يعد سرطان الثدي مصدر قلق صحي كبير يؤرق كل امرأة، وهو أكثر أنواع السرطانات التي تم تشخيصها بين النساء في سلطنة عمان، فوفقًا للسجل الوطني العماني للسرطان، فإن هذا النوع بالتحديد يمثل حوالي 24.4٪ من جميع السرطانات التي تم تشخيصها حديثًا في الإناث خلال 2019. بالإضافة إلى أن هناك تزايدا في اكتشاف حالات جديدة سنويا بما يقارب 200 حالة جديدة.

وتساهم عدة عوامل في تطور سرطان الثدي، منها العمر، والتاريخ العائلي، والطفرات الجينية مثل (BRCA1 وBRCA2)، والعوامل الإنجابية كالحيض في سن مبكرة، أو تأخر سن اليأس، إضافة إلى العوامل الهرمونية، والسمنة ونمط الحياة والتعرض لعوامل بيئية معينة.

ويمكن أن يلعب الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي دورًا مهمًا في تحسين نتائج العلاج ومعدلات البقاء على قيد الحياة. وهنا بات يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي، وخاصة نماذج التعلم العميق مثل inception mv4، تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية، وأن تتعلم اكتشاف التشوهات الدقيقة أو العلامات المبكرة للأورام الخبيثة بنسبة 100٪ ، ونسبة أسرع من أحدث طراز في التعلم العميق بمقدار 7٪.

وهي النماذج التي استخدمناها أنا والفريق المكون من الأستاذ الدكتور محمد هادي حبايبي، والأستاذ الدكتور محمد رفيق الإسلام ، والأستاذ الدكتور تيدي جانوان من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا لابتكار جهاز فريد من نوعه يعتمد على الذكاء الاصطناعي لإرسال الصور الحرارية إلى الحوسبة السحابية لمعالجتها وتصنيفها وإرسال النتائج إلى الجهاز مرة أخرى خلال 6 ثوان فقط !

دقة أكبر.. وقت أقل

ويحمل تكامل الذكاء الاصطناعي في الكشف عن سرطان الثدي العديد من المزايا. أولها إمكانية توفير تفسيرات أكثر موضوعية وموحدة للصور الطبية، مما يقلل من أخطاء أخصائيي الأشعة. ثانيًا، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تحديد أولويات الحالات بناءً على تقييم المخاطر، مما يسمح لأخصائيي الرعاية الصحية بتخصيص الموارد بكفاءة وتوفير التدخل في الوقت المناسب للمرضى المعرضين لمخاطر عالية. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانية خفض تكاليف الرعاية الصحية وتحسين إمكانية الوصول إلى فحص سرطان الثدي، لا سيما في المناطق ذات الموارد الطبية المحدودة.

ومن الجيد وجود مشاريع كثيرة ومعمقة في المجال اليوم، فقد بلغ عدد الدراسات والبحوث فيه أكثر من 150 تصب جميعها في الكشف عن سرطان الثدي، وبلغ عدد خوارزميات الذكاء الاصطناعي أكثر من 15 خوارزمية متباينة النتائج. أما الجهاز الذي توصلنا إليه، فيقوم بإرسال الصور الحرارية إلى الحوسبة السحابية لمعالجتها وتصنيفها وإرسال النتائج إلى الجهاز مرة أخرى خلال 6 ثوان فقط ! ويمكن تبني النظام للأفراد وفي المؤسسات الصحية العامة والخاصة.

هكذا تعمل الآلات الخبيرة

لتغذية الجهاز بالبيانات الأولية، تم الحصول على قاعدة بيانات لـ287 مشاركة، تتراوح أعمارهن بين 23 و120 عامًا، 186 منهن بصحة جيدة و48 مصابات بورم سرطاني، وتم التأكد من ذلك عن طريق التشخيص بواسطة التصوير الإشعاعي والموجات فوق الصوتية والخزعات. من ثم تم التقاط الصور الحرارية بكاميرا FLIR الحرارية طراز SC620، والتي لديها حساسية أقل من 0.04 درجة مئوية وتلتقط 40 درجة مئوية تحت الصفر إلى 500 درجة مئوية. بعدها خضعت المشاركات لضغط حراري لتقليل درجة حرارة سطح الثدي وتم التقاط عشرين صورة متتابعة كل 5 دقائق. أي أن مجموع الصور الحرارية بلغ أكثر من 5000 صورة حرارية. ليتم المقارنة بينها وتعرف الجهاز عليها في ما بعد.

اكاديمي وباحث متخصص في الذكاء الاصطناعي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی سرطان الثدی

إقرأ أيضاً:

هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟

منذ آلاف السنين، لم يكن النمو الاقتصادي العالمي سوى زحف بطيء يُلاحظ بالكاد. فحتى عام 1700، لم يتجاوز متوسط نمو الناتج العالمي نسبة 0.1% سنويًا، أي ما يعني أن الاقتصاد كان يحتاج نحو ألف عام ليتضاعف، لكن الثورة الصناعية غيّرت ذلك المسار، وتوالت القفزات في معدلات النمو حتى بلغ متوسطه 2.8% في القرن العشرين.

واليوم، يقف العالم أمام وعود جديدة -وربما مخيفة- بانفجار اقتصادي يفوق كل ما عرفه التاريخ، مدفوعًا بما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام، وفقًا لتقرير موسّع نشرته مجلة إيكونوميست.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إسبانيا تعلّق شراء صواريخ إسرائيلية بـ327 مليون دولارlist 2 of 2الذكاء الاصطناعي لتحديد قيمة للعقارات في تركياend of list نمو سنوي يصل إلى 30%؟

وفقًا لمتفائلين من أمثال سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي قادر في المستقبل القريب على أداء معظم المهام المكتبية بكفاءة أعلى من البشر.

أفكار وادي السيليكون تُراهن على نمو سنوي يتجاوز 20% في الناتج المحلي الإجمالي (شترستوك)

هؤلاء يرون أن النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي العالمي قد يقفز إلى ما بين 20% و30%، وهي نسب غير مسبوقة تاريخيًا، لكنها من وجهة نظرهم ليست أكثر جنونًا من فكرة "النمو الاقتصادي" التي كانت نفسها مرفوضة في معظم تاريخ البشرية.

ومع تسارع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي، لم يعد التهديد الأكبر يكمن فقط في إحلالها مكان العاملين، بل في احتمال أن تقود انفجارًا إنتاجيًا شاملًا، يبدّل ليس فقط سوق العمل، بل أسواق السلع والخدمات والأصول المالية أيضًا.

من نمو السكان إلى نمو الأفكار.. والآن نمو الآلات

ويعتمد جوهر نظرية النمو الكلاسيكية على زيادة السكان، التي كانت تسمح بإنتاج أكبر، لكن دون تحسن جوهري في مستوى المعيشة. ومع الثورة الصناعية، تغير هذا النمط، حيث أظهرت الأفكار -لا الأجساد- أنها قادرة على توليد الثروة، وفق ما أوضحه الاقتصادي مالتوس ثم دحضه الواقع لاحقًا.

وبحسب ما نقله التقرير عن "أنسون هو" من مركز "إيبوخ إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي العام قد يحقق قفزة شبيهة، حيث لا تعود الإنتاجية مرتبطة بزيادة السكان، بل بسرعة تحسين التقنية ذاتها. فحين تصبح الآلات قادرة على تطوير نفسها ومضاعفة قدراتها، فإن النمو يصبح نظريًا غير محدود.

لكن بعض الباحثين -مثل فيليب تراميل وأنتون كورينيك -يشيرون إلى أن أتمتة الإنتاج وحدها لا تكفي لإحداث نمو متسارع ما لم تُستخدم لتسريع الابتكار ذاته، وهو ما قد يُحقق عبر مختبرات ذكاء اصطناعي مؤتمتة بالكامل بحلول 2027، وفقًا لتوقعات "إيه آي فيوتشرز بروجكت".

إعلان الانفجار الاستثماري ومفارقة الفائدة المرتفعة

وإذا صدقت هذه النماذج، فإن العالم سيشهد طلبًا هائلًا على رأس المال للاستثمار في الطاقة، ومراكز البيانات، والبنية التحتية. فمشروع "ستارغيت" من أوبن إيه آي الذي يُقدّر بـ500 مليار دولار، قد يُعتبر مجرد بداية.

ووفقًا لنموذج "إيبوك إيه آي"، فإن الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي لعام 2025 وحده يجب أن يبلغ 25 تريليون دولار.

شركات الذكاء الاصطناعي تعتقد أن أنظمتها ستبدأ بإنتاج أفكار جديدة ذاتيًا (شترستوك)

لكن هذه الوتيرة ستؤدي أيضًا إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة الحقيقية. فمع توقع ارتفاع الدخول المستقبلية، قد يفضّل الأفراد الإنفاق بدل الادخار، مما يتطلب رفع العوائد على الادخار لجذب الأموال مجددًا. وهذا ما أشار إليه الاقتصادي فرانك رامزي منذ أوائل القرن العشرين، وأكدته النماذج الحديثة التي حللها التقرير.

وفي ظل هذه الديناميكيات، تبقى الآثار على أسعار الأصول غير محسومة. فرغم النمو السريع في أرباح الشركات، فإن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، مما يخلق صراعًا بين عاملَي النمو والعائد.

أين يقف العامل البشري في كل ذلك؟

لكن ماذا عن العمال؟ وهنا، يبرز التحدي الحقيقي، فالذكاء الاصطناعي قد يجعل من التوظيف البشري خيارًا ثانويًا، إذ تضعف الحاجة للعمالة إذا باتت الآلة أرخص وأكثر كفاءة. ومع تقدم التقنية، تنخفض كلفة تشغيل الذكاء الاصطناعي، مما يُضعف الحد الأعلى للأجور التي يمكن دفعها للبشر.

وبحسب دراسة ويليام نوردهاوس الحائز جائزة نوبل، فإن جميع العوائد ستتجه في النهاية إلى مالكي رأس المال، وليس إلى العمال. لذا، فإن من لا يمتلك أصولًا رأسمالية -شركات، أرضا، بيانات، بنية تحتية- سيكون في وضع هش، اقتصاديًا.

رغم ذلك، لا يعني هذا أن الجميع سيخسر. إذ من الممكن أن تنشأ "أمراض باومول المعكوسة" -وهي ظاهرة اقتصادية تشير إلى ارتفاع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، رغم بطء نمو إنتاجيتها-، حيث ترتفع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، مثل التعليم، الطهي، ورعاية الأطفال، فقط لأنها تتطلب تفاعلًا بشريًا لا يمكن تعويضه بالكامل.

لكن بالمقابل، فإن أي شخص ينتقل من وظيفة مكتبية تقليدية إلى قطاع يدوي مكثف بالعمل قد يجد أن قوته الشرائية تنخفض، رغم ارتفاع أجره، لأن كلفة هذه الخدمات سترتفع أكثر من أسعار السلع المؤتمتة بالكامل.

هل يتحرك العالم فعلًا نحو "التفرّد الاقتصادي"؟

"التفرّد" -أو لحظة التحول حين تصبح المعلومات تُنتج المعلومات بلا قيود مادية- يبقى مفهومًا جدليًا، لكنه، بحسب نوردهاوس، يمثل الحد النظري النهائي لمسار الذكاء الاصطناعي.

الديناميكيات الاقتصادية التقليدية قد تنهار مع تسارع الذكاء الاصطناعي الذاتي التحسين (شترستوك)

وبعض الاقتصاديين يرون هذا المفهوم دليلا على أن النماذج نفسها ستثبت خطأها، لأن اللانهاية في النمو مستحيلة نظريًا. لكن الوصول إلى مجرد نمو بنسبة 20% سنويًا، وفقًا لإيبوك إيه آي، سيكون حدثًا مفصليًا غير مسبوق في تاريخ البشرية.

مع ذلك، تشير المجلة إلى أن الأسواق لم تُسعّر بعد هذا السيناريو بالكامل. فعلى الرغم من تقييمات التكنولوجيا المرتفعة، فإن عوائد السندات تنخفض غالبًا عقب الإعلان عن نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، كما وجدت دراسة لباحثين من معهد ماساتشوستس. بكلمات أوضح: وادي السيليكون لم يُقنع العالم بعد.

إعلان ماذا على الأفراد فعله إذا وقع الانفجار؟

التوصية التي تتكرر في جميع النماذج بسيطة، امتلك رأس المال. ومع ذلك، يبقى من الصعب تحديد أي نوع من الأصول هو الأفضل. الأسهم؟ الأراضي؟ النقد؟ كلها تواجه مفارقات في ظل مزيج من الفائدة المرتفعة، والتضخم المحتمل، والانفجار الاستثماري.

وفي ختام التقرير، تستحضر إيكونوميست قول روبرت لوكاس، أحد أبرز منظّري النمو: "بمجرد أن تبدأ في التفكير في آثار النمو على الرفاه البشري، يصعب التفكير في أي شيء آخر". ومع الذكاء الاصطناعي العام، تضاعف هذا الشعور، وازداد إلحاحه.

مقالات مشابهة

  • سرطان وعقم واضطراب هرمونات.. كوارث استخدام الأطفال للمكياج والحنة| تفاصيل
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟
  • احذر الحكة بعد الاستحمام.. قد تكون أكثر من مجرد جفاف في الجلد!
  • شعور لا مفر منه في الحياة يهدد حياة الملايين بالموت المبكر
  • كيف جمعت مديرة سابقة في أوبن ايه آي أكثر من ملياري دولار دون الكشف عن منتج
  • «القومي للبحوث» يُطلق حملة توعوية للتعريف بالأمراض الوراثية وأهمية الكشف المبكر
  • أثر الذكاء الاصطناعي على إنتاجية المبرمجين: نتائج متباينة تكشفها دراسة حديثة
  • "شعور لا مفر منه" في الحياة يهدد حياة الملايين بالموت المبكر
  • إحداها في أبوظبي.. الكشف عن الصور الفائزة بجوائز تصوير المانغروف لعام 2025
  • جوجل تطلق ميزة Web Guide لتجربة بحث أكثر عبقرية بـ الذكاء الاصطناعي