صلاح السروي: طه حسين صاحب منهج علمي انطلق من العدل والحرية والاستنارة العقلانية
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
يعتبر طه حسين واحدا من أهم القامات الثقافية والفكرية المصرية والعربية في عصرنا الحديث، إذ تقاس هذه الأهمية بمدى تأثيره الذي تميز باتساع نطاقه البالغ، بحيث طال مختلف جوانب الحياة في مصر والمنطقة العربية، فلم يقتصر على الجانب الأدبي وحده «وهو مجال تخصصه الأكاديمي»، بل طال الجوانب الإبداعية والفكرية والثقافية، بصفة عامة، فضلا عن الجانب التربوي، والسياسي، وإن كان الجانب الأخير جاء بدرجة أقل.
وفي إطار إحياء «الوطن» لذكرى رحيل عميد الأدب العربي الـ50، قال الدكتور صلاح السروي أستاذ الأدب المقارن والحديث بكلية الآداب جامعة حلوان، إن طه حسين كاتب روائي وباحث أدبي ومؤرخ، ومفكر إسلامي، ومنظر سياسي، وتربوي، وضرب في كل هذه الاتجاهات منطلقا من قيم «الحداثة»، المتمثلة في: العدل والحرية والاستنارة العقلانية والمنهج العلمي، ما جعل منه واحدا من المتنورين العظام الذين حاولوا وضع مصر على خريطة العصر الذي نعيشه، سواء، أكان ذلك من الناحية القيمية «الأخلاقية»، أو من ناحية نمط التفكير والممارسة الأكاديمية البحثية والسياسية، على حد سواء.
«مستقبل الثقافة في مصر» حمل أهم نظراته التربويةوأضاف «السروي» في تصريحات لـ«الوطن»، أظن أن نظرات طه حسين التربوية في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر»، تعد الأهم من بين ما طرحه في كتبه العديدة، لأنه يوضح فيها بجلاء، رؤيته للعلاقة بين الثقافة الوطنية «وبالتالي، الهوية الوطنية» وباقي الثقافات والهويات الأخرى.
ولفت إلى أنه جرى اتهامه بالدعوة إلى التغريب والتأثر بالمستشرقين.. إلخ، ومهاجمته بشراسة وقسوة منقطعتي النظير، وصلت إلى حد تكفيره، فضلا عن محاولات فصله من الجامعة في أجواء العاصفة التي أحدثها صدور كتابه «في الشعر الجاهلي»، والهجوم الحاد العنيف عليه أثناء فترة توليه مسؤولية وزارة المعارف العمومية «وزارة التربية والتعليم الآن»، من المتشددين وذوي الرؤية المتطيرة من كل ما يمثل نزوعا نحو التجديد أو الحداثة أو الالتحاق بركب الزمن الذي نحياه.
كان له موقف بالغ الانحياز للغة العربية والثقافة الوطنيةوقال أستاذ الأدب المقارن، إن طه حسين طرح برنامجا تربويا بالغ الطموح والغنى، يقوم على مجانية التعليم حتى المرحلة الثانوية ونشر المدارس التي تقوم برامجها على هضم التاريخ الوطني والعربي والدولي، والاطلاع على المحطات الرئيسية والإسهامات الجوهرية للثقافة العربية، والعالمية، أدبا، وفكرا، ولغة، فضلا عن الجانب اللغوي، كما في الجوانب الأخرى، كان له موقف بالغ الانحياز للغة العربية والثقافة الوطنية.
ونوه بأنه القائل بضرورة ألا يتعلم الطالب أية لغة أخرى غير اللغة العربية في مراحل تكونه العلمي الأولى، ويقصد بها مرحلة التعليم الإلزامي، حتى لا تزاحم تلك اللغة الأجنبية اللغة الأم، ولا تؤثر على سليقة المتعلم في هذه المرحلة الغضة من عمره، ثم بعد ذلك في المرحلة الثانوية، يلزم أن يتعلم لغتين أجنبيتين على الأقل، على أن تكونا متنوعتين بين مختلف لغات العالم، وليستا مقتصرتين على اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو ما قاربهما من لغات أوروبية.
وأوضح «السروي»، أن عميد الأدب العربي أخذ يعدد اللغات الإنسانية التي يمكن للناشئة تعلمها، فأورد اللغات الروسية والصينية والهندية، إلى جانب الإسبانية والإيطالية.. إلخ، حتى لا تستبد لغة واحدة أو لغتان، بثقافتهما ومخزونهما الحضاري، بألباب الجيل، فيؤثران على انتمائه الثقافي «الحضاري»، مشيرا إلى أن طه حسين كان يرى ضرورة تكريس الولاء «الثقافي.. الحضاري» للوطن أولا، لكن دون انغلاق ولا تعصب ولا عدوان على قيمة الثقافات الأخرى ومنجزاتها الحضارية، بل بانفتاح ندي خلاق ومبدع.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: طه حسين صانع النور الهجرة الجماعية طه حسین
إقرأ أيضاً:
الدار للتعليم تتصدر جهود تعزيز تعليم اللغة العربية والتربية الإسلامية والمفاهيم الاجتماعية في مرحلة رياض الأطفال
أكدت مجموعة الدار للتعليم التزامها التام بتطبيق قرار وزارة التربية والتعليم، والذي يلزم المدارس الخاصة ومدارس الشراكات التعليمية بتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية والمفاهيم الاجتماعية في مرحلة رياض الأطفال ابتداءً من العام الدراسي 2025/2026. ويأتي هذا القرار في إطار حرص الوزارة على تعزيز منظومة القيم الوطنية في نفوس الأطفال منذ السنوات الأولى.
وبادرت الدار للتعليم إلى وضع خطة شاملة لضمان تطبيق القرار بفعالية في جميع مدارسها، حيث خصصت 200 دقيقة أسبوعياً لتدريس اللغة العربية بدءاً من العام الدراسي 2025/2026، على أن يتم رفعها إلى 300 دقيقة في 2026/2027. إضافة إلى تخصيص 90 دقيقة أسبوعياً لتدريس التربية الإسلامية للطلبة المسلمين. وتشمل الخطة كذلك إعداد مناهج تعليمية متطورة، وتدريب المعلمين، وإشراك أولياء الأمور في دعم رحلة أبنائهم التعليمية.
وأكدت سحر كوبر، الرئيس التنفيذي للدار للتعليم: “نضع اللغة العربية والتربية الإسلامية، وقيم ومفاهيم المجتمع الإماراتي في صميم استراتيجيتنا التعليمية، ونلتزم التزاماً كاملاً بتطبيق قرار وزارة التربية والتعليم بأعلى مستويات الجودة. إن تعزيز تعليم اللغة العربية والتربية الإسلامية في السنوات المبكرة يعتبر أفضل استثمار نشارك من خلاله في بناء مستقبل أبنائنا وهويتنا الوطنية.”
وأضافت: “لا نعتبر هذا القرار مجرد التزام تنظيمي، بل هو رسالة تربوية وثقافية تعكس رؤيتنا وإيماننا العميقين بأن لغتنا العربية والتربية الإسلامية هي الركيزة الأساسية لهويتنا وتراثنا.”
وتماشياً مع هذه الرؤية، أطلقت الدار للتعليم سلسلة من المبادرات الي تهدف إلى تعزيز مكانة اللغة العربية والتربية الإسلامية وترسيخ الهوية الوطنية لدى الطلاب. ومن أبرز هذه المبادرات مسابقة “شاعر الدار” التي احتفلت بنسختها الثانية هذا العام بهدف غرس حب الشعر العربي الفصيح والنبطي في نفوس الطلبة، وتوفير منصة لإبراز مواهبهم في فن الإلقاء الشعري. كما أطلقت الدار النسخة الخامسة من مسابقة الكتابة الإبداعية تحت عنوان “السرد الإماراتي”، بالتعاون مع دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، والتي تهدف إلى تعزيز الوعي الثقافي والحفاظ على الهوية الوطنية، وتنمية روح الانتماء للوطن، وصقل مواهب وقدرات الشباب الإماراتي.
ويظهر التزام الدار للتعليم بتعزيز الهوية الوطنية أيضاً من خلال بناء شراكات استراتيجية مع عدد من الجهات الوطنية، حيث تنظم رحلات مدرسية إلى الأرشيف الوطني لتمكين الطلاب من التعرف على تراثهم الوطني، إضافة إلى تنظيم الأرشيف الوطني بدوره ورش عمل تعليمية متخصصة في مدارس الدار. كما تتعاون الدار مع دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في تقديم ورش عمل للمعلمين الإماراتيين حول الهوية الوطنية في متحف اللوفر أبوظبي، إلى جانب دعم فعاليات “السرد الإماراتي”. ومن جهة أخرى، يدعم صندوق الوطن جهود الدار للتعليم من خلال الأنشطة اللاصفية والنوادي التي تحتفي بالهوية الوطنية، فضلاً عن تنظيم المخيمات الصيفية للقرآن الكريم واللغة العربية ضمن برنامج “رواد القرآن”. وفي عام 2024، حازت مؤسسة الدار للتعليم على جائزة سمو الشيخ محمد بن راشد للغة العربية، ضمن فئة “أفضل مبادرة لتعليم اللغة العربية في التعليم المدرسي (الصفوف 1 إلى 12)”، وهو إنجاز يؤكد ريادتها في تطوير تعليم اللغة العربية وتعزيز الهوية الثقافية بين الطلبة.
وتسعى الدار للتعليم، من خلال هذه المبادرة، إلى تمكين الطلبة في مرحلة الطفولة المبكرة من ترسيخ هويتهم الوطنية وتعزيز مهاراتهم اللغوية والاجتماعية، وذلك عبر دعم المعلمين وتوفير موارد تعليمية تفاعلية وإشراك أولياء الأمور، بما يجعلها نموذجاً متكاملاً في تطبيق قرارات وزارة التربية والتعليم، ودعم توجهات الدولة في ترسيخ الهوية الثقافية.