من هو ” الزواري ” الذي سميت مسيرات القسام على اسمه ؟!
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
حيروت – متابعات
لم يكن محمد الزواري شخصاً عادياً في كتائب القسام؛ ففي بيانٍ حول “طوفان الأقصى”، كشفت كتائب القسام -الجناح العسكري لـ”حماس”- عن دور الطائرات المسيّرة، في العملية التي استهدفت عمق الاحتلال الإسرائيلي بالصواريخ وعمليات التسلل.
وذكرت الكتائب أن “سلاح الجو شارك في اللحظات الأولى لمعركة طوفان الأقصى بالانقضاض على مواقع العدو وأهدافه، بـ35 مسيّرة انتحارية من طراز الزواري، في جميع محاور القتال”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تختار فيها “حماس” اسم محمد الزواري لإطلاقه على أسلحتها الجديدة. ففي مايو/أيار عام 2021، أعلنت الحركة عن غواصةٍ ذاتية القيادة وطائرة مسيّرة تحملان اسم الزواري.
فمن هو محمد الزواري، ما علاقته بـ”حماس”، وما هي مواصفات الطائرات المسيّرة التي أُطلق اسمه عليها؟ هذا ما سنتعرّف إليه في هذا التقرير.
من هو محمد الزواري؟
وُلد محمد الزواري في مدينة صفاقس التونسية أواخر شهر يناير/كانون الثاني 1967، في عائلةٍ ملتزمة دينياً. انضمّ في شبابه إلى حركة النهضة، التي كانت معروفة باسم “الجماعة الإسلامية”، وتتبع فكر الإخوان المسلمين.
درس الهندسة الميكانيكية في المدرسة الوطنية للمهندسين، لكنه لم يستطع التخرج رسمياً حتى العام 2013. فقد تم تجميد نشاطه واعتقاله مرات عدة، بسبب نشاطه الطلابي في قيادة الاتحاد العام التونسي للطلبة بمدينة صفاقس.
حدث ذلك خلال فترة حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، إلى أن قرر الخروج من تونس، فعاش سنواتٍ طويلة متنقلاً بين دولٍ عربية مختلفة.
ففي العام 1991 فرّ إلى ليبيا، حيث عاش 6 أشهر، قبل أن ينتقل إلى سوريا ويُمضي فيها الفترة نفسها تقريباً. لجأ بعد ذلك إلى السودان التي منحته جنسيتها وأقام فيها 6 سنوات، حتى انتقل إلى السعودية، ثم عاد إلى سوريا حيث استقرّ وعمل وتزوّج من سيدة سورية.
مسيرات الزواري مهدت لدخول القسام إلى مستوطنات غلاف غزة
عاد محمد الزواري إلى تونس بعد سقوط نظام بن علي إثر الثورة التونسية عام 2011، فأكمل دراسته وتخرج من المدرسة الوطنية للمهندسين في صفاقس عام 2013، من خلال مشروع تخرّجٍ عن اختراع طائرة من دون طيار.
بعدها، عمل أستاذاً جامعياً في المدرسة الوطنية للمهندسين التي تخرّج منها، وأسّس أول جمعية للطيران في صفاقس مع بعض الطيارين المتقاعدين، وقد أطلق عليها اسم “نادي طيران الجنوب”.
انضمّ محمد الزواري سراً إلى كتائب عز الدين القسام عام 2006، وانتظم في صفوف الوحدة الخاصة للطائرات المسيّرة، قبل أن يرأسها ويُحدث نقلةً نوعيةً فيها ويضطلع بدورٍ بارز في تطويرها.
ووفقاً لموقع BBC، فقد بدأ الزواري العمل على مشروع صناعة طائرة من دون طيار، بالتعاون مع ضابط كبير في الجيش العراقي، وقد أطلقا على الطائرة اسم “إس إم”، نسبةً إلى الرئيس العراقي السابق صدام حسين واسم الضابط العراقي نفسه.
بحلول العام 2008، وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة، كان قد أنجز 30 طائرة من دون طيار بالتعاون مع فريقٍ متخصص من كتائب القسام.
بين عامَي 2012 و2013، أمضى محمد الزواري 9 أشهر في قطاع غزة، حيث أشرف على إطلاق طائرة “أبابيل 1” التي استخدمتها الكتائب وأحدثت فارقاً مهماً في عملية “العصف المأكول” عام 2014.
ركز بعد ذلك على صناعة نماذج غواصات ذاتية القيادة، التي شكلت موضوع أطروحة الدكتوراه التي كان يعدّها، لكن اغتياله حال دون مناقشتها. ففي 15 ديسمبر/كانون الأول 2016، أُطلقت على سيارته 20 رصاصة، وقتلته على الفور (في صفاقس، التونسية).
إثر إعلان اغتياله، وفي بيان نعي أصدرته في 17 ديسمبر/كانون الأول 2016، أكدت كتائب القسام أن الزواري التحق بصفوفها وعمل فيها قبل 10 سنوات، وأنه كان “أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية”، مؤكدةً أن دماءه لن تذهب سدى، ومتهمة في الوقت نفسه الموساد بالوقوف وراء اغتياله.
عرض برنامج “ما خفي أعظم” عبر قناة الجزيرة تسجيلاً مصوّراً لـ”أبو محمد”، من الوحدة الخاصة للطائرات المسيّرة، قال خلاله إن التحاق الزواري بكتائب القسام كان مكسباً كبيراً.
وقال: “حين التحق محمد بكتائب القسام، كان فريق العمل يُجري تجاربه الأولى على نماذج بدائية صغيرة للطائرات بدون طيار، لكن التحاق محمد بهذه الوحدة الخاصة شكّل دفعةً كبيرة ونقلةً نوعية للمشروع”.
ما هي مسيرات الزواري؟
تُعتبر مسيرات الزواري أحدث جيل من الطائرات المسيرة لكتائب القسام، وقد أُطلقت للمرة الأولى عام 2014 في معركة “العصف المأكول”، رداً على عدوان “الجرف الصامد” الذي كانت بدأته قوات الاحتلال الإسرائيلي.
بعدها بعام، أطلقت “حماس” سرباً من طائرات الزواري الاستطلاعية في سماء غزة، خلال احتفالها بالذكرى السنوية الـ28 لتأسيسها. وقبل مهماتها القتالية، أطلقتها حماس فوق مبنى وزارة دفاع الاحتلال الإسرائيلي، لاستطلاع أهداف ومواقع محتملة.
كان لهذه الطائرات ظهور قتالي آخر في العام 2021، خلال عملية “سيف القدس” التي أطلقتها كتائب القسام، رداً على عدوان “حارس الأسوار” الإسرائيلي.
تتميز مسيرات الزواري بأنها تحمل على ظهرها صواريخ قتالية صغيرة، قادرة على إصابة أهدافٍ محدّدة عن بُعد، وبدقة كبيرة. كما أن خفة وزنها تجعلها ممتازة لأي عمليات مناورة، نظراً إلى سهولة نشرها والتحرك بها.
ويُمكن القول إن مسيرات الزواري تلبّي حاجة المقاومة الفلسطينية لأنها لا تحتاج إلى مدرج، بل مقلاع بسيط يمكن إطلاقه من أي منطقة قريبة من قوات الاحتلال. كذلك، فإن بصمتها الحرارية القليلة تساعدها في الاقتراب من هدفها دون اكتشافها.
وهذا ما حصل في معركة طوفان الأقصى الأخيرة، التي انطلقت فجر السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين شاركت مسيرات الزواري في التمهيد الناري لعبور عناصر القسّام إلى مستوطنات غلاف غزة.
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
“مولي براون التي لا تغرق”.. قصة بطلة تيتانيك الحقيقية المنسية
#سواليف
عندما نذكر #سفينة ” #تيتانيك “، تتبادر إلى الأذهان على الفور #قصة_الحب الخالدة بين جاك وروز، أو ذلك المشهد المؤثر حيث يمسك ليوناردو دي كابريو بكيت وينسلت على مقدمة السفينة.
لكن وراء هذه الدراما السينمائية، تكمن قصص حقيقية لا تقل إثارة، ومن أبرزها قصة #مارغريت_براون، المرأة التي تحولت من سيدة ثرية إلى بطلة شعبية بعد أن لعبت دورا محوريا في إنقاذ #الناجين من #الكارثة.
وولدت مارغريت توبين في عام 1867 في ميسوري، ونشأت في عائلة فقيرة من المهاجرين الأيرلنديين. وعلى عكس معظم الفتيات في ذلك الوقت، شجعها والداها على التعليم، لكنها اضطرت لترك المدرسة في سن الـ13 للعمل.
مقالات ذات صلةوانتقلت لاحقا إلى كولورادو، حيث التقت بزوجها، مهندس التعدين جيمس جوزيف براون الذي غير حياتها عندما اكتشف الذهب، لتصبح العائلة مليونيرة بين عشية وضحاها.
لكن الثروة لم تبعد مارغريت عن جذورها المتواضعة. فخلال حياتها في دنفر، انخرطت في العمل الخيري، وساعدت الفقراء والمهاجرين، بل وساهمت في إنشاء أول محكمة للأحداث في أمريكا.
رحلة تيتانيك: الاختبار الحقيقي
في أبريل 1912، كانت مارغريت في زيارة لباريس عندما علمت بمرض حفيدها، فقررت العودة سريعا إلى أمريكا. وكانت السفينة المتاحة هي “تيتانيك”، فحجزت تذكرة من الدرجة الأولى.
وبعد 4 أيام فقط من صعودها على متن السفينة من بلدة شيربورغ الفرنسية، وقعت الكارثة باصطدام السفينة بجبل جليدي. وفي الساعات الأخيرة من الليل في 14 أبريل 1912، بدأت السفينة في الغرق شمال المحيط الأطلسي.
وآنذاك، لم تفكر مارغريت في إنقاذ نفسها فقط، بل ساعدت الآخرين في الصعود إلى قوارب النجاة. واستخدمت معرفتها باللغات العديدة للتواصل مع الناجين الذين لم يكونوا يتحدثون الإنجليزية.
وبينما كان الركاب في حالة ذعر، قامت بتهدئتهم ووزعت عليهم البطانيات، حتى أنها حاولت إقناع ربان قاربها بالعودة لإنقاذ المزيد من الضحايا، لكنه رفض خوفا من أن يغرق القارب بسبب الأمواج.
وبعد النجاة، لم تتوقف مارغريت عند حد المساعدة على متن سفينة الإنقاذ “كارباثيا”، بل جمعت تبرعات بلغت 10 آلاف دولار (ما يعادل 250 ألف دولار اليوم) لمساعدة الناجين الفقراء الذين فقدوا كل شيء.
وهذه الشجاعة والإنسانية جعلتها تلقب بـ”مولي براون التي لا تغرق”، وألهمت قصتها مسرحية برودواي ناجحة عام 1960، ثم جسدت شخصيتها لاحقا في فيلم “تيتانيك” (1997)، الممثلة كاثي بيتس.
وواصلت مارغريت، وهي أم لطفلين، جهودها الخيرية حتى بعد حادثة تيتانيك الشهيرة، حيث ساعدت ضحايا مذبحة عمال المناجم في كولورادو عام 1914، ودعمت حقوق المرأة وكانت ناشطة في حركة “حقوق التصويت للنساء”. كما عملت خلال الحرب العالمية الأولى مع الصليب الأحمر لمساعدة الجنود، ونالت وسام “جوقة الشرف الفرنسية” تقديرا لجهودها الإنسانية.
توفيت مارغريت في عام 1932 عن عمر يناهز 65 عاما، تاركة إرثا إنسانيا فريدا. وقد تحول منزلها في دنفر إلى متحف، كما أطلق اسمها على معلم سياحي في “ديزني لاند” باريس.
ولم تكن مارغريت براون مجرد ناجية من “تيتانيك”، بل كانت نموذجا للإنسانية والشجاعة. وتذكرنا قصتها أن البطولة الحقيقية ليست حكرا على أفلام هوليوود، بل يمكن أن تجسدها شخصيات عادية تصنع مواقف غير عادية في لحظات الأزمات.