على ساحل إمارة دبي كانت البداية في العام 2004 انطلق مشروع طموح، يعد الأول من نوعه في المنطقة، هدفه الحفاظ على السلاحف البحرية التي تعد ركيزة حيوية في عملية التوازن البيئي، في بادرة تبرز مدى التزام دبي بدعم الجهود الدولية والوطنية في إعادة تأهيل ودعم الحياة الفطرية.

وجاء المشروع بالتعاون بين مجموعة جميرا، ومكتـــــب دبـــــــــي لحماية الحياة البريـــــــة ومستشفى دبي للصقور والمختبر المركزي للأبـــــــحاث البيطرية في الإمارة.

ففي ترجمة عملية للحرص على دعم مبادرات وزارة التغيـــر المناخي والبيئة لحماية الموارد الطبيعية والحفاظ عليها، أطلق مكتــــب حماية الحياة البرية في دبي مشروع “إعادة وتأهيل السلاحــف البحرية” في محاولةٍ جادة لخلق توازنٍ بيئي من خلال الاهتمام بهذه المخلوقات التي تلعب دوراً أساسياً في البيئة البحرية من خلال إجراء الأبحاث وتتبع حركتها ووضع نظام بيطري متكامل لتأهيلها للعيش مرة أخرى في موائلها الطبيعية.

وفي فندق “برج العرب”، أحد أفخم فنادق العالم بإطلالته الفريدة على صفحة مياه الخليج العربي، تقود باربرا لانج، مديرة الأكواريوم برنامج إعادة تأهيل السلاحف البحرية بخبرتها الواسعة في الإدارة البيئية والاستدامة، وإلى جانبها فريق من العلماء والمختصين في علـــوم الأحياء المائية بالإضافة إلى بيطريين من مستشفى دبي للصقـــــور والمختبر المركزي للأبحاث البيطرية .

وكشفت ” باربرا لانج” أن المرحلة الأولى للعلاج تبدأ في أحواض فندق “برج العرب” حيث تتلقى السلاحف العناية المكثفة قبل انتقالها إلى محمية السلاحف البحرية في فندق جميــــــــرا النسيم حيث يُحتفظ بها ضمن المرحلة الثانية من إعادة تأهليها كي تتأقلم مع الظروف المحيطة وللتأكد من تعافيها الكامل قبل إطلاقها مرة أخرى إلى مياه الخليج.

 

الإنقاذ من الانقراض

وبالحديث عن السلاحف التي تقيم أعشاشها على سواحل دبي وما هي أهم فصائلها المهددة بالانقراض تؤكد لانج أن جميع الأنواع السبعة الموجودة من السلاحف البحرية هي بالفعل مسجلة على قوائم الكائنات المهددة بالانقراض حالياً، ويُعزى ذلك في الغالب إلى عوامل بشرية عدة مثل الصيد، والتلوث، والتنمية الساحلية والبحرية التي تهدد موائلها الطبيعية للتعشيش ووضع البيض، فضلاً عن التغير المناخي حيث يعتمد جنس السلاحف البحرية على درجة الحرارة في محيط احتضان البيض، إذ يتسبب الارتفاع المستمر لدرجات حرارة الشواطئ نتيجةً للتغير المناخي، في إنتاج المزيد من الإناث، ما يخل بتوازنها الطبيعي بين الذكور والإناث.

ومنذ تأسيس المشروع، نجحت “مجموعة جميرا” في رعاية أعداد كبيرة من السلاحف البحرية المريضة أو المصابة بالتعاون مع مكتب دبي لحماية الحياة البرية؛ ومستشفى دبي للصقور؛ والمختبر المركزي للأبحاث البيطرية.

وتُظهر الإحصائيات أن معدل السلاحف التي تم إنقاذها قد بلغ أكثر من 100 سلحفاة سنوياً؛ حيث تم حتى الآن إعادة أكثر من 2100 سلحفاة إلى مياه الخليج العربي.

وتعد سلاحف اللجأة صقرية المنقار والسلاحف الخضراء من أبرز فصائل السلاحف التي يحرص “مشروع دبي لإعادة تأهيل السلاحف” على رعايتها ضمن مرافقه، في حين يعنى المركز أيضاً بالسلاحف ضخمة الرأس وسلاحف اللجأة ردلي الزيتونية.

 

مسؤولية بيئية

الأثر البيئي للسلاحف البحرية كبير ومهم، فعلى سبيل المثال تلعب سلاحف اللجأة صقرية المنقار دوراً محورياً في صحة وتكاثر الشعاب المرجانية، ما يبرز أهمية مواصلة جهود إعادة تأهيلها وحمايتها، خاصةً في ضوء التهديدات المتزايدة لأعشاشها والتناقص السريع في أعدادها.

ولا تنقطع صلة البرنامج مع السلاحف المُعاد تأهيلها بمجرد إطلاقها، بل يتم تتبعها بأجهزة إرسال عبر الأقمار الصناعية والتي أظهرت قدرتها على قطع مسافات طويلة في المناطق المحمية بما في ذلك دول الجوار بالأخص محمية رأس الحد في سلطنة عمان وعدد آخر فضَّل زيارة سواحل العاصمة أبوظبي.

ووفق مديرة المشروع باربرا لانج، فإن إحدى السلاحف التي تمت إعادة إطلاقها بعد تأهيلها، وأطلق عليها الفريق اسم “دبا”، تمكنت من قطع مسافة 8600 كيلومتر متجهةً إلى تايــــــلاند في رحلة استغرقت تسعة أشهر لتكون أول سلحفاة بحرية يتم تسجيل مسار هجرتها من منطقة الشرق الأوسط إلى جنوب شرق آسيــــــا، فضلاً عن تتبع سلاحف أخرى حطت رحالها في دول الخليج المجاورة وسواحل الهند وباكستان .

ووجهت لانج الدعوة لأفراد المجتمع ممن يرغبون في المشاركة ومعرفة المزيد حول هذا المشروع، إلى الانضمام لفريق إعادة تأهيل السلاحف، الذي يستعد إلى إطلاق 14 سلحفاة معافاة في مياه الخليج يوم الأربعاء 8 نوفمبر الجاري في تمام الساعة 7 صباحاً من الشاطئ الخاص بفندق جميرا النسيم، فيما يمكن لضيوف “فنادق ومنتجعات جميرا” معرفة المزيد حول السلاحف البحرية وسبل الحفاظ عليها، والاطلاع على رحلة تعافيها، في البحيرة المخصصة لذلك في “جميرا النسيم”.

 

رقم مجاني

ويخصص البرنامج الرقم المجاني 800TURTLE (800 887853) لتشجيع الجمهور للاتصال والإبلاغ عن السلاحف البحرية المريضة أو المصابة في أي مكان في دولة الإمارات من أجل إنقاذها.

رحلة تعافي السلاحف البحرية وإطلاقها إلى بيئتها الأصلية عملية تتكون من عدة مراحل تبدأ بتوفير الرعاية البيطرية فيما يتم خلال تلك الرحلة تعزيز المعرفة بسلوكها وخطوط سيرها ومناطق غذائها لعبر رقائق رقمية لمراقبة الحياة البرية عن بُعد تمكن عبر الأقمار الاصطناعية من تحديد مواقعها بشكل دقيق ودرجة الحرارة المحيطة بها، والعديد من البيانات لقياس مدى نجاح بروتوكولات إعادة التأهيل ودمج السلاحف في بيئتها الأصلية.

وأكدت مديرة المشروع أن الفريق على اتصال دائم و تعاون مع الشركاء لإنجاح الأهداف كما يتبادل الفريق الخبرات والمعلومات مع مراكز الأكواريوم الأخرى في جميع أنحاء دولة الإمارات.

وفي سياق التعاون مع باقي إمارات الدولة، وقّع المشروع في العام 2021 مذكرة تفاهم مع هيئة الفجيرة للبيئة ومركز الفجيرة للبحوث برعاية سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي ولي عهد الفجيرة لإعادة تأهيل السلاحف البحرية وإجراء البحوث واستعادة موائلها الطبيعية.

وتُعد السلاحف البحرية رمزاً للتنوع البيولوجي وهي تلعب دوراً رئيسياً في الحفاظ على صحة النظم البيئية البحرية في العالم. ومع ذلك، فهي تتعرض – إلى جانب أكثر من 800 نوع مائي وساحلي آخر – للتهديد جراء التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة البحار والمحيطات، والتلوث البحري الذي يدمر موائلها الطبيعية؛ حيث تعتبر النفايات البلاستيكية، على سبيل المثال، قضية خطيرة في ظل إحصاءات صادمة تظهر أن 19 إلى 23 مليون طن من البلاستيك – أي ما يعادل وزن برج إيفل نحو 2200 مرة – تجد طريقها إلى المحيطات وغيرها من المسطحات المائية كل عام.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

إعادة تنظيم المرور وتجميل الأرصفة.. خطة شاملة لإحياء شارع « النبي دانيال» بالإسكندرية

أجرى الفريق أحمد خالد حسن سعيد محافظ الإسكندرية، اليوم الجمعة جولة ميدانية برفقة إنجلينا إيجهورست سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى مصر، والوفد المرافق لها لتفقد أعمال تطوير وإحياء شارع النبي دانيال أحد أعرق الشوارع التراثية في نطاق حي وسط، وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية بين المحافظة والاتحاد الأوروبي لدعم المشروعات الثقافية والتنموية.

وخلال الجولة، استعرض المحافظ طبيعة المشروع التي تهدف إلى إعادة الشارع إلى سابق عهده كموقع نابض بالحياة الثقافية والتاريخية، من خلال أعمال إعادة تأهيل البنية التحتية بشكل شامل، من تحديث شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء والاتصالات، بما يضمن استدامة الخدمات وتهيئة بيئة حضرية متطورة موضحاً أن المشروع يتضمن ترميم الطابع المعماري التاريخي للشارع، من خلال صيانة واجهات المباني ذات القيمة التراثية، وتطوير الأرصفة، وتنسيق المساحات الخضراء، إلى جانب تركيب مقاعد وعناصر تجميلية تضيف إلى الهوية البصرية للمكان.

وأضاف المحافظ أن المشروع يهدف إلى إعادة تنظيم الحركة المرورية والأنشطة التجارية، حيث تم إنشاء مسارات مخصصة للمشاة والدراجات، وتنظيم أماكن الباعة الجائلين بما يحافظ على النظام والجمال العام، بالإضافة إلى تثبيت لوحات تعريفية توثق التاريخ العريق للشارع ومعالمه الثقافية مؤكدا أن مشروع تطوير شارع النبي دانيال يمثل نموذجًا للتكامل بين الحفاظ على التراث ودفع عجلة التنمية، مشيرًا إلى أن هذا النوع من المشروعات يعكس رؤية الدولة في تحسين جودة الحياة وتعزيز الهوية الثقافية للمدن المصرية ويتسق بشكل كبير مع رؤية وسياسة الاتحاد الأوروبي فى دعم جهود التنمية المستدامة في مصر.

مقالات مشابهة

  • سلطات فاس تشرع في تنزيل برنامج لإحياء الفنادق التاريخية للمدينة العتيقة
  • مبادرات سياحية نوعية في رؤية التحديث الاقتصادي لتعزيز مكانة الأردن كوجهة عالمية
  • مبادرات سياحية لتعزيز مكانة الأردن كوجهة عالمية
  • محافظ الإسكندرية وسفيرة الاتحاد الأوروبي يتفقدان مشروع إحياء شارع النبي دانيال التراثي
  • إعادة تنظيم المرور وتجميل الأرصفة.. خطة شاملة لإحياء شارع « النبي دانيال» بالإسكندرية
  • طلاب جامعة حلوان ينشئون محطة طاقة شمسية بقدرة 10 كيلو وات| فيديو
  • المنتدى السعودي للإعلام يبحث تمكين المواهب الوطنية مع وكالات عالمية
  • عاجزون عن حماية أطفالنا من الفيلة.. مبادرة دولية في ملاوي تتحوّل إلى كابوس
  • عامها الـ7.. ما أبرز الخدمات التي تقدمها مبادرة ”طريق مكة“ للحجاج؟
  • السوداني:زيارة ترامب لدول الخليج أثرت على مؤتمر قمة بغداد والمشاريع الاقتصادية التي ينفذها العراق هي لخدمة إيران