توصيات الملتقى الفقهي الرابع لمركز الأزهر للفتوى لدعم القضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
ألقى الدكتور أسامة الحديدي، مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، البيان الختامي للملتقى الفقهي الرابع، الذي عقده المركز تحت عنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها في دعم القضية الفلسطينية»، حيث تضمن البيان مخرجات وتوصيات الملتقى، الذي عُقد اليوم الاثنين بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر بالقاهرة، بحضور نخبة من علماء الأزهر والمفكرين وقادة الرأي وحضور وعاظ الأزهر والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي وشباب الجامعات.
وتحدث خلال الملتقى الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، السفير الدكتور مصطفى الفقي، المفكر والسياسي البارز، والدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
وألقى مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية البيان الختامي قائلا، إن الله سبحانه، اختار طائفةً من الناس، لحمل أمانة الرسالة وبلاغِها للعالمين في شتى بقاع الأرض، ولتجلية الحق ونصرةِ أهله، والدفاعِ عن المظلوم وإثباتِ حقه.
وقد هيَّأ اللهُ سبحانه وتعالى الزمانَ والمكانَ والإنسانَ للأزهرِ الشريف، وهيأ الأزهرَ لتحمل أمانةِ الرسالة من بعد القرون الثلاثة الأُوَلْ، والدفاعِ عن قضايا الأمة بأسرها عبر الأزمان المتعاقبة، وإنَّ قضية فِلَسطين، كانت وما زالت ملءَ قلب الأزهرِ وعقله، ووجدانهِ وفؤادهِ، مواقفُهُ حيالَها واضحةٌ، وكلماتُهُ في نصرتها كانت وستظل مؤثرةَ ومدوية.
الملتقى الإفتائي الرابع من ملتقيات مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونيةوأضاف الدكتور أسامة الحديدي أنه لا يخفى عليكم المكانةُ العظمى للفتيا في الإسلام وأهميتُها لرعاية المصالح، ودفع المفاسد وتحصينِ الفكر، ونصرةِ الحق والعدل، والدفاعِ عن الإسلام ودياره وقضاياه ضد الطغاة المعتدين، وإني في ختام هذا الملتقى الإفتائي الرابع من ملتقيات مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والذي عُقد تحت عنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودَوْرُها في دعم القضية الفلسطينية»، سألقي على حضراتكم المخرجات والتوصيات.
مخرجات وتوصيات الملتقىوحدد الدكتور أسامة الحديدي مخرجات وتوصيات الملتقى الفقهي الرابع لمركز الأزهر للفتوى، وهم كالأتي..
- وحدة الأمة في أوقات الأزمات فريضةٌ دينيةٌ وضرورةٌ إنسانية، لا وقت فيها لمصلحة شخصية أو نزعة قبلية، وإذا كان الاتحادُ واجبًا في الظروف العادية، فهو في وقت الأزمات أوجب، بل يأتي على رأس فروض الأعيان، حتى نستطيعَ مواجهةَ خطرِ نزل ببلادنا، لا أقول: من الجهات الأربع، بل دائرة سوء لا مخرج منها إلا بالاعتصام بحبل الله، والانتقال من دائرة العبث، إلى الاجتماع على كلمة واحدة.
- في ظل ما نشهده في هذه المرحلة الصعبة من عمر الوطن ندعم مواقفَ الدولةِ المصريةِ، وتوجّهَ قيادتها الحكيمة في تقدير الموقف، منطلقين من القاعدة الشرعية القائمة على إدراك المصالح العامة والمفاسد وتغليب أخف الضررين، ونرى أن الخروج عن رؤية ولي الأمر في وقت الأزمات، باب من أبواب الفتنة، بل جريمة من شأنها شق صف الأمّة وإضعاف شوكتها.
- في ضوء ما سبق من ضوابط دينية ووطنية، يجب على الأمة العربية والإسلامية مساندة الشعب الفلسطيني في استرداد أرضه المسلوبة والدفاع عن ثرواته المنهوبة، وحماية عِرضه ورفض نزوحهم وتهجيرهم وتصفية قضيتهم، حتى يزول هذا الكيانُ المحتلُ الغادرُ الغاشم عن هذه الأرض المباركة. - بعون الله ومدده-.
- مشاهد التدمير وقتل الأطفال والشيوخ والنساء على أرض غزة وفلسطين التي يقوم بها الاحتلالُ الغادر، لم تَزِدْ أُمَّتُنا إلا ثباتًا وتمسكًّا بقضيتنا وأقصانا، وأحيت في ضميرنا وشبابنا وأطفالنا قضية كاد الصهاينة ومعاونوهم بمرور الأيام أن يهيلوا عليها التراب.
- إن انتهاج سياسة التماهي والاندماج مع الكيان الصهيوني الغاصب، والتبرير له يعدُّ دعمًا له في جرائمه المنكرة، ومشاركةً له في المجازر الوحشيّة التي يرتكبها يومًا بعد الآخر في اعتداءات بربرية، وانتهاكات صارخة لرسالات السماء وشرائع النبيين.
- سقطت الأقنعةُ عن وجوه مُدَّعيِ الحضارة، الذين طالما تَغَنَّوْا بالحقوق والحريات، وزعموا أنهم دعاة التسامح والتعايش والسلام، حينما انتهجوا سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير والتعامي عن الحقائق، حتى بدا للناظر بوضوح أن هذه الدعوات قد اختزلت في دعم الشذوذ، والنيل من مقدساتنا وديننا الحنيف، بزعم حرية الرأي والتعبيير.
- المساواةُ بين الضحية والمجرم جريمةٌ نكراءُ، لا يقول بها إلا كلُّ مُتنكِّر لدينه وهويته، مُتنكِّب لوحي السماء، وهدي الشرائع، ورسالات النبيين، ومضيع للحقوق، ظالمٍ لنفسه، مشاركٍ في دماء المستضعفين.
- المحاولات المستمرة لضرب استقرار الأمة، مخططٌ قديمٌ حديث لا يخفى على ذي عينين، والدور الفاعل للدولة المصرية في الميدان، لرد العدوان وإدخال المساعدات، والسعي الدؤوب لجمع شتات الأمة، واتخاذ إجراءات فاعلة، لإعادة إحياء القضية الفلسطينية بقوة في وجه عدو باطش، هو من ركائز الإيمان ودعائم قوله - صلى الله عليه وسلم- «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله».
- يؤكد مركزُ الأزهر العالميُّ للفتوى الإلكترونية أن حق الأمَّة الإسلامية والعربية في فلسطين و"القدس الشريف" حقٌ دينيٌ ثابتٌ أكدته النصوص الدينية القطعية، ونُصرَتُهُ قضيةُ محوريةُ أساسيةُ لن نَكِلَّ أو نَملَّ من التذكير بها، أو الدفاع عنها، ويقابلُ هذا الحقَّ واجبُ الدفاع عن هذه القضية بكل ما أوتيت الأمة من قوّة ومقدرات.
- نؤكد أن كيانَ الاحتلال اللقيطَ الأثيمَ ليست له أيُّ حقوقِ دينية أو تاريخية في القدس وفلسطين، وأن ما يذكره في هذا السياق ليس إلا أوهامًا تدخل في جملة إدِّعائاته الباطلة، لا أساس لها من الصحة، كما أنه لا يمكن أن يكون دليلًا مُسوِّغًا له فيما يرتكبه من جرائمَ وحشيةٍ، ومجازرَ همجيةٍ تشيب لها الولدانُ في حق الشعب الفِلَسطيني المكلوم المظلوم.
- لا يجوز للمسلمين في بقاع الأرض عامةً وأهلِ فلسطين خاصةً التخلي عن قضية "القدس الشريف" أو المزايدةُ حولها، أو تغليبُ المصالحِ الشخصيةِ عليها، وأنه إذا ما وقعت الأمةُ في هذا المنزلق فقد ارتكبت أمرًا شنيعًا، ومحذورًا كبيرًا، وجُرمًا عظيمًا لن تمحوه الأيام والسنون، وسيعرضُ في كتابِ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، في يوم العرض الأكبر "يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ"
- يجب علينا أن نتوارث حقنا في القضية الفلسطينية وأن نورثهُ أَبناءَنا والأجيالَ القادمة، وأن نغرس فيهم العقيدة الراسخة التي تقضي بأحقيتنا الإسلامية والعربية في أرضنا ومقدساتنا، وأن تكون مواقِفُنا التاريخية القوية والواضحة تجاه هذه القضية نبراسًا يهتدون به على مر التاريخ، ولا شك أن موقفَ الأزهرِ الشريف من هذه القضية على مر التاريخ واضحٌ وضوح الشمس في كبد السماء.
- نؤكد القيمة الكبرى للفتاوى الدينية، وأنها لا تقل أهمية عن الأدوار السياسية والدبلوماسية والحقوقية في نصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن المستضعفين والمظلومين، سيما في هذا الموقف الذي يدعو فيه حاخامات الصهاينة من خلال فتاواهم إلى إبادة جماعية للفِلسطينيين في تحدٍ صارخ لهدي السماء، حيث كتب عليهم "أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ " وتأثيرُ الفتوى في نصرةِ قضايا الإسلامِ على مر التاريخ معلوم مرقوم.
- إن عقْد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية لهذا الملتقى اليوم هو جزءٌ من رسالة الأزهر الشريف في نشر الوعي الصحيح حول القضية الفلسطينية العادلة، واحتواءِ عواطف المسلمين عامةً والشبابَ خاصة تجاه قضيتهم الدينية ومقدساتهم المحتلة، وقطعِ الطريق على أصحاب الفتاوى الشاذة والمتطرفة التي تستغل الأحداث والعواطفَ في استقطابِ الشبابِ لأفكارهم الهدامةِ باسم الدين، والتي طالما عانت منها الأمة كثيرًا قديمًا وحديثًا.
وتابع الدكتور أسامة الحديدي، مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية: نهيب بجميع مؤسسات الفتوى والمجامع الفقهية حول العالم أن تضطلع بالآتي..
1 - دعمُ المواقف السياسية والدبلوماسية الإقليمية والدولية التي حاولت إنصافَ القضية الفلسطينية، وتعزيز إيمان الشعوب بحقوقهم الدينية والتاريخية في فلسطين ومقدساتها.
2 - تدريبُ العلماء والمفتين والدعاة وتوعيتُهم بالقضية الفلسطينية وما يدور حولها من أحداث، حتى تتوفر لديهم قدرةُ البحث حولها، والردُ على أسئلة المستفتين فيها، بما يتوافق والفكرِ الوسطي المعتدل.
3 - توجيهُ خطاب إعلامي قوي تجاه الأحداث الراهنة بما يدعم القضيةَ الفلسطينية، فليس من المقبول أن يكونَ الخطابُ الإعلامي لمؤسسات الكيان الصهيوني أكبرَ وأكثرَ ذيوعًا وانتشارًا، كما أنه ليس من المنطقي أيضًا أن تكفيَ السطورُ المعدودةُ أو الكلماتُ القليلة في التعاطي مع هذه الكوارث وتلك النوازل التي لم تمر الأمةُ الإسلاميةُ بمثلها من قبل.
4 - ضرورةُ التنسيق والتعاون الكامل بين مؤسسات الفتوى حول العالم في التعاطي مع الأحداث الجارية، بهدف توحيد خطابها الإفتائي، ودعم القضية الفلسطينية، ونصرةِ المستضعفين، ونحن بدورنا من خلال هذا الملتقى ندعو إلى أن يكون هذا التعاون تحت مظلة الأزهر الشريف وشيخه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، الذي كان - وما زال- له الدورُ الأكبرُ والنصيبُ الأوفى في نصرةِ ودعمِ القضيةِ الفلسطينية في الواقع المعاصر، حتى أصبحت كلماتُ الأزهر الشريفِ وبياناتُه تهددُ وجود الكيان الصهيوني، وتقذفُ في قلوبِهُم الرعب، شهدت بذلك كتاباتهم خلال الأحداث الجارية.
5 - ندعو المجامع الفقهية إلى تحمل مسؤولِياتِها الكاملة تجاه الأحداث الجارية، والتخلي عن صمتها المُخزي حيال القضية الفلسطينة، وفي مقدمة الأدوار المنوطة بها: حصرُ المسائلِ المستحدثة والنوازلِ المستجدة الخاصة بالواقع الفلسطيني وبحثُها بحثًا علميًّا جادًّا، والانتهاءُ إلى أحكام شرعيةِ ثابتةِ من خلال العلماء والفقهاء المعاصرين، حتى تستفيد منها هيئاتُ ومؤسساتُ الفتوى في الرد على أسئلة المستفتين الخاصةِ بالنوازل والمستجدات.
6 - الغرقُ في اللهو واللعب وقتَ نوائبِ الأمةِ الكبرى، ونوازِلِها، لَهُوَ من أحطِّ مراحل السقوط في وحل الاغترار بالدنيا، وملذاتها الفانية في زمن يُباد فيه شعب بأكمله، حذر منه المولى جل جلاله حين قال "وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا ".
وأوضح الدكتور أسامة الحديدي نؤكد أن تقديمَ جميعِ أنواعِ الإغاثة الماديةِ والطبيةِ والصحيةِ والنفسيةِ للشعب الفلسطيني البطل الذي يدافع عن كرامةِ الأمةِ ومقدَّساتِها المباركة، واجبٌ على الشعوب، والأمة العربية والإسلامية، وفي هذا الصدد نثمن الدور الكبيرَ الذي تقوم به الدولةُ المصريةُ في تقديم كافة أنواع الإغاثة لهذا الشعب، وكذلك باقي الدول والهيئاتِ والمنظماتِ الحقوقية والإغاثيةِ والشعوب الحرة التي أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في إغاثة أشقائنا في غزة.
ويثمن المركزُ الدورَ الإعلاميَّ الكبيرَ للصحفيين والمراسلين الأبطال، الذين قاموا بتغطية الأحداث المأساوية على أرض فلسطين الأبية، ويؤكد أن من مات منهم أثناء ممارسة عمله وسعيه في نقل الحقائق، هو شهيد عند الله - تعالى-، ومنازل الشهداء، أفضل منازل الجنة.
- نثمنُ مواقف أصحاب الرأي والفن الهادف والرياضيين، وكلُّ من كان له موقف إيجابي حِيال هذه القضية سواء أكانت هذه المواقف دينية، أم شخصية أم مؤسسية أم دولية، وفي الوقت ذاته نقفُ بيقظةٍ تامة كاشفًا كافة محاولات المتاجرة بالقضية الفلسطينية، مؤكدًا أنه يستمد رفضه لهذه المتاجرة من مبادئ الإسلام الثابتة وقوة الشعوب الإسلامية والعربية اليقظة.
ويَدعَم مركزُ الأزهرِ العالميِّ للفتوى الإلكترونيةِ جهودَ الدولةِ المصرية في الوقوف مع القضية الفلسطينية من خلال إصدار الفتاوى والبيانات، وعقد الندوات واللقاءات التوعوية، وفضح مزاعم الصهيونية وتفنيد افتراءاتها حول القضية الفلسطينية، والتصدي للفتاوى الشاذة والمتطرفة التي لا تستند إلى رسالات السماء وشرائع النبيين.
- نوصي جميع هيئاتِ ومؤسساتِ الفتوى في العالم بضرورة التعاون والتكامل الجاد من أجل إطلاق منصَّةٍ خاصةٍ برصد الواقع الفلسطيني، وتوثيق الممارسات الممنهجة من الكيان الصهيوني الغاصب ضد شعب فلسطين والمقدسات الدينية فيها، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، ونؤكد من خلالها الحقائق الدينية والتاريخية المتعلقة بالشأن الفلسطيني، ونرد فيها على مزاعم وأكاذيب الكيان الصهيوني، لتعريته وكشف زيفه أمام جميع شعوب العالم، ونحن بدورنا في مركز الأزهر العلمي للفتوى الإلكترونية نبدي استعدادنا التام للتعاون والتكامل في هذا الأمر، من خلال قسم اللغة العبرية الذي أنشأه المركز خصيصًا لهذا الهدف بدعم من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف - حفظه الله-.
- نوصي بضرورة أن يتحمل الخطابُ الدعويُّ الإسلاميُّ المعاصرُ مسؤولياتهِ الدينيةَ والتاريخيةَ والواقعيةَ والمجتمعية تجاه القضية الفلسطينية، ليقوم بدوره الجاد والكبير في توعوية الجماهير بالقضية الفلسطينية، وأن يحرص على أن يكون صوتَ هدايةٍ ورشادٍ، وتسريةً وتعزيةً للمصابين والمكلومين والثكالى في الداخل الفلسطيني، وألا يقتصر على مجرد الخطب والدروس، بل يجب أن يتعدى هذا الأمر لكل الصور التي يمكن من خلالها أن تصحح المفاهيم الخاصة بالقضية الفلسطينية وتوضح الحقائق، وتكشف الزيف، وترد أكاذيب المبطلين.
- نوصي بضرورة أن تتناول المؤسساتُ التعليميةُ القضيةَ الفلسطينيةَ في كل صور أنشطتها الخاصة (مناهج، وبحوث علمية، ونشرات، ومؤتمرات أو منتديات ثقافية أو توعوية.. .. .) تناولًا تاريخيًّا، ودينيًّا، وقانونيًّا، حتى يترسخ في أذهان أبنائنا ونفوسهم في مختلف المراحل التعليمية والعمرية(خاصة مراحله الأولى) أن تتناول حقَّ الشعب الفلسطيني في كامل أرضه المحتلة من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، والتأكيد على ضرورة استئصال هذه الجمرة الخبيثة من قلب المجتمع المسلم والعربي، مصداقًا لقوله تعالى: "وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ" [البقرة: 191].
- نُوْصِي بضرورة اضطلاع المؤسسات والأكاديميات الإعلامية بمسئولياتها في تقديم رؤيةٍ إعلاميةٍ واضحةٍ تواجه بها السقوط المهني والأخلاقي للإعلام الغربي القائم على تزييف الحقائقِ وغض الطرف عن ممارساتٍ لأبشع أنواع التصفية العرقية والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني المكلوم، ونحضّ الشعوب العربية والإسلامية على التضامن مع القضية الفلسطينية توعويًا وإغاثيًّا وإنسانيًا.
- نوصِي وسائلَ الإعلام المتعددة بضرورة دعم الخطاب الإفتائي الذي يتعامل مع القضية الفلسطينية بالتوازن والاعتدال، وأهمية الترويج له في مواجهة الفتاوى الشاذة الخاصة بشأن القضية الفلسطينية.
- نوصي جميعَ المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي بتبني القضية الفلسطينية، ودعمِهَا، وفضح مزاعم الصهيونية الحديثة، وبيانِ ما يمارسه هذا الكيان من إرهابٍ وتدميرٍ وتخريبٍ، مع ضرورة توثيقه، فنحن جميعًا نعلم مدى تأثير صناع المحتوى في الشباب والرأي العام المجتمعي.
- نُوْصِي مؤسسات المجتمع المدني إلى بذلِ مزيدٍ مِن الجهدِ لإغاثة المنكوبين في قطاع غزة خاصةً، وفلسطين عامة، ونجدة هذا الشعب الصامد تحت وطأة القهر والمعاناة زمانًا بعيدًا بتقديم كافة المساعدات المادية والطبية والنفسية وكل ما يلزم من الدعم، ونحن على يقينِ أنه وإن طال الزمان به، سيكتُب الله له التأييد والنصر، " إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ.
اقرأ أيضاًنداء من الأزهر الشريف إلى الأمة العربية والإسلامية
مستشار الإمام الأكبر: الأزهر الشريف موطن لطلاب العلم من أكثر من 137 دولة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأزهر الشريف مرکز الأزهر العالمی للفتوى الإلکترونیة دعم القضیة الفلسطینیة بالقضیة الفلسطینیة الکیان الصهیونی الأزهر الشریف هذه القضیة من خلال أن یکون فی هذا ة التی م مرکز
إقرأ أيضاً:
مكانة القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر
خليل المعلمي
سلام عليكم يا أهل غزة، بما صبرتم، وسلام عليكم في كل وقت وحين، سلام عليكم ما عشتم وبقيتم صابرين محتسبين الأجر عند الله، فقد طبتم وطابت انتصاراتكم، وسيسجل التاريخ شجاعتكم وصبركم ونضالكم ومقاومتكم، لقد ضربتم مثالاً للتضحية والصبر والثبات على الحق، لقد قدمتم للعالم مثالاً حياً في الجهاد والنضال والبذل والوطنية، وما هذا الصبر والثبات والتضحيات الكبيرة إلا بوابة للفرج والنصر حتى تحرير كامل الأراضي الفلسطينية، فرحم الله شهداءكم وشفى جراحكم، وثبتكم على الحق ما حييتم.
فبكل المقاييس والحسابات فإن ما قبل السابع من اكتوبر ليس بعده، لقد انكشف للعالم مدى الظلم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني الثابت على أرضه منذ آلاف السنين، كما اتضح حجم الإجرام الذي ارتكبته الصهيونية بحق هذا الشعب، وأن ما حدث لغزة خلال العامين الماضيين إلا جزءاً من سلسلة جرائم ومجازر ظل يرتكبها هذا الكيان الغاصب لأكثر من مائة عام، ولا شك أن مستقبل الأيام حبلى بالمفاجئات سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي خاصة بعد أن سطوع الازدواجية الدولية في تطبيق القرارات الأممية وسيطرة مصالح الدول الكبرى على مجريتات هذه القرارات.
الحدث المفصلي
يعتبر السابع من أكتوبر حدثاً مفصلياً في تاريخ الصراع مع الاحتلال الصهيوني، حيث انطلقت شرارة طوفان الأقصى فبعثرت كل الأوراق، وتحولت غزة مع حركة الطوفان، وما بعدها إلى قلب أشواق التحرر وأوجاع النهوض وكبد الإنسانية المجروحة ضد كل محاولات طمس الذاكرة، وتزييف الحقائق وتزوير السرديات وإنكار عمليات الإبادة.
ولفهم واستيعاب الأبعاد التاريخية والتحولات الجيوستراتيجية، نظم “مركز معارف المستقبل للبحوث والدراسات” في المغرب، بالتعاون مع “مركز أندلس للأبحاث والدراسات”، خمس ندوات علمية دولية كشكل من أشكال التفاعل والاستجابة الأكاديمية لقراءة المشهد السياسي بعد عملية السابع من أكتوبر ۲۰۲۳م، والإبادة الصهيونية في غزة التي تبعتها، وصدرت مخرجات هذه الندوات بالإضافة إلى أوراق علمية أخرى، أسهم فيها أكاديميون مغاربة وعرب، في كتاب بعنوان: “القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر.. الأبعاد التاريخية والتحولات الجيوستراتيجية” عن مؤسسة “عقول الثقافة” بالشراكة مع “مركز معارف المستقبل للبحوث والدراسات”.
مضامين الكتاب
منذ إعلان وعد بلفور المشؤوم، شكلت القضية الفلسطينية محور الحراك العربي ومركز حركات الإضراب والاحتجاج على المشروع الاستيطاني الصهيوني، وجسدت حركات التضامن والتظاهر الشعبي مع حقوق الشعب الفلسطيني ودعم مختلف أشكال مقاومته، العنوان البارز في الفضاء العام العربي على امتداد القرن الماضي والحالي، كما اقترن نضال حركات التحرر الوطني بالعالم العربي من أجل الاستقلال، بالنضال ضد المشروع الصهيوني واستراتيجياته في الاستيطان والتهويد والتهجير وما ارتكبه من جرائم ومجازر وعمليات إبادة منذ النكبة وبعدها، حتى اعتبرت الحركات الوطنية في معظم الدول العربية القضية الفلسطينية قضية وطنية.
وقد واجهت المقاومة الفلسطينية تحديات التقسيم والتبعية الصهيونية التي تعيشها الأمة نتيجة لمسار تاريخي وحضاري طويل ومتراكم من الانحطاط والاستبداد والاستعمار والتخلف، منذ البدايات الأولى للمشروع الاستيطاني الإحلالي، بالرغم من لحظات التواطؤ على إسكات الحق الفلسطيني، وتنامي العدوان على القدس والضفة وإطباق الحصار على غزة العزة ومحاولة خنقها، وقطع الإمدادات من فصائل المقاومة وتجريمها خياراً للتحرر والتحرير.
محو كل أشكال التطبيع
انبعث طوفان “الأقصى” لإعادة الصراع إلى بداياته الأولى ومحو كل أشكال التطبيع والخنوع، وخروج المارد المستعصي على الترويض، وجاء هذا الإبداع ليعري الأوهام، وهم الجيش الذي لا يقهر ، ووهم موت المقاومة والممانعة، ووهم الاستكانة العربية والإسلامية، وغيرها من الأوهام.
إن أهمية حدث السابع من أكتوبر وتداعياته وتأثيره قد تجاوز مساحة فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي ليفرض نفسه على بنية النظام الدولي برمته، فيختبر مؤسساته وفاعليته وقوانينه ويضعها على المحك، ثم يخترق “هدير فلسطين” قلب الجامعات الغربية والنخب الأكاديمية بها، ليصبح التظاهرات الطلابية في أرقى جامعات أوروبا وأمريكا وأشهرها سمعة ومصداقية، مقرات للاعتصام والاحتجاج ضد الإبادة الإسرائيلية والتمويل الأمريكي للإبادة، وتطالب بوقف الحرب والتجويع والحصار، وتعلن الأجيال الشابة بأعلى صوتها: “فلسطين حرة”، وهي حالة غير معروفة في تاريخ الجامعة الغربية من حيث رمزية حضور العلم الفلسطيني وألوانه ولبس الكوفية الفلسطينية في الفضاء الجامعي، وإصرار الأساتذة والطلاب على الصمود في وجه الأجهزة التي تدخلت لفض الاعتصام واعتقال الطلاب وتهديدهم بالطرد في صيغة تذكر بالدول الديكتاتورية والقمعية.
لقد اختارت قانون النخب الفكرية والأكاديمية العربية “الحياد السلبي” وقررت الصمت تجاه الإبادة الجماعية في غزة بدعوى الموضوعية أو المصلحة الوطنية، كما وظف بعضهم قدراته المعرفية وأدواته البحثية لتبرير الاحتلال بتحميل المقاومة المسؤولية عن هذه الجرائم البشعة وغير المسبوقة، فصار خطابها جزءاً من مشروع التطبيع الهادف إلى الصهينة الشاملة التي تتعرض لها المنطقة، فضلاً عن فقدان هذه النخب للمصداقية العلمية والأخلاقية في تحيزها لصالح الظلم والاستكبار العالمي، وانكماشها من إبداء أي موقف أخلاقي منحاز للمظلومين.
لقد بقي معظم الخطاب العربي حول القضية الفلسطينية، يقول الدكتور سلمان بونعمان حبيس خطاب اختزالي وتعبوي من جهة، ومستغرقاً في مقاربات الفعالية وانطباعية من جهة أخرى، في ظل غياب للخطاب التفسيري المركب والمقاربات الفكرية والاستراتيجية المتعددة التخصصات، والقادرة على تقديم رؤية أكثر تركيبية التحولات القضية الفلسطينية وتحليل تحدياتها، وهذا أحد أهداف هذا الكتاب الجماعي الذي يسعى إلى فهم عميق لطبيعة الصراع القائم في المنطقة، وأبعاد المشروع الصهيوني الفكري والاستراتيجية، ذلك أن الاشتعال المعرفي على دراسة المشروع الصهيوني وتياراته في علاقته بالقضية الفلسطينية، يقتضي الوعي المركب بالآخر العدو والتعرف العلمي على مشروعه وآليات اشتغاله، وكذا مناهج تفكيره وحركاته ونفسياته، والفلسفات المناظرة لفكره وسوسيولوجيا استيطانه، بالإضافة إلى فهم التحولات الاجتماعية والاقتصادية، وجغرافيا تمدده في المحيط وتحالفاته الإقليمية والدولية، رصداُ وتحليلاً واستشرافاً فضلاً عن وضع القضية الفلسطينية في سياق صراع المشاريع الكبرى، ورهانات القوى الدولية والسياسات الغربية في المنطقة.
ومن المحاور التي تتناولها الكتاب: “التأثيرات الإعلامية لعملية طوفان “الأقصى”، و “القضية الفلسطينية بين السينما الغربية والسينما العربية”، و”أسس ومرتكزات المشروع الصهيوني”، و”الاستعمار الاستيطاني”، و “الفشل السياسي والأخلاقي لمسؤولية الحماية”، و”موقع القضية الفلسطينية في تربية الأطفال”.
وقد شارك في الكتاب مجموعة من الأكاديميين، هم سلمان بونعمان، وإسماعيل حمودي، وفاطمة الزهراء هيرات، وإدريس قسيم، ومحمد أقديم، وعبد الحكيم أحمين، ومصطفى الطالب، وخالد عقب ونور الدين أحمد الشهب، وسعد عبد الرزاق السكندراني، ويوسف المتوكل، ومحمد السعيد الكرعاني، وأمنة مصطفى دلة، والحسن مصباح.
خاتمة
لقد حاول الكتاب استيعاب مختلف أبعاد القضية الفلسطينية في ظل تحولات معركة طوفان “الأقصى”، وما أفرزته من نماذج جديدة في الحروب العسكرية وأشكال المقاومة التحررية، وما ولدته من حروب إعلامية ورقمية ونفسية للبقاء بالصورة والدعاية والتحكم في المحتوى الرقمي، فضلاً عما حصل من ارتباك في التجارة والملاحة الدوليتين ومن تعثر في النظام الاقتصادي العالمي، وكذلك على المستوى القانوني والأخلاقي للمؤسسات الدولية..
وعلى الرغم من وقف اطلاق النار في غزة إلا ان المظاهرات الجماهيرية لاتزال تجوب معظم عواصم دول العالم مطالبة بمحاسبة حكومة الكيان الصهيوني لما ارتكبته من جرائم ومجازر على مدى عامين كاملين ضد شعب أعزل، تجاوز عدد الضحايا مئات الألاف من المدنيين وتمدير كافة البنى التحتية لقطاع يعيش عليه اكثر من 2.5 مليون انسان، وستستمر المطالبات حتى يتم تحقيقة العدالة للشعب الفلسطيني وانتصاره..