الوطن:
2025-06-25@06:02:37 GMT

الأب بطرس دانيال يكتب: الجمال يشع من داخلك

تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT

الأب بطرس دانيال يكتب: الجمال يشع من داخلك

نقرأ فى سفر الحكمة: «وإن دهشوا من قدرتها وفاعليتها فلْيَفهَموا مِنها كَم مُكوِّنها أقدَرُ منها، فإن عَظَمة المخلوقات وجمالها يؤَدِّيان بالقياس إلى التأمل فى خالقها» (حكمة 13: 4-5). ماذا يعنى الجمال بالنسبة لنا؟ هل هو الوجه الجميل فقط؟ هل هو الملابس الأنيقة الباهظة الثمن؟ نقرأ فى إحدى القصص الصينية أن خمسة أشخاص سافروا معاً وكانت اتجاهاتهم مختلفة، فمنهم الراهب واللص والرسّام والبخيل والحكيم، ومع غروب الشمس، وجدوا مغارة مهجورة وكانت بمثابة ملجأ لهم.

فقال الراهب: «هذا المكان مناسب للتأمل والاعتكاف»؛ ثم تمتم اللص بصوتٍ خافتٍ: «يا له من مخبأ لكل شخصٍ خارج عن القانون»؛ وصرّح الرسّام هكذا: «هذه الصخور والظلال الموجودة على الجدران تصلح كأداةٍ ممتازة لريشتى»، وعندما جاء دور البخيل صرخ قائلاً: «إنه مكان مناسب لإخفاء كنوزى وأموالى»، وبعد أن ساد الصمت، قال الحكيم بكل بساطة: «يا لها من مغارة بديعة». ما لا شك فيه أن الدرسَ بسيط جداً ولكنه عميق وأساسى فى حياتنا، لأنه يبين الخط الفاصل بين المفيد والجميل. فالشىء النافع من الممكن أن يحيد عن مساره ويصبح ضاراً، عندما نضفى إليه صفة التكلفة والثمن فقط، أو مَن ينظر إلى الأشياء من أجل غرضٍ معين والاستفادة منها فقط، أو يحسبها بالمكسب والخسارة.

إذا لم نمتلك الشعور والإحساس والنبض الجمالى لكل ما نراه سواء من مخلوقات الله أو الإيمان أو الفنون، سنفقد البُعد الإنسانى الذى منحنا إياه الله الخالق والمبدع. والمقصود هنا ليس الجمال الخارجى فقط الذى يتحلّى به الأشخاص، ولكن الجمال الكامن فى المخلوقات التى نراها كل يومٍ وفيها نسبّح الله الخالق على إبداعه. كم من المرات التى فقدنا فيها فرصاً جميلة تساعدنا على السكينة والهدوء وصفاء النفس؟! مَن يتأمل جمال الخليقة بعينٍ ثاقبة، يستطيع أن يكتشف نور وبهاء مُبدعها وخالقها، لذلك لا يكتفى أن نملك نظراً سليماً لنرى الجمال، ولكن يجب علينا أن نتحلى بالإحساس والشعور الداخلى الذى يجعلنا نتمتع بكل ما هو جميل فى حياتنا اليومية، ونصل من خلاله إلى الجمال الحقيقى الذى منحنا هذه النعمة.

لا ينكر أحدٌ منّا الجمال الكامن فى جميع مخلوقات الله، وإذا تحدثنا عن جمال الإنسان، لا نقصد به جمال الأجسام وشكلها، لأن السر كل السر فى الأرواح، وما لا شك فيه أن الجمال الداخلى يشع على الوجه بأكمله وسلوك الإنسان وتصرفاته وكلامه، ومنه يشع الجسد بجاذبية تستميل القلب وتأسر الروح، لكن إذا فقد الإنسان جماله الداخلى، فلا يبقى إلا تناسق أعضاء الجسم وانسجام فى الملامح الخارجية فقط، ونستطيع أن نقول: «هذا جمال مائت لا روح فيه.

من المحتمل أن يُبهج العين، لكنه لا يحرك القلب والروح». وكان أحد الآباء ينصح ابنته قائلاً: «كونى طيبة القلب، لتصبحى جميلة». لأن الجمال ليس فى الثياب التى نرتديها مهما كانت ثمينة وأنيقة، أو المساحيق التى نضفيها على الوجوه، أو العطور التى نتعطر بها، ولكنه شعاع روحانى ينعكس على الإنسان فيكسوه سحراً وجمالاً وجاذبية بريئة، وهذا نجده فى الشخص الذى يتحلى بالأخلاق الحميدة والفضائل. وكما يقول المَثَل الإيطالى: «الجمال بلا فضيلة يُشبه منزلاً بلا باب، وربيعاً لا ماء فيه». نحن نعيش عصراً تغزوه صور ومشاهد عديدة، ولكنها لا تدل على الجمال والصفاء والنقاء، لذلك نحن بحاجة ضرورية ومُلِحّة إلى تنقية وفلترة ما نراه حتى لا نشوّه معنى الجمال الحقيقى الموجود فى المخلوقات والإنسان، وهذا الجمال لا يزول أبداً مهما تغيّرت الظروف التى نمر بها، لأن الله وحده مصدر هذا، وكما يقول داود النبى: «انظروا إلى الرب تُشرق جباهكم» (مزمور 6: 33). وهذه النظرة مبنية على كيفية رؤيتنا لكل ما هو مخلوق.

إذاً، يجب أن نعوّد أنفسنا التأمل فى كل شىء بعينٍ بسيطةٍ وشفافة، لنتأمل الزهور الباسمة فى الصباح التى تشع منها النضارة والعِطر والجمال التى تُسعد الإنسان بالطِيب وتهب العين هناءً وسروراً، لنتأمل لوحة الله الخالق من الفن والجمال، لأن كل ما فى الكون سخّره الله لنا لنتمتّع به ونسبّحه على الدوام. ونختم بكلمات الفيلسوف Lavater: «الوسيلة الوحيدة لتجميل المِحيا هى تجميل أنفسنا قدر المستطاع».

 

المصدر: الوطن

إقرأ أيضاً:

أسواق الطيور بجازان.. تجربة سياحية لعشاق الجمال

تُعدُّ أسواق الطيور في منطقة جازان وجهة سياحية جاذبة للمهتمين بتربية الطيور والحيوانات الأليفة وتتفرد بروح الحيوية والتنوع الطبيعي؛ وتجربة سياحية تسويقية فريدة تجمع بين بيع وشراء مختلف أنواع الطيور والحيوانات الأليفة.

 وتعرض هذه الأسواق مجموعات متنوعة من الحمام والطيور الملونة الجذابة، والأرانب والدجاج والوبر والحجل والبط؛ وتهيئ أجواء حيوية من التفاعل الاجتماعي بين البائعين والمشترين، ويتمتع الزوار التجول في الأسواق والتفاعل مع البائعين، واكتساب المعرفة حول كيفية رعاية هذه الكائنات؛ مما يُثري تجربتهم بأسلوب تعليمي ممتع ومفيد.

وتحتوي أسواق الطيور والحيوانات الأليفة التي تقام بالأسواق الشعبية بمحافظات المنطقة، مجموعة متنوعة من مستلزمات تربية الطيور، مثل الأعلاف والأدوية والأقفاص، التي تساعد المربين في توفير بيئة مناسبة لطيورهم؛ مما يعزز من صحة هذه الكائنات.

 وتشهد هذه الأسواق تباينًا ملحوظًا في أسعار الطيور والحيوانات الأليفة، إذ تختلف أسعار طيور الزينة عن طيور الكروان، فيما تتفاوت أسعار الحمام البلدي عن الحمام "الجاوا" والحمام الرقاص، فيما تتفاوت أسعار الدجاج البلدي عن الدجاج الباكستاني بشكل ملحوظ، أما بالنسبة للبط، فتُسجل أسعاره قيمة أقل من أسعار الأرانب.

سياحةجازانأخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • الحلقة رقم (٥) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة
  • أسواق الطيور بجازان.. تجربة سياحية لعشاق الجمال
  • في ذكرى 30 يونيو.. كيف سطّر «الإخوان» نهايتهم في حكم مصر (2 من 2)
  • الهجرة النبوية.. أين اختفت الجمال الثلاثة عن أعين المشركين؟ معجزات ربانية
  • تفاصيل | مشاركة محافظة مطروح فى معرض الجيزة للتراث والحرف اليدوية
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (الصورة الآن)
  • د. جمال القليوبي يكتب: النووي خارج إيران.. وإسرائيل تستنجد بترامب
  • سلوى محمد: الفن مش رسالة وأنا مش قدوة.. أنا ممثلة أؤدي دوري
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ترجمة على شريط النفس)
  • داء القلق