خطيب الجامع الأزهر يطالب المسلمين في بقاع الأرض بمواصلة الدعاء نصرة الفلسطينيين
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والتى دار موضوعها حول "الأمل والعمل".
خطيب الأزهر: على المسلمين في بقاع الأرض مواصلة الدعاء نصرة لإخواننا في فلسطينوقال د. حسن الصغير، إن الله خلق الإنسان ودبر له أمره فى هذه الحياة، وقدر له أحواله فيها، فهو سبحانه وتعالى الخالق القادر الحكيم والمدبر، وشاء المولى عزّ وجلَّ أن يكون حال الإنسان فى الحياة ما بين سعة وضيق، كرب وفرج، شدة ورخاء، عسر ويسر، سعادة وشقاء وفرح وترح، كلها أحوال متقابلة وما بينهما من أحوال كلها فى علم الله وبقدره، وكلها بحكمة الله عزّ وجلَّ.
ولفت خطيب الجامع الأزهر ، إلى أن إيمان المؤمن حيال كل تلك الأحوال يجعله فى ثقة في الله وتقديره وحكمته وتدبيره، لأن إيمانه بالله لا يجعله يقنط أو ييأس أبداً، فكما أنه آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فهو يؤمن بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، فتجده فى الفرح والسعة، والرخاء والسعادة، شاكراً لله، قال تعالى: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد"، يشكره على نعمة الخير، الأمن، الرخاء، الصحة، العافية، الولد والإيمان.
واستطرد د.الصغير، قائلا: إنه إذا ما تبدل حال المؤمن بقدر الله عزّ وجلَّ وتحول إلى ضيق بعد سعة، عسر بعد يسر، شقاء بعد سعادة وضرر بعد فرح؛ تجده موقناً بالله صابراً محتسباً آخذ بالأسباب التى تغير حاله والتى يسرها الله عزّ وجلَّ لينتقل من الضيق إلى الفرج، من الحزن إلى السرور ومن الشقاء إلى السعادة. قال ﷺ ﴿عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ﴾
وبيّن خطيب الجامع الأزهر ، أنه مهما رأى المؤمن منا وشاهد وعايش من حوله من المصائب والفظائع التى يقع فيها إخوان له فى الإسلام، فإن الإيمان يجعله يصبر ويحتسب ويأخذ بالأسباب التى ترفع عنهم ضيقهم وكربهم والأغلال التى فرضت عليهم، فالمؤمن لا يعرف اليأس والقنوط، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ لأن قلبه عامر بالإيمان على نحو يجعله آمن مطمئن أن الله عزّ وجلَّ سوف يغير الأحوال، ولذا وجب عليه فقط الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، قال صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً"، وفي هذا الحديث صور النبى ﷺ للمؤمنين من أحوال الناس وأهل الأديان بل البشر جميعاً أن الأمر قد يصل بالإنسان إلى حالة دمار شامل وهلاك مستعير وذلك إذا قامت القيامة، فإنه صلى الله عليه وسلم يأمرنا ألا ينقطع أملنا ولا رجاؤنا فى الله، وهو تصوير بديع منه ﷺ يلقى فى قلب أهل الإيمان دعائم الثقة بالله والأمل والرجاء وحسن الظن به سبحانه وتعالى. قال ﷺ ﴿إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا﴾ لأنه بالأمل والعمل يستفيد الناس ولو للحظة قبل أن يحشروا إلى خالقهم،فهذا هو تمام الإيمان.
وأوضح د. الصغير، أنه من الجمال فى الإسلام أن يدعو المسلمين فى كل وقت وحين إلى الثبات وقت الضيق والشدائد، وأن يكون لديهم ثقة بالله وأن يعملوا قدر استطاعتهم لأنه إذا أراد شيئاً تهيأت له الأسباب، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾.
وأشار إلى أن القرآن الكريم به الكثير من الآيات التى تدل على ذلك منها قوله تعالى: ﴿وَالضُّحَىٰ ﴿۱﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ﴿۲﴾ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ ﴿۳﴾ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَىٰ ﴿٤﴾ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ﴾ وقوله: ﴿أَلَم نَشرَح لَكَ صَدرَكَ (1) وَوَضَعنَا عَنكَ وِزرَكَ (2) ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهرَكَ (3) وَرَفَعنَا لَكَ ذِكرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ ٱلعُسرِ يُسرًا (5) إِنَّ مَعَ ٱلعُسرِ يُسرٗا﴾.
وتحدث خطيب الجامع الأزهر ، عن الظرف الصعب الذى تعيشه الأمة الإسلامية ليل نهار، وبيّن أنه رغم صعوبته إلا أن كتاب الله عزّ وجلَّ ينبهنا إلى أن هذا الظرف إن وقع على النفس فهو ابتلاء من الله عزّ وجلَّ يحتاج منا إلى الصبر واليقين والأخذ بالأسباب، ففى قضية القدس وما يحدث فى فلسطين من قتل وتخريب وسفك للدماء بشكل غير مسبوق، نجد فى كتاب الله ما يدلنا على قوة الثبات، فهو يخبرنا بعدم اليأس والقنوط، وخير دليل على ذلك مشهد الأحزاب مع النبى ﷺ وما رفعه الله عنه وعن القلة التى كانت معه ﷺ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ لكنهم أخذوا بالأسباب، فتكفل الله بدفع هؤلاء الأحزاب عنهم قال تعالى: ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ فالقرآن يذكر الناس فى كل وقت وحين بأن النصر يكون مع الضعف والضيق والعذاب الشديد قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾
واختتم د.الصغير، حديثه بدعوة المؤمنين إلى التسلح بسلاح الإيمان والإعتصام بالله والأخذ بما تيسر من الأسباب واليقين التام بأن الله غالب على أمره قال تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ وأن هذا حال الرسل جميعاً قبل بعثته ﷺ قال تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ فهذه هى العقيدة وهذا هو اليقين الصادق بالله عزّ وجلَّ قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ فِي ٱلأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز﴾ وأنه مع الأسباب المادية لابد من الأسباب المعنوية قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُم فِئَةٗ فَٱثبُتُواْ وَٱذكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُم تُفلِحُونَ (45) وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفشَلُواْ وَتَذهَبَ رِيحُكُم وَٱصبِرُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر خطبة الجمعة اليوم الجامع الازهر الأمين العام لهيئة كبار العلماء الأمل والعمل فلسطين خطیب الجامع الأزهر قال تعالى الله عز
إقرأ أيضاً:
مشرف الرواق الأزهري: الاجتهاد فريضة إسلامية والحرية الفكرية منهج علماء هذه الأمة
عقد الجامع الأزهر اليوم الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان: “مكانة العقل وبناء المجتمع”.
وجاء ذلك بحضور كل من د. عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية بالرواق الأزهري، ود. مجدي عبد الغفار، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، تقديم الإعلامي دكتور محمد مصطفى.
ملتقى الجامع الأزهر للقضايا المعاصرةقال الدكتور عبد المنعم فؤاد في بداية الملتقى على أن الادعاء بجمود الإسلام وغياب الحراك الفكري والاجتهاد فيه هو جهل بحقيقته، فالعلاقة بين العقل والدين في الإسلام متجذرة، حيث يمثل القرآن الكريم إعجازًا عقليًا يدفع المؤمن نحو التفكر والتدبر، ويتجلى هذا التكامل في نهج النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يضع كل كلمة في محلها، فتحمل كلامه معاني ومغازي عميقة؛ ولذا يوصف بأنه "سيد العقلاء"، فالإسلام، الذي جاء به النبي، هو الذي علمنا منهج التفكر والتدبر، والقرآن الكريم هو أساس الفهم والتدبر لا مجرد الاستسلام السلبي للأوامر.
وأضاف الدكتور عبد المنعم فؤاد، أن علماء الأمة الإسلامية هم أول من أسسوا لمنهج الحرية الفكرية، ويتجلى ذلك في التنوع الفقهي والمنهجي بين رخص ابن عباس، وعزائم ابن عمر، وعقلية أبي حنيفة، وواقعية الإمام الشافعي، ومنطقية الغزالي، وموسوعية ابن تيمية، ورقائق الجيلاني، وفلسفة ابن رشد، ومنهجية الرازي، ووسطية الأزهر؛ لأن الاجتهاد فريضة إسلامية، وتتأكد هذه الحقيقة بالنظر إلى منهج الإمام أبي حنيفة القائم على اجتهاده واجتهاد تلاميذه أبي يوسف ومحمد الذين كان يأخذ بآرائهم رغم اختلافهم، وكذا بتعدد فتاوى الإمام الشافعي للمسألة الواحدة بين العراق ومصر، ووجود أكثر من فتوى لبعض المسائل عند الإمام أحمد بن حنبل.
هل يجب على المرأة خدمة زوجها؟ عالم أزهري يجيب
أعضاء لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوة الإنسانية يشيدون بمسيرة الأزهر في بناء الجسور بين الثقافات
ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يستعرض التشخيص النفسي والعلاج الديني لمواجهة التفكك الأسري
وكيل الأزهر يهنئ وزير الرياضة برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو
وأكد المشرف العام على الأنشطة العلمية بالرواق الأزهري، على المنزلة المحورية للعقل في الإسلام، ولو نظرنا في القرآن الكريم نجد أن كلمة "العقل" ومشتقاتها وردت فيه ما يزيد عن 300 مرة، وتتجلى هذه الأهمية القصوى في أن التكليف الشرعي يسقط عن غير العاقل؛ فالعقل هو مناط التكليف، وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة بلسان أهل النار أنفسهم، حيث قالوا: "قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير"، مما يبرهن على أن قضية العقل بالغة الأهمية؛ إذ هو الأداة الأساسية التي تمكن الإنسان من معرفة المولى سبحانه وتعالى واستيعاب رسالته، مؤكدًا بذلك أن الإسلام دين يقوم على الاقتناع الفكري والبحث عن الحقيقة، لا على التسليم الأعمى.
الدكتور مجدي عبد الغفار: العقل هو الميزان الذي يحدد مكانة الفرد في مجتمعه، وهو الأداة لإعمار الأرضمن جانبه أكد الدكتور مجدي عبد الغفار أن نعمة العقل هي من أجل النعم على الإطلاق، فهي الميزان الذي يحدد مكانة الفرد في مجتمعه، والأداة الأساسية التي يتحقق بها إعمار الإنسان للأرض، وبناءً على ذلك، وأن أي مسعى لـ "عمار" بلادنا وأوطاننا وأمتنا يقوم على ثلاثة أركان جوهرية: الإنسان، حيث يكون (الإنسان قبل البنيان)، ثم يليه ركن الوعي، والركن الثالث هو العبادة (الساجد قبل المساجد).
وأوضح الدكتور مجدي عبد الغفار أن التدبر في آيات الكون هو المنهج الإلهي الذي سلكه المولى – سبحانه وتعالى- مع سيدنا إبراهيم عليه السلام للوصول إلى اليقين، حيث قال تعالى: " وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ" وهذا التوجيه الرباني بالنظر والتفكر يجب أن يلتزم به الدعاة والعلماء اليوم، لأنه هو الحديث الأكثر نفعًا وفائدة، وهو المنهج الذي سار عليه السلف من علماء هذه الأمة، فنجد قول أحد علمائها الإمام الجويني: "لولا العقل ما فهمنا حقيقة النقل"، لأن العقل هو أساس التكليف، والنقل (الشرع) هو أساس الهداية، ولا يوجد أي تعارض أو خلاف بينهما؛ فكلاهما مصدر للعلم والمعرفة، ويعملان بتناغم للوصول إلى الحقائق الإيمانية والكونية.