الرئاسة مجمّدة.. هل رُحّل الاستحقاق إلى ما بعد حرب غزة؟!
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
طغت الأحداث المتسارعة في الأراضي الفلسطينية، منذ عملية "طوفان الأقصى" وما أعقبها من حرب إسرائيلية متجدّدة على قطاع غزة، معطوفةً على "التوتر" على حدود لبنان الجنوبية، على كلّ ما عداها من اهتمامات وملفات، ومن بينها استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، الذي يقترب من إحياء "ذكرى السنة" على دخول "بازاره"، بغياب أيّ آفاق توحي بأيّ انفراج قريب على خطّه في المدى المنظور.
وعلى الرغم من أنّ التوتر المسجّل جنوبًا كان يفترض، في ظروف مثاليّة، أن يتكاتف اللبنانيون، ويسارعوا لانتخاب رئيس، لتحقيق حدّ أدنى من "الوحدة الوطنية"، في سبيل "تحصين" الساحة الداخلية لمواجهة أصعب السيناريوهات وأقصاها، فإنّ نتيجة أحداث غزة والجنوب جاءت معاكسة، حتى إنها "شطبت" وفق ما يقول البعض الاستحقاق، وجعله في أسفل "سلّم الأولويات"، إن وُجِد فيه أصلاً.
ثمّة من يرى أنّ الأمور باتت في مكانٍ آخر، وأن الحديث عن الرئاسة يكاد يصبح ترفًا مقارنة مع الحروب الدائرة في المنطقة، وثمّة من يذهب لحدّ "الرهان" على أحداث غزة وانعكاساتها لبنانيًا، بانتظار "تقريش" نتيجتها في الاستحقاق الرئاسي، لكن في الحالتين يبدو الثابت أنّ الاستحقاق "مجمَّد"، فإلى متى يبقى كذلك؟ وهل يمكن أن يُرحَّل إلى "ما بعد" حرب غزة، والتي يخشى كثيرون أنّها قد تمتدّ لأمدٍ طويل؟!
"جمود" على كلّ المستويات
بمعزل عن التحليلات والاستنتاجات، وبغضّ النظر عن مدى "واقعيّة" الربط بين الاستحقاق الرئاسي وحرب غزة، يقول العارفون إنّ الشيء الوحيد الأكيد وسط كلّ هذه "المعمعة" يبقى أنّ ملف رئاسة الجمهورية "جُمّد" على كلّ الصُّعُد، فالحديث عن "الخيار الثالث" اختفى من الأوساط السياسية هذا الأسبوع، تمامًا كما غاب الوسطاء العرب والدوليون، وما عادت زياراتهم التي كانت مرتقبة على "الأجندة"، على الأقلّ حتى إشعار آخر.
قد يكون ذلك بديهيًا وفق هؤلاء، فأزمة الرئاسة اللبنانية التي لم تكن "أولوية" أصلاً بالنسبة إلى الدول الكبرى والصديقة، يمكنها أن تنتظر، ليس فقط لأنّ هذه الدول كانت ولا تزال مقتنعة بأنّ الحلّ يجب أن ينطلق من لبنان بالدرجة الأولى، ولكن لأنّ حرب غزة فرضت نفسها في صدارة الاهتمام، حتى إنّ الملف اللبناني كان "الغائب الأكبر" عن كلّ الاتصالات الدولية، ولو حضر من باب توتر الجنوب، واحتمالات دخول "حزب الله" على خطّ المواجهة.
ولعلّ الأمر نفسه تجلّى على المستوى الداخلي، حيث غاب الملف الرئاسي عن الاهتمامات أيضًا، لتتوجّه كلّ الأنظار إلى أحداث الجنوب، وسط مخاوف من انزلاق محتمل في أيّ لحظة، علمًا أنّ الرئاسة كانت قد تراجعت عن صدارة الاهتمام منذ الأسبوع الماضي، حين طغى على استحقاقها ملف النزوح السوري، في وقت بات الكثير من اللبنانيين يجاهرون بأنّ "الإفراج" عن الاستحقاق "رهن" كلمة سرّ خارجية لم يحِن أوانها بعد.
"إلى ما بعد حرب غزة"؟
يفتح هذا "الجمود" على خط الاستحقاق الرئاسي، الباب أمام المزيد من علامات الاستفهام، فهل يؤشّر إلى أنّ الاستحقاق رُحّل إلى "ما بعد" حرب غزة كما يحلو للبعض القول؟ وماذا لو طال أمد هذه الحرب، وبقيت إلى أجل غير مسمّى، خصوصًا أنّ أحدًا لا يتوقع أن نهايتها ستكون قريبة، ولا سيما في ظلّ الموقف الإسرائيلي "المرتبك"؟ وماذا عن مواعيد "الانفراج" التي حدّدها البعض، على وقع الحراكين الفرنسي والقطري الرئاسيّين؟!
ثمّة أكثر من وجهة نظر في هذا الإطار، فهناك من يعتقد أنّ الأحداث الدراماتيكية المتسارعة يجب أن "تسرّع" مسار الرئاسة، خلافًا لكلّ ما هو ظاهر، ولو بعد حين، وبشكل محدّد، بعد استيعاب "صدمة" التطورات الإقليمية الأخيرة، في مقابل رأي آخر يكاد يجزم أنّ ملف الرئاسة لن يتحرّك قبل انتهاء حرب غزة، بل إنّ هناك من يعتقد أنّ نتيجة هذه الحرب ستحدّد المسار المستقبليّ للملف، باعتبار أنّها ستغيّر المعادلات في المنطقة ككلّ.
وبين هذا الرأي وذاك، تزداد الخشية من "ترحيل" ملف الرئاسة إلى "ما بعد بعد حرب غزة"، على طريقة "المعادلات الحربية" التي تلقى الصدى المطلوب هذه الأيام، خصوصًا أنّ ربط الملف بالاستحقاقات الإقليمية والدولية أثبت عدم جدواه، بعدما سقطت كل الرهانات على كلّ الأحداث، وآخرها الاتفاق السعودي الإيراني، الذي ظنّ كثيرون أنّه سيجلب معه "الرئيس"، فإذا به يبقي الأزمة مكانها، بل يطيل أمدها إن جاز التعبير.
لا حديث في الرئاسة هذه الأيام في لبنان. لعلّ ذلك طبيعيّ لأكثر من سبب، من بينها أنّ أحداث غزة، ومعها الجنوب اللبناني، أكبر وأهمّ، ومن بينها ربما أنّ هناك من يريد "تقريش" هذه الأحداث رئاسيًا. لكن قبل هذا وذاك، قد يكون السبب أنّ الاستحقاق بات "مملاً" في ظلّ "العناد" الذي يمارسه كثيرون، ممّن يرفضون "الحرب" مع العدو للمفارقة، لكنّهم يرفضون أيضًا "السلم" على شكل حوار، مع شركائهم في الوطن!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حرب غزة على کل ما بعد
إقرأ أيضاً:
الرئاسي يشدّد على تعزيز أدوات البنك المركزي لضبط السوق وكبح التضخّم
أكّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد محمد العليمي، أن الملف الاقتصادي والخدمي سيظلّ التحدي الأهم أمام المجلس والحكومة، مشدّدًا على ضرورة مضاعفة الجهود الحكومية للوفاء بالتزامات الدولة، والمضي قُدمًا في مسار الإصلاحات الشاملة، وتعزيز دور البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية ودعم العملة الوطنية.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده الرئيس العليمي، يوم الإثنين، في قصر معاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن، بحضور رئيس مجلس الوزراء، الدكتور سالم صالح بن بريك، ومحافظ البنك المركزي اليمني، أحمد غالب، ورئيس الفريق الاقتصادي، حسام الشرجبي، إلى جانب نائب وزير المالية، هاني وهاب.
وشدّد العليمي على ضرورة تعزيز أدوات البنك المركزي لضبط السوق وكبح التضخّم، داعيًا إلى تنسيق أوسع بين مختلف المؤسسات الاقتصادية والمالية، للحدّ من تداعيات الأزمة الإنسانية، وتحسين قدرة الدولة على الوصول إلى مواردها السيادية.
وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، خُصّص الاجتماع لمناقشة المستجدات الاقتصادية والخدمية في البلاد، بما في ذلك تدهور سعر العملة الوطنية، وتحديات صرف المرتبات، واستدامة توفير الخدمات الأساسية، وفي مقدّمتها الطاقة الكهربائية والمشتقات النفطية اللازمة لتشغيل المحطات الحكومية.
وقدّم كلٌّ من رئيس الحكومة، ومحافظ البنك، ورئيس الفريق الاقتصادي إحاطات شاملة حول الوضع المالي والنقدي، في ظل استمرار توقّف تصدير النفط الخام بسبب هجمات الميليشيات الحوثية الإرهابية، وهو ما انعكس سلبًا على الأوضاع المعيشية والموارد العامة للدولة.
كما ناقش الاجتماع الإجراءات العاجلة التي اتّخذها مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير، لمواجهة أزمة الكهرباء، بما في ذلك توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات التوليد، ورفع المخصّصات اليومية من النفط الخام والمازوت، لضمان الحدّ الأدنى من التشغيل.
وأشاد الرئيس العليمي في الاجتماع بدور الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذين شكّلت تدخلاتهم الاقتصادية والإنمائية والإنسانية عاملًا محوريًّا في استمرار قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها الأساسية خلال السنوات الماضية.