شيطنة الضحية حِرفة إسرائيلية قديمة
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
منذ اللحظة الأولى التي استفاقت فيها الحكومة الإسرائيلية على زلزال السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، حتى جيّشت أجهزتها لترسخ لدى الرأي الداخلي والدولي أن حماس حركة إرهابية لا تختلف عن تنظيم داعش. وبسرعة عجيبة تماهت معها مواقف حلفائها، بدءا من أمريكا وصولا إلى كندا ودول الاتحاد الأوروبي. وإذا كان ذلك منتظرا بحكم المصالح والعُقد المشتركة التي تربط هذه الأطراف وتجعلها في جبهة واحدة، إلا أن آخرين من أبناء هذه الأمة صدقوا التهمة وانخرطوا بدورهم في تبريرها وترويجها دون وعي بخطورة ذلك.
توجيه تهمة الإرهاب إلى حركات التحرير الوطني في جميع دول العالم قصة معروفة اعتمدتها جميع الدول الاستعمارية في محاولة منها تشويه حركات المقاومة وسحب الشرعية منها. لجأت إلى ذلك فرنسا على سبيل المثال، خاصة في محاولاتها خنق الثورة الجزائرية حتى أنها قتلت في يوم واحد 45 ألف جزائري. حصل ذلك بتاريخ 8 أيار/ مايو 1945، وعندما رفع المجاهدون السلاح في وجهها اتهمتهم بالإرهاب. الذين ينكرون على حركات التحرر اللجوء إلى المقاومة المسلحة، ويعتبرون ذلك عنفا غير شرعي لم يطلعوا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتبر المقاومة حقا من حقوق الشعوب "من الأساسي أن تتمتع حقوق الإنسان بحماية النظام القانوني إذا أريد للبشر ألا يضطروا إلى اللياذ بالتمرد على الطغيان والاضطهاد".
لم يطلعوا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتبر المقاومة حقا من حقوق الشعوب "من الأساسي أن تتمتع حقوق الإنسان بحماية النظام القانوني إذا أريد للبشر ألا يضطروا إلى اللياذ بالتمرد على الطغيان والاضطهاد"
قد يزعم البعض أن الإعلان لم ينص على شرعية السلاح، وهو ما يعني الاكتفاء فقط بالمقاومة السلمية. هؤلاء لا يميزون بين المعارضة السياسية في ظل دولة مستقرة، وبين حركة تحرير تواجه دولة مستعمرة غاشمة كما هو الشأن بالنسبة لإسرائيل التي تعتبر آخر نظام استعماري استيطاني في العالم. لهذا ربطت المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقها بين البعد السياسي والعمل المسلح.
يجب الإقرار بأن منظمة التحرير فقدت الكثير من تأثيرها عندما ظنت بأن الإسرائيليين سيلتزمون باتفاقية أوسلو، وسيقبلون بحل الدولتين، فكانت النتيجة اغتيال عرفات، وموت عملية السلام، وسرقة الجزء الأكبر من الوطن الفلسطيني.
لا أحد يعلم ما الذي حدث يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر داخل المستوطنات التي تسلل إليها عناصر عز الدين القسام، خاصة فيما يتعلق بعدد القتلى المدنيين. التحقيق الموضوعي وحده يمكن أن يحدد المسؤوليات، إذ لا بد من معرفة من المسؤول عن قتل غير الحاملين للجنسية الإسرائيلية أو مزدوجي الجنسية ومن المسؤول عن قتل المستوطنين غير المسلحين وكذلك غيرهم من حاملي السلاح. وهذه تفاصيل ستؤخذ بعين الاعتبار أثناء التقييم، لكن بأي من الأحوال لا يجوز المقارنة بين المقموع الذي حُرم من وطنه ومن جميع حقوقه، ووُضع في سجن كبير اسمه غزة، وبين كيان اكتسب صفة الدولة ولقي كل الدعم لمزيد الهيمنة والتوسع. ففي هذه الحالة لا أحد يحق له أن يمنع هذا المضطهد من حقه في الدفاع عن نفسه وشرفه وأرضه.
إسرائيل هي اليوم إرهاب الدولة دون تحفّظ ولا حياء، يقتلون الجميع بحجة أن المسلحين يتخذون من المدنيين دروعا بشرية. وعندما يُسألون لو كانت حماس موجودة داخل تل أبيب وبين المدنيين الإسرائيليين هل تتعاملون معهم بنفس الطريقة؟ يرفضون الإجابة
لقد أدركت قيادة حماس منذ البداية أن وجود مدنيين في صفوف الأسرى سيشكل عبئا عليها، إضافة إلى الجوانب الأخلاقية والقانونية، لذلك أبدت استعدادها لتسليمهم إلى المؤسسات المختصة. لكن الذي حدث هو أن الطرف الإسرائيلي بدا راغبا في ذلك ولا يزال حريصا على التضحية بكل الأسرى بمختلف أصنافهم حتى يحمّل حماس مسؤولية قتلهم، فيؤلب عليها الرأي العام الدولي ويؤكد صحة اتهامه لها بكونها حركة إرهابية. فالقصف الجنوني لمدينة غزة جزء من أهدافه قتل هؤلاء الأسرى، وهو ما حصل في عديد الحالات، وهو ما أدركته عائلاتهم التي طالبت باستقالة نتنياهو وإحالته إلى التحقيق ومحاكمته. وبلغ ببعض أعضاء حكومة نتنياهو الجنون إلى حد التفكير في قصف غزة بالنووي للتخلص من الجميع بمن فيهم مواطنوهم العسكريون والمدنيون، وذلك العنوان الأكبر لإرهابهم.
إسرائيل هي اليوم إرهاب الدولة دون تحفّظ ولا حياء، يقتلون الجميع بحجة أن المسلحين يتخذون من المدنيين دروعا بشرية. وعندما يُسألون لو كانت حماس موجودة داخل تل أبيب وبين المدنيين الإسرائيليين هل تتعاملون معهم بنفس الطريقة؟ يرفضون الإجابة.
الحرب ليست اختيارا في الغالب، وإنما هي عند العقلاء حالة اضطرار عندما تغلق الآذان وترتفع درجات الاضطهاد والإهانة. عندها تصبح الكلمات مثل الرصاص تقتل صاحبها أو تخرج من عقالها، وبدل أن تساعد الضحية تفعل العكس تزيد من جراحه. المقاومة الفلسطينية المشروعة ومن ورائها الشعب الفلسطيني بكل أفراده وطوائفه في أشد الحاجة إلى الدعم بمختلف أشكاله، خاصة في هذه اللحظات التي بدأ الضمير العالمي يستيقظ. القضية أكبر من حماس وأوسع من غزة، لهذا نزلت الجماهير في كل مكان من مختلف الأجناس والديانات والألوان إلى الشوارع رافعة شعارا موحدا: "الحرية لفلسطين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية حماس الإرهاب المقاومة الفلسطينية إسرائيل فلسطين حماس الإرهاب المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
عشرات المنظمات تدعو الفيفا لدفع إدارة ترامب لتغيير سياسات الهجرة
دعت 90 منظمة أمس الخميس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إلى الضغط على الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب من أجل عكس سياسات الهجرة التي تعتبر أنها تشكل مخاطر جسيمة على حقوق الإنسان في كأس العالم 2026.
جاء ذلك في رسالة وجهتها العشرات من المنظمات من بينها "هيومن رايتس ووتش"، إلى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2النمسا أول دولة بالاتحاد الأوروبي ترحل سوريًا منذ إسقاط الأسدlist 2 of 2منع عرض فيلم وثائقي يشعل الغضب داخل “بي بي سي”end of listوشدّد ترامب بعد توليه الرئاسة سياسات الهجرة بشكل غير مسبوق، فأطلق خطة لترحيل الملايين من المهاجرين غير النظاميين، وفعّل قرارا مثيرا للجدل يقضي بحظر دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة، هذا إلى جانب إجراءات أخرى.
وقد أثارت هذه السياسات موجة من الانتقادات الحقوقية، وسط تحذيرات من آثارها الاقتصادية والاجتماعية.
وحذرت الرسالة المشتركة الفيفا من أن تخاطر وتصبح "أداة علاقات عامة لتلميع انتهاكات" إدارة الرئيس ترامب.
كما دعت الرسالة حكومة الولايات المتحدة إلى التراجع عن سياسات الهجرة التي تُعرّض "حقوق المشجعين واللاعبين والصحفيين والمجتمعات المُضيفة للخطر".
وقالت مينكي ووردن مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش "إن إقصاء العالم من كأس العالم 2026 ليس مجرد قرار سيئ على المستوى التجاري، بل يتعارض أيضا مع الإستراتيجية المتعلقة بحقوق الإنسان والالتزامات ذات الصلة، والتي تم تبنيها منذ تقدمت الولايات المتحدة بعرضها لاستضافة كأس العالم 2026 مع كندا والمكسيك عام 2018″.
وكانت رايتس ووتش قد خاطبت الفيفا في مايو/أيار الماضي مطالبة بمعلومات حول الخطوات التي يتخذها الفيفا لضمان "أن تسمح الحكومة الأميركية للاعبين والمشجعين والصحفيين من جميع أنحاء العالم بحضور كأس العالم 2026 بأمان".
كما سألت رايتس ووتش الفيفا عن الخطوات التي يمكن أن يتخذها للمناصرة من أجل "تغييرات في السياسات بما يتماشى مع حقوق الإنسان الدولية، وأنظمة الفيفا وسياستها لحقوق الإنسان".
إعلانوأشارت المنظمة إلى أن رد الفيفا جاء في 3 يونيو/حزيران الماضي "دون أن يعالج أيا من القضايا التي أثارتها هيومن رايتس ووتش بشكل فعال".
وقال رد الفيفا "إذا علمت الفيفا بوجود آثار محتملة ضارة على حقوق الإنسان.. فسوف ننخرط مع السلطات المعنية".