المثل السوداني:(ساقان في منطال) يضرب حينما يستحيل الاستغناء عن علاقة بين طرفين، عندما تكون مصيرية كمصير ساقي الرجل الواحد داخل نفس المنطال الأوحد، وهي علاقة أبدية لا فكاك منها مهما عصفت بها العواصف، ومهما تبنى طرفاها التقية و(فقه السترة) والانحناء للعاصفة، هكذا هي تحالفات تنظيمات الإسلام السياسي، فالنظام البائد في السودان ومع بداية عهده فرش الأرض بالورود وحف جنبات الطرقات بالزهور والرياحين، ترحاباً بمقدم الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، مطلع تسعينيات القرن المنصرم، وذات النظام الإخواني في السودان وقبل نهايته طرد التمثيل الإيراني من البلاد بغية مغازلة المحور الخليجي، عشماً في الدعم الاقتصادي لتدارك ما آل إليه الحال من تدهور معيشي مريع، أدى في خاتمة المطاف لاندلاع ثورة شعبية عارمة في شهر ديسمبر من العام ألفين وثمانية عشر، وما لبث ذات النظام الإخواني ممثلاً في قائد الجيش وزمرته التي أوعزت إليه بإشعال حرب أبريل، أن أعلن عن عودة علاقته مع ملالي النظام الإيراني عساه أن يجد الدعم العسكري، الذي يعيد توازن القوى بميدان المعركة التي خسرها على أعلى المستويات، بأن فقد السيطرة التامة على العاصمة الوطنية بمؤسساتها السيادية، وما غاب عن حسبان بقايا النظام البائد الذين حازوا على نيل لقب الفلول بامتياز، هو أن الحرب لا يتم كسب نتائجها بامتلاك الأسلحة المتطورة والذكية، لا، إنّ العاملين الرئيسيين للفوز بالمعركة هما، الغبن (الغبينة) أو الدافع القتالي، والقيادة الرشيدة، وليس كما نرى من خطل الإخوان المسلمين وضياع الهدف والرؤية، ولو كان الأمر سهلاً لما تركوا ترسانة سلاح مصنعي اليرموك وجياد لقمة سائغة في فم من يصفونهم بالمتمردين.


فلول النظام البائد المستندون على قائد الجيش الذي يدين بكامل الولاء للحزب المحلول رغبة ورهبة، خسروا المعارك العسكرية والسياسية والدبلوماسية، نسبة للمكابرة والغرور الزائف الذي يغطيهم من شعر رأسهم حتى أخمص إصبع من أصابع قدميهم، وهذه أزمة تميزت بها تنظيمات الإسلام السياسي التي لا ترى أبعد من أرنبة أنفها، والتي تختزل المشهد العام في إطارها التنظيمي بعيداً عن مصير الدولة ومصالحها، وأكبر الدلالات على ذلك تتجسد في المشهد السوداني والفلسطيني واللبناني والليبي، فهذه البلدان ابتلاها رب الكون بجماعات إرهابية متطرفة اتخذت من الدين وسيلة للوصول للحكم، ثم البطش بالشعوب المستنجدة بعمر بن الخطاب، المتجول ليلاً باحثاً عن الأم الساهرة من أجل اطفالها الجوعى، فإذا بهذه الشعوب المقهورة يتولى أمرها (أمير للمؤمنين) غير العمرين، أمير متعطش للاستحواذ على بيت مال المسلمين بخبزه ودقيقه، ليترك تلك الأم الساهرة لتلقى حتفها تحت أزيز الطائرات الحاملة لقذائف الموت، بدلاً من جوالات الدقيق المحمولة على ظهر أمير المؤمنين، فالخير قد فارق البلدان التي سطا على ملكها الأمويون الجدد (حركات الإسلام السياسي)، المكتنزون للمال والمهربون للموارد الاقتصادية خارج حدود (دولة الإسلام) ادخاراً ببنوك (دول الكفر)، فهذه الازدواجية المعيارية في فكر الإسلام السياسي، هي ما أفشل مشروعي الملالي بإيران والإخوان بالسودان في توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة، للمواطن المظلوم القاطن لهذين البلدين الذين ابتلاهما رب العباد بهذين الدائين الألدين، وفي الحالة السودانية نرى البعير الأجرب الإخواني قد لفظته كل القطعان، فكلما ذهب شرقاً او غرباً مستنجداً هرعت منه دواب الأرض، وصار حائراً لا أمل له سوى العودة للمُراح وللعشق القديم، كما يقول الشاعر: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى...فما الحب إلّا للحبيب الأول.
الدبلوماسية الإخوانية بقيادة نصير داعش وزير خارجية الفلول علي الصادق، أدخلت نفسها في جحر ضب خرب، بإعادة علاقتها بالنظام الإيراني، ومن سوء حظ فلول النظام البائد أن توقيت اندلاع حرب غزة بين إسرائيل وحماس جاء بُعيد عودة العشيقين لسابق عهدهما، ما جعل الباب مفتوحاً على مصراعيه لفتح الملف القديم المتجدد لعمليات نقل السلاح لحماس عبر البحر الأحمر، وهذا الملف وحده جدير بأن يحرّك العالم لحسم مشروع الاخوان المسلمين في السودان بالعزم المطلوب، ووضع الحد اللازم لأولئك المختطفين لقرار الجيش من الموالين لتنظيم الإخوان – قطر السودان، ومن دلائل انسداد الآفاق على تحالف الجماعات الإسلامية المتطرفة في البلاد، هو دق ناقوس خطر الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط من جديد، وارتفاع مستوى جهوزية وتأهب المجتمع الدولي لمواجهة الموجة الجديدة من تسونامي التطرف، وهذه المرة بطريقة أشرس وأكثر تدقيقاً وتمحيصاً لبؤر الإسناد اللوجستي، وكما هو معلوم أن رموز النظام البائد تربطهم علاقات أزلية بكل بؤر الإرهاب الدولي والإقليمي، وسجلات أرشيفهم المحلي والعالمي ناضحة بجرائمهم المرتكبة والأخرى المخفقة، فمن منا لا يذكر المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك؟، فأجهزة مخابرات بلدان الجوار الإفريقي تمسك بحيثيات الخطة التي مولها وأشرف عليها أنصار النظام البائد، الذين اطلق سراحهم مشعلو الحرب من السجون، وجميعكم على دراية تامة بماهية من فجّر المدمرة الأمريكية (كول)، وليس بخاف عنكم أيضاً الذين دمروا سفارتي الولايات المتحدة بكينيا وتنزانيا.

إسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإسلام السیاسی النظام البائد

إقرأ أيضاً:

عودة البلهاء إلى سدة القرار: من جديد.. السودان يُدفع نحو الجحيم

عودة البلهاء إلى سدة القرار: من جديد.. السودان يُدفع نحو الجحيم:

Return of the Fools to the Helm: Sudan Thrust Back into Isolation:

إسماعيل ع مضوي

الفقه السياسي الغائب والعقوبات الحاضرة: Absent Political Wisdom, Present Sanctions:

أيها المبتهج بالعقوبات، دعني أشرح لك الأمر ببساطة:

العقوبات تعني أنك لا تستطيع بيع ذهبك وصمغك ومنتجاتك مباشرة في السوق العالمية، بل تضطر إلى بيعها عبر وسطاء – كالإمارات أو مصر – الذين يبتزونك ويأخذون الجزء الأكبر من الأرباح، فقط لأن اسمك ممنوع من التعاملات الدولية.

أما في حالة رفع العقوبات، فالأمر يختلف تماماً: يمكنك أنت – كدولة – أن تدخل مباشرة إلى البورصات العالمية، وتبيع منتجاتك بشفافية وبأسعار عادلة، وتستفيد أنت من العائد الكامل دون وساطة ولا ابتزاز.

فهل فهمت الآن الفرق.؟

هل يُعقل أن بلدًا بكامل سيادته وموارده وطاقاته البشرية يدار بعقلية لا تخطئها السذاجة، بل لا تبررها حتى قسوة الحاجة؟! ها نحن نعود إلى مربع العقوبات، الحصار، العزلة، وبأيدينا لا بأيدي عمرو. عادت مصفوفة العقوبات الدولية لتحاصر كل شريان حي في جسد الدولة السودانية، لا لأننا مستهدفون، بل لأننا ببساطة فشلنا في أن نحمي أنفسنا من أنفسنا.

إن من يُردد بمنتهى البلادة: “خليهم يعملوا لينا عقوبات، ما فرقت!”، يفضح جهلًا قانونيًا واقتصاديًا فاضحًا، ويعكس ذهنية انتحارية لا تحترم حياة المواطن، ولا كرامة الدولة، ولا قوانين المجتمع الدولي.

العقوبات؟ نحنا سبقناها!

بعض العباقرة يطمئنون الناس أن العقوبات الأمريكية ما بتأثر، لأن “نحنا اتعودنا”… وكأننا كنا دولة مزدهرة والعقوبات جات قطعت خطتنا الخُمسية!

الحقيقة؟

نحن عايشين تحت العقوبة من قبل ما تتفرض.

لا طيران، لا بنوك، لا دواء، لا كهرباء… وأي بلد طبيعي لما تُفرض عليه عقوبات بيحاول يتفاداها.

إلا نحن…

بنحتفل، ونشوفها نيشان بطولة!

العقوبات؟

نحن سبقناها بخطوات…

ما في أسهل من فرض عقوبات على بلد هو أساسًا “معاقب نفسه ذاتيًا”

العقوبات ليست نكتة سيادية: Sanctions Are Not a Sovereign Joke:

في القانون الدولي، تخضع العقوبات لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة، لكنها تُستخدم سياسياً كسلاح ضغط، وكسوط على رقاب الدول الفاشلة إداريًا وأخلاقيًا.

عندما تُفرض العقوبات، لا تُصيب من صدرت بحقهم فقط، بل تُصيب النظام البنكي، الاستثمارات، الشحن البحري، الطيران، التأشيرات، الأدوية، التكنولوجيا، وحتى الحوالات البسيطة للمواطن الفقير.

أنتَ أيها البليد، قد لا تشعر، لأنك أصلاً خارج الدورة الاقتصادية، لكنك بحمقك تسببت في أن يُعامل السودان كـ”جذام سياسي”، تتجنبه الدول وتحاصره البنوك ويهرب منه المستثمرون.

جريمة اقتصادية ذات أبعاد قانونية: An Economic Crime with Legal Consequences:

إن حرمان السودان من الاندماج في النظام المالي العالمي، ومن الوصول إلى أدوات التنمية والتمويل والتكنولوجيا، يُعد جريمة اقتصادية بحق شعبه. إن من يعطل تطبيع العلاقات البنكية، وعودة المنظمات الدولية، وحركة الطيران والنقل والشحن، هو شريك في تخريب الاقتصاد وخلق سوق سوداء للسماسرة والمهربين.

عندما تفقد الدولة القدرة على الشراء المباشر، تستنجد بالوسطاء.. وعندها، تصبح عُرضة للنهب والتلاعب والابتزاز.

مصر وأصدقاء السودان… الضحكة الصفراء Egypt and Sudan’s “Friends”: The Opportunistic Grin:

يا للمفارقة، الذين أسقطوا بأصواتهم في مجلس الأمن عام 2021 ضد رفع العقوبات، عادوا اليوم ليحصدوا ثمار نفس العقوبات من جديد.

صوتوا ضدك خوفًا من أن تنهض، وها هم الآن يتعاملون مع بلدك من موقع القوة. بينما أنت تبحث عن دولارك في السوق السوداء، يبحثون هم عن عقود توريد واستثمار بأثمان بخسة.

إنه الاقتصاد السياسي للمذلة!

حين يصبح بعض الأبناء أعدى من الأعداء: When a Nation’s Own Are Its Worst Enemy

من يتحكم اليوم في القرار السيادي، ويفرض على السودان عزلة دبلوماسية ومالية، ليس عدواً من الخارج، بل هو النسخة الأسوأ من أبناء هذا الوطن.

هؤلاء لم يفشلوا فقط في إدارة الدولة، بل خدعوا المواطن بمسرحيات السيادة والشرف الوطني، بينما كانوا يبيعون الدولة قطعة قطعة، بالغباء أو بالولاء، والنتيجة واحدة: وطن مدمر وشعب مسحوق.

الحق أمامكم ولكنكم عميٌ لا تبصرون: The Truth Is Visible Yet Willfully Ignored:

أيها السادة، العالم لا ينتظرنا، ولا يعترف بعنتريات الشعارات الفارغة.

إن لم نُدر بلادنا بعقلانية واحترافية واحترام للقانون الدولي… إن لم نبنِ شراكات متوازنة تحفظ لنا كرامتنا وتفتح لنا الأسواق… إن لم نكفّ عن إشعال الحرائق ثم التسول بالماء…

فأبشروا بمزيد من العقوبات، بمزيد من الفقر، بمزيد من العزلة… وبعدها لا تلوموا إلا أنفسكم.

وكان من الطبيعي أن يدرك الشعب السوداني، خاصة بعد ثورة ديسمبر المجيدة، أن نهج العزلة والمواجهة مع المجتمع الدولي قد أثبت فشله، ليس فقط من حيث النتائج، بل حتى في أعين من تبنّوه. فقد وصلت حتى قيادة النظام السابق إلى قناعة بأن هذا الطريق مسدود، بعد أن تجرعت بنفسها مرارة تبعاته، بدءًا من العزلة الاقتصادية، وصولاً إلى مذكرات التوقيف الدولية.

المنهج الذي عُول عليه طويلاً – والذي لخصه أحد قادة النظام في تصريح شهير بتقزيم القرارات الدولية إلى “جزمة” – لم يجلب سوى الحصار، العقوبات، وتدهور مكانة السودان على الساحة الدولية.

لقد جرب النظام السابق كل وصفة لتطبيع علاقاته مع العالم: وعود الإصلاح، مشاركات في مكافحة الإرهاب، وحتى تقديم تنازلات استراتيجية، ومع ذلك لم ينجح في رفع العقوبات أو محو آثار قرارات المحكمة الجنائية الدولية.

ما كان يُنتظر بعد الثورة هو القطع الكامل مع هذا الإرث الفاشل، والانتقال إلى سياسة عقلانية واقعية، تُعيد السودان إلى موقعه الطبيعي ضمن الأسرة الدولية، بما يتيح له الاستفادة من الفرص الكبرى – كإعفاء الديون – لتحقيق تنمية حقيقية يستفيد منها المواطن السوداني

الفيديو المصاحب هدية للبلهاء قليلي الفهم أو عديميه::::

https://web.facebook.com/ismail.modawiy/videos/2094053634429845

#السودان_يُختطف_من_جديد

#العقوبات_ليست_سيادة

#نريد_دولة_لا_عصابة

الوسومإسماعيل مضوي الأمم المتحدة الإمارات السودان العقوبات العقوبات الأمريكية القانون الدولي مصر

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة: إلى العاملين في الجيش والقوات المسلحة، إن التزامكم بلوائح السلوك والانضباط -التي ستصدر بعد قليل- يعكس الصورة المشرقة التي نسعى لرسمها في جيش سوريا، بعدما شوّهه النظام البائد وجعله أداةً لقتل الشعب السوري، فيما نعم
  • نعم الوضع في السودان ليس ذلك الوضع الذي يصل حد الرفاهية
  • يسرية محمد الحسن.. يا سلااام عليك!!…
  • احتفال جماهيري في مدينة أريحا بإدلب بمناسبة مرور عشر سنوات على تحريرها من النظام البائد
  • جلالة السُّلطان وفخامة الرئيس الإيراني يؤكّدان على الدور الإيجابي والمُثمر الذي يقوم به القطاع الخاص في البلدين
  • 57 ألف أسرة نازحة تعود إلى منازلها في محافظة حماة خلال شهرين
  • عودة البلهاء إلى سدة القرار: من جديد.. السودان يُدفع نحو الجحيم
  • إصابة أربعة أطفال جراء انفجار ألغام من مخلفات النظام البائد في ريف حماة
  • وصول أول باخرة محملة بـ 28500 طن من القمح إلى ميناء طرطوس بعد زوال النظام البائد
  • رشيد وزيدان يتفقان على حماية “النظام السياسي”