شبكة اخبار العراق:
2025-06-01@10:07:31 GMT

العالم يسقط بين أيدي التافهين

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

العالم يسقط بين أيدي التافهين

آخر تحديث: 16 نونبر 2023 - 12:47 معفاف مطر

إذا كنت تعتقد أن من يتحكم اليوم في العلوم والثقافة والتجارة .. الخ هم الأكثر كفاءة فأعلم أن مؤلف كتاب (نظام التفاهة) الفيلسوف الكندي آلان دونو لا يتفق معك، لأنه يعتقد أن العالم سقط بين أيدي التافهين. قد يتبادر الى ذهن القارئ أن المؤلف يتحدث عن مجموعة من التافهين الذين يحتلون مكانة مهمة ولهم القدرة على التأثير، لكن وبعد قراءة الكتاب سيتبين له أن الكتاب لا يتحدث عنهم ويعتبرهم مجرد نتيجة حتمية وطبيعية لنظام كامل، وقد يتفاجئ أنه يتحدث عن علماء ورؤساء شركات وخبراء أي شخصيات ليست تافهة أبداً.

من يقرأ الكتاب أيضاً سيكتشف أن المؤلف لم يقصد كلمة ( تفاهة ) حرفياً أبداً وإنما المترجمة لم تكن دقيقة بما فيه الكفاية فآلان دونو كان قد كتب هذا الكتاب بالفرنسية والمترجمة استعانت بالنسخة الأصلية الفرنسية اضافة الى النسخة المترجمة الى الانجليزية، والكلمة التي وضعها آلان هي Mediocracy وهذه الكلمة لاتعني التفاهة وانما الشيء المتوسط المتواضع، أي الشخص الذي لا يمتلك كفاءة عالية ولكن في الوقت نفسه ليس سيئاً، والمؤلف أكد على هذا المعنى، ففي الصفحة 90 يقول : إن Mediocrity هو الاسم الذي يشير الى ما هو متوسط تماماً مثل ما تشير كلمة Superiority  الى ما هو أعلى و Inferiority  الى ما هو أدني، وبالتالي فالمؤلف حين كتب في العنوان Mediocracy فهو يحدد المتوسط بين الأعلى والأدنى، ويستشهد بمبدأ بيتر في صفحة 75 للتدليل على قصده بمتوسطي الكفاءة وليس التافهين الذين هم في المرتبة الدنيا، ويقول أن مبدأ بيتر يتيح للموظف متوسط الكفاءة وبحسب نظام العمل أن يترقى تدريجياً حتى يصل الى رأس الهرم ويشغل مناصب عليا في السلطة ويزيح من هم أعلى كفاءة منه وأكثر استحقاقاً. ومن هنا نفهم أن المؤلف لا يتحدث عن التافهين بل أصحاب الكفاءة العادية وكيف يساعدهم النظام على الوصول الى أعلى المراتب وحرمان من هم أفضل منهم، ويبقى السؤال لماذا اختارت المترجمة هذه المفردة؟ قد يكون السبب تسويقي فإذا كان كذلك فقد نجحت من دون أدنى شك. في الصفحة الأولى يهاجم المؤلف الجامعات لأنها في النهاية تعطي شهاداتها لكل من يتجاوز الاختبارات النهائية. يضرب آلان مثالاً على أساتذة الجامعة، يفترض وجود أستاذ لا يحقق المهام المطلوبة منه وكل تلامذته متأخرين في مستواهم التعليمي، فبالتأكيد هذا الاستاذ سيتعرض للفصل وهذا أمر مفهوم ومفروغ منه، وعلى الجانب الأخر وربما في الجامعة ذاتها يوجد أستاذ يتمرد على البروتوكول الذي تضعه المؤسسة التعليمية لجميع الاساتذة، ويحقق نسب نجاح عالية، ويؤهل طلابه الى أعلى المستويات، هذا الأستاذ سيتعرض أيضاً للفصل لأنه تمرد ولم يلتزم بتعلميات الجامعة وهو بذلك أربك العملية التعليمية من وجهة نظر المؤسسة، على سبيل المثال ماذا لو استطاع الأستاذ عالي الكفاءة بتعليم طلابه منهج مرحلتين في سنة واحدة واجتاز الطلاب كل الاختارات وبتفوق، هنا ستجد المؤسسة التعليمية نفسها بموقف حرج، فعليها أن تضع منهج تعويضي للسنة القادمة، وبالتالي ستجد نفسها أمام قيمتين، الأولى أستاذ عالي الكفاءة وطلاب متفوقين اجتازوا منهجين في سنة واحدة، والثانية نظام تم الاخلال به وعليها وضع منهج تعويضي لا يستطيع كل الأساتذة الالتزام به، بطبيعة الحال ستنتصر الجامعة لنظامها وتمنع هذا الأستاذ من ممارسة التدريس بطريقة ذات جودة عالية وسيكون من وجهة نظرها أن الأستاذ متوسط الكفاءة الذي يلتزم بالمنهج ويحافظ على تفاوت في درجات الطلاب أفضل من الأستاذ عالي الكفاءة، وعليه سيتم ترقيته بصورة أسرع وسيصل الى رأس الهرم يوماً قبل الأستاذ عالي الكفاءة الذي سيظل بيعداً عن السلطة أو أنه سيجد نفسه مرغماً على الانضمام الى فئة الأساتذة متوسطي الكفاءة ويساير النظام، فالمقياس هنا الحفاظ على النظام وليس الكفاءة وهذا هو الـ Mediocracy  ويرى المؤلف أن النظام الرأس مالي هو من يقف وراء هذه الأنظمة، كالمستشفيات التي تكافئ أطبائها الذين يكتبون أدوية لا يحتاجها المريض لصالح أرباح المستشفى وشركات الأدوية، أو محصلي الضرائب الذي يسعون وراء البسطاء لاستحصال الضرائب لتحقيق المزيد من الدخل وترك مؤسسات ضخمة وشركات مخيفة لأي سبب من الأسباب. ويركز آلان على الجامعات ويرجع لينتقدها بقوله أن الجامعات وبسبب التخصصات الدقيقة جداً وتركيزها على دقائق كل تخصص على حدة هي بذلك تخرج خبراء وليس مثقفين وذلك تلبية لاحتياجات سوق العمل وهذا على حساب التفكير النقدي، فالمثقف وإن تخصص بمجال معين إلا أن لديه الأدوات التي تؤهله لربط مجاله بمجالات أخرى. يرى آلان أن حصر الطلبة في مسارات تعليمية معينة بعيداً عن المسارات الأخرى سيجعله سلعة بيد الشركات التي تمول الابحاث والجامعات نفسها، ومع تطور الذكاء الاصطناعي قد يجعل الكثير من الطلبة يواجهون مستقبلاً مجهولاً، لأنه مقيد بمجال واحد إذا حل الذكاء الاصطناعي محله سيجد نفسه عاطلاً عن العمل. على سبيل المثال شركة كوكاكولا تمول أبحاثاً تثبت أن الكوكاكولا لا تسبب السمنة أو بعض شركات الأدوية تمول أبحاثاً  للتخفيف من الأعراض الجانبية لأدويتها..الخ فالنظام الرأس المالي هو الذي يرجح المال على القيم العليا. الكتاب اكتسب شهرة عالمية، لكني أرى أنه لا يستحق كل هذه الشهرة، فمن ثلاث مائة وثلاثين صفحة لا توجد إلا مائة أو أقل هي المهمة، لغة الكاتب غير واضحة، المقدمة طويلة ومملة ولايحتاجها القارئ وتقع في ستة وستين صفحة. هناك كتب تحمل نفس الأفكار وتعد أهم من كتاب آلان دونو أبرزها كتاب عقيدة الصدمة للمؤلفة الكندية أيضاً ناعومي كلاين، فلغتها كانت أفضل من آلان وركزت على تأثير المال على السياسة والكتاب لا يتطلب من القارئ معرفة كبيرة بالاقتصاد والسياسة فهي تبسط المعلومات بشكل جميل ومشوق حتى أن آلان نفسه امتدحها في كتابه.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: عالی الکفاءة یتحدث عن

إقرأ أيضاً:

أبرزهم أحمد فهمي وفتحي عبد الوهاب.. نجوم الفن يؤازرون إياد صالح في عزاء والده «صور»

شهد عزاء والد المؤلف إياد صالح، حضور عدد من نجوم الفن، منهم أحمد فهمي والمطرب كزبرة، وفتحى عبد الوهاب والمخرج طارق رفعت والسيناريت هانى سرحان وزوجته الفنانة بسمة داود والمؤلف أيمن وتار.

وكان السيناريست إياد صالح قد أعلن رحيل والده عن عالمنا في الساعات الأولى من الاثنين الماضي، وذلك من خلال حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

تشييع جنازة والد إياد صالح

وقد تم تشييع جنازة والد إياد صالح بعد صلاة ظهر الاثنين الماضى من مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، بحضور عدد من أصدقائه وأقاربه.

يشار إلى أن المؤلف والسيناريست إياد صالح بدأ مشواره من ورشة كتابة برنامج عالم سمسم عام 2002، ومن ثم عمل على تأليف أول مسرحية له عام 2005 بعنوان 6 رجال.

كما انضم صالح لفريق برنامج «صاحبة السعادة» للإعلامية إسعاد يونس عام 2014، ومن ثم رئيس تحرير لبرنامج «تع اشرب شاي» عام 2017، وقدم أول عمل درامي له عام 2021 بتأليف مسلسل قارئة الفنجان، ومسلسل «حلوة الدنيا سكر» عام 2021، ومسلسل «نصي الثاني».

اقرأ أيضاً«قلودة».. تامر حسني وكزبرة في ديو غنائي

أحمد داود ومنة شلبي في السينمات السعودية للترويج لفيلم «الهوى سلطان» (صورة)

مقالات مشابهة

  • المتة.. مشروب النجوم الذي يشعل حماس ميسي وسواريز ويغزو ملاعب العالم
  • بعد انتهاء معرض الكتاب بالرباط.. جدل ثقافي وزخم فكري
  • هيئة الكتاب تصدر إصدارا جديدًا عن الإدارة الاستراتيجية لـ بهاء الدين سعد
  • رونالدو أم محمد صلاح.. من هو اللاعب الذي يرغب الأهلي المصري بضمه قبل كأس العالم للأندية؟
  • محامٍ: غياب قائمة المنقولات الزوجية لا يسقط حق الزوجة
  • كتاب جديد يبرز واجب العلماء والدعاة لنصرة فلسطين والمسجد الأقصى
  • أبرزهم أحمد فهمي وفتحي عبد الوهاب.. نجوم الفن يؤازرون إياد صالح في عزاء والده «صور»
  • “لجان المقاومة” تدعو “داخلية غزة” للضرب بقوة على أيدي العملاء واللصوص والعصابات
  • الإفتاء توضح الدليل على مشروعية الأضحية من الكتاب والسنة
  • أينشتاين يسقط في جاذبية الحب