سباق بين خيارات الحرب والسلام.. على وقع حرب غزة
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
13 نوفمبر، 2023
بغداد/المسلة الحدث:
محمد صالح صدقيان
قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان خلال إتصال هاتفي أجراه يوم الخميس الماضي، مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وهو الثاني بينهما خلال أسبوع واحد، إن توسيع نطاق الحرب أصبح أمراً لا مفر منه بسبب ارتفاع حدة الهجمات ضد المدنيين في غزة.
تتحدث الدبلوماسية الإيرانية عن خيارات مفتوحة على شتى الإحتمالات في الإقليم، وتُكرّر القول إن المنطقة تقف علی “برميل بارود” بسبب “حرب الإبادة الإنسانية” في غزة؛ وفي ذلك الموقف، ثمة من يُوجّه رسائل إقليمية ودولية بضرورة الضغط علی الكيان المحتل لوقف حرب الإبادة وبالتالي ضرورة التوصل إلى وقف نار فوري يُبعد عن المنطقة كأس التدحرج العسكري الشامل.
ما وصل إلى طهران من رسائل جوابية من جهات مختلفة، ومن واشنطن تحديداً، تتحدث عن مساعي تُبذل لوقف اطلاق النار لكن ذلك لم يكن كافياً، كما عبّر عنه وزير الخارجية الإيراني بسبب استمرار الحرب وتبني الإدارة الأمريكية مضمون الروايات الإسرائيلية من دون التحقق الميداني منها. في الوقت نفسه، يُمكن رصد اتجاهين داخل إيران، في ما يخص التعاطي مع أحداث غزة و”طوفان الأقصی”. الأول؛ اتجاه مُتيقن من امتلاك إيران كافة وسائل القوة التي تؤهلها لخوض المعركة الحاسمة مع الكيان الإسرائيلي بشراكة كاملة مع جميع عناصر “المحور” الذي تتزعمه طهران في الإقليم ولا سيما منها الدول المحيطة بالأراضي الفلسطينية المحتلة. أما الإتجاه الثاني، فيدعو إلی عدم التورط في حرب إقليمية في ظل أوضاع إيران الإقتصادية الداخلية الصعبة. لكن القيادة الإيرانية التي تراقب التطورات عن كثب تعتقد أن أي خطأ في “تقدير الموقف” أو أي خطوة غير محسوبة النتائج قد تكون نتيجتها حرب شاملة لا تُذر ولا تُبقي ويصعب السيطرة عليها. لذلك، هناك رؤية وضعتها المقاومة الفلسطينية في سياق عملية “طوفان الأقصی” يجب المحافظة عليها بما يخدم القضية الفلسطينية في عنوانها العريض وأهدافها الاستراتيجية. وبطبيعة الحال، فإن أي موقف يصدر عن إيران إنما يُؤثر علی بقية فصائل “محور المقاومة”، برغم الاتجاه العام لدی طهران لترك هامش لكل فصيل من الفصائل الحليفة لها لاتخاذ الموقف الذي يراه مناسباً إستناداً إلى قراءته للتطورات الميدانية والسياسية في آن معاً.
وفي ظل هذه المناخات، تتبع إيران سياسة “الغموض البنّاء”، خطوة مقابل خطوة، استناداً إلى سلوك الكيان الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية؛ في الوقت الذي تفتَح فيه كافة القنوات السياسية والدبلوماسية من اجل منع اتساع رقعة الحرب، في ظل تقديرات بأن إسرائيل تسعى لتوريط أمريكا في الحرب ضد “المحور” كمخرج يحفظ لها ماء الوجه ويعطيها مبرراً أكبر لضرب المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ في قطاع غزة، لا سيما وأننا أمام حشد غربي وأمريكي وأطلسي ندر أن يتواجد في المنطقة وبالتالي هذه فرصة تاريخية لا يجوز تفويتها طالما أن الكيان العبري أثبت مُجدّداً أنه ما زال يُشكل قاعدة متقدمة لحفظ المصالح الغربية في منطقة الشرق الأوسط.
ويسود اعتقاد أن الكيان يريد لتوسيع الحرب في المنطقة أن تُشكل غطاءً للمعركة التي دخلت أسبوعها السادس ضد حماس في قطاع غزة وصولاً إلى فرض استسلام المقاومة الفلسطينية من خلال الآتي:
أولاً؛ رفع حركة حماس الراية البيضاء.
ثانياً؛ اخراج المقاتلين وقادة الفصائل المقاومة من قطاع غزة كما حصل في أعقاب إجتياح بيروت في العام 1982.
ثالثاً؛ الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين ومتعددي الجنسية أو حاملي الجنسية الواحدة.
رابعاً؛ عودة قطاع غزة إلى حاكمية السلطة الفلسطينية.
لكن هذا السيناريو فيه نوع من السذاجة السياسية والعملانية التي تنسجم مع عقلية حكومة الحرب التي شكّلها بنيامين نتنياهو لمعالجة تداعيات “طوفان الأقصی” ولا تنسجم مع وقائع المرحلة الراهنة.
لقد سقط سيناريو ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية والذي كان قد بشّر به وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن نيابة عن إسرائيل في جولته الإقليمية الأولی، غداة 7 أكتوبر/تشرين الأول، كونه يشبه إلی حدٍ بعيدٍ سيناريو حكومة الحرب الإسرائيلية الذي ذكرناه آنفاً.
وكان لافتاً للإنتباه تقدم رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بمبادرة تنسجم مع الأجواء الإقليمية المعنية. وهذه المبادرة التي يجب أن تحظی بموافقة غربية – يقول ميقاتي – تقوم علی ثلاث مراحل:
الأولی؛ وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام مقابل اطلاق حركة حماس عدد من الرهائن؛ وفتح المعابر لادخال المساعدات الغذائية والطبية.
الثانية؛ إذا نجحت هذه المرحلة وتم صمود وقف اطلاق النار لمدة 120 ساعة تبدأ مرحلة تبادل المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ببقية الرهائن الإسرائيليين.
الثالثة؛ العمل علی عقد مؤتمر دولي يستند إلی فكرة حل الدولتين.
هذه المبادرة الميقاتية، وإن كانت قراءتها الأولی، توحي بأن لا سجادة حمراء تحتها بسبب رفض الكيان أي فكرة لا تقوم علی أساس “الدولة اليهودية” الواحدة؛ لكنها تستطيع أن تمتص تداعيات عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول وتعمل علی عدم اتساع رقعة الحرب. لكن هذه المبادرة أيضاً تحتاج إلى موافقة أمريكية غير متوفرة عند الادارة الحالية التي يصفها الكثيرون بالضعف والتردد وعدم القدرة علی اتخاذ القرارات الحاسمة والتقدم بخطوة مقابل التراجع خطوتين؛ خصوصاً أنها بدأت بالانخراط في معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في خريف العام 2024.
إلی أين نحن سائرون؟ سؤال لا أعتقد من السهولة والبساطة الإجابة عليه، وهو بالتأكيد يعتمد علی سلوك الولايات المتحدة ومدی رضوخها لإسرائيل واللوبي الذي يدعمها في داخل الولايات المتحدة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا ويكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن المجتمع الدولي الذي ظل صامتا تجاه المجزرة التي ارتكبتها القوات الصربية في سربرنيتسا عام 1995 يكتفي الآن بالوقوف متفرجا على الفظائع التي يقترفها الجيش الإسرائيلي في فلسطين.
وأضاف خلال رسالة مصورة في مراسم إحياء الذكرى الثلاثين لمذبحة سربرنيتسا، أنه "رغم قرارات المحاكم الدولية، نرفض أي بيان أو إعلان ينكر مذبحة سربرنيتسا ويمجد مجرمي الحرب، ندين الهجمات والمضايقات التي تستهدف العائدين إلى ديارهم بعد الحرب".
وأكد أنه رغم مرور 30 عامًا على مذبحة سربرنيتسا إلا أن آلام البوسنيين الذين قتلوا بوحشية لا تزال حاضرة في الأذهان.
وأشار إلى أن تنصل المجتمع الدولي من المسؤولية اللازمة لوقف الإبادة الجماعية يُعد تقصيرا لا يمكن تبريره وسيُذكر دومًا بالخزي والعار.
وأوضح أن دعوة تركيا المتكررة لإصلاح الأمم المتحدة، أساسه محاربة عقلية عدم الاكتراث بآلام وأوجاع الشعوب الأخرى.
وأكد أردوغان أن إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 11 يوليو/تموز "يومًا دوليًا لإحياء ذكرى إبادة سربرنيتسا عام 1995"، هو دليل على الإرادة القوية ضد الإبادة الجماعية.
واعتبر الرئيس التركي أنّ ما يرتكبه الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين بقطاع غزة منذ أكثر من 21 شهرا دليل على أن المجتمع الدولي لم يستخلص الدروس اللازمة من مذبحة سربرنيتسا.
وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية ستُحاسب عاجلاً أم آجلاً أمام القانون والتاريخ على الإبادة الجماعية التي ارتُكبت بحق ما يقرب من 57 ألف فلسطيني، بمن فيهم أطفال ونساء وشيوخ وشباب.
وتعتبر مجزرة سربرنيتسا الأسوأ في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث لجأ مدنيون بوسنيون من سربرنيتسا في 11 تموز/ يوليو 1995 إلى جنود هولنديين لحمايتهم، بعدما احتلت القوات الصربية بقيادة راتكو ملاديتش المدينة.
غير أن القوات الهولندية التي كانت مشاركة ضمن قوات أممية، أعادت تسليمهم للقوات الصربية لتقترف الأخيرة مجزرة قضى فيها أكثر من 8 آلاف بوسني من الرجال والفتيان.
كما ارتكبت القوات الصربية العديد من المجازر بحق مسلمين إبان حرب البوسنة التي بدأت في 1992 وانتهت في 1995، عقب توقيع اتفاقية "دايتون"، وتسببت بإبادة أكثر من 300 ألف شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة.
ودفن الصرب القتلى البوسنيين في مقابر جماعية، وبعد انتهاء الحرب أطلقت البوسنة أعمال البحث عن المفقودين وانتشال جثث القتلى من المقابر الجماعية وتحديد هوياتهم.