323 مليون ريال عماني.. حجم الاستثمارات بمدينة خزائن الاقتصادية
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
مسقط ـ العُمانية: تواصل مدينة خزائن الاقتصادية الاستثمار في أعمال تنفيذ البنية الأساسية وتوفير الخدمات للأراضي لتكون جاهزة ومهيأة للاستثمار وتتوافر بها الخدمات والمرافق. حيث تسعى «خزائن « إلى أن تكون الوجهة الاستثمارية الأولى في سلطنة عُمان من خلال توفير بيئة أعمال متكاملة للمستثمرين للعمل والعيش والترفيه داخل المدينة.
وأكد المهندس سالم بن سليمان الذهلي الرئيس التنفيذي لمدينة خزائن الاقتصادية على أن المدينة تمكنت من جذب عدد كبير من الاستثمارات المحلية والأجنبية في قطاعات رئيسة كالقطاع اللوجستي والصناعي والغذائي والقطاع الدوائي وقطاع الطاقة النظيفة.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن إجمالي قيمة حجم الاستثمارات التي استقطبتها المدينة حتى الربع الأخير من العام الجاري بلغ نحو 323 مليون ريال عُماني أي ما يعادل 840 مليون دولار أميركي، حيث تم التوقيع على 110 اتفاقيات استثمارية من 17 دولة حول العالم خلال 30 شهرًا منذ انطلاق المدينة، فيما بلغ عدد المشروعات قيد الإنشاء 30 مشروعًا في مختلف القطاعات الاقتصادية الرئيسة.
واوضح أن عدد الاتفاقيات الاستثمارية في القطاع اللوجستي بلغ 20 اتفاقية استثمارية بقيمة إجمالية بلغت 65 مليون ريال عُماني تمثلت في مشروعات عدة أبرزها ميناء خزائن البري والمركزي اللوجستي لشركة الخليج للمخازن القطرية والمركز اللوجستي لشركة «ناقل إكسبرس» السعودية والمركز اللوجستي لشركة «ساركو» القطرية والمركز اللوجستي لشركة «نول» العُمانية فيما تم التوقيع على اتفاقية مع شركة الغاز الوطنية لإنشاء أول محطة متكاملة لاستراحة الشاحنات في سلطنة عُمان بمساحة بلغت 50 ألف متر مربع وبقيمة استثمارية بلغت 2.7 مليون ريال عُماني. وأكد على أن مدينة خزائن الاقتصادية تشهد تقدم سير الأعمال والإنشاءات في أبرز المشروعات الاستراتيجية كمشروع سوق خزائن المركزي للخضروات والفواكه الذي بلغت نسبة الإنجاز فيه حوالي 85 بالمائة، ومن المتوقع افتتاحه خلال الربع الثاني من العام القادم.
وأشار المهندس سالم بن سليمان الذهلي إلى تقدم أعمال تنفيذ القرية العمالية أحد حلول الاستدامة في المدينة حيث توفر القرية 2500 سرير للعمال و300 غرفة للموظفين وتقدم خدمات الإعاشة والترفيه والصحة والتسوق وتبلغ قيمة الاستثمار للقرية العمالية الأولى 12 مليون ريال عُماني وبمساحة 55 ألف متر مربع ومن المتوقع افتتاحها في منتصف العام القادم. وأضاف أنه توجد حاليا مشاريع قيد الإنشاء في القطاع الغذائي أبرزها مصنع مطاحن صلالة «للمخبوزات» المجمدة ومصنع كريستال بركاء للمياه الغازية ومجمع ياسمينة الشرق للتصنيع الغذائي بالإضافة إلى مصنع الصفوة لخدمات الضيافة والتغليف، مشيرًا إلى أنه تم التوقيع على 15 اتفاقية استثمارية في القطاع الغذائي بقيمة إجمالية بلغت 89 مليون ريال عُماني كما تم أخيرا التوقيع على اتفاقية استثمارية مع شركة «المعتز البرير للاستثمار» لإنشاء مصانع جاهزة داعمة لقطاع التصنيع الغذائي.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الاولي ملیون ریال ع مانی خزائن الاقتصادیة التوقیع على
إقرأ أيضاً:
البُعد اللوجستي للأمن الخليجي.. رؤية استباقية للاستدامة عند الأزمات
د. منصور القاسمي **
في ظلّ التصاعد غير المسبوق للتوترات العسكرية بالمنطقة، تجد المنظومة اللوجستية في سلطنة عُمان ودول مجلس التَّعاون الخليجي نفسها أمام اختبار حرج؛ ذلك أنَّ موقع هذه الدول على ضفّتي مضيق هرمز يجعلها في قلب أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم؛ إذ يعبُر منه نحو 30 في المائة من صادرات النفط الخام العالمية وما يربو على خُمس تجارة الغاز الطبيعي المُسال.
ومع أنّ سلطنة عُمان تمتلك واجهة بحرية واسعة على المحيط الهندي وبحر العرب خارج المضيق، إلّا أنّ تشابك اقتصادها مع أشقائها بدول المجلس واعتماد الأسواق الصناعية على واردات الخام والغاز والمواد الأولية عبر الخليج العربي يضعنا جميعًا في سلة المخاطر حين تتفاقم الأزمات والتحديات. ورغم تمتع سلطنة عُمان بموقع استراتيجي مهم خارج مضيق هرمز، ما يمنحها ميزة نسبية في ظل الأزمات. ومع ذلك، فإنَّ اعتماد السلطنة على أشقائها بدول المجلس وسوق التصدير الخليجي يجعلها غير محصنة بالكامل.
وتكشف أرقام عام 2023 أنّ إجمالي صادرات دول المجلس من النفط الخام تجاوز 17 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثّل نحو 40 في المائة من التجارة العالمية المنقولة بحرًا وتُحافظ السلطنة وحدها على معدل يتراوح بين 800 و900 ألف برميل يوميًا، يتجه ثمانون في المائة منه إلى الأسواق الآسيوية الكبرى وتحديدًا الصين والهند واليابان. أمّا في سوق الغاز الطبيعي المسال، فتتصدر دولة قطر المشهد بطاقة قدرها 82 مليون طن سنويًا، بينما ترفد عُمان السوق الإقليمية والعالمية بـ11 مليون طن من محطة قلهات بولاية صور. وعلى الجانب المقابل، ما زالت دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة تستورد جزءًا معتبرًا من المنتجات المكررة، كما تعتمد دولة الإمارات والبحرين والكويت على واردات الغاز لسد فجوات توليد الكهرباء في ذروة الصيف، وأي توقف مفاجئ لحركة الناقلات أو استهداف للبنى التحتية الساحلية سيعني عجزًا مباشرًا في تشغيل محطات الكهرباء والصناعات البتروكيماوية وما يتبع ذلك من ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والمنتجات الاستهلاكية.
ولا تقتصر المخاطر على المعادلة الاقتصادية؛ إذ إنَّ بحر عُمان والخليج العربي بحران شبه مغلقيْن تدور فيهما التيارات المائية ببطء؛ ما يجعل أي تسرب نفطي أو تلوث كارثي طويل الأمد من خلال احتمالات استهداف السفن أو تلغيم الممرات وغيرها، يزداد خطر الانسكابات الواسعة التي قد تُدمِّر الشعاب المرجانية بالمنطقة، وتشوّه السواحل التي تعيش عليها آلاف من العائلات العاملة في مجال الصيد، وتُعطِّل محطات التحلية التي تؤمِّن أكثر من نصف مياه الشرب في دول مجلس التعاون.
هل نقف عاجزين أمام هذه السيناريوهات المعقدة؟
تبرز الحاجة إلى حزمة استثمارات وحلول لوجستية متكاملة لا تقوم على ردّ الفعل؛ بل على بناء مناعة مسبقة لدول مجلس التعاون تقودها سلطنة عُمان. فمن الناحية اللوجستية، يُعد تسريع تطوير الموانئ العُمانية، وفي مقدمتها الدقم وصحار وصلالة، وربطها المباشر بخط السكك الحديدية الخليجي المرتقب، وهي خطوة أساسية لإنشاء ممر بديل لا يمُر عبر هرمز. ويكمن عنصر الأمان الحقيقي في إنشاء مرافق تخزين استراتيجية على سواحل السلطنة وخارج دول المجلس تتسع احتياطيًا بما يكفي لنحو 90 إلى 180 يومًا من النفط الخام والمنتجات المكررة والغاز المسال، بحيث تواصل مصافي المنطقة ومولدات الكهرباء عملها حتى في أسوأ السيناريوهات. كما إن توسيع نطاق التجارة المباشرة مع أسواق شرق إفريقيا وجنوب آسيا عبر خطوط ملاحية تنطلق من بحر العرب، سيُخفِّض الاعتماد على عمليات إعادة الشحن داخل دول المجلس، ويُقلِّص زمن الرحلات وكلفة التأمين حين يشتد التوتر.
في المقابل، يتطلب اتقاء التلوث البحري من خلال تأسيس مركز إقليمي للاستجابة السريعة، وهنا نُرشِّح جنوب سلطنة عُمان (ظفار)، وأن يكون هذا المركز مجهزًا بسفن مكافحة التسرُّبات وحواجز عائمة وطائرات مُسيَّرة للمسح اللحظي. وينبغي إلزام جميع الناقلات المارة بمياه المنطقة باستخدام بَدَنٍ مزدوجٍ ومعدات سلامة مُعزَّزة، مع تكثيف عمليات التفتيش في الموانئ للتثبُّت من جاهزية الناقلات القديمة. ولأن الوقاية تبدأ من السماء، فإن استثمارًا خليجيًا مُشتركًا في أقمار صناعية صغيرة مخصصة لرصد بقع النفط والتلوث البحري وتتبُّع عمليات التفريغ غير القانونية، من شأنه أن يمنح السلطات القُدرة على التدخل خلال ساعات لا أيام. وفي حال وصول التلوث إلى السواحل، يجب أن تمتلك محطات تحلية المياه خططًا للطوارئ تُتيح سحب المياه المُلوَّثة من مساراتٍ أبعد في البحر وتفعيل أنظمة ترشيح متقدمة، وإلّا تعرَّضت مدنٌ كاملة لخطر نقص وشُح مياه الشرب في المنطقة.
يبقى الجانب السياسي والأمني هو الضابط النهائي لهذا المشهد؛ إذ لا يُمكن لأي خطة وطنية أن تصمُد دون تنسيق إقليمي ودولي. ومن هنا تبرُز أهمية إنشاء فريق اتصال بحري مُوَحَّد يضم سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون مع منظمات دولية مثل المنظمة البحرية الدولية، إضافة إلى القوى البحرية الرئيسة الحاضرة في المنطقة كالولايات المتحدة والهند والصين. ويُفترض أن يفضي هذا الفريق إلى صياغة ما نسميه «بروتوكول هُرمز للأمان البحري» بما يضمن تحديد مسارات إبحار مُنفصلة ويربط السفن التجارية بنظام إنذار مُبكِّر يستند إلى بيانات الأقمار الصناعية والرادارات الساحلية. وفي الجبهة المالية، يستطيع صندوق استثمار خليجي مشترك في خدمة التأمين وإعادة التأمين البحري أن يخفف من قفزات أقساط التأمين على الناقلات، ما يحد من انتقال تكلفة المخاطر الأمنية مباشرة إلى أسعار المستهلك النهائي.
إنَّ الأزمات، مهما بدت قاتمة، تحمل بذور الفرص؛ فموقع سلطنة عُمان قد يتحول من مجرد ميزة جغرافية إلى صمام أمان حقيقي لإمدادات الطاقة والماء والغذاء والدواء للخليج العربي، إذا ما اقترن بالاستثمار في المخازن الاستراتيجية، وامتلاك موانئ عملاقة عميقة الكاسر، وشبكات نقل داخلية حديثة وسكك الحديد، وحلول رقمية قائمة على الذكاء الاصطناعي لضبط سلاسل الإمداد. ومع تبنِّي استراتيجية وبروتوكولات استباقية، تجمع بين التحول اللوجستي والحماية البيئية والتنسيق الأمني، تستطيع دول مجلس التعاون أن تبني مناعةً تُمكِّنها من امتصاص الصدمات والأزمات في المستقبل، وتضمن استقرارها الاقتصادي والصناعي، وتُؤمِّن بيئتها البحرية لأجيال قادمة.
** أكاديمي في علم اللوجستيات وسلاسل التوريد