الجزيرة:
2025-07-29@08:37:02 GMT

حسابات إيران في الحرب الراهنة

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

حسابات إيران في الحرب الراهنة

أحدثت الحربُ الجديدةُ بين إسرائيلَ وفصائلِ المقاومة الفلسطينيّة في غزة هزّةً كبيرةً في الشرق الأوسط، وقد تتطوّر إلى حربٍ إقليميّة. علاوةً على أنَّ الحرب أظهرت أنَّ الصراعَ الفلسطيني الإسرائيلي لا يزال قادرًا على العمل كمُحدّد رئيسي لسياقات الأمن الإقليمي والتأثير بفاعليَّة على ديناميكية السياسات الإقليميَّة، فقد تسببَّت أيضًا في تصدُّع مفهومَين رئيسيَين ساهما في إدارة الصّراع لفترةٍ طويلةٍ، وهما: قواعد الردع المُتبادل التي حالت- حتى هجوم حماس في السابع من أكتوبر- دون انفجار حرب شاملة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينيّة في غزّة، وصراع الظلّ بين إسرائيل وإيران، والذي صُمم من قِبل الطرفَين كأداة لتجنّب الحرب المباشرة، أو الحرب بالوكالة واسعة النطاق.

يُثير تصدّع هذَين المفهومَين تساؤلًا جوهريًا حول المدى الذي يُمكن أن تؤثر فيه هذه الحرب على الأمن الإقليمي.

إنَّ الإجابةَ عن هذا السؤال مرهونةٌ بحدود الردّ الإسرائيليّ على هجوم حماس، وبطبيعة الاستجابة الإيرانيّة لهذا الردّ، وما إذا كانت طهران ستنخرط في الصراعِ بشكلٍ مباشرٍ أو عبر وكلائها المنتشرين في المِنطقة، مثل: حزب الله في لبنان، والجماعات التي تُديرها في سوريا، والعراق، وجماعة الحوثي في اليمن. حتّى لحظة كتابة هذه السطور، لم تظهر مؤشّرات قوية لاحتمال تحقّق مثل هذا السيناريو، لكنّ الهجمات العرَضيّة التي شنّها حزبُ الله على شمال إسرائيل منذ اندلاع الحرب والجولة الإقليميّة الأخيرة التي أجراها وزيرُ الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان وشملت بيروت، ودمشق، وبغداد، تُشير إلى أنَّ طهران تُحضّر حلفاءَها لاحتمال الانخراط في الحرب. حتّى الآن، لا توجد استراتيجية إيرانية واضحة للتعامل مع هذه الحرب. في الخطاب السياسي، لا تزال طهران تحاول النأي بنفسِها عن الهجوم الذي شنّته حماس، بعد مزاعم وسائل إعلام أمريكية بأنّها خطّطت للهجوم وأعطت الضوء الأخضر له. كما تتجنّب إصدار تصريحات واضحة باحتمال انخراطها أو دفع وكلائها إلى الانخراط في الحرب. لكنْ في الميدان، تواصلُ إرسال الرسائل التحذيرية من خلال الهجمات العرَضية من جنوبي لبنان وسوريا.

مع أن الولايات المتحدة تسعى بجِديّة إلى تجنّب تطور الحرب بين إسرائيل وغزة إلى حرب إقليمية، إلّا أنّ هذه الرغبات لن تُغير كثيرًا من حسابات إيران إذا ما وجدت في نهاية المطاف أنّ فوائد الانخراط في الحرب عبر الوكلاء تفوق العواقب الفورية والمُستقبلية عليها

مثل هذا الغموض المتعمّد في الموقف الإيراني مُربك لمجتمع الاستخبارات الإسرائيلي والغربي الذي يسعى لفهم نوايا طهران. مع أنّ التقديرات الغربية- في العموم- لا تتوقع أن تؤدّي هذه الحرب بأي حال إلى انخراط عسكري إيراني مباشر فيها، إلّا أنّها لا تستبعد أن تدفع إيران بحلفائها في المنِطقة إلى الانخراط فيها؛ لإرباك إسرائيل، وتشتيت جهدها العسكري في حال مضت الأخيرة في خُططها لشنّ غزو بريّ واسع على غزّة أو شكّلت تهديدًا وجوديًا لحماس والجهاد الإسلاميّ. تبدو هذه التقديرات واقعيّة بعض الشيء إذا ما نظرنا إلى هذه الحرب من منظور إقليمي أوسع. لقد وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتغيير الشرق الأوسط، حتى أنّ المسؤولين الإسرائيليين شبّهوا هجومَ حماس على إسرائيلَ في 7 أكتوبر بهجمات الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتّحدة، ما يعني أنَّ إسرائيل تطمح إلى الوصول لنتائج مشابهة لتلك التي أعقبت هجوم 11 سبتمبر، والتي أدّت إلى إسقاط نظامَين معاديَين للولايات المتحدة، هما: حركة طالبان في أفغانستان، ونظام صدام حُسين في العراق.

ومع أنَّ الحرب لن تُشكل تهديدًا وجوديًا فوريًا لحزب الله في لبنان أو للدور الإيراني في المنطقة، إلّا أن النتائج المترتبة عليها ستُحدد مستقبلَ الدور الإيراني في الجبهات المحيطة بإسرائيل، مثل: لبنان وسوريا. الافتراض الإيراني والواقعي هو أن نجاحًا إسرائيليًا محتملًا في القضاء على حركتَي حماس والجهاد الإسلاميّ في غزة، سيمنح إسرائيلَ ثقةً كبيرة لتَكرار التجربة مع حزب الله في المستقبل، ولزيادة نشاط الاستهداف الإسرائيلي لإيران في سوريا، وربما التفكير في شنّ ضربة عسكرية لإسقاط النظام في إيران. يعمل هذا الافتراض كمحفز قويّ لطهران للتفكير في مزايا الانخراط بالوكالة في الحرب الراهنة بقدرٍ أكبر من العواقب عليها وعلى نشاطها الإقليمي؛ لأنها تنظر إلى حرب إسرائيل على غزة على أنها مقدمة للشرق الأوسط الجديد الذي وعد به نتنياهو، والذي يُفترض أنه سيعمل على تقويض قدرة طهران بشكل كامل على تشكيل تهديد لإسرائيل عبر وكلائها في المنطقة، وربما إسقاط النظام الإيرانيّ في المستقبل.

إنَّ هذه الافتراضات- التي بدت حتى هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر مستبعدةً بشدّة؛ لأنّها بمثابة وصفة متكاملة لحرب إقليميَّة- لم تعد مُجرّد افتراضات بقدر ما تحوَّلت إلى أهدافٍ بدأت إسرائيل بالعمل عليها فعلًا انطلاقًا من غزّة. ومع أنّ إسرائيل تسعى إلى تجنب خوض جبهة ثانية على حدودها الشمالية مع لبنان بالتوازي مع عملياتها العسكرية في غزة، ومع أنّ الولايات المتحدة تسعى بجِديّة إلى تجنّب تطور الحرب بين إسرائيل وغزة إلى حرب إقليمية، إلّا أنّ هذه الرغبات لن تُغير كثيرًا من حسابات إيران إذا ما وجدت في نهاية المطاف أنّ فوائد الانخراط في الحرب عبر الوكلاء تفوق العواقب الفورية والمُستقبلية عليها، وعلى حضورها الإقليمي، وعلى حلفائها في المنطقة، لا سيَّما حزب الله. إنَّ الرسائل التحذيرية التي تُرسلها إيران يجب أن تؤخذ على محمل الجِدّ.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بین إسرائیل هذه الحرب حزب الله إلى حرب إل ا أن

إقرأ أيضاً:

رئيس شعبة العمليات السابق في جيش الاحتلال: العالم يتوحد ضد “إسرائيل” وذاهبون لفشل مطلق

#سواليف

أكد الرئيس السابق لشعبة العمليات في #جيش_الاحتلال، #يسرائيل_زئيف، في مقالة له، أنّ #حكومة_الاحتلال فقدت بوصلتها بالكامل في #الحرب على #غزة، ولم تعد تعرف كيف تخرج منها.

وأوضح أنّ كل المناورات ومحاولات ملاحقة #المقاومين فشلت في تحقيق الحسم المنشود، بل كلّفت “إسرائيل” المزيد من القتلى، لينضم إلى ذلك – بحسب تعبيره – “الفشل المطلق في حرب الغذاء” التي انزلقت إليها “إسرائيل”، والتي يحاول قادتها الآن تدارك نتائجها بعد أن وقع الضرر.

وأضاف زئيف أنّ تحوّل مبررات الحرب من تحرير #الأسرى إلى حرب تجويع جعلها – في نظر العالم – “حربًا ملعونة”، أفقدتها حتى آخر مسوّغ لتمديدها، وهو إعادة الأسرى. وقال: “يمكن تفسير حرب طويلة مع مقاتلين، لكن لا يمكن تفسير موت أطفال من الجوع”.

مقالات ذات صلة الثلاثاء .. انخفاض قليل على الحرارة  2025/07/29

واعتبر أنّ هذا الفشل الاستراتيجي وحّد العالم ضد “إسرائيل” بشكل غير مسبوق، مشيرًا إلى أنّ حملة عالمية تُدار الآن ضدها، ستبلغ ذروتها في تصويت متوقع في الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية، يحظى بدعم 142 دولة، تقوده فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا، بينما توحّد أوروبا موقفها لدعم إقامة دولة فلسطينية وإدانة تجويع غزة.

كما حمّل زئيف نتنياهو مسؤولية انفجار القضية الفلسطينية بوجه “إسرائيل” بعد عقد من سياسة “تقليص الصراع”، معتبرًا أنّ سلسلة الأخطاء الحكومية في إدارة الحرب منحت حماس، فرصة لتحقيق انتصار سياسي كبير.

وأضاف أنّ “حرب التجويع” دمّرت صورة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي استعاد مكانته بعد 7 أكتوبر ونفّذ عمليات نوعية حتى في إيران، لكنها – وفق تعبيره – حوّلته من جيش ذي “قيم” إلى جيش “غير أخلاقي”، ودفعت الجماهير الفلسطينية في الداخل الفلسطيني للخروج لأول مرة إلى الشوارع في سخنين، في احتجاجات مرشحة للتوسع.

ورأى زئيف أنّ تعاظم الضغط الدولي لصالح وقف الحرب يعزز موقف حماس. وأشار إلى أنّ إدارة الحرب بدوافع سياسية فقط أدخلت إسرائيل في مأزق كامل يقرّب من نهايتها القسرية مع خسارة كل المكاسب التي تحققت بالدم.

وختم بدعوة نتنياهو إلى اغتنام الفرصة عبر “الركوب في قطار الخطة المصرية”، التي تقضي بتشكيل حكومة تكنوقراط في غزة وإزاحة حماس عن الحكم، بما يسمح لإسرائيل بالخروج “بكرامة” ويحقق أفضل فرصة لاستعادة الأسرى، محذرًا من أنّ رفض هذه الخطة واستمرار الحرب سيقود إلى هزيمة حتمية.

مقالات مشابهة

  • إلى أين يتجه الصراع بين إسرائيل وغزة؟ محررون بواشنطن بوست يجيبون
  • ميدفيديف لترامب: لسنا إسرائيل ولا إيران والإنذارات خطوة نحو حرب بيننا
  • رئيس شعبة العمليات السابق في جيش الاحتلال: العالم يتوحد ضد “إسرائيل” وذاهبون لفشل مطلق
  • مدفيديف يحذر ترامب: روسيا ليست إسرائيل أو إيران والإنذارات خطوة نحو الحرب
  • «لسنا إسرائيل أو إيران».. روسيا لـ ترامب: نهجك يؤدي لحرب تشمل أمريكا
  • الحرس الثوري الإيراني: إسرائيل انهارت خلال الحرب الأخيرة وتصريحات كاتس «استعراض نفسي»
  • سيناتور أميركي: إسرائيل ستفعل بغزة ما فعلناه في طوكيو
  • سيناتور أميركي: إسرائيل ستفعل في غزة ما فعلناه في طوكيو وبرلين
  • سيناتور أميركي: إسرائيل ستفعل في غزة ما فعلناه في طوكيو
  • صحفي اسرائيلي: إسرائيل تفشل استراتيجيا” لم نستعد الرهائن ولا قضينا على حماس”