وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن وبصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، اليوم الجمعة، خطابا ساميا إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة .

وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي :

” الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

حضرات السيدات والسادة البرلمانيين المحترمين،

شاءت إرادة الله تعالى أن يضرب الزلزال المفجع بلادنا، مخلفا آلاف الشهداء، والعديد من الجرحى، شفاهم الله.

وقد كان المصاب عظيما، والألم شديدا، ومسنا جميعا، ملكا وشعبا، من طنجة إلى الكويرة، ومن شرق البلاد إلى غربها.

قال تعالى : “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”. صدق الله العظيم.

وإننا ندعوه عز وجل أن يثبت أرضه، رحمة بعباده الضعفاء والمساكين، فهو أرحم الراحمين.

وإذا كان الزلزال يخلف الدمار، فإن إرادتنا هي البناء وإعادة الإعمار.

لذا نشدد على ضرورة مواصلة تقديم المساعدة للأسر المنكوبة، والإسراع بتأهيل وإعادة بناء المناطق المتضررة، وتوفير الخدمات الأساسية.

ورغم هول الفاجعة، فإن ما يخفف من مشاعر الألم، ويبعث على الاعتزاز، ما أبانت عنه فعاليات المجتمع المدني، وعموم المغاربة، داخل الوطن وخارجه، من مظاهر التكافل الصادق، والتضامن التلقائي، مع إخوانهم المنكوبين.

كما نعبر عن إشادتنا بالتضحيات، التي قدمتها القوات المسلحة الملكية، ومختلف القوات الأمنية، والقطاعات الحكومية، والإدارة الترابية، لإنقاذ ومساعدة سكان المناطق المتضررة.

ولا يفوتنا أن نجدد عبارات الشكر، للدول الشقيقة والصديقة، التي عبرت عن تضامنها مع الشعب المغربي، ووقفت إلى جانبنا في هذا الظرف الأليم.

حضرات السيدات والسادة،

لقد أظهرت الفاجعة انتصار القيم المغربية الأصيلة، التي مكنت بلادنا من تجاوز المحن والأزمات، والتي تجعلنا دائما أكثر قوة وعزما، على مواصلة مسارنا، بكل ثقة وتفاؤل.

تلك هي الروح والقيم النبيلة، التي تسري في عروقنا جميعا، والتي نعتبرها الركيزة الأساسية، لوحدة وتماسك المجتمع المغربي.

وهي قيم وطنية جامعة، كرسها دستور المملكة، وتشمل كل مكونات الهوية المغربية الأصيلة، في انفتاح وانسجام مع القيم الكونية.

وأخص بالذكر هنا، القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة:

– أولا: القيم الدينية والروحية: وفي مقدمتها قيم الإسلام السني المالكي، القائم على إمارة المؤمنين، الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال، والانفتاح على الآخر، والتسامح والتعايش مع مختلف الديانات والحضارات. وهو ما يجعل المغرب نموذجا في العيش المشترك، بين المغاربة، المسلمين واليهود، وفي احترام الديانات والثقافات الأخرى.

– ثانيا: القيم الوطنية التي أسست للأمة المغربية، والقائمة على الملكية، التي تحظى بإجماع المغاربة، والتي وحدت بين مكونات الشعب المغربي، وعمادها التلاحم القوي والبيعة المتبادلة، بين العرش والشعب.

كما يعد حب الوطن، والإجماع حول الوحدة الوطنية والترابية، من ثوابت المغرب العريقة، التي توحد المغاربة، والتي تشكل الإطار الذي يجمع كل روافد الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتنوعها.

– ثالثا قيم التضامن والتماسك الاجتماعي، بين الفئات والأجيال والجهات، التي جعلت المجتمع المغربي كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا.

 

وإننا ندعو إلى مواصلة التشبث بهذه القيم، اعتبارا لدورها في ترسيخ الوحدة الوطنية، والتماسك العائلي، وتحصين الكرامة الإنسانية، وتعزيز العدالة الاجتماعية. وخاصة في ظل ما يعرفه اليوم، من تحولات عميقة ومتسارعة، أدت إلى تراجع ملحوظ في منظومة القيم والمرجعيات، والتخلي عنها أحيانا.

حضرات السيدات والسادة،

في إطار هذه القيم الوطنية، التي تقدس الأسرة والروابط العائلية، تندرج الرسالة التي وجهناها إلى رئيس الحكومة، بخصوص مراجعة مدونة الأسرة.

إن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، حسب الدستور، لذا نحرص على توفير أسباب تماسكها.

فالمجتمع لن يكون صالحا، إلا بصلاحها توازنها. وإذا تفككت الأسرة يفقد المجتمع البوصلة.

لذا، ما فتئنا نعمل على تحصينها بالمشاريع والإصلاحات الكبرى. ومن بينها ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي نعتبره دعامة أساسية، لنموذجنا الاجتماعي والتنموي.

وسنشرع، بعون الله وتوفيقه، في نهاية هذه السنة، في تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر.

وتجسيدا لقيم التضامن الاجتماعي، الراسخة عند المغاربة، فقد قررنا ألا يقتصر هذا البرنامج، على التعويضات العائلية فقط؛ بل حرصنا على أن يشمل أيضا بعض الفئات الاجتماعية، التي تحتاج إلى المساعدة.

ويهم هذا الدعم الأطفال في سن التمدرس، والأطفال في وضعية إعاقة؛ والأطفال حديثي الولادة؛ إضافة إلى الأسر الفقيرة والهشة، بدون أطفال في سن التمدرس، خاصة منها التي تعيل أفرادا مسنين.

وبفضل أثره المباشر، سيساهم هذا البرنامج، في الرفع من المستوى المعيشي للعائلات المستهدفة، وفي محاربة الفقر والهشاشة، وتحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية. فالمجتمع يكون أكثر إنتاجا وأكثر مبادرة، عندما يكون أكثر تضامنا، وأكثر تحصينا أمام الطوارئ والتقلبات الظرفية.

وقد وجهنا الحكومة لتنزيل هذا البرنامج، وفق تصور شامل، وفي إطار مبادئ القانون – الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، الذي صادق عليه البرلمان.

ويجب أن يتم تفعيله بطريقة تدريجية، تراعي تطور الاعتمادات المالية المرصودة، وتحدد المستوى الأمثل للتغطية، ومبالغ التحويلات المالية و كيفيات تدبيرها .

كما ينبغي أن يشكل نموذجا ناجحا في تنزيله، على أساس نظام الاستهداف الخاص بالـسجل الاجتماعي الموحد، وأن يستفيد من الفعالية التي توفرها التكنولوجيات الحديثة.

وفي هذا الإطار، نؤكد على ضرورة احترام مبادئ التضامن والشفافية والإنصاف، ومنح الدعم لمن يستحقه.

وندعو الحكومة، للعمل على إعطاء الأسبقية، لعقلنة و نجاعة برامج الدعم الاجتماعي الموجودة حاليا، وتأمين استدامة وسائل التمويل.

كما نؤكد على ضرورة اعتماد حكامة جيدة لهذا المشروع، في كل أبعاده، وأن يتم وضع آلية خاصة للتتبع والتقييم، بما يضمن له أسباب التطور والتقويم المستمر.

ولا يخفى عليكم ، حضرات السيدات والسادة، دور البرلمان، في إشاعة وتجسيد هذه القيم العريقة وتنزيل المشاريع والإصلاحات الكبرى، ومواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن قضايا الوطن ومصالحه العليا.

وخير الختام قوله تعالى : “و قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، إن ربنا لغفور شكور “. صدق العظيم.

و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته”.

المصدر: مملكة بريس

إقرأ أيضاً:

الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان

حذر الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، من خطورة الشائعات التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن نشر الشائعة في صورة "خبر"—يعد من الكبائر التي تُهدد استقرار المجتمعات وتُغضب الله عز وجل.

وقال الورداني، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء، إن الشائعة "اختراع شيطاني"، وهي من أوسع أبواب الكذب، مشيرًا إلى الحديث الشريف: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالاً، يهوي بها في النار سبعين خريفاً"، مشدداً على أن من أخطر صور هذا الكلام هي الشائعات التي تُطلق دون تحقق أو وعي.

وأضاف: "بعض الشائعات تنطبق عليها تماماً مقولة النبي ﷺ: 'إن الرجل يكذب ويتحرّى الكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً'، والكذب من أمهات الكبائر"، لافتًا إلى أن الحديث عن الشأن العام في صورة شائعة يُضاعف الوزر والمسؤولية، لما له من أثر كبير في زعزعة الثقة العامة ونشر الفوضى.

وأشار إلى أن الشائعة قد لا تترك أثراً مباشراً في بيع أو شراء، ولكنها تحمل ضررًا تراكميًا على الوطن في المدى المتوسط أو البعيد، مما يجعل التعامل معها أمرًا في غاية الجدية.

ودعا الورداني إلى ما وصفه بـ"إطفاء نيران الشائعات"، قائلاً: "اجعل نفسك أنت الماء الذي تُطفأ فيه الشائعة، لا تُعيد نشرها، ولا تعلق عليها حتى على سبيل التندر أو السخرية، لأن في ذلك نشر غير مباشر لها".

وتابع: "من أطفأ شائعة كتب الله له أجر من سنّ سنة حسنة، ومن أنقذ مجتمعه من كذبة، فكأنما أحيا الناس جميعًا"، مضيفًا: "أطفئوا الشائعات يرحمكم الله، فإن الشائعات من فيح جهنم، ومن نار الشيطان، والشيطان لا يفرح بشيء كما يفرح بإفساد ذات البين". 

أحمد موسى يعلق على مؤتمر الحكومة وشائعات زيادة أسعار الأدوية..بث مباشرالأسباب الشائعة لتضخم الغدد الليمفاويةالتعليم العالي تنشر دليلا توضيحيا للتعامل مع الأخطاء الشائعة في التنسيق الإلكترونيأحمد موسى: الإخوان أداة بيد إسرائيل لنشر الشائعات ضد مصر.. والخارجية الأمريكية: المساعدات الإنسانية في غزة غير كافية ونعمل على زيادتها | أخبار التوك شو

طباعة شارك الشائعات استقرار الأوطان الكبائر

مقالات مشابهة

  • تهنئة وتبريك للدكتور علي الشروقي بمناسبة الترفيع إلى الدرجة الخاصة في المجلس القضائي الأردني
  • يسري جبر: الاجتهاد عمل علمي منضبط يستند إلى النصوص القطعية
  • بينها المغرب.. الرئيس السيسي يبعث برقيات تهنئة لـ3 دول بمناسبة أعيادهم الوطنية
  • الشورى يدعو في جنيف إلى تفعيل دور البرلمانات في صون القيم الإنسانية
  • الأسعار تبدأ من 5 جنيهات.. تفاصيل افتتاح الدورة العاشرة لمعرض الإسكندرية للكتاب
  • عبدالله آل حامد: نموذج إعلامي جديد يُعلي القيم الإنسانية
  • الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان
  • الجماز: الرئيس الجديد للهلال لن يكون له الصلاحيات التي كان يتمتع بها من سبقه
  • باسل الطراونة يكتب : عن شخص معالي يوسف العيسوي رئيس الديوان الملكي العامر
  • الجبهة الوطنية: الدول التي تسقط لا تنهض مجددا وتجربة مصر العمرانية هي الأنجح