيضاً:

مركز حقوقي: ارتفاع إصابات العيون بين المدنيين في غزة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر

غزة - صفا

قال مركز غزة لحقوق الإنسان إن إصابات العيون سجلت ارتفاعًا كبيرًا خلال العدوان العسكري الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، وسط حرمان المدنيين من الأجهزة الطبية الأساسية والعلاجات اللازمة للحفاظ على البصر.

وقد كشف مركز غزة لحقوق الإنسان عن تصاعد خطير في أعداد الإصابات، مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمد إحداث إعاقات دائمة لدى المدنيين، سواء عبر القصف المباشر أو استخدام مقذوفات تنشر شظايا، إضافة إلى القنص المباشر الذي يستهدف العيون.

وذكر المركز أن نحو 1700 فلسطيني فقدوا أعينهم خلال 25 شهراً من العدوان، فيما يواجه حوالي 5000 آخرين خطر فقدان النظر كلياً أو جزئياً نتيجة الحرمان من العلاج.

وأوضح أن الاحتلال دمر البنية التحتية للمستشفيات والمولدات والأجهزة الجراحية، ومنع إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، مما أدى إلى تفاقم أمراض مثل ارتفاع ضغط العين، واعتلال القرنية والشبكية، والمياه البيضاء، ما يهدد المرضى بالعمى الدائم.

وتوجد حاليًا وفق المركز حوالي 2400 حالة على قوائم انتظار لعمليات جراحية عاجلة غير متوفرة داخل القطاع.

وحسب إفادة الدكتور إياد أبو كرش، رئيس قسم العمليات والتخدير في مستشفى العيون بغزة، فقد استقبل المستشفى منذ يناير 2024 وحتى سبتمبر 2025 أكثر من 2077 إصابة في العينين، أي ما يمثل حوالي 5% من إجمالي إصابات الحرب في شمال غزة فقط، ما يشير إلى أن الأعداد الفعلية أكبر بكثير.

وأشار إلى أن 18% من الإصابات أدت إلى تفريغ العين، فيما تضمن 34% وجود أجسام غريبة داخل العين، وتعرض 9% من المصابين لإصابة في كلتا العينين.

ويمثل الأطفال 30% من الإصابات، بينما يشكل الذكور 42% والإناث 28%، ما يعكس استهداف المدنيين بشكل مباشر أو غير مباشر.

وأكد المركز أن زيادة معدل إصابات العيون كانت بارزة خلال فترة ذروة المجاعة، حيث اضطر المدنيون للذهاب إلى نقاط توزيع المساعدات القريبة من مواقع انتشار الجيش، وتعرضوا لإطلاق النار المباشر أثناء محاولتهم تأمين الغذاء والمواد الأساسية.

وقال الطفل محمد أ (14 عاماً) إنه أصيب بعينه اليمنى أثناء محاولته الوصول إلى مركز توزيع المساعدات في رفح، وفقد عينه نتيجة ذلك.

وأشار المركز إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يكتفِ بإحداث الإصابات، بل عمل على حرمان المصابين من العلاج عبر منع السفر أو عرقلة إدخال الأجهزة والمعدات الطبية الضرورية، ما أجبر الطاقم الطبي على التعامل مع الحالات باستخدام أدوات بسيطة لا تتناسب مع حجم الإصابات. وأكد أن أكثر من 50% من المصابين يحتاجون إلى علاج مستمر غير متوفر داخل القطاع.

وحذر المركز من أن استمرار منع دخول الأجهزة والمستلزمات الطبية يشكل جريمة عقاب جماعي وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، داعياً المجتمع الدولي والأمم المتحدة للتحرك الفوري والسماح بإدخال الأجهزة الطبية وفتح ممرات آمنة للمرضى.

كما طالب بتوفير دعم عاجل لمستشفى العيون والمرافق الصحية في غزة، وإيفاد فرق طبية متخصصة للحد من تفاقم حالات فقدان البصر، مؤكداً أن تجاهل المجتمع الدولي لهذه الكارثة الإنسانية يزيد من معاناة المدنيين ويشجع الاحتلال على مواصلة سياساته.

 

مقالات مشابهة

  • بيان لرئاسة هيئة الأركان: اعتداءات سافرة لمجاميع الإنتقالي أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 70 ضابطًا وجنديًا بحضرموت
  • مركز حقوقي: ارتفاع إصابات العيون بين المدنيين في غزة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر
  • "اليونيفيل" تعلن تعرض دورية تابعة لها لإطلاق نار من جيش الاحتلال الإسرائيلي في لبنان
  • قوات السلطان المسلحة.. حصن الوطن المنيع
  • الاحتلال يعترف: إيران تستخدم أساليب حرب ضدنا دون إطلاق رصاصة واحدة
  • تناسل الحروب
  • يوم للعزة والكرامة ومنعة عُمان وصلابتها
  • انتهاك خطير.. هكذا علّقت اليونيفيل على تعرّض جنودها لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي
  • إربد واحدة من أجمل مدن الأرض
  • تحذير عاجل من الأمن العام للبنانيين: هذا الموقع تابع للعدوّ الإسرائيليّ