سمرقند.. إحدى أقدم مدن العالم وأبعدها ما برحت تثير إعجاب الزوار
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- سمرقند. كلّما لفظنا اسمها نستحضر صور المغامرة والاستكشاف والألغاز البعيدة. وهذه المدينة التي تُعد بين المدن الأقدم المأهولة في العالم، تأسّست حوالي عام 700 قبل الميلاد، وتشكّل مفترق طرق للثقافات ومركزًا للتعلّم والتجارة، خصوصًا خلال ذروة طريق الحرير القديم الذي كان يمر عبر المدينة.
كُتب الكثير عن هذه الجوهرة الواقعة في جنوب شرق أوزبكستان، لكن قصيدة للروائي والشاعر البريطاني جيمس إلروي فليكر (1884-1915) تلخّص ربما الواقع بشكل أفضل: "سعيًا منا لمعرفة ما لا ينبغي معرفته، نسلك الطريق الذهبي إلى سمرقند".
بفضل معالمها المتنوعة، ضمنًا المساجد والأضرحة والمدارس المذهلة، فهي بالتأكيد جوهرة المدن التاريخية في أوزبكستان التي غالبًا ما يترافق ذكرها مع خيوة وبخارى، المحطتان الرئيسيتان الأخريان على طريق الحرير، اللتان تشتهران بهندسة معمارية تعود إلى العصور الوسطى.
أبرز المعالم التاريخيةأي مسار لسمرقند يجب أن ينطلق من ميدان ريجستان كمحطة أولى. ويرجح أنها الموقع الذي التقطت فيه الصور الأكثر في أوزبكستان.
وتنتصب حول الميدان ثلاث مدارس هي: مدرسة أولوغبيك، ومدرسة شير دور، ومدرسة تيلا كاري، التي بُنيت بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر. وتختزل هذه المدارس الإسلامية بشكل مثالي الدور الذي لعبه طريق الحرير القديم، كمركز للتعلم والتجارة.
وفي حين أنّ ميدان ريجستان قد يكون المعلم السياحي الأشهر في سمرقند، إلا أن مقبرة شاه زنده بلا شك، هي الأكثر إثارة للعجب. إذ تحتوي على مجموعة من الأضرحة التي يسيطر فيها البلاط الفيروزي والقباب والديكورات الداخلية المذهلة على المشهدية، ويعود تاريخها جميعها إلى القرن الرابع عشر.
ثم هناك العديد من المواقع المرتبطة بالحاكم الشهير تيمور من القرن الرابع عشر، واسمه حاضر دومًا في أوزبكستان.
ومن أشهر الأماكن المتّصلة به مثواه الأخير، غور أمير في سمرقند، أو ضريح الأمير تيمور الذي يحتفي بحياته باللونين الذهبي والفيروزي. تم الانتهاء من بنائه عام 1404، ودُفن تيمور هناك بعد وفاته عام 1405.
وتقول الأسطورة أنّ زوجة تيمور المفضّلة شيّدت مسجد بيبي خانوم في سمرقند تكريمًا لعودته إلى وطنه بعد رحلة فتوحاته الطويلة. ولا يزال اليوم أحد أكبر المساجد في آسيا الوسطى، ويمكنه أن يستقبل حوالي 10 آلاف من المصلين في كل مرة.
ثم هناك حفيد تيمور، أولوغ بهيغ. لقد كان سلطانًا، لكنه أيضًا عالمًا شغوفًا بالرياضيات وعلم الفلك. ولا تزال أعماله تُذكر في مرصد أولوغ بهيغ التاريخي الذي بُني في عشرينيات القرن الخامس عشر، على تلة مطلّة على سمرقند. ويعرض اليوم القياسات التاريخية لمسار الشمس على مدار عام، بفارق دقيقة واحدة فقط عن قياسات اليوم.
وفي الشمال الشرقي من المدينة يوجد ضريح القديس دانيال، نبي من العهد القديم. الموقع الدقيق لرفاته ما زال موضع جدل، حيث تدّعي العديد من الدول أنها تمتلكها. لكن بحسب الأسطورة المحلية، يحتوي ضريح القديس دانيال في سمرقند على مجموعة من آثار النبي التي تستمر في النمو مع مرور الوقت، ما أجبر القيّمون على تمديد التابوت بشكل متكرّر حتى بلوغه الطول الحالي، أي 18 مترًا (59 قدمًا).
ماذا تأكل وأين؟يتنوّع المطبخ الأوزبكي إسوة بالمناظر الطبيعية في البلاد وسمرقند ليست استثناءً.
الطبق الوطني هو بلوف، وفي الأصل اسمه بيلاف أو بيلاو. يمكن تحضير طبق الأرز هذا باستخدام مجموعة واسعة من المكونات مثل الجزر، ولحم البقر، والزبيب والبصل.
وتترافق معظم الوجبات مع طبق أوبي نون، وهو نوع من الخبز يُصنع طازجًا في فرن من الطين، ثم يتم ختمه وتزيينه بأداة شائكة يمكن التقاطها من أي كشك تذكاري.
أما بالنسبة للأطباق المحلية التي قد لا تعجب الجميع، فهناك الكورت. سترى هذه الكرات الصغيرة الصلبة البيضاء الموضوعة على أطباق القضم وفي الأسواق. وهي عبارة عن وجبات خفيفة من الجبن المجفف، مصنوعة من الحليب المخمر الذي يتم الحصول عليه من الحيوانات المحلية. تقول الأسطورة أنها كانت تحظى بشعبية لدى الرحالة على دروب طريق الحرير.
وتوجه إلى بازار سياب حيث الأكل رخيص ويمكنك الامتلاء والتمتع بمشاهدة المعالم السياحية. هنا سيجد المسافرون العديد من الأطباق الأوزبكية الكلاسيكية، ضمنًا أوبي نون الساخن، والسمسا، والشاشليك، والكورت.
ولن تكتمل أي زيارة إلى أوزبكستان من دون الاستمتاع بتقاليد الشاي القديمة. وفي حين أن جيل الشباب يتبنى اتجاه تناول القهوة، لا يزال السكان المحليون الأكبر سنًا يستمتعون بكوب من الشاي يرافق طعامهم.
وأصبحت بيوت الشاي التقليدية في أوزبكستان أكثر ندرة، لكن بيت شاي بيبيخانوم في سمرقند يقدم تجربة أصيلة.
من أين ينطلق مسارك؟إذا كنت تُقيم في الجزء القديم من المدينة، فإن المشي يعد الخيار الأفضل، حيث يوجد العديد من الممرات الصغيرة التي يمكنك استكشافها والمناورة بها.
بالنسبة للمسافات الأطول، مثل محطة سكة الحديد، أو المطار، أو المعالم السياحية مثل مرصد أولوغ بهيغ، يمكنك الاستعانة بسيارات الأجرة رخيصة الثمن التي يسهل الاتصال بها. تفاوض قبل الركوب، حيث أن العديد من سيارات الأجرة لا تحتوي على عداد، رغم أن الأسعار تميل إلى أن تكون عادلة ورخيصة. فقط تأكد من حيازتك نقودًا بالعملة المحلية.
بالنسبة للرحلات اليومية الطويلة، مثل رحلة إلى شهرسبز، فإن استئجار سائق خاص ودليل يعتبر الخيار الأفضل.
كيف تصل إلى سمرقند؟يقع أكبر مطار دولي في أوزبكستان بالعاصمة طشقند. منها يمكنك اللحاق برحلة جوية مع الخطوط الجوية الأوزبكية إلى سمرقند أو ركوب القطار.
أوزباكستانرحلاتنشر الأحد، 19 نوفمبر / تشرين الثاني 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أوزباكستان رحلات فی أوزبکستان طریق الحریر العدید من
إقرأ أيضاً:
نقطة تحول في تاريخ البشرية.. اكتشاف أقدم دليل على استخدام البشر القدماء للنار في هذا الموقع
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كَشَف حقل في مقاطعة سوفولك شرق إنجلترا أدلةً حول أقدم حالة معروفة لقيام البشر بإشعال النار والتحكم فيها. ويعتقد علماء الآثار أنّه اكتشاف مهم يُسلّط الضوء على نقطة تحوّل حاسمة في تاريخ البشرية.
يشير اكتشاف طين محروق شكّل موقدًا في منطقة بارنهام، إضافةً لفؤوس حجرية متصدعة بفعل الحرارة، وشظيتين من حجر البيريت الذي يُستخدم لتوليد شرارات، إلى أن البشر الأوائل (إنسان النياندرتال على الأرجح) كانوا قادرين على إشعال النيران والحفاظ عليها.
وقال أمين مجموعات العصر الحجري القديم في المتحف البريطاني، نيك أشتون، خلال مؤتمرٍ صحفي: "هذا موقع يعود تاريخه إلى 400 ألف عام يوجد فيه أقدم دليل على إشعال النار، ليس في بريطانيا أو أوروبا فحسب، بل في أي مكان آخر من العالم".
وأكّد أشتون، المؤلف الرئيسي لدراسة حول موقع بارنهام نُشرت في مجلة "Nature"، الأربعاء: "هذا هو الاكتشاف الأكثر إثارة في مسيرتي المهنية التي امتدت 40 عامًا".
لطالما كان تحديد الوقت والمكان الذي بدأ البشر في إشعال النار وطهي الطعام عمدًا، بين الأسئلة التي حيّرت الباحثين في مجال أصول الإنسان لفترةٍ طويلة.
فهذه القدرة على إشعال النار ستسمح للبشر الذين عاشوا في بارنهام بتدفئة أنفسهم، وردع الحيوانات البرية، وطهي طعامهم بانتظام، بشكلٍ كان سيجعله مغذّ أكثر.
وكان من الممكن أن يجلب القدرة على التحكم بالنيران فوائد عملية، مثل تطوير المواد اللاصقة، وتقنيات أخرى، وتعزيز التفاعل الاجتماعي عبر سرد القصص مثلاً.
تُعد القطع الأثرية المكتشفة في هذا الموقع أقدم بـ350 ألف عام من الأدلة السابقة المعروفة عن إشعال النار في السجل الأثري، والتي عُثِر عليها في شمال فرنسا.
ومع ذلك، يرى أشتون أنّه من غير المرجح أن تكون القدرة على إشعال النار قد ظهرت لأول مرة في بارنهام.
وأوضح: "أعتقد أن الكثير منّا تمتع بحدس بشأن استخدام النيران بشكلٍ منتظم في أوروبا منذ حوالي 400 ألف عام. لكننا لا نملك دليلًا على ذلك".
يُعد تحديد وقت تعلُّم البشر إتقان إشعال النار لأول مرة وكيفية ذلك أمرًا صعبًا بالنسبة لعلماء الآثار.
السبب يعود إلى ندرة بقاء الأدلة التي تشير إلى اشتعال النيران، فيمكن أن يتطاير الرماد والفحم بسهولة، ويمكن أن تتعرّض الرواسب المحروقة للتآكل.
يصعب أيضًا التمييز بين الحرائق الطبيعية وتلك التي أشعلها الإنسان.
ويُرجح أنّ البشر الأوائل بدأوا في استغلال النيران الناجمة عن الصواعق أو عوامل طبيعية أخرى، ربما عن طريق الحفاظ على الجمرات لفترةٍ من الزمن، ولكنها كانت ستظل موردًا غير منتظم، وفقًا للدراسة.
ومع ذلك، تشير الاكتشافات في بارنهام إلى أنّ السكان القدماء استطاعوا إشعال النار واستخدامها بشكلٍ روتيني ومتعمد.
الدليل القاطعحلّل الفريق الرواسب المُحمرّة من بارنهام، ووجد أنّ خصائصها الكيميائية تختلف عن تلك الناتجة عن الحرائق الطبيعية.
أشارت بصمة الهيدروكربونات على سبيل المثال، إلى درجات حرارة أعلى ناتجة عن حرق الخشب بشكلٍ مركز، بدلاً من الحرائق واسعة النطاق.
كما أشار التغير المعدني في الرواسب إلى تكرّر الاشتعال في الموقع ذاته.
لكن الدليل القاطع تجسّد عبر قطعتين من حجر البيريت الحديدي، الذي يُشار إليه أحيانًا بـ"ذهب الحمقى".
ويمكن استخدامه لضرب حجر الصوان، بشكلٍ يُنتج شرارات كافية لإشعال مواد قابلة للاشتعال مثل الفطر الجاف.
لم يكن هذا المعدن الطبيعي متوفرًا في البيئة المحيطة مباشرةً، ويدل ذلك على أنّ السكان القدماء كانوا على دراية بخصائصه في إشعال النار، وسعوا للحصول عليه، كما أفاد الباحثون في الدراسة.
ويرى أستاذ علم آثار العصر الحجري القديم بمركز آثار أصول الإنسان في جامعة ساوثهامبتون البريطانية، جون ماكناب، غير المشارك في الدراسة، أنّ ما يثير الإعجاب في هذا البحث هو النطاق الواسع من أساليب التحليل المستخدمة لحل اللغز.