لماذا اندلعت أعمال شغب مناهضة للهجرة في أيرلندا الشمالية؟
تاريخ النشر: 13th, June 2025 GMT
تطورت الاحتجاجات المناهضة للهجرة إلى اشتباكات مع الشرطة في عدة بلدات بأيرلندا الشمالية هذا الأسبوع، مما يشير إلى موجة جديدة من الاضطرابات التي تضرب المملكة المتحدة، وفق ما جاء في تقرير لموقع الجزيرة الانجليزية.
استمرت الاضطرابات في بلدات مختلفة في المنطقة لليلة الرابعة على التوالي أمس الخميس، ودارت مواجهات في بعض البلدات، منها مقاطعة أرما، إذ أُصيب نحو 40 ضابط شرطة في حين جرى تنفيذ 15 عملية اعتقال.
بدأت الاحتجاجات في بلدة باليمينا، التي يسكنها نحو 31 ألف شخص، وتقع على بُعد 40 كيلومترًا شمال غربي بلفاست، يوم الاثنين بعد اعتقال فتيين رومانيين يبلغان من العمر 14 عامًا للاشتباه باعتدائهما جنسيًا على فتاة مراهقة، وفق تقارير صحفية.
وبلغ العنف ذروته الثلاثاء الماضي في باليمينا، حينما هاجم مئات من مثيري الشغب المقنعين الشرطة وأضرموا النيران في مبانٍ وسيارات، في حين ألقى حشد صغير يوم الأربعاء، الحجارة والألعاب النارية والقنابل الحارقة على الشرطة، التي ردت باستخدام خراطيم المياه.
وأضرم مثيرو الشغب النار أيضًا في مركز ترفيهي في مدينة لارني الساحلية، التي تبعد نحو 30 كيلومترًا عن باليمينا، حيث تم إيواء بعض العائلات المهاجرة بعد اضطرابات باليمينا لينتشر العنف إلى بلفاست، كوليرين، أنترم، وليسبورن ومدن أخرى.
اندلعت أعمال الشغب في باليمينا بعد مثول المراهقين الرومانيين لدى محكمة كوليرين يوم الاثنين بتهم "الاعتداء الجنسي"، وهي تهم أنكروها.
إعلانوفي حين نُشر منشور على فيسبوك يروّج لـ "احتجاج سلمي للتعبير عن غضبنا تجاه ما لا يمكن ولا ينبغي التسامح معه في هذه البلدة"، بدأ التجمع المخطط له في باليمينا مساءً، حيث تجمع حشد في شارع "كلونافون تراس"، وهو موقع الاعتداء المزعوم، وراقبت الشرطة مظاهرة كانت في الغالب سلمية.
لكن الشرطة قالت، إن عدة أشخاص ملثمين انفصلوا عن الحشد وبدؤوا في إقامة حواجز ومهاجمة ممتلكات خاصة تسكنها عائلات مهاجرة، قائلة إنهم هاجموا ضباط الشرطة بقنابل الدخان، والألعاب النارية، والزجاجات، والطوب، مما أدى إلى اشتباكات استمرت عدة أيام.
من أثار الشغب؟لم تكن هوية المئات من الأشخاص –العديد منهم مقنعون ويغطون رؤوسهم– الذين هاجموا منازل وأعمال المهاجرين واضحة فورا.
في السابق، كانت مثل هذه الأعمال العنيفة غالبًا ما تحدث في بلدات مثل باليمينا، وهي معقل للاتحاد السياسي مع المملكة المتحدة. ومع ذلك، أفادت تقارير إعلامية، أن بعض الكاثوليك قد شاركوا أيضًا في هذه الاحتجاجات هذه المرة.
شهدت أيرلندا الشمالية عقودًا من الصراع بين الاتحاديين، وهم في الغالب من البروتستانت الذين يريدون البقاء ضمن المملكة المتحدة، والقوميين، في الغالب من الكاثوليك الذين يطمحون إلى إعادة التوحيد مع بقية أيرلندا.
وقد لعبت الجماعات شبه العسكرية دورًا كبيرًا في هذا الصراع الطائفي المعروف باسم "الاضطرابات"، الذي استمر نحو 30 عامًا منذ أواخر الستينيات حتى عام 1998، حين تم التوصل إلى اتفاق "الجمعة العظيمة" الذي أسس لنظام تقاسم السلطة.
ومع ذلك، واجه هذا الاتفاق معارضة من بعض الجماعات الاتحادية، و"لا تزال بعض المظالم دون حل".
وتعليقا على هذه التطورات، يقول عالم الاجتماع جون نيجل، المحاضر في جامعة كوينز في بلفاست، للجزيرة: "تشعر بعض المناطق العمالية ذات الأغلبية الاتحادية، أنها خسرت خلال عملية السلام". وأضاف: "أعتقد أن الشعور بالاستياء من عملية السلام يندمج في المخاوف الأوسع بشأن الهجرة".
إعلانوقد أوضحت شرطة أيرلندا الشمالية (PSNI) في هذه المرحلة، أنها لم تعثر على أدلة على تورط الجماعات شبه العسكرية الاتحادية في أعمال العنف الأخيرة.
ومع ذلك، فإن تقريرًا نُشر الشهر الماضي من مجموعة حقوقية مستقلة تدعى "لجنة إدارة العدالة" (CAJ)، يشير إلى وجود صلة محتملة.
وتناول التقرير، بعنوان "رسم خريطة أنشطة اليمين المتطرف على الإنترنت في أيرلندا الشمالية"، سبعة حوادث من احتجاجات مناهضة للهجرة منذ عام 2023.
ويقول دانيال هولدر من لجنة إدارة العدالة (CAJ) "ما لاحظناه هو أن جميع هذه الاحتجاجات تُنظَّم وتحدث في مناطق تشهد نشاطًا كبيرًا للموالين، وتُظهر قدرًا من السيطرة من الجماعات شبه العسكرية".
وأضاف أن مثل هذه الاضطرابات غالبًا ما تحدث في فصل الصيف، تزامنًا مع موسم مسيرات الموالين، وهو تقليد سائد لدى المجتمعات البروتستانتية.
ما القضايا المغذية للاضطرابات؟تبدو الهجرة هي الشاغل الرئيسي للمحتجين، فمنذ عام 2015، تم توطين أكثر من 1800 لاجئ سوري في أيرلندا الشمالية ضمن برنامج إعادة توطين الأشخاص السوريين المعرضين للخطر، والذي أعيدت تسميته لاحقًا في عام 2020 ليُصبح برنامج إعادة توطين الأشخاص المعرضين للخطر (NIRRS).
في حين أن معدلات الهجرة العامة في ازدياد أيضًا، قال بول فرو، وهو عضو من الحزب الوحدوي الديمقراطي (DUP)، لهيئة الإذاعة البريطانية، إن التوترات بشأن هذا الموضوع تتصاعد منذ فترة في باليمينا، وإن الناس "يشعرون بالخوف من الهجرة غير النظامية".
وزاد من تفاقم المخاوف المتعلقة بالهجرة الغضب من سياسات التقشف والتراجع في برامج الرعاية الاجتماعية منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.
ويوضح دانيال هولدر، أن المظالم بشأن سوء حالة الإسكان استُخدمت ذريعة لتحميل المهاجرين المسؤولية والترويج لرواية "الهجرة الجماعية غير المضبوطة" التي "لا تستند إلى وقائع حقيقية".
إعلانوأضاف أن تقرير اللجنة لم يجد علاقة واضحة بين المناطق التي اندلعت فيها أعمال العنف منذ عام 2023 ومعدلات الفقر أو كثافة الهجرة.
وقال: "عندما تنظر إلى نمط الهجمات، لا تحدث في أكثر المناطق حرمانًا". وتابع: "ما يشير إليه هذا، هو أن الهجمات تنفذها عناصر يمينية متطرفة معينة، بمن فيهم بعض أفراد المنظمات شبه العسكرية الموالية، وليس لها علاقة مباشرة بمعدلات الهجرة أو الفقر".
ما رد السياسيين على العنف؟مع أن بعض الوزراء واجهوا اتهامات بتأجيج التوترات، فقد أدان العديد منهم العنف بأشد العبارات، إذ قالت رئيسة الوزراء ميشيل أونيل إن "الهجمات العنصرية والطائفية على العائلات" كانت "مروعة ويجب أن تتوقف فورًا".
وفي حين وصف وزير المالية جون أوداود المهاجمين بأنهم "بلطجية عنصريون"، قالت وزيرة العدل نعومي لونغ، إن العنف "غير مبرر تمامًا".
كما يصف القائد العام للشرطة، جون بوتشر الأحداث بأنها "أعمال مدفوعة بالكراهية وحكم الغوغاء، التي لا تفعل شيئًا سوى تمزيق نسيج مجتمعنا".
وأمس الخميس، رفض وزير المجتمعات غوردون ليونز الدعوات للاستقالة بعد منشور على وسائل التواصل الاجتماعي كشف فيه عن موقع المركز الترفيهي في لارني، الذي تم استهدافه لاحقًا.
من جانبه، أدان تايلر هوي، عضو المجلس البلدي من الحزب الوحدوي الديمقراطي، أعمال العنف، لكنه أيضًا اتهم الحكومة البريطانية بأنها تنقل "حافلات مليئة بالمهاجرين غير المدققين" إلى المنطقة.
كما قال عالم الاجتماع جون نيجل، إن بعض السياسيين الوحدويين أدانوا أعمال الشغب، لكنهم في الوقت نفسه رددوا ادعاءات غير مثبتة بأن باليمينا أصبحت "مكانًا لتجميع المهاجرين".
هل معدلات الهجرة مرتفعة؟
تُظهر الأرقام الرسمية من جمعية أيرلندا الشمالية، أنها الأقل تنوعًا بين أجزاء المملكة المتحدة، إذ يعرّف 3.4% فقط من السكان أنفسهم كجزء من مجموعة عرقية أقلية، مقارنةً بـ18.3% في إنجلترا وويلز و12.9% في أسكتلندا.
إعلانووفقًا لأحدث بيانات التعداد لعام 2021، فإن الهجرة إلى أيرلندا الشمالية لا تزال منخفضة نسبيًا، لكنها في ارتفاع. فقد ارتفعت نسبة السكان المولودين خارج المملكة المتحدة من 6.5% في عام 2011 إلى 8.6% في عام 2021.
هل تزايد الهجرة مقلق؟تقول عالمة الاجتماع روث ماكأريفاي، المحاضرة في جامعة نيوكاسل، إن الدراسات الاستقصائية العامة تُظهر أن أيرلندا الشمالية أصبحت أكثر ترحيبًا بالمهاجرين بمرور الوقت، وأقل رغبة في تقليل أعدادهم.
وأشارت دراسة "مسح الحياة والآراء في أيرلندا الشمالية" إلى أن 94% من المشاركين عام 2024 قالوا إنهم يقبلون بالسكن إلى جوار شخص من مجموعة عرقية أقلية، مقارنةً بـ53% فقط في عام 2005.
مع ذلك، أوضحت ماكأريفاي، أن التغييرات الديموغرافية السريعة حدثت ضمن بيئة "اجتماعية محافظة"، في وقت تواجه فيه البلاد اضطرابات اقتصادية عالمية، بما فيها تراجع في قطاعاتها الصناعية مثل بناء السفن وصناعة النسيج.
وأضافت: "هناك قدر من الاستياء يدفع الناس إلى لنزول إلى الشارع"، موضحة أن سياسات التقشف التي أضعفت دولة الرفاهية قد زادت الأمر سوءًا.
وتابعت: "غياب الموارد لا يساعد على دمج المجموعات الاجتماعية المختلفة داخل المجتمع، ولا على تحقيق التماسك الاجتماعي". واختتمت: "يشعر الناس أنهم فقدوا السيطرة، وأن الأمور تحدث لهم بدلًا من أن تحدث معهم طبيعيا وفي نظام".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج حريات فی أیرلندا الشمالیة المملکة المتحدة شبه العسکریة تحدث فی مع ذلک فی حین فی عام
إقرأ أيضاً:
خبير أممي: العنف الجنسي في حرب السودان يمثل حالة طوارئ خطيرة لحقوق الإنسان
أدان خبير الأمم المتحدة بشدة استخدام العنف الجنسي “كسلاح حرب” في السودان، وشدد على ضرورة حماية النساء والفتيات والرجال والفتيان منه.
التغيير: وكالات
وصف الخبير الأممي المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان رضوان نويصر، العنف الجنسي في سياق الحرب في السودان بأنه يمثل حالة طوارئ خطيرة لحقوق الإنسان وأزمة إنسانية في آن واحد.
وقال في بيان له بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، إن “النساء والفتيات لا يبدأن الحروب، ومع ذلك يتحملن وطأة عواقبها”، إذ لا يزال العنف الجنسي متفشيا في النزاع السوداني، “ويترك ندوبا دائمة على الأفراد والأسر والمجتمعات بأكملها” في جميع أنحاء البلاد.
وأعرب نويصر، عن قلقه العميق إزاء استمرار فشل الأطراف المتحاربة في منع هذا النوع من العنف.
جزء ضئيلوبحلول 31 مايو 2025، وثقت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان 368 حادثة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع في السودان، شملت ما لا يقل عن 521 ضحية.
أكثر من نصف هذه الحالات شملت حالات اغتصاب، بما في ذلك اغتصاب جماعي، غالبا ما استهدفت النساء والفتيات النازحات داخليا، وغالبا ما اتسمت بالكراهية العرقية، فيما نُسب أكثر من 70% منها إلى قوات الدعم السريع.
إلا أن نويصر قال إن هذا الرقم لا يعكس سوى “جزء ضئيل من الصورة الحقيقية، مقارنةً بمئات الحوادث التي لا يتم الإبلاغ عنها بسبب الوصمة والخوف من الانتقام وانهيار النظم الطبية والقانونية في بعض المناطق”.
وأضاف: “تسلط شهادات الناجين من العنف الجنسي الضوء على الوحشية الصادمة والأنماط المنتشرة لهذه الأفعال المروعة. وقد وثقت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روايات عن حالات اغتصاب ارتكبت أمام أفراد الأسرة، وعمليات اختطاف وما تلاها من عنف جنسي، والاتجار بالبشر لأغراض الاستغلال الجنسي، والاعتداءات على الناشطات، بمن فيهن اللواتي يوثقن العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات”.
حالة طوارئ خطيرةوقال الخبير الأممي – المُعيّن من قبل مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان – إن العنف الجنسي غالبا ما يقع إلى جانب انتهاكات وتجاوزات جسيمة أخرى، تشمل القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي.
وأشار إلى أنه مع استمرار تفاقم النزاع هذا العام، تزايدت التقارير عن استخدام العنف الجنسي، “بما في ذلك على أساس قبلي، كأداة للتخويف والانتقام والترهيب من قبل طرفي النزاع والميليشيات والجماعات التابعة لهما”.
وقال إن العنف الجنسي في سياق الحرب في السودان يمثل حالة طوارئ خطيرة لحقوق الإنسان وأزمة إنسانية في آن واحد، “مع ضرر دائم يمتد إلى الأسر والأطفال المولودين من الاغتصاب وأجيال بأكملها، بينما يظل الجناة دون عقاب إلى حد كبير”.
وأدان بشدة استخدام العنف الجنسي “كسلاح حرب” في السودان، وشدد على ضرورة حماية النساء والفتيات والرجال والفتيان منه. كما شدد أيضا على ضرورة تعبئة آليات العدالة الوطنية والدولية لإنهاء الإفلات من العقاب على هذه الجرائم الشنيعة.
ودعا نويصر جميع الأطراف والمجتمع الدولي إلى التحرك الفوري، ومحاسبة الجناة بغض النظر عن انتماءاتهم، وضمان حصول الناجين على الرعاية الطبية، “وحماية الأجيال القادمة من مثل هذه الأهوال”. وأضاف: “مهما طال الزمن، يجب ألا يُحرم هذا الجيل والجيل القادم من العدالة”.
الوسومالخبير الأممي المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان الدعم السريع السودان العنف الجنسي في حالات النزاع المجتمع الدولي رضوان نويصر مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان