صحيفة صينية: "حل الدولتين" هو السبيل الوحيد لتسوية الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
أكدت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية اليوم الاثنين، أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتسوية الأزمة المشتعلة في قطاع غزة وسط تفاقم الوضع الإنساني.
وقالت "إن أية محاولة لمعارضة أو تأخير هذه الخطة لأي سبب من الأسباب سوف تؤدي إلى تأخيرالسلام وتكريس الكراهية وتسكب الزيت على النار"، محذرة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من أنها إذا لم تتخذ قرارًا حاسمًا في هذا الصدد فإنها ستواجه على الأرجح "كارثة".
وأشارت الصحيفة - في تقرير عبر موقعها الإلكتروني - إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قام بأربع زيارات إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي، لكن ما تحدث عنه هو الدعم الأمريكي لإسرائيل بدلا من وقف إطلاق النار.
وقالت "إنه مع كل يوم يتأخر فيه وقف إطلاق النار يتعمق عداء الفلسطينيين تجاه إسرائيل، ومن المؤكد أنه سيخلق كارثة أطول أمدا وأكثر تدميرا في المنطقة التي تعاني بالفعل من عقود من الحرب".
وأضافت "عندما اندلع الصراع بين فلسطين وإسرائيل لأول مرة، أعربت الصين على الفور عن موقفها..مؤكدة أن الأولوية القصوى هي الحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية أوسع نطاقا وأن السبيل الأساسي للخروج هو تنفيذ حل الدولتين، وفي مناسبات عديدة منذ ذلك الحين، أكدت الصين مرارا وتكرارا أهمية وإلحاح العودة إلى حل الدولتين".
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لم تستجب بشكل فعال لنداء الضمير هذا وبدلا من ذلك كانت هذه السياسات مقيدة بفِعل السياسات الداخلية وتذبذبت الأمر الذي حال دون توصل الدول الكبرى إلى إجماع فوري، ولم يكن الأمر كذلك إلا بعد أن تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة في سقوط عشرات الآلاف من الضحايا بما في ذلك العشرات من النساء والأطفال، وتشريد مئات الآلاف من الناس حتى بدا أن القادة في الولايات المتحدة والدول الأوروبية يدركون الحاجة إلى العودة إلى حل الدولتين، وأعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن وبعض الزعماء الأوروبيين عن موقفهم حيال هذا الأمر مؤخرا.
ولفتت الصحيفة إلى أنه رغم أن المعاناة الحالية في الشرق الأوسط لا ترجع بشكل مباشر إلى الولايات المتحدة وأوروبا، باعتبارهما منخرطتين بعمق في اللعبة الجيوسياسية هناك منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أنهما تتحملان مسؤولية ثقيلة عن استئناف الحرب.
وبحسب (جلوبال تايمز) فإن السبب على وجه التحديد هو الدعم غير المحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، وموقف الولايات المتحدة وأوروبا المتخاذل، الذي أدى إلى الفشل في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على السلام بينما زحفت إسرائيل إلى غزة دون أي وازع حاملة أسلحة ومعدات أمريكية الصنع، وبدلًا من ذلك، دعمت الهجمات الإسرائيلية الانتقامية ضد غزة وعززت نشر القوة للحد من مشاركة قوى أخرى في الشرق الأوسط، والأمر الصادم هو أن بعض كبار المسؤولين الأمريكيين ما زالوا يشككون في عدد القتلى الفلسطينيين.
وقالت بعض وسائل الإعلام الأمريكية "إن طرح الصين لحل الدولتين هو شعار أجوف".
وعلقت الصحيفة بالقول "منذ التسعينيات أصبح حل الدولتين هو السياسة الوطنية للحكومة الأمريكية في تعزيز محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، كما أصبح هذا هو الموقف الرسمي لمعظم الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بشأن القضية الإسرائيلية الفلسطينية".. مشيرة إلى أن السبب وراء صعود وهبوط حل الدولتين وعدم إمكانية تنفيذه بشكل حقيقي له علاقة كبيرة بالمصالح المختلفة لجميع الأطراف المعنية.
واستشهدت في ذلك بمقال نشرته مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية في 19 أكتوبر الماضي قالت فيه إن الولايات المتحدة لم تقدم أكثر من مجرد كلام لتحقيق هذا الهدف، ومع كل أزمة تمر، يزداد تحالف واشنطن مع إسرائيل..لافتة إلى أنه على الرغم من أن الترتيب المستقبلي لحل الدولتين لايزال يتطلب مفاوضات شاقة إلا أن إقامة دولتين وضمان قدرة كل منهما على العمل بشكل مستقر والعيش في سلام هو الهدف الوحيد الذي يمكن أن يعزز المفاوضات بين الطرفين، ولا يجوز للمجتمع الدولي أن يتخلى عن هذا الهدف، وخاصة في وقت حيث تشتعل الحرب من جديد.
وأشارت الصحيفة إلى أن التحدي الآن هو ما إذا كان المجتمع الدولي قادرا على التوصل إلى إجماع حول هذا الأمر، وتشكيل الأساس لوقف إطلاق النار من خلال حث الجانبين على استئناف المفاوضات.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حل الدولتين قطاع غزة جو بايدن الولایات المتحدة حل الدولتین إلى أن
إقرأ أيضاً:
الهجرة أم التهجير؟ إسرائيل تروج لـحل إنساني يثير مخاوف فلسطينية
قوبلت الخطة الإسرائيلية برفض فلسطيني وتحذيرات دولية واسعة، إذ اعتبرت حركة حماس أن ما يُروّج له تحت مسمى "الهجرة الطوعية" هو مخطط تهجير قسري يهدف لـ "تصفية القضية الفلسطينية" وتفريغ غزة من سكانها. اعلان
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت الحكومة الإسرائيلية في 23 مارس/آذار 2025 عن المصادقة على خطة لإنشاء إدارة خاصة تتولى تنظيم ما وصفته بـ"الهجرة الطوعية الآمنة" لسكان قطاع غزة إلى دول أجنبية، في سياق الحرب المستمرة منذ أكثر من 20 شهراً.
وجاء القرار بناءً على مقترح قدمه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، وحظي بموافقة مجلس الوزراء. وبحسب بيان صادرعن مكتبه، ستكلف الإدارة الجديدة بتنسيق عمليات الانتقال بالتعاون مع منظمات دولية وجهات معنية، على أن تشمل مهامها الإشراف على تنظيم المغادرة من معابر قطاع غزة، بما في ذلك استخدام مطار رامون، وإجراء الفحوصات الأمنية اللازمة، إلى جانب تطوير بنية تحتية تتيح حركة السفر البرّي والبحري والجوي نحو دول ثالثة.
وتزامن الإعلان عن هذه الخطة مع تفاقم أزمة النزوح الداخلي في قطاع غزة، ما دفع منظمات حقوقية وإنسانية إلى التحذير من التداعيات السياسية والإنسانية لمثل هذه السياسات، التي يُنظر إليها باعتبارها مقدمة لمخطط تهجير قسري تحت غطاء "الطوعية".
سياسة قديمة تتجدد: من دايان إلى نتنياهوورغم أن الخطاب الرسمي الإسرائيلي يقدّم الخطة الجديدة على أنها استجابة إنسانية، إلا أن جذور الفكرة تعود لعقود ماضية، حيث لم تكن نية تفريغ غزة من سكانها جديدة أو مرتبطة بالحرب الأخيرة فقط.
ففي 12 حزيران/يونيو 1967، وبعد السيطرة على قطاع غزة، وصف وزير الأمن الإسرائيلي آنذاك، موشيه دايان، القطاع بأنه "مشكلة معقدة"، في دلالة على النظرة الإسرائيلية السلبية للمنطقة. أما رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين، فقد أعرب خلال توقيع اتفاقيات أوسلو في تسعينيات القرن الماضي، عن رغبته بأن "تذهب باتجاه البحر أو تغرق فيه"، تعبيراً عن أمنيته بفصل القطاع عن إسرائيل بشكل كامل.
وخلال الحرب الأخيرة، كشفت تسريبات دبلوماسية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اقترح، خلال لقائه مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق أنتوني بلينكن في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إنشاء ممر إنساني "لنقل سكان غزة إلى مصر"، وهو المقترح الذي قوبل بتحفّظ أميركي مبدئي، تبعه تصريح أكثر حدة من وزير شؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الذي قال: "لن تكون هناك أزمة إنسانية في غزة إذا لم يكن هناك مدنيون".
وتُظهر هذه التصريحات المتواترة أن ما يُعرض اليوم كحل مؤقت أو "ممر إنساني"، ما هو إلا تتويج لتوجه سياسي إسرائيلي متراكم، يرى في غزة عبئاً ديموغرافياً يسعى إلى التخلص منه، سواء بالحرب أو بالهجرة القسرية المغلّفة بشعارات إنسانية.
Related ياسر أبو شباب يظهر مجدداً في "مقال رأي": الأراضي التي استولينا عليها في غزة لم تتأثر بالحرب"ضربة مزدوجة".. تحقيق صحافي يكشف خطط الجيش الإسرائيلي بقصف المسعفين في غزةمجاعةٌ في القطاع ومعابرُ مغلقة: مستشفيات غزة تقف عاجزة وهي ترى الأطفال يموتون جوعا نزوح أولي وحديث متزايد عن الهجرة مع اشتداد الحربمع اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تمكن أكثر من 120 ألف فلسطيني – معظمهم من حاملي الجنسيات المزدوجة – من مغادرة القطاع عبر معبر رفح البري في اتجاه مصر ودول أخرى. وتشير تقديرات إلى أن عدد سكان غزة من مزدوجي الجنسية يناهز 300 ألف شخص، ما يعكس حجم القاعدة السكانية التي تملك خيار المغادرة نظريًا.
ومع اشتداد العمليات العسكرية، واتساع رقعة الدمار، وبلوغ المجاعة مستويات كارثية، تزايد الحديث في أوساط الغزيين عن خيار الهجرة كطريق للخلاص من الحرب وويلاتها. في المقابل، ظهرت أصوات ترفض الفكرة رفضًا قاطعًا، متمسكة بالبقاء في الأرض رغم الخسائر الفادحة والظروف الإنسانية المتدهورة، ما يعكس انقسامًا اجتماعيًا عميقًا بشأن مستقبل القطاع وسكانه تحت وطأة الحرب المستمرة.
فلسطينيون يرفضون الهجرة رغم القصف: "الموت هنا أهون من الرحيلفي خيمة بسيطة بمنطقة دير البلح وسط قطاع غزة، يجلس محسن الغزي (34 عامًا)، نازحًا من منطقة جحر الديك، يروي مأساته التي تُشبه حكايات آلاف الفلسطينيين الذين دُمّرت حياتهم تحت القصف الإسرائيلي. فقد الغزي منزله، وقتل نجله البكر، كما قضى والداه تحت أنقاض المنزل، ومع ذلك يصرّ على البقاء في القطاع، ويرفض فكرة الهجرة بشكل قاطع.
ويقول الغزي: "لن أترك هذه الأرض، الموت هنا أهون من أن أمنح الاحتلال فرصة تحقيق أكاذيبه". ويؤكد أن موقفه لا ينبع فقط من العاطفة، بل من قناعة دينية ووطنية وأخلاقية. ويرفض حتى فكرة الخروج الجماعي التي يُلمح لها البعض بقوله: "حتى لو أرسل الاحتلال سفنًا لنقلنا، فلن أغادر".
الغزي عبّر عن أسفه لبعض الشباب الذين يفكرون في الهجرة تحت وطأة المعاناة، مشددًا على أن "الخلاص الفردي يعني التخلي عن مسؤوليتنا في الدفاع عن هذه الأرض"، متسائلًا: "كيف نُكرر خطأ النكبة ونترك بيوتنا طوعًا؟".
من مخيم النصيرات، يردد سامي الدالي (45 عامًا) الموقف ذاته، رغم فقدانه نصف منزله بفعل القصف. يقول: "التهجير مشروع إسرائيلي فاشل، ولن أكون حجراً في جداره". ويرى أن معاناة السكان لا تُبرر التخلّي، لكنه لا يُدين من يقرر المغادرة، مضيفًا: "لكلٍ طاقته، ومن خرج ربما يعود أو يخدم القضية من الخارج".
ويُجمع الغزي والدالي على أن مشاريع التهجير التي حاولت الحكومة الإسرائيلية فرضها فشلت أمام تمسك الفلسطينيين بأرضهم، مشيرين إلى أن الإغراءات المادية لن تغيّر هذا الثبات. ويختم الغزي بالقول: "قولوا للعالم إننا شعب نختار الموت على أرضنا ولا نبيعها"، فيما يؤكد الدالي أن "كل حجر هنا يشهد أن فلسطين ليست للبيع".
في ظل الحرب المستمرة وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، يرى بلال حسنين أن خيار الهجرة أصبح "ضرورة ملحّة"، رغم صعوبته. حسنين، الذي فقد منزل عائلته وتعرض للنزوح مرارًا، يقف اليوم على عكازين بعد إصابته قرب منطقة نتساريم. يقول: "فقدت كل شيء.. لم أعد أستطيع استكمال دراستي الجامعية، ولا طعام ولا ماء ولا كهرباء. القطاع دُمّر، وفرص بناء مستقبل هنا تتضاءل يومًا بعد يوم". ويضيف حسنين أن حلمه هو إيجاد بيئة آمنة خارج غزة، تمكنه من استعادة حياته وتحقيق أحلامه، في وقت باتت الحياة في القطاع شبه مستحيلة.
ذات الرؤية يشاركها زكريا فرج الله، الذي أصيب ثلاث مرات، ما تسبب له بمشكلات في أوتار القدم، واضطرابات في الدماغ والجهاز الهضمي. يقول: "أحاول عبر ملفي الطبي الحصول على فرصة للعلاج في الخارج، وسأستغل هذا الخروج لطلب اللجوء، فالقطاع أصبح مكانًا مرعبًا ولا يمكن العيش فيه".
حنين عقل، زوجة فرج الله، تؤكد هي الأخرى أن البقاء بات أقرب إلى المستحيل، خصوصًا مع حملها ورعايتها لطفلين آخرين. تقول: "خسرنا بيتنا، وبتنا ننتقل من مخيم نزوح لآخر، وإصابة زوجي زادت معاناتنا. نحن بحاجة ماسة للسفر من أجل بيئة آمنة لنا ولأطفالنا".
وتضيف حنين، الحاصلة على بكالوريوس في الطب المخبري، أن حلمها بإيجاد عمل لم يتحقق قبل الحرب ولا خلالها، لكنها تأمل أن يتيح لها الخروج من القطاع فرصة لبناء مستقبل أكثر استقرارًا لعائلتها.
تحذيرات رسمية ودوليةقوبلت الخطة الإسرائيلية برفض فلسطيني وتحذيرات دولية واسعة، إذ اعتبرت حركة حماس أن ما يُروّج له تحت مسمى "الهجرة الطوعية" هو مخطط تهجير قسري يهدف لـ"تصفية القضية الفلسطينية" وتفريغ غزة من سكانها. وفي السياق ذاته، أكدت الأمم المتحدة أن "الطوعية" لا تُعتَبر شرعية في ظل الحرب والحصار وانعدام مقومات الحياة، مشيرة إلى أن التهجير القسري يُعد جريمة بموجب القانون الدولي.
كما حذّرت منظمات حقوقية، بينها هيومن رايتس ووتش وأونروا، من أن الخطة الإسرائيلية تُهدد بإعادة إنتاج النكبة، ودعت إلى احترام حق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم بدل دفعهم إلى الرحيل تحت الضغط والجوع.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة