euronews:
2025-06-18@06:12:51 GMT

ما هي خيارات طهران للرد على الهجوم الإسرائيلي؟

تاريخ النشر: 13th, June 2025 GMT

ما هي خيارات طهران للرد على الهجوم الإسرائيلي؟

شكّلت الضربة الإسرائيلية على إيران تحولاً خطيراً في ميزان الردع الإقليمي، ووضعت طهران أمام ثلاثة خيارات: رد عسكري نوعي، امتصاص الضربة، أو العودة إلى التفاوض بشروط غير متكافئة. كل سيناريو يحمل تداعيات جيوسياسية عميقة على استقرار المنطقة ومستقبل الدور الإيراني. اعلان

شكّلت الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت داخل إيران فجر الجمعة تطوراً نوعياً في البيئة الأمنية الإقليمية، حيث مثّلت نقلة في قواعد الاشتباك المتبعة بين الطرفين منذ سنوات، وطرحت مجدداً أسئلة جوهرية حول طبيعة الرد الإيراني الممكن، ومدى قدرة طهران على صياغة توازن ردع مستقر في ظل بيئة دولية وإقليمية معقدة، تشهد عودة الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، إلى نهج المواجهة المباشرة مع خصومها، وفي طليعتهم إيران.

في هذا السياق، تتراوح خيارات الرد الإيراني بين ثلاث فرضيات استراتيجية كبرى، تختلف من حيث طبيعة الوسائل، ومستوى المخاطر، والتكلفة السياسية والعسكرية.

السيناريو الأول: رد نوعي يقلب المعادلات

يرتكز هذا السيناريو على فرضية إحداث صدمة ردعية عبر ردّ عسكري مباشر أو غير تقليدي يستهدف مواقع حيوية داخل إسرائيل، مع توظيف تكنولوجيا متقدمة (صواريخ فرط صوتية، طائرات مسيّرة طويلة المدى، أو هجمات سيبرانية عميقة). الهدف من هذا الخيار ليس الرد بالمثل فحسب، بل فرض معادلة جديدة تقوم على تثبيت الردع المتبادل وإعادة رسم الخطوط الحمر.

نجاح هذا السيناريو قد يرفع منسوب الردع الإيراني، ويعزز من مكانة طهران في معادلة القوى الإقليمية، ويبعث برسالة مزدوجة إلى الداخل ولحلفاء طهران الإقليميين بأنها لا تزال قادرة على المبادرة. غير أن هذا السيناريو ينطوي على خطر كبير يتمثل في فتح الباب أمام تصعيد أوسع، وربما نزاع مفتوح قد يتوسع ليشمل أطرافاً فاعلة في المحور الذي تقوده الجمهورية الإسلامية، ويستدعي تدخلاً أميركياً مباشراً، ما يهدد بتحول الأزمة إلى مواجهة شاملة.

Relatedترامب: الولايات المتحدة كانت على علم بخطط إسرائيل لمهاجمة إيرانكيف أضعفت إسرائيل حلفاء إيران في الشرق الأوسط قبل الضربة الأخيرة؟ترامب: هناك احتمال لنشوب صراع كبير في المنطقة ويمكن أن يحدث شيء قريباالسيناريو الثاني: امتصاص الضربة ضمن سياسة "الرد البارد"

يعكس هذا السيناريو خياراً براغماتياً يقوم على امتصاص الضربة وتفادي المواجهة المباشرة، عبر الاكتفاء بإدانة رسمية وتصعيد إعلامي، وردود موضعية مباشرة محدودة المستوى، أو عبر أطراف غير مباشرة في ساحات ثالثة أو الساحة السيبرانية. يعتمد هذا النهج على استراتيجية "الزمن الطويل" التي استخدمتها طهران مراراً، خصوصاً حين تكون الظروف الداخلية أو الإقليمية غير مؤاتية للتصعيد.

ورغم أن هذا السيناريو يجنّب البلاد الانزلاق نحو حرب مفتوحة، إلا أنه يحمل معه كلفة استراتيجية خفيّة، أبرزها اهتزاز صورة الردع الإيراني، وتعميق الفجوة بين الخطاب والممارسة، لا سيما في لحظة حرجة تتراجع فيها مكانة إيران الاقتصادية، وتزداد فيها هشاشة الجبهة الداخلية. كما أنه قد يفسَّر كإشارة ضعف تُغري خصوم إيران بالمزيد من التصعيد الذي قد يفضي إلى انهيار داخلي، وقد تدفع حلفاءها إلى إعادة النظر في مدى قدرتها على توفير الحماية السياسية أو العسكرية.

ثم إن هذا السيناريو قد يشجع إسرائيل على الذهاب بعيداً في مشروع إسقاط إيران، وهو ما أشار إليه مسؤولون أميركيين تحدثوا لشبكة "سي أن أن" عن أن القصف الإسرائيلي المستمر لإيران يثير تساؤلات عن سعي إسرائيلي لتغيير النظام، وأن إسرائيل ترى في الهجوم فرصة لتغيير النظام الإيراني، في حين يبقى من غير الواضح ما إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ستدعم إسرائيل في تلك الجهود لتغيير النظام.

السيناريو الثالث: الانخراط التفاوضي تحت سقف الإكراه

يفترض هذا السيناريو أن الضربة الإسرائيلية أكثر من مجرد فعل تكتيكي، وأنها رسالة استراتيجية تدفع إيران نحو العودة إلى طاولة التفاوض بشروط غير متكافئة، وربما في إطار جديد يعيد تدوير اتفاق نووي أكثر تقييداً. وفي حال قبلت طهران هذا المسار، سيكون ذلك مؤشراً على تبدّل في منطق القرار السياسي الإيراني، مدفوعاً بتوازنات القوة الراهنة لا برغبة ذاتية في التسوية.

لكن هذا الخيار يتطلب من القيادة الإيرانية تهيئة بيئة داخلية قابلة لاستيعاب مثل هذا التحول، كما يتطلب قبولاً ضمنياً من المؤسسة السياسية-الأمنية بالتراجع النسبي عن بعض الثوابت. الخطر هنا لا يقتصر على فقدان أوراق القوة التفاوضية، بل قد يتعمّق ليشمل أزمة مشروعية داخلية في مواجهة التيارات المتشددة التي ستعتبر أي تسوية من هذا النوع "خيانة لتضحيات العقود الماضية".

Relatedترامب: الولايات المتحدة كانت على علم بخطط إسرائيل لمهاجمة إيرانتظاهرات إيرانية تنديدًا بالضربات الإسرائيلية وتحذيرات من توسع التصعيد بالمنطقةمواقف متباينة وتغطيات متشابكة.. كيف تعاطت الصحافة العربية مع خبر ضرب إسرائيل لإيران؟الانعكاسات الجيوسياسية الأوسع

تتجاوز تداعيات هذا التصعيد الثنائية الإيرانية-الإسرائيلية، وتمتد إلى شبكات المصالح الدولية المرتبطة بالمنطقة. فروسيا، المنشغلة في أوكرانيا والمقيدة بعقوبات غير مسبوقة، لا تستطيع المجازفة بحرب كبرى في الخليج تُعقّد مساراتها الاستراتيجية. أما الصين، التي تربطها علاقات اقتصادية واستراتيجية عميقة بطهران، فستكون حريصة على منع زعزعة الاستقرار في منطقة تشكّل ممراً حيوياً لمبادرة "الحزام والطريق" كما لمصادر الطاقة. في المقابل، قد تجد واشنطن أن التصعيد المحدود ينسجم مع استراتيجية "الضغط المركب"، شريطة ألا يتدحرج إلى مواجهة إقليمية غير مضبوطة.

المؤكد الآن هو أن إيران تقف أمام لحظة مفصلية توازن بين الضرورة الاستراتيجية وحدود القدرة الواقعية. فالرد الصارم قد يعزز موقعها الإقليمي لكنه قد يهدد استقرارها الداخلي، فيما يُجنّبها الاحتواء المباشر الانزلاق نحو الحرب، لكنه قد يضعف أوراقها في معادلة الردع الإقليمية. أما خيار التفاوض فيبقى مشروطاً بقدرتها على تحقيق توازن بين الحفظ الرمزي للسيادة، والانخراط البراغماتي في نظام دولي لا يميل حالياً لصالحها.

المسار الذي ستختاره طهران في الأيام والأسابيع المقبلة سيحدد مآلات التصعيد الحالي، وحدود الدور الإيراني في منظومة الأمن الإقليمي، إما بوصفه لاعباً وازناً يفرض معادلاته، أو كقوة تحت الضغط تضطر لإعادة تعريف أدواتها واستراتيجياتها ضمن واقع دولي جديد.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل البرنامج الايراني النووي إيران الحرس الثوري الإيراني فرنسا دونالد ترامب إسرائيل البرنامج الايراني النووي إيران الحرس الثوري الإيراني فرنسا دونالد ترامب دونالد ترامب النزاع الإيراني الإسرائيلي بنيامين نتنياهو البرنامج الايراني النووي برنامج الصواريخ الإيراني إسرائيل البرنامج الايراني النووي إيران الحرس الثوري الإيراني فرنسا دونالد ترامب النزاع الإيراني الإسرائيلي هجمات عسكرية علي خامنئي الاتحاد الأوروبي ضحايا هذا السیناریو

إقرأ أيضاً:

هل خدع نتنياهو ترامب في الحرب ضد إيران؟

سبق العملية ضدّ إيران كلام علني متكرر من ترامب يدعو لإعطاء فرصة للدبلوماسية، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران. اعلان

عندما أعلنت إسرائيل شنّ هجمات نوعية، فجر الجمعة، داخل العمق الإيراني، لم يتأخر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إعلان أن إدارته كانت على علم مسبق بالضربة. لكن خلف هذا التصريح المقتضب، بدأت الأسئلة تتكاثر: هل كانت أمريكا تدرك فعلا حجم الضربة؟ وهل تم تضليل ترامب من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محاولة لجرّ واشنطن إلى مواجهة أوسع مع طهران؟.

مؤشرات أولية

حتى مساء الخميس الذي سبق الضربة، كانت إدارة ترامب - حسب مصادر أميركية - تحاول ثني إسرائيل عن المضي قدماً في تنفيذ الهجوم. المعلومات تشير إلى أن واشنطن كانت تسعى، إن لم يكن لإلغاء الضربة، فعلى الأقل لتأجيلها بضع ساعات حفاظاً على سلامة قواتها المنتشرة في الشرق الأوسط، مع إرسال إشارات واضحة بأن الولايات المتحدة ليست شريكاً في العملية.

وقد رافق هذا التوجه، كلامٌ علني متكرر من ترامب يدعو لإعطاء فرصة للدبلوماسية، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران.

ضوء "بين الأخضر والأصفر"

لكن يبدو أن نتنياهو قرأ الموقف الأميركي بطريقة مختلفة، وحصل من ترامب على "ضوء بين الأخضر والأصفر"؛ أي نوع من الإذن الضمني، دون التزام مباشر. واستغل رئيس الوزراء الإسرائيلي هذا الهامش الرمادي لتنفيذ ما يعتبره "حرباً وقائية" ضد منشآت إيران النووية.

Relatedالحوثيون يدخلون على الخط: هل تتسع رقعة المواجهة بين إيران وإسرائيلترامب يتوعّد إيران بـ "قوة غير مسبوقة" وطهران تُحدّد شرطاً لوقف الهجمات على إسرائيل ليلة ليست كسابقاتها.. هجمات نوعية تشعل اليوم الثالث من المواجهة بين إيران وإسرائيلانقسام داخلي

السناتور الديمقراطي جاك ريد وصف العملية بأنها "عمل أرعن"، محذراً من انزلاق نحو حرب أوسع، بينما حذر مسؤولون سابقون مثل ليون بانيتا من أن إسرائيل تفتقر للقدرات العسكرية الكافية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، ما يعني أن العملية قد لا تحقق أهدافها دون تدخل أميركي مباشر لاحق.

دونالد ترامب يلتقي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-ا-لاغو، الجمعة 26 يوليو 2024، في بالم بيتش، فلوريدا. AP Photo

حسابات نتنياهو: نسف المفاوضات

وفقاً لما تكشفه التسريبات الإعلامية، فإن أحد أهداف الضربة الإسرائيلية تمثل في تقويض الجولة السادسة من المفاوضات النووية مع إيران، التي كانت مقررة في عمّان. وقد سبقت الضربة إشارات أميركية إيجابية بشأن التقدم في تلك المحادثات، إلا أن إسرائيل - وفق التحليل السياسي - أرادت استباق أي اتفاق يعيد طهران إلى الحلبة الدبلوماسية، ويرفع عنها العقوبات تدريجياً.

وبالفعل، فإن مجرد تنفيذ الضربة أجهض إمكانية التقدم في المسار السياسي، ما يمنح نتنياهو نصراً مؤقتاً على طاولة التفاوض، بينما يترك إدارة ترامب أمام معضلة تصعيد لا تملك السيطرة عليه بالكامل.

ترامب بين ناريْن

تكرار ترامب لدعوته بضرورة عودة طهران إلى طاولة المفاوضات يوحي بأنه لا يريد التصعيد، لكن ما حدث فعلياً يُظهر رئيساً واقعاً بين ضغوط من حلفائه الجمهوريين المتشددين ومن الجناح العسكري الذي يخشى من تبعات التصعيد على القوات الأميركية في المنطقة.

الخيار الآن بين أن يفرض ترامب إرادته السياسية ويعيد توجيه المسار نحو الحل الدبلوماسي، أو أن يجد نفسه منساقاً تدريجياً نحو تورط عسكري مباشر تفرضه تطورات الميدان.

فهل خُدع ترامب؟ أم أنه خادع نفسه، حين ظن أن بمقدوره السيطرة على إسرائيل واحتواء إيران في آن واحد؟.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • الضربة الإسرائيلية ومستقبل التسلح النووي الإيراني
  • الرئيس الصيني يبدي "قلقه الكبير" حيال عواقب الهجوم الإسرائيلي على إيران
  • خيارات إيران أمام هجمات إسرائيل.. ردّ استراتيجي نعم لكنه أيضا صراعٌ من أجل البقاء
  • حالة حرجة من الترقب الاقتصادي يعيشها الكيان الصهيوني تزامناً مع الهجمات المتبادلة مع طهران: إعلام عبري: مليار دولار تكاليف صد الهجوم الإيراني على «إسرائيل»
  • جوتيريش يدين الهجوم الإسرائيلي على مبنى التليفزيون الإيراني
  • من التضليل إلى التسليح.. حدود التنسيق الخفي بين أمريكا وإسرائيل ضد إيران
  • طهران للوسطاء: لا تهدئة قبل استكمال الرد الإيراني على إسرائيل
  • ما تأثير الهجوم الإسرائيلي على برنامج إيران النووي؟
  • الجيش الإسرائيلي: الهجوم على مطار مشهد الإيراني أبعد ضربة منذ بداية العملية
  • هل خدع نتنياهو ترامب في الحرب ضد إيران؟