السومرية نيوز – دوليات

نشر فريق الطب الشرعي "Forensic Architecture" بجامعة لندن، سلسلة تغريدات على منصة "إكس"، تشكك فيها برواية إسرائيل بشأن مصدر القصف الذي أسفر عن مجزرة مستشفى المعمداني هو صاروخ أطلقه الفلسطينيون.
وطرح فريق Forensic Architecture" أدلّة تشير إلى أن مصدر الاستهداف كان من الاحتلال الإسرائيلي، منوّهًا أن: "للاحتلال تاريخ طويل في تقديم معلومات كاذبة ومضللة بعد استهدافها لمدنيين وقتلهم"، مستشهدًا بحادثة الاستهداف المتعمَّد لصحفية الجزيرة "شيرين أبو عاقلة" في مايو/أيَّار 2022 وتبرؤ الاحتلال منها.

 

Preliminary analysis by FA, @alhaq_org & @earshot_ngo into the #AlAhli hospital blast in Gaza casts significant doubt on IOF claims that the source of the deadly explosion was a Palestinian-fired rocket travelling west to east. pic.twitter.com/PtYtP9l81j

— Forensic Architecture (@ForensicArchi) October 20, 2023

واعتمد فريق الطب الشرعي في تحقيقه على تحليل المحقق الخبير في جرائم الحرب، كوب سميث (Cobb Smith)، الذي بيَّن أن مسار القذيفة التي أصابت المستشفى كان من الشمال الشرقي، وهو الجانب الذي يسيطر عليه الاحتلال من غلاف غزَّة، وليس من الغرب، كما يدَّعي الاحتلال، كذلك بنى نتائجه "الأولية" بناء على تحليلات صوتية نفّذتها(earshot)، وهي مؤسسة تختص بالتحقيقات الصوتية.  

3D analysis shows patterns of radial fragmentation on the southwest side of the impact crater, as well as a shallow channel leading into the crater from the northeast. Such patterns indicate a likely projectile trajectory with northeast origins. pic.twitter.com/v6g6jRiXps

— Forensic Architecture (@ForensicArchi) October 20, 2023

التحقيقات أشارت إلى أن تفجير المستشفى الأهلي في غزة "يلقي ظلالاً من الشك على ادعاءات الجيش الإسرائيلي بأن مصدر الانفجار المميت هو صاروخ أطلقه فلسطينيون متجهاً من الغرب إلى الشرق".  

In reviewing our analysis, investigator & explosive weapons expert @CobbSmith agrees the fragmentation patterns may indicate the projectile came from the northeast—the direction of the Israeli-controlled side of the Gaza perimeter—and not from the west, as claimed by the IOF. pic.twitter.com/tld82ilse9

— Forensic Architecture (@ForensicArchi) October 20, 2023

حيث يُظهر التحليل ثلاثي الأبعاد أنماط التشظي الشعاعي على الجانب الجنوبي الغربي من الحفرة الناتجة عن الارتطام، بالإضافة إلى قناة ضحلة تؤدي إلى الحفرة من الشمال الشرقي، "تشير مثل هذه الأنماط إلى مسار محتمل للقذيفة من أصول شمالية شرقية".  

Our/@CobbSmith’s analysis of the crater size suggests a munition larger than eg a Spike or Hellfire missile commonly used by IOF drones. It is more consistent w/ the impact marks from an artillery shell—but w/o additional material evidence, we cannot make a definitive assessment. pic.twitter.com/NH99gcM5s6

— Forensic Architecture (@ForensicArchi) October 20, 2023

وفي مراجعة لتحليل فريق الطب الشرعي، وافق كوب سميث المحقق وخبير الأسلحة المتفجرة أن أنماط الشظايا قد تشير إلى أن القذيفة جاءت من الشمال الشرقي، وهو اتجاه الجانب الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال من محيط غزة، وليس من الغرب، كما تزعم القوات الإسرائيلية.  

https://t.co/8gAKfOubtz performed a Doppler Effect analysis from two videos from the missile attack on the Al-Ahli hospital. The results cast doubt on the IDF’s claim that the missile that hit the hospital approached from the south-west. #AlAhli #IDF 1/7 pic.twitter.com/eDz9emxz6H

— earshot.ngo (@earshot_ngo) October 20, 2023

كما أشار التحقيق إلى أن حجم الحفرة الناجمة عن القصف يبيّن وجود ذخيرة أكبر من تلك التي يحملها صاروخ سبايك أو هيلفاير، والتي تستخدمها عادة طائرات الاحتلال بدون طيار. لكنّ التفسير الأكثر اتساقًا مع علامات الارتطام يدل على أن الحفرة ناجمة عن قذيفة مدفعية، حيث تم مقارنتها بعلامات ارتطام مطابقة، كانت ناجمة عن قذيفة مدفعية في خاركيف بأوكرانيا، تمّ تصويرها عام 2022.  
واعتمد فريق الطب الشرعي في تحقيقاته أيضًا على تحليلات صوتية نفّذتها "earshot"، وهي مؤسسة تختص بالتحقيقات الصوتية. والنتائج التي خلصت إليها عززت مصداقية تقييمات "Forensic Architecture"، وأكدت بطلان رواية الاحتلال.

واعتمدت "earshot" على دراسة "تأثير دوبلر" فيما يخص مقطعي فيديو مسجلين للقصف الصاروخي على المستشفى المعمداني، وتأثير دوبلر يعني التغير ظاهري للتردد أو الطول الموجي للأمواج الصوتية، عندما ترصد من قبل مراقب متحرك بالنسبة للمصدر الموجي.  

When calls are intercepted, we would expect them to be single monophonic recordings with both voices on the same channel of audio. What is unusual in this alleged intercepted call is that we have the voices divided across two channels, left and right. 2/4 pic.twitter.com/9G8y74CfNn

— earshot.ngo (@earshot_ngo) October 20, 2023

ونشرت "earshot" في سلسلة تغريدات تفاصيل تحقيقاتها وكيف بنت على إثر ذلك استنتاجاتها ببطلان مزاعم الاحتلال الإسرائيلي والرئيس الأمريكي جو بايدن، في أن قصف المستشفى المعمداني أتى من "الطرف الآخر".
في الفيديو الأول، الذي تم التقاطه على بعد 150 مترًا جنوب شرق المستشفى، عرضت (earshot) ترددات صوت يظهر بوضوح، تزداد الترددات في درجة الصوت ثم تتناقص حتى الاصطدام. حيث تشير درجة الصوت المتزايدة إلى أن الصاروخ يتسارع نحو الكاميرا. وتشير درجة الصوت المتناقصة بعد ذلك إلى أن الصاروخ يتحرك بعيدًا عن الكاميرا بينما لا يزال يتسارع، عند اصطدام الصاروخ.  

The Doppler Effect is a change in the observed frequency emitted by a sound source that is moving relative to an observer. In the first video, taken 150m south-east of the hospital, we hear a pronounced frequency increasing in pitch and then decreasing until impact. 2/7 pic.twitter.com/Gb52AAVaMD

— earshot.ngo (@earshot_ngo) October 20, 2023

وأشارت "earshot" إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي زعمت أن حركة الجهاد الإسلامي أطلقت الصاروخ من موقع جنوبي غربي. "إذا كان الأمر كذلك، فإننا نتوقع أن تزداد درجة الصوت التي تلاحظها هذه الكاميرا بشكل مستمر حتى ارتطام الصاروخ، إلا أن تأثير دوبلر الذي نسمعه يشير إلى أن الصاروخ كان أقرب إلى الكاميرا قبل أن يضرب المستشفى. وهذا يعني أن الصاروخ اقترب من المستشفى من الشمال الشرقي أو الشرق أو الجنوب الشرقي".  

However, the Doppler Effect that we hear indicates that the missile was closer to the camera before hitting the hospital. This would mean that the missile approached the hospital from north-east, east or south-east. #AlAhli #IDF 5/7 pic.twitter.com/4IhU4GQhB4

— earshot.ngo (@earshot_ngo) October 20, 2023

وتناولت "earshot" مقطع فيديو آخر لحظة الغارة من مسافة حوالي 1500 متر شمال غرب المستشفى، وقالت: "في هذا الفيديو، يمكن سماع الصاروخ يتحرك بتأثير دوبلر أقل وضوحًا، حيث تزداد حدة الصوت حتى لحظة الانفجار، تشير هذه الخطوة المتزايدة إلى أن الصاروخ يتسارع باستمرار نحو الكاميرا حتى الاصطدام. ويشير الموقع الشمالي الغربي للكاميرا إلى مسار صاروخي شرقي، مما يقلل من احتمالية اقتراب الصاروخ من المستشفى من الجنوب الغربي".

فريق الطب الشرعي "Forensic Architecture" اعتمد أيضًا على تحقيقات "earshot" التي أثبتت أنه تم التلاعب بتسجيل صوتي نشره جيش الاحتلال في صباح 18 تشرين الأول/أكتوبر، زعم فيها أنها تحوي حوارًا يجري بين اثنين من حركة الجهاد الإسلامي، ويفضي إلى أن الحركة هي من استهدفت المستشفى المعمداني بالقصف.
وقالت "earshot": "أجرينا تحليلاً صوتيًا ووجدنا أنه تم التلاعب بهذا التسجيل ولا يمكن استخدامه كمصدر موثوق للأدلة. فعندما يتم اعتراض المكالمات، نتوقع منها أن تكون تسجيلات أحادية الصوت مع كلا الصوتين على نفس القناة الصوتية. الأمر غير المعتاد في هذه المكالمة المزعومة التي تم اعتراضها هو أن الأصوات لدينا مقسمة عبر قناتين، اليسار واليمين".

وأكملت "earshot" في سلسلة تغريدات: "حقيقة أن هذا التسجيل يتكون من قناتين منفصلتين يدل على أن هذين الصوتين قد تم تسجيلهما بشكل مستقل. تم بعد ذلك تحرير هذين التسجيلين المستقلين مع إضافة تأثيرات (...) مستوى التلاعب المطلوب لتحرير هذين الصوتين معًا يجعله غير مؤهل كمصدر للأدلة الموثوقة".

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: pic twitter com

إقرأ أيضاً:

كتاب فرنسي جديد يكشف: غزة تحت الاحتلال.. مأساة إنسانية وتواطؤ دولي

سلط الكاتب الفرنسي فرانسيس غيل، الضوء، على آخر ما صدر من كتب عن المؤرخ الفرنسي جان بيير فيليو، Un historien à Gaza (مؤرخ في غزة)  الذي سافر إلى غزة عدة مرات خلال السنين الماضية، وقضى شهرا في المناطق الفلسطينية من كانون الأول/ ديسمبر 2024 إلى كانون الثاني/ يناير 2025.

وأشار الكاتب عبر مقال له، إلى أن، المؤلف جان بيير فيليو، هو أستاذ دراسات الشرق الأوسط في معهد باريس للدراسات السياسية وباحث في مركز CERI الفرنسي المتخصص في الدراسات الدولية وزميل في مركز برشلونة للعلاقات الدولية CIDOB وزميل زائر في كينجز كوليج بجامعة لندن.

وفيما يلي النص الكامل للمقال: 
شهد الأسبوعان الماضيان تغيراً ملحوظاً في لهجة زعماء كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، فيما بدا أنه طي لصفحة ما كان سائداً من قبل بينهم من تكرار للحديث عن أن لدولة الاحتلال الإسرائيلي الحق في الدفاع عن نفسها. هذا مع العلم أن عدداً من زعماء أوروبا الآخرين، وخاصة في إسبانيا وبلجيكا وإيرلندا، تبنوا منذ وقت طويل موقفاً أكثر نقداً لدولة الاحتلال الإسرائيلي. 

والآن، يستخدم رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، تعبيرات أشد قسوة للتنديد بحرب دولة الاحتلال الإسرائيلي على أهل غزة، إذ راحوا يهددون بتعليق الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل. بل لقد قال المستشار ميرز، والمعروف عنه أنه من أشد المؤيدين للدولة اليهودية، إنّ: "ما تفعله الحكومة الإسرائيلية في غزة لم يعد بالإمكان تبريره بالقتال ضد حماس".
 
ينسجم هذا التبدل مع موقف الرأي العام، بل لقد فتح الباب على مصراعيه أمام جدل في ألمانيا حول ما إذا كان ينبغي عليها أن تستمر في تزويد إسرائيل بالأسلحة. تعكس هذا التغيير تغطية الإعلام الفرنسي للأحداث، فمؤخراً صار الإعلاميون والأكاديميون المنتقدون للسياسة الإسرائيلية يحظون بوقت أطول في البرامج التي تبث لتمكينهم من التعبير عن وجهات نظرهم. إلا أن هذه الكلمات لم تؤثر بعد في السياسة الإسرائيلية.

جاءت صور الأطفال الرضع الذين أصابهم الهزال وهم في أحضان أمهاتهم اللواتي لم يعد بإمكانهن إرضاعهم لتذكر المشاهدين بتلك الصور التي وثقت فتح معسكرات الإبادة الألمانية في عام 1945 والرعب الذي ظهر على وجوه الضباط الأمريكيين والبريطانيين حينما وقعت أعينهم على مشاهد لبشر تركوا في أوضاع أشد انحطاطاً من أوضاع كالحيوانات. 


لسوف يتذكر الناس أواخر شهر مايو (أيار) 2025 باعتبارها اللحظة التي وجد الزعماء الأوروبيون فيها أن من المستحيل لفظياً الاستمرار في إنكار حقيقة تأكيد الزعماء الإسرائيليين، ما بعد هجوم السابع من أكتوبر والذي قتل فيه 1139 إسرائيلياً وأجنبياً، على أنهم سوف يخرجون 2.3 مليون فلسطيني قسراً من قطاع غزة.

كرس جان بيير فيليو، أحد أشهر المؤرخين الفرنسيين المتخصصين في المنطقة، كتاباً للحديث عما لا يعرفه كثير من الناس عن تاريخ هذا القطاع العجيب من الأرض. لغته منضبطة، وكلماته جراحية. ليس من النوع الذي يعبر صراحة عن المشاعر العاطفية، سواء في كتبه المنشورة أو في مقابلاته التلفزيونية. 

جمله مصاغة بلغة فرنسية كلاسيكية لا تشوبها شائبة. يتكلم كما لو كان قاض يقدم خلاصة لقضية ما. تمكن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي من السفر إلى غزة وأمضى شهراً هناك، حيث نزل ضيفاً على المنظمة غير الحكومية "أطباء بلا حدود". 

من المعروف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمنع مندوبي الصحافة الدولية من الدخول إلى غزة، التي قضى نحبه فيها ما بين شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وشهر إبريل (نيسان) 2025 ما لا يقل عن 232 صحفياً، خمسة وعشرون منهم من النساء. طبقاً لما صدر عن لجنة حماية الصحفيين، يعادل الصحفيون الذين قتلوا في غزة ثلاثة أرباع أولئك الصحفيين الذين قتلوا حول العالم في عام 2023 وثلثي الصحفيين الذين قتلوا حول العالم في عام 2024. 

يخلص فيليو إلى أنه "لا يوجد شك بأن الجيش الإسرائيلي وحده يتحمل المسؤولية عن الموت العنيف لأولئك الذين مهنتهم إعلام الناس." ولذلك يعتبر كتابه "مؤرخ في غزة" إدانة ساحقة لسياسة الانتقام التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي والتي من شأنها أن تحولها إلى دولة منبوذة.

بينما ينتقل بالسيارة عبر شارع صلاح الدين، يشرح لماذا يتوجب عليهم أن يمضوا فيه ببطء، وذلك أن الناس الذين يسيرون على الأقدام بلغت منهم المعاناة والألم والقصف الدائم أنهم لم يعودوا يسمعون السيارات. على امتداد الطريق يقابل رجلاً مسناً يقول له إن مصيره أشبه ما يكون بمصير الشاة التي تُعلف بما يكفي لإبقائها على قيد الحياة إلى أن يحين موعد التضحية بها في العيد كل سنة. من بين معارفه القدامى، يحظى الشخص النازح في المتوسط بما لا يزيد عن متر ونصف المتر المربع ليعيش فيه – الفلسطينيون أشبه بمن تحطمت سفينتهم.


الرائحة الكريهة المنبعثة من أطنان من النفايات، ومحطات معالجة المجاري المدمرة، ونقص المياه، أمر لا يطاق. يذكرنا الكاتب بما عبر عنه البابا فرانسيس حين لخص الوضع في غزة قائلاً: "هذه ليست حرباً، بل ممارسات وحشية".

تتعرض المستشفيات بشكل ممنهج ومنتظم للقصف، ويموت الرضع بسبب البرد والجفاف والمرض، ويتم استهداف الأطباء والممرضين، وتدمر المدارس والجامعات، ويقوم الجنود الإسرائيليون عن عمد بتدمير الكتب والوثائق الأكاديمية. يتعرض الفلسطينيون "لعنف يليق بيوم الحساب.".

تم تدمير الكثير من المباني والكثير من الأسواق، حتى أن فيليو يفقد القدرة على معرفة المكان الذي يتواجد فيه. لا شيء مما شهده في أفغانستان وسوريا وأوكرانيا أعده لما يراه في غزة. وهذا يفسر "لماذا لا تسمح إسرائيل للطواقم الصحفية الدولية بالوصول إلى مثل هذا المشهد الصادم".

وفيما عدا ما تنشره صحيفة "هآريتز"، لا يرى الناس في دولة الاحتلال الإسرائيلي العنف اليومي الذي تتعرض له غزة. وحكومات أوروبا وأمريكا الشمالية "التي تحرص في العادة على الدفاع عن الحرية لا تفعل شيئاً من أجل حمل إسرائيل على تخفيف التعتيم الشديد الذي تفرضه." ثم يعرب فيليو عن دهشته إزاء قلة التعاطف في الغرب مع الضحايا المدنيين لحقول القتل هذه.

إنه لا يتغاضى عن الانقسامات المريرة ما بين حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهي الانقسامات التي تشجعها دولة الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الإمارات مؤخراً، والتي وقعت على عقد شراكة استراتيجية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. 

تتفادى دولة الاحتلال الإسرائيلي قضف المستشفى الذي شيدته الإمارات العربية في رفح، فتراه واقفاً لم يمسسه سوء وسط ركام المباني المدمرة من حوله. يزعم الإماراتيون أنهم يتصدرون "العمل الإنساني" في غزة، ولكنهم في الواقع يختبرون أعماقاً جديدة من المكر. يفهم فيليو أكثر من غيره مجريات الأمور داخل كل من حماس ومنظمة التحرير، بما في ذلك وسائل حماس الصارمة في فرض سيطرتها على قطاع غزة، والحكايات البائسة للاقتتال الداخلي، وتاريخ قوة النخبة داخل حماس، كتائب القسام. 

كما يلاحظ أن من ينتسبون إلى الطبقة الوسطى من الناس لاذوا بالفرار من غزة، ويجد أن كثيراً من الشباب الفلسطينيين لديهم أكثر من مجرد الاستعداد للانضمام إلى حماس، وذلك على الرغم من تكبد قواتها خسائر جسيمة على يد دولة الاحتلال الإسرائيلي.

يمكن الاستدلال بأحداث مختلفة على تعطل القانون الدولي، ومنها: الاستراتيجية الحالية من قبل الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي والتي تقوم على خصخصة المساعدات الإنسانية المقدمة إلى غزة، وتشجيع دولة الاحتلال الإسرائيلي لرؤوس الإجرام مثل أبو شباب على مهاجمة قوافل المساعدات الإنسانية، وتجريف دولة الاحتلال الإسرائيلي للمقابر الإسلامية زاعمة أن ذلك وقع نتيجة لما تقول إنه "مجرد إهمال"، ثم لا يطول بها المقام حتى تعيد إلى المستشفيات في غزة شاحنات مملوءة بالجثث المجهولة المتحللة. 


وبينما يتم التنصل من الالتزام بالقواعد التي تم الاتفاق عليها بعد عام 1945 وتحل محلها سيادة القوة الوحشية، ويتم التلاعب بوسائل الإعلام، ويوصف أعداء دولة الاحتلال الإسرائيلي بأنهم حيوانات، يلتزم الزعماء الغربيون الصمت، متجاهلين تراجع نفوذهم عبر العالم. 

يخلص المؤلف إلى القول إنه "منذ السابع من أكتوبر 2023، تُركت غزة وأهلها في حالة من الاختناق بسبب مأزق ثلاثي الأبعاد – الانسداد في الحالة الإسرائيلية، والانسداد في الحالة الفلسطينية، والانسداد في الحالة الإنسانية. أما الانسداد الإسرائيلي فهو ناجم عن رفض دولة الاحتلال الإسرائيلي معاملة غزة إلا من وجهة النظر المتعلقة بأمن الدولة اليهودية، دون أي اعتبار للواقع الإنساني داخل غزة.. 

مثل هذا الخداع الذاتي لم يحل دون أن تشهد دولة الاحتلال الإسرائيلي أكثر الأيام دموية في تاريخها. وأما الانسداد الفلسطيني فناجم عن اهتمام الفصائل الفلسطينية بخدمة مصالحها الخاصة على حساب سلامة وتكامل الشعب الفلسطيني. وأما الانسداد الإنساني فناجم عما سبق ذكره، إذا لا فائدة من التظاهر بتقديم المساعدة على المدى البعيد لسكان لازالوا يحرمون من أي أفق سياسي ومازالوا يعيشون تحت رحمة سلطة محتلة".

لا مفر أن تكون الكلمات الأخيرة لبواتر سمولنار من مقاله المنشور في عدد العشرين من فبراير 2018 من صحيفة لوموند تحت عنوان "غزة على شفا الاختناق"، والذي يقتبس منه فيليو ما يلي:
"تمثل غزة لكل العالم نوعاً من المختبر الجنوني الذي يحاول فحص كم سيبقى مليونان من الخنازير الغينية على قيد الحياة داخل قفص زجاجي محكم الإغلاق.


لا تنهار غزة فقط على رؤوس "أهل غزة من النساء والرجال والأطفال. بل إن غزة  تُسقط أعراف وأحكام القانون الدولي التي استغرق بناؤها كثيراً من الجهد عسى أن تتمكن البشرية من تجنب تكرار ما شهدته الحرب العالمية الثانية من توحش وهمجية". 

بمعنى آخر، تفتح غزة الباب على "عالم خسيس.. تترك شؤونه ليتولاها شخص مثل ترامب ونتنياهو وبوتين وحماس"، إنه عالم جديد يتسارع تشكله بفضل تخلينا عن غزة.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تعلن العثور على جثة محمد السنوار في نفق بغزة
  • حكومي غزة يرد على مزاعم إسرائيل بوجود نفق تحت المستشفى الأوروبي
  • الأورومتوسطي: الاحتلال يكرر أكاذيب دعائية بوجود أنفاق في المستشفيات
  • “الإعلامي الحكومي” بغزة يفند رواية العدو الإسرائيلي الكاذبة حول وجود نفق أسفل المستشفى الأوروبي
  • كتاب فرنسي جديد يكشف: غزة تحت الاحتلال.. مأساة إنسانية وتواطؤ دولي
  • مسلحون يعتدون على طاقم طبي بمستشفى الحوادث في ود مدني
  • نجاح أول عملية لتصحيح تقوس واعوجاج بالعمود الفقري بمستشفيات دمياط
  • صحف عالمية: شهادات تكذب رواية إسرائيل بشأن ضحايا المساعدات بغزة
  • "الوحش" يظهر في مستشفى قوص المركزي عقب صلاة العيد
  • في أول أيام عيد الأضحى المبارك محافظ بورسعيد يتفقد مستشفى “الحياة” ببورفؤاد