مدن تحت الحصار: غزة نموذجا
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
آخر تحديث: 31 أكتوبر 2023 - 10:33 صبقلم: أحمد صبري دفعني مشهد الصمود الأسطوري لغزَّة كمدينة ليست ككُلِّ المُدُن إلى إعادة قراءة كتاب (مُدُن تحت الحصار) للمؤلِّف (ستيفن جراهام) الَّذي استهله بما يلي (ليست المدينة مجرَّد موقع، وإنَّما هي الوسط الرئيس للحرب ـ وسط مرِن شِبه سائل لا يتوقف بل يتدفَّق أبدًا).
بهذا الوصف الدقيق للأهمِّية الاستراتيجيَّة للمدينة يبرز أسباب حصار المُدُن وفقًا للمنظورَيْنِ الأميركي والإسرائيلي، وكيفيَّة تعاملها مع قوى مقاومة الاحتلال في العراق وفلسطين وغيرهما، لتطويعها لِتصبحَ في مرمى النيران، وصولًا إلى عسكرة الحياة؛ باعتبارها ساحات صراع محتملة.ويرى المؤلِّف أنَّ التنظيم المَدني العسكري الجديد يتغذَّى بتجارب أساليب في الاستهداف والتكنولوجيا في مناطق الحرب، مِثل غزَّة أو بغداد. تُشكِّل هذه العمليَّات تجارب على الأرض للتكنولوجيا والتقنيَّات الحديثة، كما يعتقد المؤلِّف. وهذه المقاربة الَّتي حاول المؤلف أن يتوقفَ عِندها هي: أنَّ القادة الأميركان في العراق أكَّدوا على ضرورة تنسيق ((ساحة المعركة)) الكاملة للمدينة؛ أي معالجة البنية التحتيَّة المَدنيَّة والاقتصاد المِنْهار و((التطبيق المراقب للعنف)) في محاولة لفرض الأمن في المدينة (الفلوجة نموذجًا). حيث إنَّ الجيش الأميركي وجدَ استحالة شديدة في التفريق بَيْنَ المقاوِمين والمَدنيِّين كما يجري في غزَّة ومُدُن الضفَّة الغربيَّة الآن.ويُشبِّه جراهام المدينة بالقلعة تستند إلى منطقتيْنِ: منطقة من حقيقة مادِّيَّة (جدران وأسوار)، فضلًا عن منطقة يُفترض أنَّها واقعيَّة (معنيَّة بالتحرُّكات أو تدفُّق المعلومات والاستخبارات).
وكجزء من (التدمير الخلَّاق) الجذري الَّذي أحدثته حرب العراق يقول مؤلِّف كتاب (مُدُن تحت الحصار) كان يُفترض أن يبرزَ نموذج جديد من المُدُن تحت الأنقاض وستحفل ببنى تحتيَّة أمنيَّة، ترتكز على استراتيجيَّات تحديدًا مع محاولة إعمار بغداد كأرخبيل يشمل عشرة جيوب، تحوطها على نمط فلسطين جدران مضادَّة للانفجار.ويسلِّط المؤلِّف الضوء على بناء نَحْوِ مئة مدينة عَبْرَ العالَم بعيدًا عن ممرَّات حاضرات الأرض الرئيسة، هذه الإنشاءات الَّتي تقوم على أطراف المُدُن غير الظاهرة تمامًا، وفي المناطق الريفيَّة تتركز في صميم قواعد عسكريَّة وأراضي تدريب يقع معظمها في الولايات المُتَّحدة.
ونوَّه المؤلِّف إلى التكامل بَيْنَ المُجمَّعات الصناعيَّة والأمنيَّة والمُجمَّعات الصناعيَّة العسكريَّة لـ»إسرائيل» والولايات المُتَّحدة إلى حدٍّ أصبحت ككيان واحد ومتنوِّع وعابر للحدود الوطنيَّة.
ويخلص مؤلِّف كتاب (مُدُن تحت الحصار) إلى القول «ما يجذب دائمًا في الحرب هو، حتَّى مع الدَّمار والمجازر (يُمكِن أن تقدّمَ إلينا ما نتوق إليه طول الحياة، يُمكِن أن تعطيَنا هدفًا، ومعنى، وسببًا لنحيا) ولكن ليس على حساب آمال وتطلُّعات الشعوب في التحرُّر والأمل بحياة آمنة ومستقرَّة بعيدة عن حرب التجويع وقتل المَدنيِّين» كما يجري في غزَّة كمدينة ترفض أن تكُونَ تحت حصار وحشي وظالم.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: ن تحت الحصار م د ن تحت الم دنی الم د ن
إقرأ أيضاً:
كارثة وشيكة في غزة.. مئات الرضع مهددون بالموت بسبب الحصار
تحدثت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير لها عن تحذيرات أطلقها أطباء في غزة بشأن أزمة إنسانية كارثية تهدد حياة مئات الأطفال، في ظل نقص حاد في حليب الرضع بسبب القيود الإسرائيلية المستمرة على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
ونقلت عن الدكتور أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال في مستشفى ناصر بخانيونس، إن ما تبقى لديهم من حليب يكفي لأسبوع واحد فقط، مشيرا إلى أنهم اضطروا لاستخدام حليب عادي وتوزيعه على الرضع بعدما نفد المخزون الخاص بالحالات المبكرة.
وأضاف: "لا يمكنني وصف حجم الكارثة، لدينا أطفال خارج المستشفى بلا أي حليب، الوضع كارثي".
وقالت الصحيفة إن نقص الحليب تفاقم بعد أن منعت إسرائيل دخول المساعدات الغذائية باستثناء كميات قليلة، في حين أن المعونات التي تدخل عبر مؤسسة "GHF" المدعومة أميركيًا وإسرائيليًا لا تتضمن حليبًا للأطفال، بحسب الأطباء.
وتنقل الصحيفة عن "هناء الطويل"، أم لخمسة أطفال من مخيم النصيرات، قولها إنها غير قادرة على إرضاع طفلها بسبب سوء التغذية الحاد الذي تعاني منه. كما عبّرت "نورهان بركات"، وهي نازحة وأم لثلاثة أطفال، عن ألمها لاضطرارها التوقف عن الرضاعة بعد شهر فقط بسبب الجوع، قائلة: "أعلم أن الرضاعة تقوّي الرابط بين الأم وطفلها، لكن ماذا أفعل؟".
وأكدت الغارديان أن أكثر من 66 طفلا فلسطينيا قضوا جوعا منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، وفق إحصائيات محلية، فيما اتهمت "منظمة العفو الدولية" الاحتلال باستخدام التجويع كسلاح حرب لإبادة الفلسطينيين.
من جهتها، تدعي هيئة "كوغات" الإسرائيلية التي تعمل تحت إشراف الاحتلال، أنها لا تمنع دخول حليب الأطفال، مشيرة إلى أنها سمحت بإدخال أكثر من 1400 طن في الأسابيع الأخيرة، إلا أن أطباء ومنظمات إنسانية يؤكدون أن الكميات الفعلية على الأرض لا تكفي وأن المساعدات تُصادر أحيانًا على المعابر، بما في ذلك حليب الأطفال المحمول في أمتعة الأطباء الأجانب.
وقالت الطبيبة الألمانية الفلسطينية ديانا نزال إن السلطات الإسرائيلية صادرت مؤخرا عشر عبوات حليب مخصصة للخُدّج من طبيب أمريكي كان يرافق بعثة طبية إلى غزة. وأشارت إلى أن الأطباء باتوا يملؤون حقائبهم بطعام مرتفع السعرات مثل المكسرات، بدلًا من المعدات الطبية.
وتفاقمت الأزمة مع وفاة الأمهات أو إصابتهن بسوء تغذية يمنعهن من إرضاع أطفالهن، ما زاد الطلب على الحليب الذي وصل سعر العبوة منه في السوق السوداء إلى نحو 50 دولارا.
كما أفاد مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، أن نحو 112 طفلا يُنقلون يوميا إلى مستشفيات غزة للعلاج من سوء التغذية، محذرا من أن الأضرار قد تكون دائمة إن وقعت في السنوات الأولى من حياة الطفل.
ويؤكد الأطباء أن موت الرضع هو مؤشر خطير على تصاعد المجاعة، باعتبار الأطفال أول الضحايا دائمًا.
كما صرّح الدكتور ثائر أحمد من منظمة "أفاز" الدولية: "عندما يبدأ الأطفال بالموت، يجب أن تُقرع أجراس الخطر".
وأوضحت الصحيفة، أن الاحتلال يمنع دخول أكثر من 90٪ من المساعدات المطلوبة، إذ تسمح بدخول أقل من 50 شاحنة يوميًا، بينما تحتاج غزة إلى 500 شاحنة يوميًا لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات. كما قُتل أكثر من 500 فلسطيني أثناء اصطفافهم في طوابير المساعدات خلال الشهر الماضي.
وتعرضت "مؤسسة غزة الإنسانية" لانتقادات من منظمات إنسانية، اعتبرتها متورطة في انتهاكات إنسانية جسيمة، بسبب تعقيد إجراءات توزيع المساعدات وتقليص عدد مراكز التوزيع مقارنة بما كان قائمًا سابقًا تحت إشراف الأمم المتحدة.
وقال الدكتور الفرا: "يجب أن تروا الأطفال القادمين إلينا... مجرد جلد على عظم. المشهد مفزع. الحل الحقيقي هو إنهاء الحرب، وفتح المعابر، والسماح بدخول حليب الأطفال".