هل يمكن للدبلوماسية الأمريكية إحلال السلام بعد حرب إسرائيل وحماس؟
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
في خضم حرب أكتوبر1973 بين إسرائيل وتحالف من الدول العربية بقيادة مصر وسوريا، مدَّ وزير الخارجية هنري كيسنجر آنذاك يد العون من أجل التفاوض لإنهاء الصراع، ثم أبرمَ صفقة دبلوماسية تاريخية بين مصر وإسرائيل بشَّرت بحقبة من الاستقرار النسبي وما تلا ذلك من سلام أمريكي في الشرق الأوسط.
قد تكون الولايات المتحدة في وضع يشبه إلى حدٍ كبير حرب عام 1973
وعوَّل النجاح الدبلوماسيّ لكيسنجر على إيمانه بنهج تدريجي أصبح الفكرة المهيمنة في حياته المهنية.
وسعيّاً لتحقيق هذه الأهداف الإستراتيجية، استطاع كيسنجر تقديم إمدادات طارئة من الأسلحة إلى إسرائيل في لحظة فارقة في الحرب، فساعد على قلب موازين الحرب لصالح إسرائيل. لكنه حرص على الحيلولة دون انتصار عسكري إسرائيلي كاسح، إذ تأكد من صمود الجيش المصري.
فلو كان النصر حليفاً لإسرائيل، لما كانت إسرائيل ولا مصر "لتتقبل الأدوار التي أراد كيسنجر أن تؤديها"، بحسب رأي السفير الأمريكي السابق لإسرائيل مارتن إنديك الذي أعرب عنه في كتابه "سيد اللعبة: هنري كيسنجر وفن دبلوماسية الشرق الأوسط".
ويواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن بطريقةٍ ما واقعاً إستراتيجيّاً مماثلاً في الشرق الأوسط حاليّاً. في عام 1973، ذُهِلَ الإسرائيليون من الهجوم المفاجئ الذي شنه العرب ومثَّل لهم تهديداً وجوديّاً آنذاك من مصر وسوريا واليوم من حركة حماس التي حكمت قطاع غزة منذ عام 2007.
وأمدَّ الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون إسرائيل بالأسلحة التي تحتاج إليها للدفاع عن نفسها ضد أي تهديد، بل وجهَّز الأسلحة النووية الأمريكية بعد أن هدد الاتحاد السوفيتي بالتدخل في الحرب لإنقاذ مصر من هزيمة إسرائيلية.
وبالمثل أكَّدَ الرئيس بايدن مجدداً على الالتزام الأمريكي بالدفاع عن إسرائيل وأرسلَ مجموعتين من حاملات الطائرات إلى الشرق الأوسط لردع إيران ووكلائها عن التدخل في حرب غزة.
دعم مشروط
ولكن، كما في حرب 1973، فإن دعم أمريكا لإسرائيل ليس غير مشروط. فقد مارست إدارة بايدن ضغوطاً على إسرائيل لإدخال مساعدات إنسانية لقطاع غزة، وصرَّحت بأنها رغم دعمها لهدف إسرائيل المتمثل في هزيمة حماس، فهي تعارض أي خطة إسرائيلية لإعادة احتلال قطاع غزة.
فضلاً عن ذلك، واصل الأمريكيون أيضاً دعم فكرة إقامة دولة فلسطينية مُستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة تتعايش مع الدولة اليهودية فيما يُعرف بـ "حل الدولتين". ورغم دعم 35% من الإسرائيليين لهذه الفكرة، فإن الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة حزب الليكود ترفضها.
ومن هذا المنطلق، قال د. ليون هدار محرر مساهم في مجلة "ناشونال إنترست"، وباحث أول في معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا، في مقاله بموقع المجلة الأمريكية، قد تكون الولايات المتحدة في وضع يشبه إلى حدٍ كبير حرب عام 1973 يدعوها لتعزيز منهجية دبلوماسية خلّاقة في الشرق الأوسط. وقد يعتمد ذلك على القوة العسكرية الإسرائيلية واحتواء إيران، وفي الوقت عينه مساعدة الفلسطينيين على تحقيق استقلالهم السياسي وانتعاشهم الاقتصادي.
نحو إستراتيجية عربية إسرائيلية شاملة
ويمكن أن تكون هذه الخطة جزءاً من استراتيجية عربية إسرائيلية شاملة تتماشى إلى حدٍ كبير مع تلك التي اتبعتها واشنطن قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول)، مما يمهد الطريق لتطبيع العلاقات بين العالم العربي والدولة اليهودية كجزءٍ من جهود احتواء تهديد إيران ووكلائها. وفي أعقاب حرب غزة، يمكن لواشنطن أن تروج لفكرة دمج كيان فلسطيني في الاستراتيجية العربية الإسرائيلية المتطورة.
Can U.S. Diplomacy Promote Peace in the Israel-Palestine War? https://t.co/myMuntY9RM
— Tarık Oğuzlu (@TarikOguzlu) November 10, 2023
وفي هذا السياق، يضيف الكاتب: "يمكن للسلطة الفلسطينية أن تحل محل حماس وتحكم غزة. والواقع أن قوة عسكرية متعددة الجنسيات بقيادة مصر والأردن قادرة على السيطرة على قطاع غزة، ربما بدعمٍ من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا وألمانيا".
وأشار إلى أن هذه العملية قد تستغرق عدة سنوات. ويمكن للقوى المعنيَّة أن تحدد موعداً لإجراء انتخابات حرة في الضفة الغربية وغزة بعد ثلاث سنوات من الآن مثلاً بعد إعادة الإعمار الاقتصادي لقطاع غزة التي يمكن أن تخلق الظروف المواتية لتحويل هذه المنطقة إلى منتجع سياحي ومركز تجاري.
على كل حال، تم التوقيع على الاتفاقية المصرية الإسرائيلية النهائية في عام 1977. وهذه المرة سيكون الاتفاق مستنداً إلى أجندة ورؤية للسلام تقدمهما الولايات المتحدة لدولة إسرائيلية وأخرى فلسطينية، وسيُدمَج في شراكة عربية إسرائيلية تدعمها الولايات المتحدة.
واختتم الكاتب مقاله بالتساؤل: هل من الممكن بعد عقود من القتال وسفك الدماء أن يصيب الإنهاك الفلسطينيين والإسرائيليين، ويمسوا مستعدين لأن يسلكوا درب السلام؟ من الممكن أن تُخضع واشنطن هذه الفكرة إلى التجربة على الأقل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الولایات المتحدة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
صحافة عالمية: إطلاق البرغوثي سيساعد على إحلال السلام
تناولت صحيفة غارديان البريطانية في افتتاحيتها استمرار إسرائيل في منع وصول الإمدادات الحيوية إلى قطاع غزة، وسط مطالبات بإطلاق سراح القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي كعنصر أساسي لإحلال السلام في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفلسطينيين بحاجة ماسة إلى الأمن والإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار، لكنهم يحتاجون أيضا إلى أفق سياسي يأملون تحقيقه، ولا سيما أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا تتحدث صراحة عن قيام دولة فلسطينية.
ورأت الصحيفة أن الضغط من أجل إطلاق سراح البرغوثي المسجون في إسرائيل يعد أمرا ملحا وعنصرا أساسيا لإحلال السلام بالمنطقة.
وعلى صعيد الشأن الإسرائيلي الداخلي، كتبت صحيفة يديعوت أحرونوت عما سمتها "دكتاتورية إعلامية" من مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية ضد الصحفيين والمراسلين.
وأوضحت أن العلاقات بين مكتب نتنياهو والصحافة الإسرائيلية وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث يقاطع المكتب فعليا معظم وسائل الإعلام ولا يقدم أي إحاطات تقريبا.
وأضافت الصحيفة أن الصحفيين يواجهون عمليات تفتيش أمنية غير مسبوقة عند مدخل مكتب رئيس الوزراء، كما قرر مكتب نتنياهو مؤخرا عدم اصطحاب الصحفيين الإسرائيليين في رحلاته الرسمية، خلافا للتقليد المتبع لدى رؤساء الحكومات السابقين.
قوة متعددة الجنسيات
ومن جهة أخرى، ذكرت صحيفة إندبندنت البريطانية أن أوروبا بقيادة بريطانيا وفرنسا تتجه إلى تشكيل ما سمتها "قوة طمأنة" في أوكرانيا تُنشر بعد انتهاء الحرب للمساهمة في إعادة تدريب الجيش الأوكراني ودعم تنفيذ أي اتفاق سلام محتمل.
ورغم بدء لندن بوضع خطط لقوة متعددة الجنسيات فإن موسكو رفضت أي انتشار عسكري أجنبي على الأراضي الأوكرانية.
وإذا ما حصلت الموافقة المتبادلة فإن آلاف الجنود الأوروبيين قد ينتشرون في مدن أوكرانية لتعزيز قدرات الجيش وتشكيل قوة ردع ضد أي عدوان روسي مستقبلي.
إعلانوفي سياق متصل، تحدثت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في افتتاحيتها عن وجود "حالة نفاق" في موقف الاتحاد الأوروبي بشأن أوكرانيا، موضحة أن القادة الأوروبيين يعربون عن التزامهم الراسخ وتضامنهم مع أوكرانيا نظريا، أما عمليا فغالبا ما يعجزون عن الاتفاق واتخاذ الخيارات والتضحيات اللازمة لمساعدتها.
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد ألمح إلى احتمال خيانة واشنطن كييف، متسائلة: كيف يفسَّر تصنيف فرنسا ثالث أكبر مشتر للطاقة الروسية في أوروبا، ليس قبل سنوات بل اعتبارا من أغسطس/آب الماضي؟
وعلى المستوى الأميركي، تحدثت صحيفة بوليتيكو عن مشروع قانون دفاعي توافقي في الكونغرس بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي يعرقل خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن انسحاب القوات الأميركية من أوروبا.
ومن المقرر التصويت على التشريع هذا الأسبوع، والذي سيفرض قيودا جديدة على خفض مستويات القوات في أوروبا.
ويتناقض هذا الإجراء بشكل صارخ مع إستراتيجية الأمن القومي الجديدة للرئيس ترامب التي تنتقد الحلفاء الأوروبيين بشدة.
وفي الشأن الأفريقي، ذكر تقرير في صحيفة نيويورك تايمز أن الحكومة في دولة بنين الواقعة في غرب أفريقيا سعت جاهدة إلى تهدئة المخاوف والتأكيد على إحباط المحاولة الانقلابية، مشيرا إلى أن الوضع يظل غامضا.
وأشارت الصحيفة إلى أن المعارضة في بنين زعمت أن الانقلاب مختلق لإبقاء رئيس البلاد باتريس تالون في السلطة بعد أن عزز أدوار حلفاء له من الجيش ليتمكن من الحكم بالوكالة نيابة عنهم.