الحرب على غزة تلقي الاقتصاد الإسرائيلي في براثن الركود
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
رجحت وزارة المالية الإسرائيلية أن تتسبب الحرب على قطاع غزة -في حال استمرت لفترة طويلة- في تعريض اقتصاد إسرائيل للركود خلال ما تبقى من العام الجاري والعام المقبل، وحذرت أن الآثار ستكون أكبر في حال توسعت الحرب لتشمل جبهات أخرى.
ونقل موقع "كلكليست" الإسرائيلي المتخصص في الاقتصاد عن الوزارة توقعها انخفاض النمو الاقتصادي في العام المقبل إلى 0.
ووضع الموقع عدة سيناريوهات لأداء الاقتصاد الإسرائيلي تبعا لمجريات الأزمة الحالية واستمراريتها أو الحد منها.
ووفقا لقسم كبار الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية، في حالة استمرار الحرب لمدة عام أو انتشارها إلى ساحات أخرى إلى جانب قطاع غزة، هناك احتمال كبير بحدوث ركود في الفصول المقبلة، وخشية تعطيل 1.8 مليون عامل يشكلون 41% من القوى العاملة في السوق الإسرائيلي.
وفي حال انتشار الحرب إلى ساحات أخرى أو استمرار حرب على غزة وحدها لعام، توقع كبار الاقتصاديين أن ينخفض النمو الاقتصادي العام المقبل إلى ما بين 0.6% و0.7%، وبالتالي سيقع الاقتصاد في الركود.
سيناريوهات الخسائر
ووضعت وزارة المالية الإسرائيلية عدة سيناريوهات لحالة الاقتصاد، الأول: تركز الحرب في قطاع غزة ومواجهة محدودة مع حزب الله في لبنان كما هو حاصل الآن.
وقدرت الوزارة أنه في هذه الحالة سيكون هناك فقدان لأيام العمل وسينعكس على الناتج المحلي الإجمالي، حيث سيكون هناك تعبئة لقوات الاحتياط المقدرة بنحو 360 ألف شخص، وإغلاق نظام التعليم وإغلاق الشركات، فستبلغ خسارة الناتج المحلي الإجمالي نحو 0.6% أي حوالي 11.8 مليار شيكل (3 مليارات دولار) وذلك في حال استمرت الأزمة لشهر.
السيناريو الثاني يعتمد على تمدد الصراع ليشمل إلى جانب غزة الجبهة اللبنانية ولكن لفترة شهر، فستصل خسارة الناتج المحلي الإجمالي خلال 2023-2024 إلى 44 مليار شيكل (11 مليار دولار) (22 مليارا كل عام) وسينخفض النمو إلى 2.2% في عام 2023 (مقارنة بتوقعات 3.4% قبل الحرب) وفي عام 2024 من المتوقع أن يصل النمو إلى 2.5% (مقابل 2.7% في التوقعات السابقة).
ويفترض السيناريو بداية التعافي في الربع الأول من عام 2024 والتعافي الكامل في الربع الثالث من نفس العام.
ويبدو السيناريو الثاني متفائلا، وهو مشابه لسيناريو بنك إسرائيل (البنك المركزي) الذي توقع أن يتراجع النمو الاقتصادي إلى 2.3% في 2023 و2.8% عام 2024.
في حين توقعت وكالة ستاندرد آند بورز أن ينمو اقتصاد إسرائيل بنسبة 1.5% في 2023 و بنسبة 0.5% في العام القادم.
السيناريو الثالث، في حال تمدد الصراع لأكثر من جبهة ولفترة أطول، فستصل خسارة الناتج المحلي الإجمالي إلى 67 مليار شيكل (17 مليار دولار)، 31 مليارا (8 مليارات دولار هذا العام والباقي العام المقبل) وستنخفض معدلات النمو إلى 1.3% في 2023 في حين ستنخفض إلى 0.6% العام المقبل. وفي هذا السيناريو، لن يبدأ التعافي إلا في الربع الرابع من العام القادم.
ولليوم الـ22 تواصل إسرائيل عدوانها على غزة مستهدفة المدنيين على نطاق واسع، ليرتفع عدد الشهداء الفلسطينيين إلى نحو 7500 والجرحى إلى أكثر من 19 ألفا، في حين ردّت المقاومة بقصف العمق الإسرائيلي مؤكدة استعدادها لمواجهة أي اجتياح بري.
وكانت المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) قد شنت عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري ردا على العدوان على الفلسطينيين واستمرار الاحتلال واقتحامات المسجد الأقصى المبارك.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كيف عوّضت الأرض فلسطينيا بعد فقدان عمله خلال الحرب؟
الخليل– اشتغل المواطن الفلسطيني عدنان علي الرجوب (أبو علاء) نحو 35 عاما في قطاع البناء لدى فلسطينيي 48 (داخل الخط الأخضر)، إلى أن أصبح مقاولا في القطاع نفسه، ومعه على الأقل 10 عمال يعيل كل منهم أسرة.
مع إغلاق الضفة الغربية خلال جائحة كورونا عام 2020 وتوقف العمال عن أعمالهم، اتجه إلى قطاع الزراعة بمشروع صغير لزراعة الخضار وخاصة البندورة (الطماطم) والخيار، في محاولة لتوفير مصدر دخل بسيط يعيل أسرته، وبذلك توقف تماما عن العمل الذي اعتاده لأكثر من 3 عقود، في حين عاد بعض أبنائه إلى أشغالهم في قطاع البناء داخل الخط الأخضر بعد انتهاء الإجراءات التي رافقت الجائحة.
وما يميز العمل في أراضي الـ48 بالنسبة لفلسطينيي الضفة، الدخل العالي والثابت، حيث الحد الأدنى وفق القانون الإسرائيلي اليوم يعادل 1760 دولارا، وهو رقم كبير بالحد الأدنى في الضفة الذي لا يتجاوز 530 دولارا.
التحول الملموس في حياة أبو علاء، وهو من بلدة دورا، جنوبي الضفة، جاء بعد إغلاق الضفة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وبدء حرب الإبادة على غزة، ومنع عمال الضفة الغربية من العودة إلى أعمالهم، فقرر توسيع مشروعه وهو حمامات بلاستيكية (بيوت محمية) من دونم واحد (الدونم يساوي ألف متر مربع) إلى عدة دونمات.
يقول المواطن الفلسطيني للجزيرة نت إنه وجد في الأرض ما عوّضه بأكثر مما كان يجنيه لنفسه وأبنائه وعماله من العمل داخل الخط الأخضر، موضحا أنه وأبناءه وعائلاتهم يعتمدون اليوم على المشروع الزراعي، إضافة إلى عدد من العمال من خارج العائلة.
يشعر أبو علاء بالندم على تأخره في استغلال الأرض ويخطط لمزيد من التوسع في مشروعه، لكن ما يمنعه حاليا شح المياه، موضحا أنه يعتمد في توفير المياه على تجميع مياه الأمطار في فصل الشتاء من فوق البيوت البلاستكية ونقلها عبر أنابيب بلاستكية إلى بئر مخصصة للري.
إعلانونظرا لشح مياه الأمطار هذا العام، قال إنه يضطر لشراء بعض احتياجاته من البلديات المجاورة، وبأسعار عالية أحيانا.
التحول إلى الزراعة كان ملحوظا بعد إغلاق الضفة، سواء من فئة العمال أو غيرهم، لأن كل القطاعات تأثرت مع استمرار الحرب، وفق حديث الناطق باسم وزارة الزراعة الفلسطينية محمود فطافطة للجزيرة نت.
وقال المسؤول الفلسطيني إن كثيرا من الفلسطينيين، وبينهم العمال، ممن كانوا يهملون أراضيهم عادوا إليها في آخر عام ونصف، مشيرا إلى آلاف الطلبات التي ترد الوزارة من مواطنين للمساعدة في مشاريع زراعة، وهي ظاهرة لم تكن موجودة قبل الحرب.
وأضاف: هناك من يطلب المساعدة سواء بتوفير بيوت بلاستيكية أو آبار أو خزانات مياه وأغلبهم ليسوا من جمهور الوزارة المعتاد وأولئك المشتغلين في الزراعة في سنوات سابقة.
وأوضح فطافطة أن ما تقدمه الوزارة يبقى في إطار "المساعدة" وقد لا يكون مشروعا كافيا أو قائما بذاته، ولا يمكن احتسابه ضمن مشاريع كبرى، ذات إنتاجية عالية.
وأشار إلى عدة اتفاقيات قيد التنفيذ أو في طريقها للتنفيذ تتجاوز قيمتها 77 مليون دولار، للوزارة مع عدة جهات وخاصة الاتحاد الأوروبي تتعلق بمشاريع زراعية واستثمارية ودعم متضررين من اعتداءات الاحتلال.
وفق معطيات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بمناسبة الأول من مايو/أيار الجاري، اليوم العالمي للعمال، فإن عدد العاطلين عن العمل في الضفة الغربية ارتفع إلى 313 ألفا في عام 2024، مقارنة مع حوالي 183 ألفا عام 2023، كما ارتفعت معدلات البطالة من 18% إلى 31%.
وأشارت المعطيات إلى انخفاض عدد العاملين من الضفة الغربية في إسرائيل بشكل كبير جدا ما بين العامين 2023 و2024 نتيجة الإغلاقات المشددة التي فرضها الاحتلال عقب العدوان على قطاع غزة "فبلغ العدد الإجمالي للعاملين في إسرائيل حوالي 21 ألف عامل في العام 2024، مقارنة مع حوالي 107 آلاف عامل في العام 2023".
كما انخفض عدد العاملين في المستوطنات الإسرائيلية من حوالي 16 ألف عامل في عام 2023 إلى 15 ألف عامل في عام 2024، وفق نفس المصدر.
ووفق معطيات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، لمناسبة يوم العمال، فإن عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين محرومون من رواتبهم منذ 17 شهرا، مشيرا إلى أن 89% من عمال فلسطين لا يوجد لهم حماية اجتماعية وصناديق تقاعد.
إعلانويقدر الاتحاد الخسائر الشهرية الناتجة عن تعطل العمال العاملين في إسرائيل بنحو مليار و350 مليون شيكل (380 مليون دولار).
وفق المصدر ذاتها، فإن 33 فلسطينيا استشهدوا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى الأول من مايو/أيار خلال محاولتهم اجتياز الجدار الفاصل متوجهين إلى أماكن عملهم أو عائدين منها أو خلال اقتحام مواقع العمل التي يعملون بها، أو إثر التحقيق معهم في معتقلات الاحتلال.