في الوقت الذي ينصب فيه التركيز العالمي على ما يحدث في قطاع غزة، يكثف المستوطنون اليهود بدعم من القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة حملة لتهجير المجتمعات الفلسطينية الضعيفة في أكبر حملة طرد منذ عقود، في محاولة لإعادة رسم خريطة الضفة الغربية.

وبحسب تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي"، الأمريكية فإنه منذ هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حركة حماس، فإن "المستوطنين يستغلون ستار الحرب من أجل إعادة رسم الخريطة الديموغرافية في الضفة الغربية".

وقال مدير ومؤسس منظمة "كيريم نافوت" التي تراقب أنشطة الاستيطان، "درور إيتكس" إن "الفكرة تكمن في إجبار الفلسطينيين على الخروج من المنطقة (ج)، ومحاصرتهم في أماكن أخرى في المنطقة (أ) التابعة للسلطة الفلسطينية)".

والمنطقة (ج) بالضفة هي المناطق المحتلة التي ينظر إليها المجتمع الدولي على أنها أساس الدولة الفلسطينية المستقبلية.

مثل هذا الضغط على الفلسطينيين لمغادرة مناطقهم ليس بجديد، لكن "إيتكس"، قال إن "بعض المستوطنين الإسرائيليين والمسؤولين يرون في الحرب الحالية مع حماس، فرصة لتكثيف العنف والترهيب ضد الفلسطينيين".

ورفض مسؤولون إسرائيليون التعليق لفورين بوليسي على الأمر.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا)، بوقت سابق هذا الشهر، إن "ما يقارب ألف فلسطيني هُجروا قسرا من منازلهم في الضفة الغربية"، خلال تلك الفترة.

ويشمل ذلك "ما لا يقل عن 98 أسرة فلسطينية، تضم أكثر من 800 فرد، طُردت من 15 تجمعا رعويا/بدويا في المنطقة (ج)، وسط تصاعد عنف المستوطنين المكثف والقيود المفروضة على الوصول".

وتقدر الأمم المتحدة أن "ما يقرب من 2000 فلسطيني هُجروا حتى الآن منذ بداية العام، في ظل استمرار عنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة".

ومن جانبه، قال موشي سولومون، عضو الكنيست الإسرائيلي الذي كان يشغل حتى الأسبوع الماضي لجنة فرعية معنية بالضفة الغربية، إن الفلسطينيين "يمثلون تهديدا مستمرا للإسرائيليين الذين يعيشون في الضفة"، مشيرًا إلى هجمات من بينها إطلاق نار.

وأرسل وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش خطابا إلى رئاسة الحكومة، الإثنين، دعا فيه إلى "حماية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بإنشاء مناطق عازلة حولها، لمنع دخول الفلسطينيين"، بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست".

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، بيانا لوزارة الخارجية الفلسطينية، اعتبرت فيه أن تصريحات سموتريتش "الهدف منها سرقة المزيد من أراضي المواطنين الفلسطينيين وضمها إلى المستعمرات والبؤر العشوائية القائمة لتعميق وتوسيع الاستعمار في أرض دولة فلسطين، كجزء لا يتجزأ من عمليات الضم التدريجي المعلن وغير المعلن للضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية".

وأضافت الوزارة أن "الحكومة الإسرائيلية بتلك التصريحات، تكشف حقيقة سياستها التي تنفذها على الأرض، من خلال تدمير قطاع غزة وتهجير سكانه لتصفية القضية الفلسطينية".

واعتقلت أجهزة الأمن الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، حوالي 1900 فلسطيني في الضفة الغربية، بحسب "نادي الأسير"، وهي جمعية تدافع عن حقوق المعتقلين.

ويعتبر القانون الدولي المستوطنات في الضفة الغربية "غير شرعية"، ويرى المجتمع الدولي أن خطورة المستوطنات تكمن في أنها "تقوض حل الدولتين، وتمنع جغرافيا وأمنيا إقامة دولة فلسطينية متصلة في الضفة الغربية، كما أنها تخلق معاناة يومية للفلسطينيين".

واندلعت شرارة الحرب في غزة والعنف في الضفة الغربية، في 7 أكتوبر/تشرين الأول بعد أن شنت حركة حماس هجوما على إسرائيل، أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص. وترد إسرائيل بشن غارات متواصلة على القطاع، أسفرت عن استشهاد نحو 11 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال.

وازدادت الأصوات المطالبة بتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية إلى مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضته الدولتان بشدة في مناسبات عديدة، بل واعتبر الأردن في تصريحات رسمية أن تهجير فلسطينيي الضفة نحو أراضيه سيكون بمثابة "إعلان حرب".

المصدر | فورين بوليسي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الضفة الغربية غزة إسرائيل فی الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

حكومة نتنياهو تصدّق على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة بالضفة الغربية

صدّق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، في حين هاجم مستوطنون مجددا تجمّع الحثرورة البدوي قرب الخان الأحمر شرق القدس المحتلة.

كما أصيب فلسطينيان برصاص جنود الاحتلال فجر اليوم الجمعة خلال اقتحامهم مخيم الأمعري جنوب رام الله، وأصيبت فلسطينية جراء اعتداء جنود الاحتلال عليها بالضرب في مدينة دورا بالخليل.

وقالت القناة الـ14 اليوم الجمعة إن الكابينت صدّق على طلب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش تنظيم 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، مضيفة أن سموتريتش قدّم مساء الخميس إلى أعضاء الكابينت خطته لتنظيم تلك المستوطنات.

وأضافت أن بعض هذه المستوطنات جديدة تماما، وبعضها قائم وسيتم تنظيمه، مشيرة إلى أن أبرز المستوطنات القائمة هما غانيم وكاديم اللتان تم إخلاؤهما عام 2005 بالتزامن مع تفكيك المستوطنات في قطاع غزة.

وتقول حركة "السلام الآن" الإسرائيلية إن نحو نصف مليون مستوطن يقيمون في مستوطنات بالضفة الغربية، في حين يقيم نحو 250 ألف مستوطن في مستوطنات مقامة على أراضي القدس الشرقية.

ومن شأن التهام إسرائيل الضفة الغربية المحتلة ثم ضمها إليها رسميا إنهاء إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) المنصوص عليه في قرارات صدرت عن الأمم المتحدة.

جاء هذا فيما أدان الأمين للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مضيفا أن العام الجاري شهد أعلى مستويات تقدم المخططات الاستيطانية منذ بدء الرصد الأممي.

في المقابل، قالت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إن تصديق الكابينت على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية يدق ناقوس الخطر بشأن مستقبل الضفة.

وأضافت الهيئة أن القرار تصعيد خطير ويكشف عن النوايا الحقيقية لحكومة الاحتلال في تكريس التهويد الكامل للأرض الفلسطينية، وهي تأتي ضمن سياسة ممنهجة تقودها حكومة نتنياهو لشرعنة البؤر وتحويلها إلى مستوطنات رسمية، مما يكرس السيطرة على الأراضي الفلسطينية.

مستوطنون يواصلون عمليات تجريف الأراضي وقلع أشجار الزيتون في السهل الشرقي من بلدة ترمسعيا شمالي رام الله#الأخبار pic.twitter.com/dlHx4op9OP

— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 12, 2025

هجمات المستوطنين واقتحامات

في غضون ذلك، هاجم مستوطنون مجددا تجمّع الحثرورة البدوي قرب الخان الأحمر شرق القدس المحتلة.

إعلان

وأفادت مراسلة الجزيرة بأن المستوطنين لاحقوا شبانا من التجمع واعتدوا عليهم.

كما أفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اقتحمت التجمع وأغلقت مداخله، وأخضعت عددا من السكان للتحقيق بعد أن دافعوا عن أنفسهم أمام اعتداءات المستوطنين.

وفي تطور آخر، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن فلسطينية أصيبت إثر اعتداء قوات الاحتلال عليها بالضرب في مدينة دورا بالخليل جنوبي الضفة الغربية.

كما أصيب فلسطينيان خلال اقتحام قوات الاحتلال مخيم الأمعري بمدينة البيرة.

وفي الوقت نفسه، يواصل مستوطنون عمليات تجريف الأراضي وقلع أشجار الزيتون في السهل الشرقي من بلدة ترمسعيا شمالي رام الله.

وأفادت مراسلة الجزيرة بأن المنطقة تشهد منذ أيام عمليات تجريف مستمرة من جانب جيش الاحتلال والمستوطنين شملت آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين الزراعية وقُطعت خلالها أكثر من ألفي شجرة زيتون.

يذكر أن بلدة ترمسعيا محاطة بمستوطنة شيلو وعدد من البؤر الاستيطانية.

واعتقلت قوات الاحتلال فجر اليوم شابين من مدينة طولكرم.

وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال اعتقلت إبراهيم عودة ومحمود اليحيى بعد مداهمة منزليهما في ضاحية عزبة الجراد شرقي المدينة.

وفي سياق متصل، أفاد شهود عيان بأن الجيش الإسرائيلي اعتدى على عائلة فلسطينية خلال اقتحامه قرية المغير شرقي رام الله، دون الإبلاغ عن إصابات.

وتشهد مناطق متفرقة من الضفة الغربية اقتحامات شبه يومية من جانب الجيش الإسرائيلي تتخللها عمليات اعتقال واشتباكات.

ومنذ أن بدأت حرب الإبادة بقطاع غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والتي استمرت عامين قتل الجيش الإسرائيلي ومستوطنون في الضفة الغربية أكثر من 1092 فلسطينيا وأصابوا نحو 11 ألفا، إضافة إلى اعتقال ما يزيد على 21 ألفا.

مقالات مشابهة

  • مستوطنون صهاينة يعتدون على ممتلكات الفلسطينيين في الضفة
  • مستوطنون يهاجمون ممتلكات المواطنين بالضفة بحماية مشددة من جيش الاحتلال
  • الاحتلال يرفض تحديد سقف زمني لعملياته بالضفة.. ويقر بعنف المستوطنين
  • اعتقالات بالضفة واتهام أممي لإسرائيل بتهجر ألف فلسطيني
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تهجّر 1000 فلسطيني بالضفة الغربية
  • الأمم المتحدة: "إسرائيل" هجُرت ألف فلسطيني بالضفة منذ مطلع العام
  • تصاعد عنف المستوطنين يدفع آلاف الفلسطينيين للنزوح في الضفة
  • مصابون ومواجهات بالضفة المحتلة واستمرار هجمات المستوطنين
  • حكومة نتنياهو تصدّق على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة بالضفة الغربية
  • الاحتلال يعتدي على الفلسطينيين خلال اقتحامه مخيم الأمعري بالضفة الغربية