لأكثر من مرَّة، هدّدت إسرائيل بـ"إنهاء حركة حماس" في قطاع غزّة. الشعارُ هذا ليس جديداً في ظلّ معركة "طوفان الأقصى"، وفي كلّ المواجهات التي حصلت سابقاً، تصلُ تل أبيب إلى مرحلة العجز الميداني، فلا سيطرة على القطاع من جهة، ولا إنهاء لـ"ثقل" حماس العسكريّ من جهةٍ أخرى.
في الواقع، تبدو مسألة إنهاء الحركة الفلسطينية أمراً صعباً، وإسرائيل تُدرك هذا الأمر ومن خلفها أميركا.

فما السبب وراء عدم القدرة على تكبيل قدرات "حماس" وإنهاء وجودها؟ الإجابةُ على هذا السؤال بديهيّة وبسيطة.. "حماس" هي صاحبة الأرض في غزة، وعندما تتحدّثُ تل أبيب عن خطوة ضرب الحركة، إنَّما تكون قد رفعت شعار "إبادة الفلسطينيين". الأمرُ هذا لا يمكن لأي طرفٍ نفيه، فـ"حماس" ليست "داعش" كما أرادَت إسرائيل تصويرها، فالعناصر العسكرية للحركة هم فلسطينيون، كما أنَّ معركتهم هي على أرضهم وليسوا مُرتزقة. فعلياً، أرادت تل أبيب أن تضع "حماس" في خانة الإرهاب لأنها هاجمتها، ومن خلال ربطها الأخيرة بـ"داعش"، تظهر إسرائيل وكأنها تُعلن أن حربها يجبُ أن تكون ضد الإرهاب وليست ضدّ الفلسطينيين على إعتبار أنّ ما جرى عبر "طوفان الأقصى" هو إرهابٌ من وجهة النظر الإسرائيليّة.   المسألةُ هذه المرتبطة بـ"حماس" سعت إسرائيل إلى نسبِها لـ"حزب الله" من خلال الحديث عن إنهائه. واقعياً، من السذاجة أن تعتقد تل أبيب أنّ وجود الحزب أو الحركة يقتصرُ على وجودٍ عسكريّ فحسب، فالقواعد الشعبية هي الأساس.. هنا، يُطرح التساؤل التالي: إذا أرادت إسرائيل حقاً ضرب "حماس" والقضاء عليها.. هل ستتمكن من محو أكثر من 500 الف إلى مليون مناصرٍ لها على الأقل في غزة؟ كذلك، في حال أرادت ضرب "حزب الله"، هل ستتمكن من إنهاء أكثر من مليون شيعيّ في لبنان؟   بكل بساطة، الشعارات التي تحملها إسرائيل "فضفاضة"، فهي ترتبطُ بمقتضيات الحرب في غزة، ولن تقدم أي شيء بتاتاً على مسار المعركة. النقطة الأكثر تأثيراً هنا هي أنّ قدرات إسرائيل لإنهاء "حماس" ليست موجودة، فخلال العدوان على القطاع لم تُدمّر منصات الصواريخ، كما أن الطائرات المسيّرة ما زالت تُطلق في أجواء غلاف غزة، حتى أنّ المناطق التي يستخدمها المقاومون مُموّهة في الفيديوهات وغير معروفة ويصعُب كشفها بسهولة. هنا، سيُقال إن الحرب البرية قد تساهم في تطويق الحركة الفلسطينية ولو بقدرٍ معقول.. الكلامُ هنا ليس واقعياً لأن أصحاب الأرض يعون تماماً ما تتضمنه كما أنهم أسّسوا البنى التحتية التي تسمحُ لهم بالقتال في أي ساحة ضمن غزة.   ومع كل هذا، لم تنتبه إسرائيل إلى نقطةٍ أساسية وهي أنّ جميع المباني المُدمّرة في قطاع غزة قد تُصبح هدفاً للمقاتلين بغية التحصُّن بها، وبالتالي سيدخلُ الجنود الإسرائيليون إلى مُستنقع إسمنتيّ لا يضمّ إلا دماراً ومسلحين متحلقين في كلّ مكان.   لهذه الأمورُ وغيرها، سيكونُ من الصعب إنهاء "حماس" أو "ترحيلها" من غزة. هنا، يستحضرُ بعض المراقبين واقعة ترحيل منظمة التحرير الفلسطينيّة من لبنان عام 1982. حينها، غادر الزّعيم الفلسطينيّ الراحل ياسر عرفات بيروت إلى تونس إثر الضغط الإسرائيلي على لبنان في ظلّ إجتياح عسكريّ مُوسع. في هذه الحالة، صحيحٌ أن الفلسطينيين غادروا بيروت وحققت إسرائيل مطلبها بـ"ترحيلهم"، لكنّ "الفدائيين" في الأساس لم يكونوا أصحاب الأرض، ومسألة مغادرتهم للبنان كانت واردة ومن السهل تحقيقها. أما في غزة، فالأمورُ تختلف تماماً، فلا يمكن لأي أحدٍ أي يسلب مواطناً أرضهُ، وإن حصل ذلك، سيسعى الأخير جاهداً للعودة وهذا ما يفعله الفلسطينيون على الدوام منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: ت إسرائیل تل أبیب فی غزة

إقرأ أيضاً:

وليام هيغ: هذه دروس لترامب من تجربة غزة

أكد مقال نشرته صحيفة تايمز البريطانية أن نجاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التوسط لاتفاق غزة يقدم درسا مهما لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، مفاده أن القوة الحازمة والإرادة الشخصية -لا الشعارات والاحتجاجات- هي مفتاح السلام.

ودعا الكاتب -ووزير الخارجية البريطاني الأسبق- ويليام هيغ الإدارة الأميركية إلى ممارسة ضغط عسكري على موسكو عبر إرسال صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا، مع العمل على استعادة ثقة الأوكرانيين بحليفهم الأميركي لضمان التزامهم بأي تسوية سلام مستقبلية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دبلوماسي بريطاني سابق بغزة: لاستمرار السلام لا بد من تحقيق 5 أمورlist 2 of 2لوباريزيان: أمل يولد من بين الأنقاض ومشاهد الدمار في غزةend of list

وعدّ هيغ -في مقاله- تدخل ترامب نجاحا مهما رغم أخطاء هذا الرئيس السابقة، مثل "مبالغاته وتصريحاته الاستعراضية وتأخره في التدخل في الحرب وسماحه لإسرائيل بالتمادي والتصرف كما تشاء دون كبح جماحها".

الضغط بالقوة العسكرية

ولفت الكاتب -وهو رئيس جامعة أكسفورد حاليا- إلى ضرورة القوة العسكرية في تحقيق النجاحات الدبلوماسية.

ووفق المقال، تجاوبت الدول العربية مع ترامب لأنها تحتاج للتكنولوجيا الأميركية والحماية العسكرية، وتوقفت إسرائيل عن قصف قطاع غزة لأنها تعتمد على السلاح والتمويل الأميركي.

وأشار هيغ إلى ضرورة تعلم أوروبا والمملكة المتحدة هذا الدرس، فامتلاك أدوات القوة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية هو "السبيل الوحيد للتأثير في قضايا الشرق الأوسط"، أما المواقف الأخلاقية وحدها، فهي لا تُحدث فارقا فعليا في النزاعات.

ودلل على ذلك بالإشارة إلى أن مساهمات بريطانيا في اتفاق غزة جاءت عبر جهود شخصيات مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في التنسيق "الدبلوماسي والإنساني"، وفق تعبير المقال، في حين لم تُحدث الاعترافات الرمزية بفلسطين أي تأثير ملموس على أرض الواقع.

بعض حلفاء ترامب اعتبر أن رد حماس يشير إلى رفضها للاتفاق، إلا أن الرئيس الأميركي اختار تفسيره كخطوة إيجابية وأعلن وقف إطلاق النار وأمر بوقف القصف

الإرادة رغم العوائق

أما على الصعيد الشخصي، فإن الكاتب يرى أن استعداد ترامب لتجاهل العقبات من الأطراف المتفاوضة كان بالغ الأهمية للحفاظ على الزخم السياسي نحو تحقيق الاتفاق.

إعلان

وفي هذا الصدد، قارن بين طريقة تعامل ترامب مع ردّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل على الخطة الأميركية لوقف إطلاق النار، وبين القرار الحاسم الذي اتخذه الرئيس الأميركي جون كينيدي خلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.

ففي تلك الأزمة تلقى كينيدي رسالتين متناقضتين من الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف، واحدة تحمل نبرة صلح وأخرى تهديدية، فاختار كينيدي تجاهل الرسالة الثانية والرد على الأولى لتفادي الحرب النووية، مما جنب التصعيد وأدى لحل الأزمة.

وبالمثل -يتابع الكاتب- تلقى ترامب ردا من حماس وافقت فيه على تبادل الأسرى والانخراط في مفاوضات جديدة، دون الإشارة إلى مسألة نزع السلاح التي كانت بندا أساسيا في خطته، في وقت واصلت فيه إسرائيل قصف القطاع.

واعتبر بعض حلفاء ترامب أن رد حماس يشير إلى رفضها للاتفاق، إلا أن الرئيس الأميركي اختار تفسيره كخطوة إيجابية وأعلن وقف إطلاق النار وأمر بوقف القصف، حسب المقال.

وخلص الكاتب إلى أن القوة، لا التصريحات، هي التي تصنع الاتفاقات، مؤكدا أن على ترامب أن يطبق هذه المعادلة لوقف الحرب في أوروبا وتحقيق سلام دائم في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • حماس سلمت جثة لا تعود لرهينة.. مصدران يكشفان لـCNN مع تزايد الضغط على الحركة
  • مطر ناقش مع لجان المستأجرين تحديات الحركة التجارية في طرابلس
  • وليام هيغ: هذه دروس لترامب من تجربة غزة
  • حزب الله يستخدم تحية هتلر.. إقرأوا ما قيلَ في إسرائيل
  • بعد ساعات قليلة.. إيران ترد على دعوة ترامب لها من إسرائيل للتعاون
  • رئيس لبنان يدعو للتفاوض مع إسرائيل لحل المشاكل وتجنب الدمار
  • ترامب: سندعم لبنان لنزع سلاح حزب الله.. وخطة مشتركة لنزع سلاح حماس
  • عن الرئيس جوزاف عون... إليكم ما قاله ترامب من إسرائيل
  • رئيس حكومة لبنان أوعز بتقديم شكوى الى مجلس الأمن ضد اسرائيل
  • لبنان يستعد لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل