أحمد ياسر يكتب: هل يستطيع النظام العالمي النجاة من حرب غزة؟
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
كيف ستبدو منطقتنا بل والعالم بعد أن تنهي إسرائيل حربها في غزة؟ إن الإحصائيات الواردة من القطاع الضيق المُحاصر الذي يسكنه 2.3 مليون فلسطيني – 70% منهم لاجئون من حروب سابقة – مذهلة.
تقول الأيام الستة والثلاثين الأولى من الهجوم الإسرائيلي، تحت "ستار الدفاع عن النفس"، أنه قُتل أكثر من 11 ألف شخص، وفقد آلاف آخرون تحت الأنقاض، وأصيب 24 ألفًا.
وقد قُتل نحو 4500 طفل، ودُمرت أو تضررت 40 %من المنازل والأبراج، وأُلقي 30 ألف طن من المتفجرات على ما أصبح أرضًا قاحلة غير صالحة للعيش.
فقد قُتل ما لا يقل عن 50 صحفيًا، مقارنة بـ 63 صحفيًا قتلوا خلال العشرين عامًا من الحرب في فيتنام… وقائمة الفظائع التي لا يمكن تصورها تطول وتطول… وقد تم تهجير أكثر من مليون مواطن من سكان غزة….لا يوجد ماء ولا غذاء ولا دواء ولا وقود ولا منطقة آمنة…. هذه محرقة فلسطينية حقا.
ورفضت إسرائيل الدعوات لوقف إطلاق النار، وفشلت في تنفيذ هدنة إنسانية للسماح بوصول المساعدات الكافية إلى غزة. وبحسب مسؤولين إسرائيليين، فإن الضغوط الدولية على البلاد لوقف الحرب ستزداد خلال الأسبوعين أو الأسابيع الثلاثة المقبلة، لقد خرج عشرات الملايين من الأشخاص حول العالم للمطالبة بإنهاء الحرب، ويرفض المسؤولون الغربيون الاستماع.
*وفي نظر الكثيرين، لم تعد هذه حربًا لتدمير حركة حماس المسلحة، بل حرب إبادة…. وقد تم تجاهل نداءات وكالات الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وهيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات غير الحكومية… إن إسرائيل ليست عازمة على الانتقام من الفظائع التي ارتكبت في السابع من أكتوبر2023 فحسب، بل إنها تريد أيضًا تنفيذ استراتيجية تغير قواعد اللعبة وتهدف إلى إسقاط أسس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الهدف هو العودة إلى نكبة 1948 والبدء من هناك مرة أخرى.*
ويتحدث الشركاء اليمينيون المتطرفون لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علنًا عن الحاجة إلى إعادة احتلال قطاع غزة، ونقل سكانه قسرًا، وإفساح المجال أمام بناء مستوطنات يهودية جديدة.
ويقولون أيضًا إن ما يحدث في غزة هو نموذج أولي لما سيحدث في الضفة الغربية، ويقول محللون إسرائيليون إن نتنياهو أضعف من أن يتمكن من كبح جماح شركائه المتطرفين في الائتلاف، تقوم الحركة الصهيونية الدينية بابتزاز نتنياهو وهو يحاول إنقاذ حياته السياسية وترسيخ إرثه.
لقد كان الزعماء العرب واضحين بشأن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتطهير العرقي، التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي الغازي.
كما أشاروا بصراحة إلى المعايير المزدوجة التي يستخدمها الغرب عند تطبيق القانون الدولي... لقد أعاقت الولايات المتحدة محاولات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتبني قرار لوقف إطلاق النار؛ ولا يعني ذلك أن إسرائيل، بسجلها الكئيب في الأمم المتحدة، ستحترمها على أية حال.
*لذا، في الواقع، لا أحد يعرف كيف ستنتهي الحرب في غزة؟ لكنها سوف تفعل ذلك في مرحلة ما… عندها سوف يلقي المجتمع الدولي نظرة حقيقية على ما فعلته آلة الحرب الإسرائيلية…. سيكون الموتى بعشرات الآلاف، وسيكون عدد المشوهين والجرحى مروعا... وسيشبه مستوى الدمار المدن الألمانية واليابانية بعد الحرب العالمية الثانية... وستتحول الكارثة الإنسانية إلى كابوس عالمي لسنوات عديدة قادمة.*
يستخدم نتنياهو وشركاؤه هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حماس كشيك على بياض لشن حرب إبادة... ولا يوجد تناسب أو ضبط النفس أو التزام بالقانون الإنساني الدولي وقواعد الحرب.
بالنسبة للمؤسسة السياسية الإسرائيلية… فحين يلجأ نتنياهو إلى ترديد آيات تلمودية لا يمكن تفسيرها إلا على أنها دعوات للإبادة الجماعية، يستشعر المرء ما يفعله جنوده... فحين يقول الساسة الأميركيون إن هذه حرب دينية، لا يملك المرء إلا أن يشعر بمزيج من الاشمئزاز والخوف إزاء ما ترغب إسرائيل ومؤيدوها المتعصبون في السماح بحدوثه لمئات الآلاف من المدنيين الأبرياء.
*ولقد رأينا أكثر مما يمكن أن تتحمله بطوننا…. لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف سيكون شكل اليوم التالي؟ لقد شكلت الحرب على غزة اختبارًا "للنظام العالمي الجديد" الذي مضى عليه أكثر من 30 عامًا والذي وصفه جورج بوش الأب بأنه "نظام عالمي جديد".... وأعلن بوش ذلك بعد انهيار الاتحاد السوفييتي… في ذلك الوقت، برزت الولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم، ووعدت بشيء مختلف عن سنوات الحرب الباردة.*
لكن العالم عانى في ظل حكمها…. شنت الولايات المتحدة حربين ضد الدول العربية الإسلامية – في الغالب تحت ذرائع كاذبة…. لقد قتل مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء وجعل الشرق الأوسط أقل أمنا وأكثر استقطابا… فقد أطلقت سياساتها العنان لحروب طائفية وعرقية، وشجعت المتطرفين، وتركت المنطقة تعاني من ندوب عميقة ومنقسمة… ولا يمكن وصف إرثها في المنطقة إلا بأنه سام.
*لقد طارد مستنقع اليأس الفلسطينيين لعقود من الزمن… وسمحت الولايات المتحدة لنتنياهو بمواصلة مخططه المدمر لقتل الأمل الأخير المتبقي: وهو حل الدولتين.*
إن الإفلات من العقاب الممنوح لنتنياهو أصبح لعنة ليس للفلسطينيين فحسب، بل للإسرائيليين أيضا.
ولا يمكن للمنطقة والعالم أن يستمرا في العمل كالمعتاد في أعقاب الحرب على غزة ونتائجها الشنيعة... ويقول الغرب إنه بمجرد انتهاء الحرب، فإنه سيدفع باتجاه حل الدولتين وإقامة دولة للفلسطينيين.
وهذا اعتراف كاذب وفارغ من الصحة، ومن يقول هذا إما مخادع أو ساذج، أو كليهما.. وتعارض الزمرة السياسية الإسرائيلية بشدة وأيديولوجيا مثل هذا الاقتراح… لقد انتهى خيار الدولتين منذ فترة طويلة.
إن النظام القائم على القواعد ــ ذلك النظام الذي بشر به الغرب لفترة طويلة ــ يواجه مأزقا شديدا… فكيف للغرب أن يتحدث عن حقوق الإنسان والقانون الدولي في حين لا تلقى الأصوات المطالبة بإجراء تحقيقات محايدة في ما فعلته إسرائيل في غزة آذانًا صاغية؟، فهل تسمح الولايات المتحدة وحلفاؤها للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال ضد الإسرائيليين وغيرهم ممن يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب أو دعموا وسهلوا مثل هذه الجرائم، سواء سياسيا أو ماديا؟
*فهل سيسمح العالم الغربي بسماع شهادات عشرات الآلاف من سكان غزة في محكمة دولية؟ فهل يُسمح للطفل الفلسطيني الثكلى، الذي فقد عائلته بأكملها في الغارات الإسرائيلية، بالإدلاء بشهادته في الكونجرس الأمريكي؟*
ربما تكون الإجابة، وفي معظم الحالات بشكل قاطع، لا وبالتالي فإن النظام العالمي المتعدد الأقطاب الحالي سوف يتوقف عن الوجود.
إن الأمر يتطلب عالمًا متعدد الأقطاب من أجل إنقاذ الأمم المتحدة العاجزة والبنية الأساسية القانونية والإنسانية بالكامل في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.. وهذا يعني أن الجنوب العالمي يجب أن يكون له رأي في كيفية إدارة العالم.
ويعني ذلك أيضًا أن روسيا والصين يجب أن تصبحا مشاركين نشطين في النظام العالمي الجديد… ولكن الأهم من ذلك، أنه يعني أن دول الشرق الأوسط، مثل المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران، سيتعين عليها المساهمة في سلامة المنطقة واستقرارها.
ومن المحزن أن تكتفي كل من الصين وروسيا بالتشدق بالكلام حول المحنة الفلسطينية في حين كان بوسعهما فعل المزيد... ولم نشهد بعد إرسال قوافل الإغاثة الروسية والصينية لمساعدة سكان غزة.
ويضيع البلدان فرصة نادرة لمواجهة الخطاب الغربي المؤيد لإسرائيل وانحياز الغرب لإسرائيل من خلال دعم المواقف العربية والإسلامية، كما ورد في قمة الرياض 11/11/2023 الموافق يوم السبت..
لقد أصبحت الحرب على غزة بمثابة دعوة للحشد ضد كل ما هو غير عادل؛ ومن العولمة إلى النخبة السياسية الغربية الفاسدة التي تهيمن عليها الصهيونية… ولا ينبغي تجاهل هذا الزخم الشعبي أو تهميشه… وينبغي أن تتطور إلى دعوة جماعية لنظام عالمي جديد، حيث يتم تطبيق القانون والذنب على الجميع.
ويبدو البديل مخيفا: عالم لا يلتزم فيه أحد بالقانون بسبب السابقة الإسرائيلية والإفلات من العقاب منذ فترة طويلة… ويجب ألا يسمح أبدا بحدوث مثل هذا السيناريو.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: احمد ياسر غزة فلسطين اخبار فلسطين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو حماس طوفان الاقصي واشنطن مجلس الأمن الأمم المتحدة الولایات المتحدة لا یمکن فی غزة
إقرأ أيضاً:
رأي.. إردام أوزان يكتب: التضامن مع الفلسطينيين يجب أن يتطور إلى عدالة وقيادة إقليمية
هذا المقال بقلم الدبلوماسي التركي إردام أوزان *، سفير أنقرة السابق لدى الأردن، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
خلال زيارة قمتُ بها مؤخرًا إلى قونية، وقفتُ وسط حشد متنوع أمام ضريح مولانا جلال الدين الرومي. تجمع صغارًا وكبارًا، من أهل المدينة وزوارها، ليس احتجاجًا فحسب، بل في تظاهرة عاطفية تُجسّد الترابط المتجذر في قرون من التاريخ المشترك والإيمان والمسؤولية الأخلاقية.
تردد صدى هذه الروح نفسها بعد أسابيع في مصر، عندما ألقى لاعب الكيك بوكسينغ التركي نجم الدين أربكان أكيوز بميداليته في النيل احتجاجا على تحقيق من الاتحاد الأوروبي للوشو كونغ فو حول رفعه العلم الفلسطيني، في رفض لنظام عالمي يُعاقب على التعاطف ويتجاهل الفظائع. وقد عكست فعلته شعورًا بالإحباط يجتاح المنطقة بأسرها: حيث تبدو العدالة بعيدة المنال، ويُعاقَب الوضوح الأخلاقي بدلًا من حمايته.
من قونية إلى القاهرة، تُسلّط هذه القصص الضوء على حقيقة جوهرية: التضامن وحده لا يكفي. الأراضي الفلسطينية بحاجة إلى استراتيجية منسقة، تشمل الجوانب السياسية والقانونية والإقليمية، تتجاوز مجرد التعاطف والغضب الأخلاقي.
غزة تستحق العدالة خارج إطار الإبادة الجماعيةمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عانت غزة من واحدة من أكثر الحملات العسكرية تدميرًا في التاريخ الحديث. قُتل أكثر من 55 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال. ودُمّرت الأحياء السكنية بشكل ممنهج. ونزح أكثر من 1.7 مليون شخص، كثير منهم للمرة الثانية أو الثالثة في حياتهم.
ردًا على ذلك، تتهم جنوب إفريقيا إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية. ورغم أن هذه التهمة تلقى صدى عاطفيًا وأخلاقيًا، إلا أن مصطلح الإبادة الجماعية مصطلح قانوني ضيق ومعقد. فبموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، يشترط إثبات وجود نية محددة لتدمير جماعة، وهو عبء يصعب إثباته. حتى في رواندا والبوسنة، لم تصدر أحكام الإبادة الجماعية إلا بعد تحقيقات مستفيضة امتدت لسنوات.
يُمثل هذا خطرًا جسيمًا: إذا لم تُثبت الإبادة الجماعية قانونيًا، فقد يُصوّرها الفاعلون السياسيون على أنها تبرئة. وهذا لن يُمثّل فشلًا قانونيًا فحسب، بل كارثة أخلاقية أيضًا.
الجرائم بالفعل على مرأى من الجميع
إلى جانب الإبادة الجماعية، هناك مجموعة واسعة وموثقة جيدًا من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يمكن مقاضاة مرتكبيها الآن:
• هجمات عشوائية وغير متناسبة على المدنيين، في انتهاك لاتفاقيات جنيف.
• التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وذلك من خلال الحصار المتعمد للغذاء والماء والوقود.
• العقاب الجماعي المحظور بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة.
• الضربات المستهدفة للمرافق الطبية والصحفيين وعمال الإغاثة، وهم جميعا محميون بموجب القانون الدولي.
• التهجير القسري، والاضطهاد، والإبادة، والتي قد تشكل جرائم ضد الإنسانية.
لا تتطلب هذه الانتهاكات عبء إثبات الإبادة الجماعية. فهي واضحة وعاجلة وقابلة للمقاضاة، إلا أنها لا تزال مهملة بسبب العراقيل الجيوسياسية وتشتت جهود المناصرة.
العدالة تتطلب استراتيجية وليس مجرد قانونلا يعمل القانون الدولي بمعزل عن القانون الدولي؛ بل يتطلب تنسيقًا سياسيًا. تعتمد محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية على تعاون الدول، ولا يكون التنفيذ تلقائيًا أبدًا. لقد حمت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الرئيسية إسرائيل دبلوماسيًا وعسكريًا، مما أضعف الإجراءات القانونية من خلال التدخل الانتقائي. على سبيل المثال، انتقدت المملكة المتحدة الإجراءات الإسرائيلية وسعت إلى إبرام صفقات أسلحة، كاشفةً عن التناقضات التي تُحدد السياسة الغربية تجاه الأراضي الفسطينية.
لن تتحقق الانتصارات القانونية من خلال المحاكم فحسب، بل من خلال الضغط الإقليمي المستمر، والتوافق الدبلوماسي، والتنسيق الاستراتيجي. وهنا يجب على تركيا والعالم العربي تجاوز الخطابات الكلامية وتولي دور قيادي.
من الرمزية إلى الاستراتيجية: 5 إجراءات إقليمية منسقة
إن التضامن العاطفي الذي نراه في أماكن مثل قونية وفي أفراد مثل أكيوز يجب أن يتطور إلى عمل إقليمي متماسك:
1. الرسالة السياسية الموحدة
يجب على العواصم العربية والتركية أن تنسق جهودها الدبلوماسية من أجل الفلسطينيين، وتنسيق الأصوات والخطوط الحمراء والمبادرات المشتركة عبر الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي للدفع نحو وقف إطلاق النار والمساءلة والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
2. التعبئة القانونية
ينبغي لتركيا أن تقود فريق عمل قانوني إقليمي لجمع الأدلة، ودعم الضحايا الفلسطينيين، وتفعيل قضايا الولاية القضائية العالمية في إسبانيا وبلجيكا وجنوب إفريقيا بدعم إقليمي.
3. تنسيق المساعدات وتعزيز الأونروا
بدلاً من المساعدات المجزأة، ينبغي لمنصة تنسيق إغاثة غزة أن تجمع تركيا والدول العربية تحت هيكل موحد. ومن شأن إنشاء مكتب للأونروا في تركيا أن يعزز تنسيق المساعدات الإنسانية تحت إشراف إقليمي.
4. مسارات إنسانية للفلسطينيين
ينبغي أن يتيح مسار تأشيرة/إقامة إنسانية إقليمي للنازحين في غزة الوصول إلى العلاج الطبي والتعليم والمأوى المؤقت، بدعم من تركيا والأردن ومصر ودول الخليج بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة.
5. حوار حول الحكم المستقبلي وإعادة الإعمار
مع تصاعد النقاشات حول غزة ما بعد الحرب، يجب على الجهات الفاعلة الإقليمية المشاركة، لا فرض الحلول. إن استضافة منتدى لإعادة إعمار الأراضي الفلسطينية والسيادة عليها من شأنه أن يجمع أصوات الشتات والفصائل السياسية والمجتمع المدني من أجل إيجاد حلول بقيادة فلسطينية.
حكم التاريخ: ثمن التقاعس عن العمل
لن يسجل التاريخ معاناة غزة فحسب، بل سيسأل أيضًا:
• هل تحرك الأقربون للفلسطينيين إلى هذه اللحظة؟
• هل سمحنا بتحييد القانون الدولي بالسياسة؟
• هل انتظرنا مصطلحًا قانونيًا واحدًا، وهو "الإبادة الجماعية"، قبل أن نتحرك؟ أم سعينا لتحقيق العدالة بوضوح وإلحاح وقيادة إقليمية؟
من شوارع قونية إلى مياه النيل، الرسالة واضحة: الناس مستعدون للتحرك. والآن، على الحكومات والمؤسسات والجهات الفاعلة الإقليمية اللحاق بالركب، وتحويل الزخم الأخلاقي إلى نفوذ سياسي، ووضوح قانوني، وعزيمة إنسانية. فلسطين لا تحتاج صدقة، بل تحتاج عدالة وشراكة وسيادة. وهذا لا يبدأ في لاهاي، بل يبدأ من داخل منطقتنا، مع قادة يتمتعون بالجرأة الكافية لينظروا إلى التضامن ليس كأداء، بل كمسؤولية.
* نبذة عن الكاتب:
إردام أوزان دبلوماسي تركي متمرس يتمتع بخبرة 27 عامًا في الخدمة الدبلوماسية. وقد شغل العديد من المناصب البارزة، بما في ذلك منصبه الأخير كسفير لدى الأردن، بالإضافة إلى مناصب في الإمارات العربية المتحدة والنمسا وفرنسا ونيجيريا.
ولد في إزمير عام 1975، وتخرج بمرتبة الشرف من كلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة. واكتسب معرفة واسعة بالمشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الشرق الأوسط، حيث قام بتحليل تعقيدات الصراعين السوري والفلسطيني، بما في ذلك جوانبهما الإنسانية وتداعياتهما الجيوسياسية.
كما شارك في العمليات الدبلوماسية المتعددة الأطراف، وتخصص في مجال حقوق الإنسان والتطورات السياسية الإقليمية. وتشمل مساهماته توصيات لتعزيز السلام والاستقرار من خلال الحوار والتفاوض بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية. ويواصل حاليا دراساته عن الشرق الأوسط بينما يعمل مستشارا.