لماذا لم تلتقط طهران مؤشرات التهديد الإسرائيلي؟
تاريخ النشر: 13th, June 2025 GMT
طهران- في تطوّر خطِر على الساحة الإقليمية، وبينما كانت جولات المفاوضات الأميركية الإيرانية تمر بلحظات حاسمة، شنّت إسرائيل فجر اليوم، ضربات جوية مركّزة، استهدفت مواقع نووية وعسكرية في عدة مناطق داخل إيران، أبرزها العاصمة طهران ومحافظة أصفهان.
وجاءت هذه الضربات قبل أقل من 48 ساعة من موعد الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، والتي كان من المفترض عقدها الأحد المقبل، في العاصمة العُمانية مسقط، في محاولة لإحياء الاتفاق النووي المتعثر.
وكانت المفاوضات المقررة بين إيران والولايات المتحدة تُمثل مرحلة حاسمة في مسار التوصل لاتفاق بينهما، حيث تركّزت الترتيبات الأخيرة في نسبة التخصيب، وآلية رفع العقوبات، وضمانات فنية متبادلة.
لكن الضربة الإسرائيلية الأخيرة، أثارت تساؤلات عن جدوى انعقاد هذه الجولة في موعدها، وسط أجواء من التوتر الشديد والتصعيد الميداني.
ضربة مؤثرةكما أثيرت تساؤلات عن كيفية نجاح إسرائيل في اغتيال كبار القادة العسكريين، رغم أن الضربة الإسرائيلية كانت متوقعة وجرى الحديث عنها أياما، فقد أعلنت إيران مقتل عدد من قيادات الحرس الثوري وعلماء نوويين، إلى جانب وقوع إصابات عديدة في صفوف المدنيين، حيث طالت الضربات أحياء سكنية مجاورة.
إعلانواستهدفت الضربات الإسرائيلية كبار القادة العسكريين الإيرانيين، أبرزهم قائد هيئة أركان القوات المسلحة اللواء محمد باقري، وقائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، وقائد مقر خاتم الأنبياء المركزي اللواء غلام علي رشيد، وقائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زاده، إضافة إلى عدد من العلماء النوويين.
كما استهدفت الغارات الإسرائيلية -التي نفذت باستخدام طائرات حربية وصواريخ بعيدة المدى- منشأة نطنز النووية في أصفهان، ومواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني قرب طهران، إضافة إلى مقار ومستودعات عسكرية حساسة.
قال أستاذ العلاقات الدولية جواد حيران نيا، إن إسرائيل كثّفت في السنوات الأخيرة من حربها الاستخبارية والأمنية ضد إيران، مشيرًا إلى أن سلسلة من العمليات تكشف حجم النشاط الإسرائيلي داخل العمق الإيراني، أبرزها استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، واغتيال قيادات بارزة مثل رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس إسماعيل هنية، إضافة إلى أحداث مرتبطة بلبنان واغتيال الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله.
وأضاف حيران نيا في حديثه للجزيرة نت، أن تل أبيب تمكّنت في السنوات الماضية من تنفيذ اغتيالات علماء نوويين، وتنفيذ عمليات تخريبية داخل منشآت حساسة، وحتى نقل وثائق نووية من داخل إيران إلى إسرائيل، وهو ما يُظهر وجود شبكة اختراق واسعة في البنية الاستخبارية والأمنية الإيرانية.
ورغم تأكيد إيران نجاحها في تنفيذ عمليات مضادة، بما فيها الحصول على وثائق وبيانات مهمة من الداخل الإسرائيلي، فإن حيران نيا يرى أن هذه الإجراءات لم تكن كافية لردع إسرائيل أو وقف عملياتها المتكررة، وهو ما يشير إلى فجوة واضحة في القدرات الردعية والاستخبارية.
إعلانوأشار إلى أن إعلان إسرائيل أخيرا، أن بعض الصواريخ والطائرات المسيّرة أُطلقت من داخل الأراضي الإيرانية، يعزز فرضية وجود خلايا نشطة مرتبطة بها داخل البلاد، مضيفًا أن هذا النمط من العمليات يدلّ على اختراقات تمتد إلى مستويات عليا في المؤسسات الأمنية والعسكرية.
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية، أن هذه التطورات لا تعني بالضرورة غياب الوعي أو الإهمال من الأجهزة الإيرانية، لكنها تعكس حجم التحديات التي تواجهها طهران في التعامل مع هذا النوع من الحروب غير التقليدية، خاصة في ظل احتمال حصول إسرائيل على دعم استخباري أميركي مباشر.
واختتم حيران نيا، "إن الهجمات الإسرائيلية -وإن كانت متوقعة- فإن التصدي لها يظل صعبًا في ظل هذا المستوى من الاختراق"، لافتًا إلى أن الرد الإيراني قادم على الأرجح، لكن لا يمكن الجزم بأن تل أبيب ستكون قادرة على تحييده كاملا.
غدر أميركييرى رئيس تحرير صحيفة الوفاق الحكومية مختار حداد، أن ترامب استخدم إستراتيجية الخداع، وأثبت مرة أخرى أنه لا يمكن الثقة بحكومة واشنطن، إذ أدى هذا الإجراء إلى انهيار المفاوضات التي كانت تجري.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن "الكيان الصهيوني بالتعاون مع الجانب الأميركي قام بعملية إرهابية، استهدفت مواطنين مدنيين وقادة عسكريين" مؤكدا أن هذه العملية لن تؤثر على عزم الشعب الإيراني والسلطات وقدراتها.
كما اعتبر، أن ما قام به الجانب الإسرائيلي تم في ضوء غدر أميركي للثقة الإيرانية بالجهود الدبلوماسية، "وعليه فهذه العملية لا تعد إنجازا للكيان، بل أظهرت وحشيته مرة أخرى" حسب قوله.
وتوقع حداد أن الرد الإيراني سيكون واسعا وكبيرا وقد يستمر عدة أيام، نظرا للتجارب التي اكتسبت في عملية الوعد الصادق الأولى، وكذلك شدة وقوة عملية الوعد الصادق الثانية.
قال أستاذ الدراسات الأميركية في جامعة طهران فؤاد إيزدي، إن "التحليل الإيراني كان دائمًا يفترض أن الهجوم العسكري لا يقع في ظل المفاوضات، وهذه هي النقطة الأولى التي ينبغي الانتباه إليها".
إعلانوأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن "الشخصيات التي استُشهدت في الهجوم الأخير كانت منذ الحرب العراقية الإيرانية تعيش بثقافة الاستشهاد، ولم تكن ثقافتها قائمة على التخفي أو الحذر المفرط، بل على العكس، فقد كانوا في مقدمة الصفوف حين تولوا قيادة الحرب ثماني سنوات، وهم اليوم يواصلون العمل بنفس الروح والأسلوب".
وأوضح إيزدي، أن "خبث الطرف المقابل كان له دور في هذا التصعيد، لكن لا يمكن تجاهل الروح القتالية والانفتاح على الشهادة التي تميز بها هؤلاء القادة"، مؤكدا أن إيران تمتلك قيادات راسخة في الحرس الثوري والجيش، إضافة إلى قادة محترفين آخرين، وهو ما يعزز قدرة البلاد على الرد المنظم.
واختتم إيزدي تصريحه، إن "الهجوم رغم ألمه، سيسهم في خلق حالة من التماسك الوطني، وسيُوضّح المسارات التي يجب أن تسلكها إيران في الرد على هذه الجريمة"، وأضاف أن "هذا الحدث سيكون له دور في تعجيل نهاية الكيان الإسرائيلي، فقد يكون الهدف من العملية هو تعزيز بقاء إسرائيل، لكننا نعتبر اليوم بداية نهايتها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج إضافة إلى
إقرأ أيضاً:
رئيس البرلمان الإيراني مخاطباً رئيس الكنيست الإسرائيلي: أنتم مصدر خزي وعار للبشرية
قال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، إن “العالم يشهد أكبر إبادة جماعية في التاريخ على يد الكيان الصهيوني”، ووصف رئيس الكنيست الإسرائيلي بـ”المجرم ومصدر العار للبشرية”.
وجاءت تصريحات قاليباف رداً على إنكار رئيس الكنيست وجود مجاعة بين أطفال غزة، واعتباره ذلك “أخباراً مفبركة”.
وكتب قاليباف على منصة “إكس”: “العار لكم، هل خبراء الأمم المتحدة واليونيسف يكذبون، وأنتم فقط تقولون الحقيقة؟”، مستنداً إلى أربعة تقارير أممية تؤكد وقوع المجاعة والإبادة الجماعية في غزة، منها تقرير “تشريح الإبادة الجماعية” للمقررة الخاصة فرانشيسكا البانيزا، وتقرير بعنوان “العطش كسلاح” الذي يدين استخدام الجوع وندرة المياه كسلاح ضد الفلسطينيين، وفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”.
كما عرض قاليباف تقريراً حديثاً لـ”يونيسف” يحذر من أن غزة “تجاوزت عتبة المجاعة”، بالإضافة إلى تقرير من مفوضية حقوق الإنسان يدعو إلى “إنهاء الإبادة الجماعية الجارية”.
وكان قاليباف قد أثار غضب رئيس الكنيست الإسرائيلي خلال المؤتمر العالمي لرؤساء البرلمانات في جنيف، حين عرض صور طفلين فلسطينيين قتلا في غزة، ووصف إسرائيل بـ”نازيي القرن الـ21″، وأدت كلمة رئيس الكنيست إلى انسحاب وفود عربية وأجنبية من المؤتمر، كما وثق فيديو هذه اللحظة.
ترامب: على إيران تغيير نبرة تصريحاتها بشأن التفاوض مع الولايات المتحدة
صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن على طهران تغيير نبرة تصريحاتها حول التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، مشيراً إلى أن السلطات الإيرانية “لا تصرح بالصواب”، ما يدل على عدم استعدادها حتى الآن لجولة جديدة من المشاورات.
جاء ذلك بعد تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التي أكد فيها ضرورة أن تفسر واشنطن سبب هجماتها على إيران خلال المفاوضات، كما طالب بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بإيران، مع إبقاء إمكانية استمرار المفاوضات قائمة رغم التشكيك المتزايد في جدواها داخل إيران.
يُذكر أن العام الحالي شهد خمس جولات من المفاوضات بين الطرفين، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة، وسط تصاعد التوترات بعد الهجمات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية على منشآت نووية إيرانية.
الخارجية الأمريكية تصف مطالبة إيران بتعويضات عن الأضرار بمنشآتها النووية بـ”السخيفة”
رفضت وزارة الخارجية الأمريكية مطالبات إيران بتعويض الأضرار التي لحقت بمنشآتها النووية خلال الحرب التي دارت الشهر الماضي، ووصفتها بأنها “سخيفة”.
وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، تومي بيغوت، في إيجاز صحفي: “أي مطالب تعويضات مالية للنظام الإيراني من الولايات المتحدة سخيفة، لو كان لدى النظام نية حقيقية لتوفير الموارد أو تخفيف وطأة العقوبات، لكان توقف عن أنشطته المزعزعة للاستقرار وأوقف إنفاق الأموال على برنامجه النووي”.
وأضاف بيغوت أن الولايات المتحدة لا تزال مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع إيران، مشيراً إلى أن “الكرة الآن في ملعب طهران”.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد طالب واشنطن بتفسير هجماتها على المنشآت النووية الإيرانية وتقديم ضمانات بعدم تكرارها، مع ترحيبه بمفاوضات مشروطة حول الملف النووي، رغم تنامي الشكوك داخل إيران تجاه المبادرات الدبلوماسية الأمريكية.
يُذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد لوّح بضربات جديدة ضد المنشآت النووية الإيرانية إذا اعتقد أن طهران تسعى لإعادة بناء قدراتها النووية، بينما توعّد عراقجي برد حازم على أي اعتداءات متكررة.
شهد هذا العام خمس جولات من المفاوضات الأمريكية الإيرانية حول الملف النووي، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة، وسط تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية وضربات أمريكية على منشآت نووية إيرانية.
آخر تحديث: 1 أغسطس 2025 - 14:29