الأردن وتحذير من تهجير الفلسطينيين.. أسباب وتداعيات الخط الأحمر
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
بشكل حازم، يتمسك الأردن برفض أي "خطوات إسرائيلية" للجوء الفلسطينيين إلى داخل حدوده، معتبرا ذلك "خطا أحمر" من شأنه أن "يصفّي" القضية الفلسطينية بشكل نهائي، فما أساس هذه الهواجس وما تداعيتها على المملكة؟
وعلى مدار الأيام الأخيرة، شدد العاهل الأردني ومسؤولون أردنيون في أكثر من مناسبة، على رفضهم لأي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين، ومن أن يؤدي تصاعد وتوسع الصراع إلى تدفق اللاجئين من الضفة الغربية إلى داخل الحدود الأردنية.
ويرى الكاتب والباحث السياسي الإسرائيلي، شلومو غنور، في حديث لموقع "الحرة"، أن "إسرائيل لم تعلن نيتها ترحيل الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء أو أي مكان آخر".
وشدد على أن "إسرائيل لا تريد تهجير أحد"، مؤكدا أن هذا القرار "لم يُتخذ على أي مستوى، سواء سياسي أو عسكري".
وفي بيان مشترك، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، من "كارثة" إقليمية في حال اتساع نطاق هذه الحرب.
وأكد القائدان "موقف الأردن ومصر الموحد" الرافض لـ"سياسة العقاب الجماعي من حصار أو تجويع أو تهجير للأشقاء في غزة"، كما شددا على أن "أي محاولة للتهجير القسري إلى الأردن أو مصر مرفوضة".
وسبق أن حذر العاهل الأردني، الثلاثاء، من محاولة "تهجير" الفلسطينيين إلى مصر أو الأردن، مؤكدا على وجوب "التعامل مع الوضع الإنساني داخل حدود قطاع غزة والضفة الغربية".
وأكد العاهل الأردني، أنه "لا يمكن استقبال اللاجئين في الأردن، ولا في مصر جراء الحرب على غزة، وهذا خط أحمر (...) يمكنني أن أتحدث بقوة ليس فقط باسم الأردن ولكن أيضا عن الأشقاء في مصر".
ويعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي أن كل ما يشاع "تضليل وافتراء"، مضيفا أن "كل ما فعلته إسرائيل هو توجيه النداءات للسكان بالتوجه إلى المنطقة الآمنة في جنوب قطاع غزة لتجنب المعارك والابتعاد عن مواقع حماس المستهدفة".
وكانت إسرائيل دعت، في الأيام الماضية، جميع المدنيين في النصف الشمالي من قطاع غزة، أي أكثر من مليون نسمة، إلى الانتقال نحو جنوب القطاع، وحضهم، بعد ذلك على "عدم الإبطاء"، فيما بدا أنه تمهيد لعملية برية إسرائيلية.
ويضم النصف الشمالي من غزة أكبر تجمع سكاني في القطاع، وقالت الأمم المتحدة إنه تم إبلاغها بأن إسرائيل تريد أن يتحرك جميع السكان إلى جنوب القطاع.
ويتابع شلومو أن هدف إسرائيل من هذه الحرب يتمثل في "شل قدرات حماس العسكرية والسياسية، لكي لا يتكرر العدوان الذي تنفذه حماس عليها بين الفينة والأخرى".
ويشدد على أنه "لا يرى أن التهجير يمكن أن يكون وسيلة للسلام"، لافتا إلى أن "تجارب العالم في نزاعات مختلفة تثبت ذلك".
"مخطط إسرائيلي"من جهته، يرى الخبير الفلسطيني المختص في العلاقات الدولية، أشرف العكة، أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة تكشف عن "توجه واضح وخطط من أجل تهجير الفلسطينيين"، معتبرا أن نداءات إجلاء سكان شمال غزة للتوجه جنوبا "جزء من مخطط أكبر".
ويضيف العكة في تصريح لموقع "الحرة"، أنه إذا تمكنت إسرائيل من الدخول بريا إلى غزة وفرض واقعها العسكري، ستسعى بشكل مدروس إلى عمليات تهجير قسرية، خارج إطار القانون الدولي.
وقالت القيادة الفلسطينية، في بيان عقب اجتماع لها في رام الله الأربعاء، إن "التهجير القسري لسكان غزة خط أحمر لا يمكن تجاوزه".
وأضافت في البيان أنها تؤكد "على منع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة (...) كما أنه لا يجب السماح بتهجير الفلسطينيين من بيوتهم في القدس أو الضفة".
في السياق ذاته، يعتبر المحلل الفلسطيني أن الموقف الذي تم التعبير عنه من قبل الأردن ومصر مهم ومتقدم في منع عمليات "التهجير والإبادة" التي قد تنذر باتساع هذا الصراع وامتداده إلى ساحات مختلفة.
وكان التهجير موضوعا أساسيا في التاريخ الفلسطيني، ففي حرب عام 1948، فر نحو 700 ألف فلسطيني، في الحدث الذي يشير إليه الفلسطينيون باسم "النكبة"، وفقا لأسوشيتد برس.
وفي حرب عام 1967، وبعد سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة، فر 300 ألف فلسطيني آخر، معظمهم إلى الأردن، بحسب المصدر ذاته.
ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم الآن ما يقرب من 6 ملايين، يعيش معظمهم في مخيمات ومجتمعات محلية في لبنان وسوريا والأردن ومصر، علاوة على دول عربية وأجنبية أخرى.
ويوضح العكة أن التصعيد الجديد يشكل استمرارا لمخططات سابقة، يتم تنفيذها منذ عام 1948، غير أنها تصطدم بمواقف إقليمية ودولية رافضة، إضافة إلى تمسك السكان برفض الهجرة أو الخروج من منازلهم ولهذا نرى المجازر التي ترتكب بحقهم، وفق المتحدث ذاته.
"تجربة تاريخية مريرة"وعقب التصعيد الأخير في قطاع غزة، توالت تحذيرات من عمّان من اتساع نطاق الحرب إلى الضفة الغربية على حدودها، ما من شأنه أي يدفع اللاجئين الفلسطينيين للهجرة إليها.
رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، خالد شنيكات، يرى أن التصعيد الإسرائيلي ردا على هجوم حماس يأتي ضمن "مساعي تهجير الفلسطينيين"، في خطوة جديدة نحو "تصفية القضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أن كل الذين هاجروا إلى الأردن منذ 1948 وقبلها لم يعودوا إلى ديارهم نهائيا".
ويضيف شنيكات في تصريح لموقع "الحرة"، أن للأردن "تجربة تاريخية مريرة فيما يخص ملف الهجرة واللجوء، وأنه لم يعد يحتمل تكرار هذه السيناريوهات، لأنه استقبل فلسطينيين ولبنانيين وعراقيين وسوريين خلال العقود الماضية، وكلهم لم يعودوا"، موضحا أن "هذا مسلسل متواصل، بالتالي الضغط كبير على البلاد".
ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن نحو 2.2 مليون لاجئ، وفق الأمم المتحدة.
ويشكل الأردنيون من أصل فلسطيني نحو نصف عدد سكان المملكة، التي كانت الضفة الغربية تخضع لإدارتها قبل حرب يونيو 1967، وفقا لفرانس برس.
وشنت إسرائيل غارات على قطاع غزة وأعلنت فرض حصار عليها عقب الهجوم الأكثر دموية على المدنيين في تاريخ البلاد، الذي نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر.
وأسفر الهجوم الذي شنته حماس واستهدف مدنيين بالإضافة إلى مقرات عسكرية عن مقتل المئات واختطاف العشرات، أغلبهم مدنيون وبينهم أطفال ونساء.
ووصل عدد القتلى الإسرائيليين جراء هجوم حماس المصنفة إرهابية إلى أكثر من 1400 شخص.
كما أسفر الرد الإسرائيلي الذي استهدف مناطق واسعة في غزة عن مقتل الآلاف، أغلبهم مدنيون وبينهم أطفال ونساء.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، الخميس، إن ما لا يقل عن 3785 فلسطينيا قتلوا وأصيب 12 ألفا في غزة بالضربات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر.
ووفق شنيكات، فإن السبب الثاني وراء الرفض القاطع من عمّان، يرتبط بـ"منع الإضرار بالأمن الأردني"، مشيرا إلى أن "قيام دولة فلسطينية يمكن أن يشكل ركيزة أساسية للأمن الوطني، وبالتالي فإن حل هذه القضية لا ينبغي أن يكون على حساب الأردن، بل وفقا لقرارات الشرعية الدولية".
ويضيف أن من شأن موجات جديدة من الهجرة أن "تحدث تغييرا جوهريا في الدولة"، موضحا أن اللاجئ بعد أن يدخل لا يمكن أن يعود لبلده، وبعد فترة سيحتاج حقوقا سياسية، من خلال الانضمام إلى المجالس المنتخبة والمناصب السياسية وكل مؤسسات الدولة، ومعها تتحقق طموحات اليمين المتطرف الإسرائيلي المتمثّلة في تشكيل وطن بديل للفلسطينيين في الأردن"، على حد تعبيره.
ويوضح المتحدث ذاته أن "مواقف الأردنيين تتشبث برفض التهجير حتى لو تلقوا تطمينات إسرائيلية بكون الخطوة مؤقتة"، معتبرا أن "هذا كلام لا يمكن الوثوق به على ضوء المعطيات التاريخية المرتبطة بالملف".
ويكشف شنيكات أن جزءا آخر من أزمة اللاجئين، يتمثل في حالة من عدم الاستقرار بالداخل الأردني، خاصة في ظل ضغط على الموارد المحلية، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تجتازها البلاد، والتي تتحمل البيئة الخارجية والإقليمية جزءا منها، مشيرا إلى أن أي ضغوط سكانية أخرى ستؤدي إلى تفاقم هذه الأوضاع.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: تهجیر الفلسطینیین العاهل الأردنی الضفة الغربیة قطاع غزة لا یمکن إلى أن
إقرأ أيضاً:
فايننشال تايمز: هذا هو الجبل النووي الذي يؤرق إسرائيل
هي للمخططين العسكريين الإسرائيليين أشبه بجب النار؛ إنها منشأة نووية لتخصيب اليورانيوم مطمورة على عمق نصف كيلومتر أسفل جبل، وتخضع لحراسة مشددة، وتحيط بها منظومة دفاعات جوية، وتقع في قرية جنوب مدينة قم الدينية القديمة.
هكذا استهلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تقريرها عن منشأة فوردو، التي تقف شاهدا على رغبة طهران في حماية برنامجها النووي المصمم ليصمد أمام أي هجوم مباشر شامل أو اختراق، ويحفظ أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم عالي التخصيب الموجودة بداخله سليمة بما يكفي لإنتاج سلاح نووي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مفاعل بوشهر حجر الأساس للبرنامج النووي الإيرانيlist 2 of 2رويترز: إسرائيل قتلت 14 عالما نوويا إيرانيا منذ بدء الهجماتend of listوتفيد الصحيفة بأن المنشأة مخبأة تحت صخور صلبة ومغطاة بخرسانة مسلحة تجعلها بعيدة عن مرمى نيران أي من الأسلحة الإسرائيلية المعروفة للعامة، وهي أيضا دليل على قلق إيران الاستراتيجي.
الركيزة الأهمويقول بهنام بن طالبلو، الباحث البارز في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" الأميركية، إن منشأة فوردو هي "مبتدى كل شيء ومنتهاه في العملية النووية الإيرانية"، توضح الصحيفة البريطانية.
وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية نقلا عن هيئة الطاقة الذرية الإيرانية أن طهران أعلنت يوم السبت أن فوردو تعرضت لهجوم، رغم أن الأضرار كانت محدودة.
إعلانوفي المقابل، تشير الصحيفة البريطانية إلى أن إسرائيل نجحت في تدمير محطة التخصيب التجريبية الإيرانية الأكبر فوق الأرض في نطنز، حسبما قال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة رافائيل غروسي لمجلس الأمن يوم الجمعة.
ووفقا لتحليل صور الأقمار الصناعية مفتوحة المصدر التي التقطها معهد العلوم والأمن الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن، فإن قاعات الطرد المركزي تحت الأرض ربما أصبحت عديمة الجدوى بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بإمدادات الكهرباء في منشأة نطنز وسط إيران.
ونقلت فايننشال تايمز عن داني سيترينوفيتش، الخبير في الشأن الإيراني بمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، قوله إن منشأة فوردو ستكون عصية على إسرائيل بدون مساعدة الولايات المتحدة، فهي "شديدة التحصين وتقبع في عمق الجبل"، معربا عن عدم يقينه بشأن ما يمكن أن تحدثه الضربات الإسرائيلية من ضرر هناك.
قدرات كبيرةوأضاف أن إيران لم تصل بعد إلى نقطة الصفر بما يعني مرحلة تعرض برنامجها النووي للتدمير، إذ يعتقد أنه ما يزال لديها قدرات كبيرة، وستكون منشأة فوردو "الهدف الأصعب وربما الأخيرة" في الحملة العسكرية الإسرائيلية.
ورغم ذلك، فإن سيترينوفيتش يقول إن منشأة فوردو هي القاعدة العسكرية الرئيسية الوحيدة تحت الأرض التي تعرضت لهجوم مباشر؛ في سابقة تُظهر المخاطر الاستثنائية التي أقدم عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– بالسماح بشن الهجمات على إيران في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ومع أن المسؤولين الإيرانيين ظلوا ينفون سعيهم لامتلاك قنبلة نووية، إلا أن الصحيفة تزعم أن طهران تمضي في سبيل ذلك استنادا إلى تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تؤكد أن بمقدور إيران تحويل كامل مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب، المقدّر بنحو 408 كيلوغرامات، لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع 9 أسلحة نووية في غضون 3 أسابيع فقط.
إعلانوعقدت الصحيفة مقارنة بين المنشأتين النوويتين في نطنز وفوردو. فالمجمع الصناعي المترامي الأطراف في مدينة نطنز يحتوي على ما يصل إلى 16 ألف جهاز طرد مركزي، إلا أنه مصمم لإنتاج يورانيوم منخفض التخصيب.
بدائل أقوىوعلى النقيض من ذلك، فإن ما يميز فوردو هو المتانة الجيولوجية التي تجعل قاعات الطرد المركزي فيها غير قابلة للاختراق فعليا بواسطة القنابل التقليدية التي يتم إطلاقها من الجو. وقد يستعصي ذلك حتى على القنبلة الأميركية الخارقة للتحصينات من طراز (جي بي يو-57) المصممة لتدمير المخابئ المحصنة بشدة والقادرة على اختراق 60 مترا من الخرسانة تحت الأرض.
وحسب تقرير الصحيفة، يعتقد المحللون أن الهجمات الإسرائيلية إذا لم تنجح في تدمير مفاعل فوردو، فإنه قد يكون سببا في تسريع انسحاب إيران من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ومن ثم في وقف تعاونها مع الوكالة الذرية، وتصنيع قنبلتها النووية.
وما يزيد من المخاطر -من وجهة نظر فايننشال تايمز- هو أن فوردو ليست المنشأة الوحيدة فائقة الأمان التي يمكن لإيران أن تلجأ إليها. فقد عملت طهران مؤخرا على بناء منشأة أكثر عمقا وأفضل حماية تحت الجبل المعروف باسم " بيكآكس"، على بعد بضعة كيلومترات جنوب نطنز.
وفي حين يُعتقد أن فوردو لديها مدخلين للأنفاق، فإن لدى بيكاكس 4 منها على الأقل، مما يجعل من الصعب إغلاق المداخل بالقصف. كما أن مساحة قاعاته تحت الأرض أكبر.
وطبقا لتقرير الصحيفة، يخشى البعض من إمكانية استخدام إيران المنشأة لتجميع سلاح نووي أثناء تعرضها لهجوم. ولا تزال طهران تمنع مفتشي الوكالة الذرية من دخولها.