وزير الكهرباء يبحث مع سفير اليابان بالقاهرة تعزيز التعاون بالطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
استقبل الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، السيد أوكا هيروشى OKA Hiroshi سفير اليابان بالقاهرة ووفد من الشركات اليابانية العاملة في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وذلك لبحث سبل دعم وتعزيز التعاون بين البلدين.
وأشاد الدكتور شاكر بالعلاقات السياسية المتميزة بين مصر واليابان، مشيراً إلى المشاركة الفعالة للجانب الياباني في مشروعات قطاع الكهرباء المصرى والتي تجلت خلال العقود الماضية.
كما أشاد بالشركات اليابانية موضحاً أنها شريك موثوق به ولها دور كبير في المساهمة في مشروعات قطاع الكهرباء التي تتمثل في محطات الإنتاج وشبكات النقل والتوزيع ومشروعات طاقة متجددة وكفاءة طاقة، مرحباً بالتعاون مع الشركات اليابانية، موضحاً أنها شريك موثوق به ولها خبرات كبيرة في العديد من المشروعات وخاصة مشروعات الكهرباء.
وتم خلال اللقاء، بحث سبل التعاون المشترك بين الجانبين في مجال الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة من شمس ورياح وهيدروجين أخضر وكذلك توطين صناعة بعض المكونات ذات الصلة مما يسهم في نقل المعرفة، وزيادة فرص العمل.
كما أشار إلى استراتيجية الدولة التى تهدف لزيادة مساهمة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية، والاهتمام الذى يوليه قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة لتنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية والاستفادة من ثروات مصر الطبيعية وبخاصة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، والتي تستهدف الوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة في مصر إلى أكثر من 42٪ بحلول عام 2030.
وأضاف أن القطاع قد قام بإتخاذ عدد من الإجراءات الهامة للإستفادة من الإمكانيات الهائلة من الطاقة المتجددة وفقاً لعدد من الآليات لتشجيع مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات القطاع وعلى رأسها مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة مشيراً إلى أنه تم الوصول حالياً مع عدد من المستثمرين لمشروعات الطاقة الشمسية لاسعار تنافسية فى هذا المجال ( سعر 2 سنت دولار / ك.و.س لمشروعات الطاقة الشمسية p.v ، وكذا بسعر 2.45 سنت دولار / ك.و.س بالنسبة لمشروعات طاقة الرياح.
وأشار الوزير إلى أنه هناك تعاون مع شركات عالمية للبدء فى تنفيذ مشروعات تجريبية لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر كخطوة أولى نحو التوسع في هذا المجال وصولا إلى إمكانية التصدير، حيث تم التوقيع على 23 مذكرة تفاهم بهذا الخصوص منها 9 اتفاقيات إطارية تم توقيعها مع كبرى الشركات في هذا المجال خلال مؤتمر المناخ cop 27.
وأكد الدكتور شاكر أن التوسع فى الطاقات المتجددة يساعد فى زيادة مساهمة الطاقة النظيفة فى نصيب الطاقة والحفاظ على البيئة ويساعد أيضاً على ترشيد استهلاك الغاز الطبيعى لما لذلك من أثر كبير على المردود الاقتصادى.
وشدد على الجهود التى تقوم بها مصر تكون ممر لعبور الطاقة النظيفة التى تتمتع بها القارة الأفريقية، وتحرص مصر على دعم جهود الدول الأفريقية للنفاذ للطاقة النظيفة من المصادر المتجددة.
كما أكد اهتمام القطاع بمشروعات الربط الكهربائى مع دول الجوار مشيراً إلى الربط القائم مع كل من الأردن وليبيا بالإضافة إلى مشروعات الربط مع السعودية وتصدير الكهرباء إلى أوروبا حتى تصبح مصر مركز إقليمى للطاقة.
وأكد أن قطاع الكهرباء يعمل حاليًا على تحسين وتطوير شبكتى النقل والتوزيع ، بما في ذلك محطات المحولات ذات الجهد الفائق ومراكز التحكم، بالإضافة إلى الشبكات الذكية لتعزيز وتقوية الشبكة الكهربائية القومية من أجل استيعاب القدرات الجديدة المضافة من الطاقة المتجددة، والحد من الفقد الكهربائى فى الشبكة وتعزيز الربط الكهربائي مع الدول المجاورة.
كما أشار إلى الرؤية المستقبلية لقطاع الكهرباء المصرى والتى ترتكز على التحول التدريجى للشبكة الحالية من شبكة نمطية إلى شبكة ذكية تساعد على استيعاب القدرات الكبيرة المولدة .
ولفت الوزير إلى أن هناك تعاون مع شركات عالمية للبدء فى المناقشات والدراسات لتنفيذ مشروعات تجريبية لانتاج الهيدروجين الاخضر في مصر كخطوة اولى نحو التوسع في هذا المجال وصولا الى امكانية التصدير باعتبارها من كبرى الشركات العالمية ذات الخبرات الكبيرة في مجال الطاقة النظيفة على مستوى العالم، مؤكدًا استعداد القطاع للتعاون مع مختلف الأطراف فى هذا المجال
وأكد شاكر أن الهيدروجين الأخضر يحظى أيضًا باهتمام كبير باعتباره مصدرًا واعدًا للطاقة فى المستقبل القريب؛ إذ تعمل حاليًا لجنة وزارية على المستوى الوطني لدراسة الهيدروجين كمصدر للطاقة في المستقبل القريب في مصر والبحث في جميع البدائل الممكنة لتوليد واستخدام الهيدروجين مع الأخذ في الاعتبار التجارب الدولية في هذا المجال.
كما أكد الاهتمام الذى توليه الحكومة المصرية لتعظيم الإستفادة من الطاقات المتجددة فى تحلية المياه حيث تم إعداد خطة استراتيجية لتحلية المياه من مصادر الطاقة المتجددة بالتعاون بين وزارة الإسكان ووزارة الموارد المائية.
وشدد الوزير على الاهتمام الذى توليه الحكومة المصرية ممثلة فى قطاع الكهرباء للتحول من السيارات التقليدية إلى السيارات الكهربائية والإهتمام بالتقدم فيها والإستثمار فيها وما يتصل بها من شبكات ومحطات شحن بالإضافة إلى البنية التحتية المتصلة بالسيارات الكهربائية، مؤكدًا على الإهتمام الذى يوليه القطاع للتعاون مع الجانب اليابانى فى هذا المجال.
وأشاد أوكا هيروشى OKA Hiroshi سفير اليابان الجديد بالقاهرة بعمق العلاقات المصرية اليابانية منذ قديم الأزل ، معرباً عن رغبة بلاده بدعم وتعزيز هذه العلاقات وتقويتها.
كما أشاد بالإنجازات التى نجح قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصرى فى تحقيقها خلال فترة وجيزة معرباً عن رغبة بلاده لتعزيز التعاون مع الشركات اليابانية فى مختلف مجالات الكهرباء وخاصة فى مجال الطاقة المتجددة، معربًا عن رغبة بلاده فى استكمال مسيرة التعاون المثمرة والبناءة بين البلدين وزيادة حجم التعاون مع جمهورية مصر العربية ممثلة فى قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة.
كما أعرب عن تطلع بلاده للتعاون بين قطاع الكهرباء المصرى والشركات والمؤسسات والهيئات اليابانية ونقل الخبرات بين البلدين مؤكداً على الاهتمام الكبير الذى يوليه للتعاون مع مصر التى تعد بوابة اليابان للدخول الى القارة الافريقية.
وأبدى الدكتور شاكر ترحيبه بالتعاون مع الشركات اليابانية في مشروعات الطاقة المتجددة التي تعد مصدراً من مصادر بدائل الطاقة، وتوطين الصناعات المتعلقة بها.
وأكد شاكر أن هذا اللقاء يعكس حرص الوزارة على تعزيز سبل التعاون بين مصر وكافة دول العالم خلال الفترة القادمة والاستفادة من خبراتهم المتطورة في مجال الطاقات المتجددة.
وتأتي هذه الاجتماعات فى إطار حرص مصر على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات فى كافة المجالات، وجذب وتشجيع الإستثمار على أرض مصر وخاصة مشاركة القطاع الخاص في المشروعات المختلفة في قطاع الكهرباء.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: قطاع الكهرباء الهيدروجين الأخضر مصر مجال الكهرباء والطاقة الکهرباء والطاقة المتجددة الهیدروجین الأخضر الشرکات الیابانیة الطاقة المتجددة مشروعات الطاقة قطاع الکهرباء فی هذا المجال التعاون مع فی مجال فی مصر
إقرأ أيضاً:
الطاقة تتجدد..فماذا عن الرؤية والفرص؟
«مشاريع الطاقة المتجددة لا تخلق نفس العدد من الوظائف التقليدية كما في قطاع النفط، لكنها تفتح المجال أمام نمط توظيف جديد يتطلب مهارات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، وإدارة الشبكات الذكية»
«توطين سلاسل القيمة في مشاريع الطاقة يتطلب آليات تنفيذ فعّالة تشمل تخصيص نسب إلزامية في العقود، وحوافز للشركات المستثمرة في التدريب المحلي، وكيانات رقابية تضمن الالتزام بمعايير التنمية الوطنية»
لطالما كانت صناعة النفط والغاز في سلطنة عمان العمود الفقري لسوق العمل حيث وفّرت لعقود وظائف مستقرة وذات دخل عالٍ، وشكّلت مصدر رزق للآلاف من المواطنين فالمهندس والفني والمشغل، وحتى سائق الشاحنة، وجدوا في هذه الصناعة موطئ قدم ومسارًا مهنيًا واضحًا، مدعومًا بمنظومات تعليمية وتدريبية مصمّمة خصيصًا لخدمة هذا القطاع الحيوي والذي رغم تقلباته ساهم في دعم البنية الاجتماعية للدولة. ومن هذا المنطلق، تثار العديد من التساؤلات المهمة حول مدى قدرة مشاريع الطاقة المتجددة على تمكين فرص اجتماعية حقيقية تشبه أو تتجاوز ما حققته ثورة النفط والغاز، وإذا ما كانت هذه المشاريع ستوفر وظائف دائمة ومستدامة لأبناء المجتمعات المحلية؟
وكان فرانشيسكو لا كاميرا، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آريينا) قد أكد في كلمته في منتدى الطاقة الدولي بالرياض، أن توليد طاقة موثوقة ومنخفضة التكلفة من مصادر متجددة لم يعد حلمًا، بل هو خيارنا الأفضل، لأنه يحقق مكاسب اقتصادية واجتماعية متعددة، ويمثل أداة فعالة لمواجهة تغير المناخ المتوقع. وقد ساهمت الاستثمارات الخليجية الكبيرة في خفض التكاليف العالمية للطاقة المتجددة، في وقت باتت فيه مشاريع الطاقة النظيفة الصادرة من الخليج تمتد إلى أسواق عالمية متعددة. وبهذا الدور، لا تكتفي دول الخليج بدفع عجلة التحول في مستقبل الطاقة في العالم فقط و لكن أيضا تلعب هذه المشاريع دورا جديدا وتؤثر على النظام الاقتصادي والاجتماعي في هذه الدول.
وكما يبدو أن المشهد بدأ بالتغير مع تسارع مشاريع الطاقة المتجددة والتي بطبيعتها توفر عدد وظائف أقل، ولكن يبرز نمط جديد من التوظيف مختلف في ملامحه فمثلا محطات الشمسية وطاقة الرياح لا تحتاج فقط إلى قوى عاملة تقليدية، بل تستدعي مهارات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، وإدارة الشبكات الذكية، وحتى الروبوتات المستخدمة في صيانة الألواح الكهروضوئية. الإحصائيات تشير إلى أن عدد الوظائف في قطاع الطاقة المتجددة أقل من قطاع النفط، لكنّها أكثر تخصصًا وتقدم فرصًا نوعية لا كمية. فهذه الوظائف تتطلب مستوى أعلى من التعليم والتخصص، ما يفتح آفاقًا جديدة في سوق العمل والذي يطرح واقعا جديدا يجب الاستعداد له.
توطين سلاسل القيمة و تحدياتها
ولتحقيق الاستفادة الأعظم من مشاريع الطاقة المتجددة، لابد من تعزيز المحتوى المحلي، والذي يعد من أولويات التنمية المستدامة، لدوره الكبير في زيادة الأثر الاقتصادي والاجتماعي للمشاريع، وهنا نتساءل: كيف يمكن تطوير سياسات تشمل بناء القدرات التكنولوجية للشباب في صناعة الطاقة المتجددة؟ وهل نحتاج إلى آليات جديدة لضمان مشاركة أكبر للشركات الصغيرة والمتوسطة في سلاسل التوريد؟ وكيف يمكن خلق بيئة تشجع على الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة؟
حققت حكومة سلطنة عمان تقدما ملحوظا في تعزيز «المحتوى المحلي»، عدا أن تطبيق هذا المفهوم في قطاع الطاقة المتجددة لا يزال يحتاج إلى وضع أطر واضحة وآليات تنفيذ فعالة، فتحقيق المحتوى المحلي لا يقتصر فقط على توظيف العمانيين، بل يتضمن أيضًا تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة، ونقل المعرفة، ودعم الصناعات الوطنية المرتبطة بهذا المجال، لتحقيق هذه الأهداف هناك حاجة ماسة إلى سياسات محفزة تشمل: تخصيص نسب إلزامية من العقود للشركات المحلية.
وتقديم حوافز مالية وضريبية للشركات التي تستثمر في التدريب والتطوير المحلي، وإدماج معايير المحتوى المحلي في تقييم العطاءات، وتأسيس كيانات متخصصة لمراقبة وتقييم مدى التزام الشركات بهذه المعايير. تُقام العديد من مشاريع الطاقة المتجددة الكبرى في سلطنة عُمان في مناطق متنوعة مثل «عبري» و«منح»، وهناك مبادرات الهيدروجين الأخضر في الدقم، في مناطق ذات طابع ريفي أو كثافة سكانية منخفضة، ومن منظور تنموي، غالبًا ما يُنظر إلى هذا التوزيع الجغرافي بوصفه فرصة لتعزيز التنمية المحلية عبر تحسين البنية الأساسية، وتوفير فرص للتدريب والتوظيف، وتحفيز الأنشطة الاقتصادية المساندة في محيط هذه المشاريع. غير أن الواقع على الأرض يكشف عن صورة أكثر تعقيدًا، فكثير من هذه المشاريع تُدار من قبل شركات دولية أو تحالفات استثمارية متعددة الجنسيات، وتُنفذ باستخدام أيدٍ عاملة وافدة أو مؤقتة، ما يحدّ من الأثر التنموي المباشر والمستدام على المجتمعات المحلية وبدلاً من أن تسهم في تقليص الفجوة التنموية بين المركز والأطراف، قد تسهم هذه الديناميكية – من دون سياسات مرافقة – في تعميقها.
هنا تبرز تساؤلات جوهرية أخرى: كيف يمكن بناء نموذج للتنمية المجتمعية المتكاملة حول مشاريع التحول الطاقي؟ وهل توجد أطر وطنية فاعلة تضمن إشراك المجتمعات المحلية، ليس فقط في التنفيذ، بل في صياغة القرار واستثمار العوائد التنموية؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة تمثل حجر الزاوية في تحويل مشاريع الطاقة من مجرد منشآت إنتاجية إلى روافع تنموية متجذّرة في بيئتها الاجتماعية والاقتصادية. إن توطين سلاسل القيمة في مشاريع الطاقة المتجددة يتطلب سياسات تشجع الشركات العمانية الصغيرة والمتوسطة على المشاركة في التصنيع والنقل والتوريد والخدمات الفنية، وذلك من خلال تعديل معايير المناقصات وتقديم حوافز لتحسين الجاهزية الفنية، ويمكن تحقيق هذا الهدف عبر تقديم برامج تدريبية للشركات المحلية لتعزيز مهاراتها وقدراتها في مجال الطاقة المتجددة، وتوفير الدعم المالي والفني لهذه الشركات لضمان تمكنها من المنافسة بفعالية مع الشركات الدولية، علاوة على ذلك، يجب أن تكون هناك جهود لتطوير بنية تحتية قوية تدعم عمليات التصنيع والنقل والتوزيع، بما في ذلك بناء مراكز بحث وتطوير تركز على ابتكار تقنيات جديدة وفعالة في مجال الطاقة المتجددة.
التعليم .. وسياسات مستقبلية
على المستوى البشري، يصعب تصور أثر اجتماعي مستدام لمشاريع الطاقة المتجددة من دون إعادة تصميم شاملة لسياسات التعليم والتدريب، بما يتواءم مع المتطلبات الفنية والمهنية لهذا القطاع الحيوي، فالتعليم والتأهيل المهني يشكلان القاعدة الصلبة لاستدامة العنصر البشري، الذي يُعد بدوره المحرك الأساسي لعمليات التحديث والتنمية.
ورغم بعض التحولات الإيجابية في هذا الاتجاه، لا تزال الرؤية الوطنية المتكاملة التي تربط بين تخطيط القوى العاملة ومخرجات التعليم واستراتيجية الطاقة والتوزيع الجغرافي للمشروعات غير واضحة المعالم، وعوضًا عن الاستمرار في إنتاج شهادات أكاديمية تقليدية قد لا تواكب التحولات الجارية، تبرز الحاجة إلى تبني نماذج تعليمية مرنة ترتكز على المهارات، والتدريب العملي، والتكامل بين مؤسسات التعليم والقطاعين العام والخاص في سبيل بناء كوادر محلية قادرة على قيادة هذا التحول الطاقي من الداخل.
أدوار منوطة بالمجتمع
لا يمكن قياس نجاح مشاريع الطاقة المتجددة بحجم الاستثمارات أو القدرة الإنتاجية فحسب، بل بمدى ملاءمتها للسياق المحلي، وعمق تأثيرها التنموي على المجتمعات المحيطة. وفي هذا الإطار تبرز ضرورة مراجعة أدوات الحوكمة المجتمعية المرافقة لهذه المشاريع بحيث تُبنى نماذج تشاركية تُعلي من صوت المجتمع وتعزز دوره في صياغة مستقبله الاقتصادي والاجتماعي.
إن إشراك المجالس البلدية، والمبادرات الشبابية، ومنظمات المجتمع المدني في مراحل التخطيط والتنفيذ والمتابعة ليس ترفًا تنمويًا بل ركيزة لضمان الشفافية، وتحقيق التوافق المجتمعي، وبناء الثقة حول التحولات الكبرى التي تشهدها البلاد في قطاع الطاقة.
ومن هذا المنطلق، لا ينبغي اختزال المسؤولية الاجتماعية للشركات في أدوات علاقات عامة أو شروط ملحقة باتفاقيات التمويل، بل يجب أن تتحول إلى مكون أصيل في النموذج الاقتصادي للمشاريع، وهنا تبرز الحاجة إلى تطوير إطار وطني ملزم للمسؤولية الاجتماعية في قطاع الطاقة المتجددة، يتسم بالوضوح والقابلية للقياس، ويُلزم الجهات المنفذة بإعادة استثمار نسبة محددة من العوائد في المجتمعات المستضيفة، سواء عبر برامج التدريب، أو تطوير البنية التحتية، أو دعم المبادرات المحلية.
إن نجاح سلطنة عُمان في مسار التحول الطاقي لن يتحقق بمعزل عن صياغة نموذج سياسي واقتصادي جديد يُعيد تعريف العلاقة بين التنمية والمجتمع، ويعزز التكامل بين النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، ومن هذا المنظور، يصبح من الضروري تبني سياسات واضحة لتعزيز الابتكار في مجال الطاقة النظيفة، وتشجيع الاستثمارات الخضراء، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، مع تقليل الاعتماد التدريجي على الوقود الأحفوري من خلال تبنّي تقنيات مستدامة وذكية.
غير أن الاستدامة في بعدها العميق لا تكتمل دون تحقيق العدالة الاجتماعية، فثمار التحول الأخضر يجب أن تُوزع بعدالة عبر جميع شرائح المجتمع، بما في ذلك توفير فرص عمل نوعية في الصناعات الخضراء، والارتقاء بجودة الحياة من خلال بيئة صحية ونظيفة، وتعزيز مشاعر الانتماء والثقة في الدولة ومؤسساتها. ولتحقيق ذلك، فإن تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية في اتخاذ القرار، وتكثيف جهود التوعية والتعليم حول أهمية الطاقة النظيفة والاستدامة البيئية، يمثلان أداة رئيسة لتحويل مشاريع الطاقة إلى رافعة تنموية شاملة، تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بحقوق الأجيال القادمة.