أجانب بغزة يكشفون لـعربي21 إسرائيل تساوم حكوماتنا لتقديم تنازلات
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
لا يزال آلاف الأجانب ومزدوجي الجنسية من 60 دولة حول العالم محاصرون في قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي وعدم وجود ممر آمن في ظل تعنت الاحتلال في رفض وقف الحرب أو السماح بهدنة إنسانية لدخول المساعدات وخروج المصابين.
وارتفعت حصيلة الشهداء جراء العدوان إلى أكثر من 11 ألف شهيد جلهم من النساء والأطفال، في أكبر مقتلة في تاريخ الفلسطينيين، وفقا لأحدث أرقام وزارة الصحة في غزة.
وطوال الأسابيع الأربعة الأولى لم يتمكن أحد من الخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح، الممر الوحيد للخروج من القطاع، إلا في أضيق الحدود، وإزاء الضغوط الغربية للسماح بخروج الأجانب رهنت مصر موافقتها على فتح معبر رفح بإدخال مساعدات إغاثية وإنسانية وهو ما ترفضه سلطات الاحتلال إلا بكميات قليلة.
وانتقدت مصر منذ الأسبوع الأول للعدوان على القطاع دولة الاحتلال بسبب عدم تعاونها في السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المكدسة في عشرات الشاحنات إلى معبر رفح وإجلاء حاملي جوازات السفر الأجنبية عبر المعبر الوحيد إلى العالم الخارجي.
وأبدت مصر استعدادها لاستقبال 7 آلاف أجنبي يحملون جنسية أكثر من 60 دولة من المقرر إجلاؤهم من قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان، مطلع الشهر الجاري، دون تحقيق تقدم يذكر.
منذ الأيام الأولى للعدوان رفضت سلطات الاحتلال في السماح بخروج الأجانب، وفي هذا الصدد قال مسؤولون أمريكيون وبريطانيون أنهم يأملون في إمكانية فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر لمحاولة إجلاء رعاياهم، دون تحقيق أي تقدم.
الاحتلال يساوم الحكومات الغربية
واشتكى عدد من الأجانب ومزدوجي الجنسية من عدم قدرة حكومات بلادهم على الضغط على إسرائيل لفرض هدنة مؤقتة والسماح لهم بالخروج عبر ممر آمن رغم مرور أكثر من 5 أسابيع على اندلاع الحرب على قطاع غزة.
خرجت في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أول دفعة بريطانيين من غزة باتجاه مصر عبر معبر رفح، بعد اتفاق الخارجية البريطانية مع السلطات المصرية والإسرائيلية على قائمة أسماء مواطنين بريطانيين يريدون مغادرة غزة.
وقال وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، "نعمل مع السلطات المصرية والإسرائيلية لضمان بقاء المعبر مفتوحا حتى يتمكن جميع المواطنين البريطانيين من بلوغ بر الأمان في الأيام المقبلة"، ووصف عبور المواطنين البريطانيين بأنه "خطوة أولى هائلة الأهمية".
الأجانب دروع بشرية لإسرائيل
وكشفت أسرة بريطانية من أصل فلسطيني على معبر رفح على الجانب الغزي أن "كل محاولاتنا للتواصل مع الخارجية البريطانية لتأمين خروجنا من القطاع بعد نزوحنا من مدينة غزة في الأسبوع الأول من الحرب دون فائدة، رغم إبدائهم الرغبة في مساعدتنا، إسرائيل لا تستجيب لدعوات مسؤولين الحكومات الغربية رغم دعمهم لها فيما يسمى بحق الدفاع عن النفس".
واتهمت الأسرة التي تتكون من 6 أشخاص (الوالدان وأربعة أبناء)، والتي طلبت عدم ذكر اسمها، لأنها تنتظر تنسيق أسمائها ضمن الكشوف الجديدة، سلطات الاحتلال باتخاذهم دروع بشرية، وقالت لمراسل "عربي21": إسرائيل تساوم الحكومات الغربية لتقديم المزيد من الدعم والتنازل والضغط عليها لاحتواء المظاهرات المعارضة الشديدة للحرب، نحن هنا دروع بشرية لإسرائيل لمساومة حكوماتنا، وإلا كانت سمحت لنا بالخروج".
وأوضحت الأسرة، "نحن هنا أكثر من أسرة تم السماح بدخول بعض الأفراد ولم يدخل الباقي وبانتظار الخروج، لقد عشنا أسابيع قاسية و نزحنا من منازل العائلة في شمال غزة مع الأيام الأولى للحرب، رغم رفضنا المغادرة اعتقادا منا أن رد الفعل لن يتطور إلى حرب وما حدث هو تطور الأمر إلى عقاب جماعي وإبادة جماعية، لقد تم تسوية منازلنا بالأرض بسبب القصف الجوي والمدفعي هناك، لو بقينا بعض الوقت لقتلنا هناك".
وأشارت الأسرة إلى تقارير الصحف البريطانية التي تنتقد الحكومة بسبب تقاعسها عن إجلاء رعاياها ومواطنيها من غزة، "غالبية الصحف هناك ترى أن الحكومة لم توفق في التعامل مع رعاياها في غزة ولم تقدم الدعم اللازم بعد تركهم هناك لأسابيع تحت القصف دون حماية، محاولة إسرائيل الضغط على الحكومة أكثر من ذلك أمر بغيض ولن تنجح في منع الناس من النزول والدفاع عن الحق في الحياة".
الشعوب الأوروبية تتحدى حكوماتها
وتشهد لندن والعديد من عواصم دول العالم بعض من أكبر المظاهرات في أوروبا الرافضة للعدوان الإسرائيلي وفي بعض عناوينها الإبادة الجماعية التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق أكثر من 2.3 مليون مواطن فلسطيني إلى جانب سياسة التعطيش والتجويع، ما يضغط بقوة على حكومة الاحتلال لإنهاء الحرب غير المبررة على الشعب الفلسطيني الأعزل.
وفشلت دعوات حكومية رسمية في المملكة المتحدة في إقناع شرطة العاصمة لندن بمنع المظاهرة المليونية، التي يعتزم أنصار فلسطين تنظيمها غدا (السبت) للمطالبة بوقف إطلاق النار، واتهمتها بالانحياز إلى الفلسطينيين
وصف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك المظاهرات المزمع تنظيمها، السبت، بأنها "تصرف غير لائق".
ابتزاز إسرائيلي على حساب أرواح الناس
على المستوى الحقوقي، يقول المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطار، إن "المتابع لملف معاناة الآلاف من الرعايا الأجانب ومزدوجي الجنسية المتواجدين بقطاع غزة وقيام الطيران الإسرائيلي بقصف معبر رفح سواء على الجانب الفلسطيني والمصري وتدمير الطرق المؤدية إلى المعبر وعدم توفير ممرات آمنة بالرغم من قيام الجانب الفلسطينى بمطالبة السلطات المصرية باستمرار بإعادة فتح معبر رفح لإجلاء الأجانب ومزدوجي الجنسية والجرحى إلى مصر، هو ابتزاز على حساب أرواح الناس".
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "إسرائيل وبالرغم من المناشدات الدولية والأممية بفتح ممرات آمنة للسماح بمرورهم لكنها تتجاهل وتتعنت وترفض الموافقة على هدنة إنسانية والسماح بفتح المعبر الوحيد المنفذ لحياة المحاصرين وهو ما يؤكد أنها تساوم وتبتز الحكومات الغربية لحصولها على دعم معنوي ومادي أكبر".
ووصف موقف سلطات الاحتلال من خروج الأجانب ومزدوجي الأجانب "بأنه يعرض حياة آلاف الأطفال والنساء للخطر، وتشكل الإجراءات المعقدة تهديد مباشر لأمنهم وسلامتهم وحياتهم ما ينذر بوقوع مزيد من الضحايا بسبب عدم البعض على مغادرة أماكن إيوائهم في قطاع غزة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الاحتلال غزة الحكومات غزة اجانب حكومات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأجانب ومزدوجی الجنسیة الحکومات الغربیة سلطات الاحتلال قطاع غزة معبر رفح أکثر من
إقرأ أيضاً:
أحمد رحال لـعربي21: فلسطين في الوجدان.. والاتفاقية مع إسرائيل ليست تطبيعا أو سلاما دون مقابل
عام مضى منذ أن انقلبت الحرب التي ظن الرئيس بشار الأسد قد حسمها لصالحه، بعد أن تمكنت قوة من مقاتلي المعارضة من التقدم من إدلب، المحافظة السورية الواقعة على الحدود مع تركيا، ودخول دمشق بقيادة أحمد الشرع يوم الـ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، والذي بات اليوم رئيسًا انتقاليًا، فيما يعيش الأسد في منفى في روسيا.
لا تزال سوريا غارقة في الدمار، ففي كل مدينة وبلدة، يعيش الناس داخل أبنية هشة، محروقة ومجوفة من الداخل بفعل سنوات من حرب طاحنة، ورغم تراكم أزمات "سوريا الجديدة"، فإن هذا البلد يبدو اليوم أقل اختناقًا بعد زوال الثقل القاسي الذي فرضه النظام المخلوع لسنوات طويلة.
تمكن أحمد الشرع من شق طريقه باتجاه الخارج والذي على ما يبدوا كان أسهل بكثير من الداخل، فقد نجح في إقناع السعودية والدول الغربية بأنه يمثل "أفضل فرصة لقيام مستقبل مستقر في سوريا"، كما وحضي بدعم أمريكي وأوروبي كبير تمخض عنه رفع العقوبات عن بلاده، أما في الداخل، فالصورة قد تكون مختلفة، حيث يدرك السوريون نقاط الضعف ومشكلات بلادهم أكثر من أي جهة أجنبية.
ورغم تأكيد الشرع أن بلاده منهكة من الحرب، وإنها لا تمثل تهديدًا لجيرانها ولا للغرب، مؤكدًا أنهم سيحكمون "لصالح جميع السوريين"، غير أن إسرائيل رفضت تلك الرسالة تمامًا ولم تقتنع كليا بالنوايا، فيما يواصل الرئيس ترامب الدفع باتجاه إنجاح اتفاق بين سوريا وإسرائيل الذي بات يواجه الكثير من العراقيل بسبب شروط يفرضها نتنياهو.
لاستقراء ما يمكن أن تحمله الأيام من أحداث بشأن سوريا، وحجم المنجزات والإخفاقات التي واكبت حكومة أحمد الشرع خلال عام مضى، أجرى موقع "عربي21" لقاءًا خاصا مع الخبير العسكري والمحلل السياسي العميد أحمد رحال، وفيما يلي نص المقابلة:
أين ترى سوريا اليوم بعد عام من التحرير؟ هل تسير ضمن خطوات مدروسة باتجاه تحقيق العدالة والمساواة التي يرمي إليها الشعب، أم أن الإخفاقات كثيرة؟
نحن أمام إنجاز كبير، وهو إسقاط نظام الأسد، ومع ذلك لدى الشعب السوري مطالب أكبر بكثير مما تحقق، ولكن السلطة لا تملك عصا سحرية لتغيير الواقع، ومع وجود إخفاقات كبيرة، فإن هناك ثلاثة ملفات ضاغطة إن لم تُنفّذ فنحن في مشكلة، وهي ترسيخ الأمن، وإعادة بناء المجتمع، فضلاً عن الحاجة لمؤتمر حوار وطني وإعلان دستوري جديد وتأسيس حكومة تشاركية تعددية.
هل استطاع الرئيس أحمد الشرع محو سمة الإرهاب عنه، وتمكّن من إقناع الرأي العام بأنه تحول من مجاهد إلى رجل دولة؟
زيارة أحمد الشرع للبيت الأبيض دليل على وجود قناعة عربية ودولية بأن الرئيس السوري أزال عنه سمة تهمة الإرهاب، لكن المشكلة ليست في الرئيس الشرع، بل في بعض قيادات الصف الأول في هيئة تحرير الشام، وما حدث في الساحل السوري والسويداء من انتهاكات، وإن كانت فردية، دليل على ضرورة تغيير سلوك هؤلاء.
ما تفسيرك لطبيعة الحراك المعارض لحكومة أحمد الشرع في بعض المحافظات كالسويداء واللاذقية؟ مجلة الإيكونوميست ترجح اندلاع انتفاضة قريبًا ضد قادة سوريا الجدد. هل يمكن وصفها فعلًا بالانتفاضة؟
بقدر النجاحات الكبيرة التي حققتها السياسة السورية في الخارج، لكنها أخفقت في كثير من ملفات الداخل. لذا، من الضروري وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وخاصة في المفاصل الأمنية والعسكرية، لتجنب ما حدث في بعض المحافظات، والتي على إثرها خرجت تظاهرات معارضة للحكومة في دمشق. وفي المحصلة، تتحمل الحكومة المسؤولية لمعالجة الانقسامات وتجنب الخطر، رغم عدم وجود مخاوف من تطور الوضع للتصادم مع السلطات على غرار ما حصل في عام 2011، لكن بالتأكيد نحن بحاجة إلى مشروع وطني يجمع لا يفرق.
هل من المنصف اتهام سوريا الجديدة بأنها تخلت عن القضية الفلسطينية ولم تعد ضمن سلم أولوياتها، وباتت دمشق خارج معادلة الحكومات العربية المعادية لإسرائيل؟
قرارات الحكومة في دمشق واضحة، وهي أنها قسمت موضوع التفاوض مع إسرائيل إلى شقين، الأول هو اتفاق أمني يعيد الأمور إلى ما كانت عليه ما قبل 18-12-2024، بمعنى العودة إلى الاتفاق الموقع عام 1974، وهذا أمر لا يعني بالضرورة السلام مع إسرائيل، ولطالما أكد الرئيس الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني أن سوريا ملتزمة بالموقف العربي، ومفاده لن نمنح إسرائيل سلامًا على بياض، ولا يعني أيضًا التخلي عن القضية الفلسطينية، فالنتيجة هو مجرد اتفاق وليس تطبيع.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
البعض يتهم حكومة الرئيس أحمد الشرع بالخضوع لإسرائيل، مستدلين بذلك بسلسلة الهجمات التي شنها الاحتلال على سوريا والتي لم تكن تُذكر خلال حكم الأسد، ما رأيك؟
نتيجة للتفاهمات التي كانت موجودة ما بين نظام الأسد وإسرائيل، تُرجمت إلى عدم شن الاحتلال هجمات على سوريا، وليس معنى هذا أن إسرائيل كانت تتخوف من الجيش السوري، فبعد عام 1973، لم يشكل الجيش للاحتلال رقمًا صعبًا، ونذكر هنا ما قاله رامي مخلوف عام 2011، أن أمن دمشق من أمن إسرائيل، كما أن تل أبيب هي من عارضت إسقاط نظام الأسد حتى تيقنت عام 2024، أن إيران لا تخرج من سوريا طالما نظام الأسد موجود، وبالتالي رفعت الغطاء عنه.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
قبل أيام حذر مسؤولون إسرائيليون من خطورة دعم الرئيس ترامب لأحمد الشرع على أمن دولة الاحتلال، هل فعلاً سوريا بوضعها السياسي والاقتصادي الهش حاليًا تشكل تهديدًا لإسرائيل؟
كلام الرئيس، والشارع، وكل القيادة السورية كان واضحًا، وهو أننا اليوم لا نبحث عن عداء مع أحد، ولا نريد أن نبحث عن حرب مع أحد، بل نريد بناء مؤسسات الدولة، وتأمين معيشة المواطن السوري. وبالتالي، الكلام عن كون دمشق تمثل تهديدًا لإسرائيل بعيد عن المنطق، والحقيقة أن نتنياهو يبحث عن الذرائع للتحرش بسوريا منذ وصول الشرع للسلطة، ومفاد رسالة تل أبيب أنها لن تنتظر سبع سنوات للوقوع في كمين طوفان الجولان كما حدث مع طوفان الأقصى.
كانت غزة حاضرة في هتافات الجيش السوري خلال مسير عسكري في دمشق بمناسبة ذكرى التحرير، هل تم بتوجيه مركزي أم باجتهاد فردي، أم إنها ورقة ضغط للدفع باتجاه تسريع الاتفاق مع إسرائيل؟
الخطاب السوري تجاه القضية الفلسطينية وغزة والضفة الغربية واضح، وهو في وجدان كل مواطن سوري، وهذا ما لمسناه خلال ترديد الهتافات في الاستعراض العسكري الذي حدث في دمشق بذكرى التحرير، وما يبدر من تصريحات بشأن دعم فلسطين هي مواقف معنوية فردية، ليس معناها أن ترسل سوريا جيشًا للقتال ضد إسرائيل.
لا ننكر وجود مؤيدين وحلفاء حتى اللحظة للرئيس المخلوع الأسد، سواء في الداخل أو الخارج، ولكن هل تعتقد أن ما تضمنته الفيديوهات المسربة وهو برفقة لونا الشبل قد أطاح بصورته؟
عام 2021، خسر بشار الأسد ما كان يملكه من دعم وتأييد لدى الطائفة العلوية، حيث تيقنوا أنه لا خير يرتجى منه، خاصة وأن البروباغاندا الإعلامية والاستخباراتية التي عمل عليها النظام تفككت خلال أعوام الحرب الأخيرة، كما أن إعلانه عن عدم قدرته على تأمين الرواتب وتقديم الخدمات، كلها أسباب فاقمت من السخط الشعبي ضد الأسد، لذا فإن ظهوره خلال المقاطع المصورة وهو يستهزئ بالجيش وقادته، بما فيها الميليشيات الوافدة التي كانت تدعمه، أكدت لمن لم يتأكد بعد مدى الاستخفاف الذي كان يتعامل به بشار الأسد مع مؤسسات وقطاعات الدولة، كما كشفت تلك المقاطع أن سوريا كانت تفتقد أساسًا لوجود رئيس يمتلك مواصفات الهيبة التي تؤهله لقيادة بلد غارق بالأزمات.
تعرض لأول مرة .. تسريبات تكشف أحاديث بين الأسد ولونا الشبل#سوريا#قناة_التغيير_الفضائية pic.twitter.com/6ea7dGdvs5 — قناة التغيير الفضائية (@AlTaghierTV) December 6, 2025
تباطؤ مسار العدالة مع الذكرى السنوية للتحرير
لا يمتد نفوذ الشرع إلى شمال شرقي سوريا، حيث يفرض الأكراد سيطرتهم على نحو 25 بالمئة من مساحة البلاد، ولا إلى أجزاء من الجنوب، حيث يسعى الدروز، إلى إقامة دولة مستقلة بدعم من حلفائهم الإسرائيليين، وعلى الساحل، يخشى العلويون تكرار "المجازر" التي تعرضوا لها في آذار/مارس الماضي رغم تعهد دمشق بالتحقيق ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والتي اتضح تورط العديد من الفصائل المنضوية ضمن الحكومة.
مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أعرب عن قلقه الشديد بشأن بطء وتيرة العدالة، وقال متحدث باسم المكتب إن السلطات الانتقالية اتخذت خطوات مشجعة لمعالجة الانتهاكات السابقة، لكنها ليست سوى بداية لما ينبغي القيام به، وأشار المكتب إلى أن بعض السوريين تحركوا بأنفسهم، أحياناً بالتعاون مع قوات الحكومة، مؤكدًا أن المئات قُتلوا خلال العام الماضي على يد قوات الأمن والجماعات الموالية لها، وعناصر مرتبطة بالحكومة السابقة، ومجموعات مسلحة محلية، وأفراد مسلحين مجهولين.
وأضاف أن الانتهاكات الأخرى شملت العنف الجنسي، والاعتقالات التعسفية، وتدمير المنازل، والإخلاءات القسرية، والقيود على حرية التعبير وحرية التجمع السلمي. وأوضح أن المجتمعات العلوية والدروز والمسيحيين والبدو كانت الأكثر تضررًا من موجات العنف، التي غذّتها خطابات كراهية متصاعدة على الإنترنت وخارجه، وهو ما شددت عليه منظمات حقوق عالمية، مثل العفو الدولي وهيومن رايتس ووتش، اللذين دعوا السلطات السورية إلى العمل من أجل خلق واقع تكون فيه حماية جميع السوريين وضمان حقوقهم أولوية.
بعد عام على سقوط الأسد، ينبغي للسلطات السورية، بدعم من المجتمع الدولي، العمل لخلق واقع تكون فيه حماية جميع السوريين وضمان حقوقهم أولوية. pic.twitter.com/K3e5HdOIgw — هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) December 9, 2025
"إسرائيل" واستغلال ضعف سوريا
لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الشرع وحكومته يمتلكون ما يكفي من القوة للصمود في وجه أزمة أخرى بالخطورة نفسها، فإسرائيل ما تزال تمثل تهديدًا حاضرًا بالنسبة للسوريين، وفق تقرير لشبكة "بي بي سي"، فبعد سقوط الأسد، شن الاحتلال سلسلة واسعة من الغارات الجوية بهدف تدمير ما تبقى من القدرات العسكرية للنظام السابق، كما وتقدم جيشه خارج مرتفعات الجولان المحتلة للسيطرة على أراض سورية إضافية ما زال يحتفظ بها حتى اليوم، واستغلت إسرائيل الفوضى في سوريا لإضعاف بلد تعتبره عدوًا، عبر تدمير أسلحة قالت إن من الممكن أن توجه ضدها.
أما محاولات الولايات المتحدة للتوسط في اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل فقد تعثرت خلال الشهرين الماضيين تقريبًا. تريد دمشق العودة إلى اتفاق أنجز برعاية هنري كيسنجر عام 1974، حين كان وزيراً للخارجية الأمريكية، بينما يصر نتنياهو على بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي التي استولى عليها، ويطالب بأن تنزع سوريا السلاح في منطقة واسعة جنوب دمشق، وخلال الشهر الماضي، كثفت إسرائيل توغلاتها البرية داخل سوريا. وتقدر نشرة "سوريا ويكلي"، التي توثق بيانات العنف، أن عدد هذه التوغلات كان أكثر من ضعف المتوسط الشهري طوال هذا العام.
وزير "إسرائيلي".. "الحرب مع سوريا حتمية"
صرح وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي، أن الحرب مع سوريا "حتمية"، في ظل تصاعد التوترات الميدانية واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، وجاء موقفه تعليقا على تسجيلات تظهر جنودا من الجيش السوري وهم يهتفون لغزة خلال مسيرة عسكرية أقيمت الاثنين احتفالا بالذكرى الأولى لـ"عيد التحرير"، ما أثار قلقا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
من هتافات الجيش السوري في مسير عسكري في دمشق بمناسبة ذكرى التحرير الأولى:
غزة، غزة، غزة شعار، نصر وثبات، ليل ونهار
طالعلك يا عدوي طالع، طالعلك من جبل النار
اعملك من دمي ذخيرة، واعمل من دمك أنهار
pic.twitter.com/9GXwRMlxgO — سعيدالحاج said elhaj (@saidelhaj) December 8, 2025
وكتب شيكلي المنتمي لحزب "الليكود" بزعامة بنيامين نتنياهو تدوينة مقتضبة على حسابه في منصة "إكس"، أرفقها بخبر حول هتافات الجنود السوريين، واكتفى فيها بعبارة: "الحرب حتمية"، ورغم أن الحكومة السورية الحالية لم تظهر أي تهديد عسكري مباشر للاحتلال فإن الأخير يواصل تنفيذ توغلات داخل الأراضي السورية وغارات جوية أودت بحياة مدنيين ودمرت مواقع وآليات عسكرية تابعة للجيش السوري.
عام على سقوط الأسد.. ماذا تغير في سوريا؟
ومع مرور عام على تحرير سوريا وسقوط نظام الأسد، يعود السوريون بذاكرتهم إلى تلك اللحظات المفصلية في تاريخ بلادهم، لتبقى شاهدة على بداية مرحلة جديدة في تاريخ دمشق، ورغم كم الأزمات إلا أن هناك الكثير من المنجزات، منها تبييض السجون، حيث أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنه تم تحرير 24 ألفًا و200 معتقل كرقم تقديري، في حين لا يزال مصير 112 ألف معتقل ومختف قسريًّا مجهولًا حتى اللحظة.
كما تم رفع معظم التدابير التقييدية المرتبطة بنظام الأسد ورموزه خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد والتجارة الدولية، وفق المجلس الأوروبي والخزانة الأمريكية، فضلا عن عودة سوريا إلى الخريطة الدبلوماسية وسط حراك متسارع على مستوى رفيع، لإعادة دمجها في المنظومة الإقليمية، وفق كارنيفي للسلام الدولي، وعلى الصعيد الاقتصادي، قال تقرير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن هناك استقرارَا جزئيَا في سعر الصرف بعد تحسنه، وسط تقارير عن توفير أكبر للسلع نتيجة إعادة فتح خطوط التوريد.