أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، صلاة الجمعة بمسجد حسان بالرباط.

وأكد الخطيب، في مستهل خطبتي الجمعة، أن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الأمة المغربية، حماية الدين بسعي أمير المؤمنين القائم بخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وآخر تجليات هذا الحفظ ما أمر به أمير المؤمنين أعزه الله من مراجعة الضوابط القانونية التي تحمي الأسرة باعتبارها النواة الأساسية للمجتمع، تحميها وفق الضوابط التي يكفلها الشرع ويقبلها العقل.



وأبرز الخطيب أن همة أمير المؤمنين حفظه الله " كانت متجهة إلى هذا الإصلاح منذ عقدين تقريبا، حيث صدرت الصيغة الحالية لمدونة الأسرة، وها هو أعزه الله يأمر بإعادة النظر في هذه الصيغة، ويكلف الجهات الحكومية والقضائية والحقوقية والعلمية بالنظر والحوار قصد تعديل ما تكون به الأسرة أكثر تأهيلا لأداء مهمتها، وتكون المرأة أكثر متعة بما تستحقه من حقوق ويكون الطفل محميا من الأوضاع التي تعوقه في أن يكون عماد المستقبل ".

وسجل أن الله تعالى قد ضمن في كتابه من العدل والمساواة ما يحفظ كرامة الإنسان ذكرا كان أو أنثى، " فهي كما قرر بعض المفكرين مساواة قائمة في أصل الخلقة ومساواة في المسئولية، وفي الولاية العامة، وفي حق التملك وفي الاستقلال المالي، وفي حق ممارسة العمل المهني وفي الأجر، وفي الأهلية القانونية وفي الشهادة وفي اختيار الزوج، وفي الميراث ".

وأوضح الخطيب أنه " وحيث إن موضوع الميراث هو مثار عدد من المجادلات، فإننا نذكر أن الرجل بحكم القرآن يرث أكثر من المرأة في أربع حالات، وهي ترث مثل الرجل في أضعاف هذه الحالات الأربع، وترث أكثر من الرجل في عشر حالات أخرى، وهنالك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل ".

وشدد على أن الأسرة التي هي نواة المجتمع تقوم على أساس المودة والرحمة بين الزوجين قصد أداء واجب كل منهما في الحياة، لتستمر عمارة الأرض، كما يبين قوله تعالى "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"، معتبرا أن " غياب وازع القرآن والفهم السليم للدين هو الذي يعرض المرأة للتمييز في التعليم والصحة والاقتصاد والمشاركة السياسية، وغياب هذا الوازع غياب لمسئولية الرجل الأمر الذي يترتب عنه تعريض النساء لأشكال العنف المختلفة ". وأكد الخطيب في هذا الصدد أن " هذا لا يمت إلى الدين الحنيف بصلة، وإنما هو من الجهل وتسرب بعض التقاليد السلبية من ثقافات أخرى، ومن أخطرها تعاظم الاعتبارات المادية في حياة الناس، وغياب التربية على المحبة والإيثار ومحاسبة النفس ".

واستحضر الخطيب ما روي عن سيدنا عثمان أنه قال : "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، موضحا أن ذلك يعني أن " الإمامة العظمى هي التي تحمي ما ضمنه القرآن من الحقوق والواجبات وفي هذا الجانب يدخل الأمر المولوي الكريم بمراجعة المدونة؛ إذ تبين أن جوانب من مقتضيات المدونة الحالية سواء في جانب الامتداد أو جانب التأويل أو جانب التنزيل قد كشفت الممارسة على ضرورة تعديلها حتى تتطابق مع ما يتطلبه تأهيل الأسرة وإصلاح المجتمع من خلالها، مما يزيد دعم الحقوق وي قو ي حماية الطفل خاصة من تبعات النزاع والشقاق ".

وقال الخطيب " لقد استبشر الناس خيرا بهذا العمل من الإشراك الواسع للفعاليات التي ستنبثق من عملها النتائج المرجوة، والمغاربة مطمئنون وقد سمعوا مولانا أمير المؤمنين غير ما مرة يؤكد في مثل هذا السياق قوله: "إني لا أحلل حراما ولا أحرم حلالا " بمعنى كل ما سيتغير سيكون داخلا في الاجتهاد الذي لا تخفى أهميته ولا يخفى سياقه على علماء الأمة ممثلين في المجلس العلمي الأعلى الذي يرأسه أمير المؤمنين حفظه الله وهو المجلس الذي تطلب منه الفتوى في الشأن العام ".

وخلص إلى أن ما تقتضيه المصلحة المرسلة وفق ضوابطها الشرعية يكون فيه الفصل بعد النصيحة الواجبة بالرأي السديد لأمير المؤمنين، على أن كل الأطراف المنشغلة بشأن الأسرة والمرأة والطفل يستحضرون أن الأسرة هي الرجل والمرأة معا، وأن وازع السلطان أي القانون المعزز بوازع القرآن يجلبان معا السعادة للفرد والأسرة والمجتمع.

وفي الختام، توجه الخطيب بالدعاء إلى الله عز وجل بأن ينصر من قلده أمر عباده المؤمنين مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصرا عزيزا يعز به الدين ويجمع به كلمة المسلمين محفوظا بحفظ كتابه في كنفه الذي لا يضام محروسا بعينه التي لا تنام، قرير العين بولي عهده المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وأن ينبته النبات الحسن ويشد أزر جلالته بشقيقه السعيد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي رشيد وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة.

كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد بواسع رحمته وعظيم عفوه وجليل رضوانه الملكين الجليلين المجاهدين مولانا محمدا الخامس ومولانا الحسن الثاني وأن يطيب ثراهما ويكرم مثواهما، ويجعلهما في مقعد صدق عنده مع المنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين.

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: أمیر المؤمنین

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: الدين الإسلامي تأسست دعوته على حسن الخلق

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، ودار موضوعها حول "أخلاق النبي محمد.

بث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفينموضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. ومحافظة واحدة تتحدث عن المخدرات

وقال خطيب الجامع الأزهر، في خطبة الجمعة، إن وصف النبي جاء في الذكر الحكيم في سورة القلم  في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، وهي وثيقة ربانية  للرسول تتضمن شهادة الحق سبحانه وتعالى لنبينا الكريم، بل إن شهادات غبر المسلمين كانت تؤكد هذا المعنى الرباني الراقي،  فعم النبي ﷺ يقول: "ما جربنا عليه كذباً قط". كلهم شهدوا له بحسن الخلق قبل البعثة،  وفي هذا دلالة على أن هذا الدين قام على حسن الخلق.

وأوضح خطيب الجامع الازهر، أن حسن الخلق جِماعه أمران: حسن الخلق مع الله، وحسن الخلق مع الناس، أن تحسن العبادة لله وكل الخلق، هذا هو الدين، وهذا ما وصف الله به النبي، فحسن الخلق مع الله أن يؤمن العبد بأن كل ما يكون منه لله يوجب عذراً، فكل طاعة مهما كانت، كلها تقصير، فلا يفتتن أحد بطاعة قدمها لله، بل عليه أن يشعر بأنه مقصر دائماً، وأن يؤمن العبد بأن كل ما يكون من الله يوجب شكراً، خيراً كان أم غير ذلك، فرب العباد لا يريد لنا إلا كل خير، يقول: (عجبت لأمر المؤمنِ، إنّ أمرَهُ كُلَّهُ خيرٌ، إن أصابه ما يحب حمدَ اللَّهَ وَكانَ لَهُ خيرٌ، وإن أصابه ما يكره فصبر كانَ لَهُ خيرٌ، وليسَ كلُّ أحدٍ أمرُهُ كلُّهُ خيرٌ إلّا المؤمنُ).

وفي سياق تفصيله لحسن الخلق مع الخلق، بين الهدهد، أن جِماعه أمران: الأول : بذل المعروف قولاً وفعلاً، أن تعيش وعينك على المعروف تصنعه للكل، من يستحقه ومن لا يستحقه.

كما كان شأن النبي، دون انتظار كلمة شكر. والثاني: كف الأذى قولاً وفعلاً ، وأن تقدم النصيحة التي نصح بها المصطفى حين قال: (اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ) فانتهى شرح الدين واجتمع في هذا الأمر. من فعل ذلك وعاش على حسن الخلق مع الله والخلق ارتفع شأنه في الدنيا، وكان شأنه في الآخرة أرفع. يقول: (إنَّ أحبَّكم إليَّ وأقربَكم منِّي في الآخرةِ محاسنُكم أخلاقًا وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم منِّي في الآخرةِ أساوِئُكم أخلاقًا الثَّرثارونَ المُتَفْيهِقونَ المُتشدِّقونَ).

وأوصى بضرورة أن يعيش الجميع في هذه الحياة مصنع خير للناس، لا يرى فيها العبد إلا ربه ورسوله محمد في كل شيء، لا يؤذي فيها أحداً، ولا يبتغي فيها سوى مرضاة الله عزّ وجلَّ ورسوله، وأن يقتدي بالمصطفى، فقد طبق ذلك كثير من صحابته حتى صاروا في حسن الخلق أعلاماً يشار إليهم بالبنان، ومنهم عثمان بن عفان وغيره. فلنكن كذلك، فهو التأسي الصحيح بنبينا.

وفي ختام الخطبة ذكر الهدهد، الثمار التي يجنيها الإنسان من حسن الخلق، يقول تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ﴾، فإذا أردت أن تستل سخائم النفوس، وتخرج العداوة والبغضاء منها، فواجه ذلك بالمعروف لا بالسيئة، ولتكن كما قال: (وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ). وكن على نهج الله يعصاه الخلق ويطعمهم ويسقيهم، فالله لا يواجه السيئة بالسيئة، بل: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾.

طباعة شارك خطبة الجمعة خطبة الجمعة اليوم الجامع الأزهر الدكتور إبراهيم الهدهد

مقالات مشابهة

  • حبل ممدود بين الأرض والسماء .. خطيب المسجد الحرام يوصي بهذا العمل
  • العبد الموفق.. خطيب المسجد النبوي: من سار إلى ربه سيرا مستقيما
  • خطيب الجامع الأزهر: الدين الإسلامي تأسست دعوته على حسن الخلق
  • خطيب المسجد الحرام: الدعاء من أعظم أسباب التوفيق والنجاح
  • خطيب المسجد النبوي: اللهم انصر إخواننا المؤمنين في فلسطين على الظالمين المعتدين
  • أمير سعودي يثير تفاعلاً.. هذا ما قاله بعد فوز الاتحاد بلقب دوري روشن
  • ما الذي قاله السفير الأمريكي في “إسرائيل” بعد خروجه من الملجأ
  • ترامب يعبر عن فخره.. هذا ما قاله عن مسجد الشيخ زايد
  • يقظة الأمير محمد بن سلمان عند تصحيحه خطأً قاله أمير الكويت في وصفه الحوثيين
  • ترامب يشعل تفاعلا بكشف ما قاله أمير قطر عن إيران: عليهم شكر الأمير