"إذا أردت لابنك أن ينشأ ويكبر ويصبح شخصا سويا على المستويين الجسدي والنفسي، فلا تحرص على سعادته طوال الوقت". قد تبدو عبارة قاسيةً أو شديدة بعض الشيء، إلا أن الدراسات العلمية تفيد بأن حرص الوالدين على سعادة أبنائهم طوال الوقت تتسبب في تعرضهم لضغوط نفسية وكآبة حين يكبرون.

مشاعر الحزن والخوف ضرورية

حتى يكبر أطفالك ويحتملون ما سيمرون به من مشكلات وتحديات على المستوى الشخصي، بالإضافة إلى ما يحدث في العالم من حروب ومجاعات من مشكلات، لا بد أن يجربوا الشعور بمجموعة واسعة من المشاعر التي لا تتوقف عند السعادة، فهم بحاجة لتجربة الحزن والخوف وخيبة الأمل.

موقع "إتش بي إس" التعليمي نشر دراسة شارك فيها 37 ألف شخص في العام 2014، توصلت إلى أن الأشخاص الذين يمرون بمشاعر مختلفة يتمتعون بصحة عقلية وبدنية أفضل، وتنخفض بينهم معدلات الاكتئاب، إلى جانب قدرتهم على التعامل مع مجموعة واسعة من المشاعر والظروف والمواقف.

فمن المهم مساعدة الأطفال على معرفة وتقدير السعادة عندما تكون موجودة، والتأقلم مع الأوضاع الصعبة في آنٍ معا.

لا بد للطفل من تجربة المشاعر الإنسانية المختلفة لتنمية ذكائه العاطفي (شترستوك) تجربة لا تدرّس

وتقول عالمة النفس الدكتورة فانيسا لابوانت لموقع "فونتين مونتيسوري" التربوي إن المرور بمواقف غير سعيدة يسهم في نمو الأطفال اجتماعيا وعاطفيا، مشيرة إلى أن النمو الاجتماعي والعاطفي لا يمكن أن يدرّس، بل لا بد للمرء أن يجربه بنفسه.

ويكمن التحدي الذي يواجهه الآباء في مساعدة أطفالهم على المرور بالتجارب التي يحتاجون إليها حتى يبلغوا أقصى درجات النضج الاجتماعي والعاطفي، "وحتى يصبح الطفل إنسانا ذكيا عاطفيا، يحتاج إلى تجربة مجموعة كاملة من المشاعر الإنسانية وليس السعادة فقط".

وبحسب لابوانت، فإن اهتمام الآباء المفرط بتلبية احتياجات أطفالهم يعلم الصغار أنهم مركز العالم، وأن على الجميع تحقيق مطالبهم، "وهذا غير صحي على الإطلاق".

"السعادة الضارة"

أما صحفية "واشنطن بوست" الأميركية، فنقلت بدورها عددا من الأبحاث التي توصلت إلى أن الأساليب النموذجية التي يتبعها الآباء في السعي وراء السعادة لا تفيد الأطفال على الإطلاق، بل تزيد من مشاكل القلق والصحة العقلية لدى الصغار والمراهقين بشكل مطرد، حتى قبل أن يشتبكوا معرفيا أو واقعيا مع الاضطرابات التي يشهدها العالم.

وبحسب الصحيفة، فإن التركيز على تعليم الأطفال الإيجابية بدلاً من مساعدتهم على تقبل المواقف الصعبة التي قد يتعرضون لها، يتسبب في افتقادهم المهارات اللازمة لإدارة هذه المشاعر عندما تصبح الحياة صعبة.

ولا يعني هذا أن السعادة سيئة أو أنه لا ينبغي البحث عن المتعة، لكن "السعادة القسرية" أو وضع السعادة بوصفها هدفا وحيدا في الحياة دون إحساس أعمق بالمعنى أو الغرض يمكن أن يحول المشاعر الإيجابية إلى أمرٍ ضار.

لا بد من مساعدة الأطفال على تقبل المواقف الصعبة ومنحهم المهارات اللازمة لإدارة المشاعر السلبية (بيكسلز) لا بأس من الحزن المؤقت

يذكر موقع "سيكولوجي توداي" أن المقصود في هذا السياق هو المرور بتجارب سلبية أو مشاعر غير سارة بشكل مؤقت، لا بشكل دائم أو لمدة طويلة، بحيث يكون الشعور بالغضب أو الإهمال أو الحزن أو الأذى أو عدم الراحة أو عدم الكفاءة أو الهزيمة أو الاضطراب مستمرا لمدة ساعة أو يوم أو أسبوع على أقصى تقديم. أما إذا تجاوزت هذه المدة، فقد تتسبب المشاعر السلبية في ضرر كبير.

ففي حال المرور بتجارب سلبية لمدة محدودة، يتحول الأمر إلى ما تشبه التجربة التعليمية، التي يمكنها أن تجعل تجربة الأطفال للسعادة أكثر ثراء عند مقارنتها بما دونها من المشاعر.

في المقابل، فعلى الرغم من أن الحزن العرضي أمر صحي، فإن التعرض له لمدة طويلة قد يسبب الاكتئاب. ومن المهم التحدث مع طفلك إذا ظهرت عليه علامات الاكتئاب، وطلب مساعدة أخصائي نفسي لمعالجته.

ماذا يتعلم الطفل من المشاعر السلبية؟ المرونة: تقول الطبيبة النفسية جودي لوينغر لموقع "فونتين مونتيسوري" إن شخصية الطفل تكتسب مرونة عندما يُسمح له بالتعبير عن مشاعره والتصرف بحرية حين يمر بظروف مزعجة دون محاولة قمعه. يجب أن يعرف الأطفال أن المشاعر السلبية جزءٌ من الحياة. الثقة: عندما يرى الأطفال أنهم قادرون على تجاوز التجارب السلبية، فإنهم يكتسبون مزيدا من الثقة في قدرتهم على التأقلم مع الظروف الصعبة في المرات القادمة. إذا قمنا بحماية الأطفال من كل ما من شأنه أن يزعجهم، فلن تتاح لهم الفرصة لتطوير أساليب التكيف مع كافة الظروف. الاعتماد على الذات: الشعور بالاعتماد على الذات هو نتيجة إيجابية أخرى للتعامل مع المشاعر السلبية لدى الأطفال. في المقابل، لن يتمكن الصغار من التأقلم مع الظروف الصعبة إذا اعتادوا تدخلنا لمساعدتهم في كل مرة يشعرون فيها بعدم الرضا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المشاعر السلبیة من المشاعر

إقرأ أيضاً:

إسعاد يونس: الإعلام مسؤولية ورسالة وليس ميكروفوناً وكاميرا

دبي: «الخليج»
في ثاني أيام قمة الإعلام العربي في دبي، وضمن جلسة «من عالم الفن إلى عالم الإعلام» استعرضت الكاتبة والإعلامية والمنتجة إسعاد يونس، محطات من رحلتها الفريدة في الانتقال من الفن إلى الإعلام، مركزة على تجربتها المتميزة في تقديم برنامج «صاحبة السعادة»، الذي حجز لنفسه مكانًا في قلوب المصريين والعرب، من خلال حوار أدارته الإعلامية ندى الشيباني من مؤسسة دبي للإعلام.
وخلال الجلسة التي جاءت ضمن فعاليات «منتدى الإعلام العربي»، وبسؤالها حول ما الذي دفعها للانتقال من التمثيل إلى الإعلام، أوضحت أنها في البداية لم تكن تتوقع أنها ستعمل في هذين المجالين، وإنما توقعت أن تصبح طبيبة أو مضيفة جوية أو شيء بعيداً عن الأضواء والشهرة.
وأضافت أنها نشأت في عائلة فنية وكانت تعمل مذيعة في سن مبكرة، كما أنها كانت تعشق الكتابة والموسيقى والقراءة، وقالت إنها لم تترك الفن، لكن الإعلام بالنسبة لها كان وسيلة لتقوم بدور آخر، مثل بناء ذاكرة شعب، وتعزيز الهوية في نفوس الأجيال، لأنها شعرت أن هناك حاجة لشيء يوثق التفاصيل الجميلة للمجتمع وحياته، بعيداً عن الضجيج اليومي لذا أطلقت برنامجها «صاحبة السعادة» الذي هدف إلى تعزيز الهوية ونشر الإيجابية.
وأوضحت إسعاد يونس، أن الإعلام ليس مجرد ميكروفون وكاميرا، بل مسؤولية ورسالة، وقد حرصت منذ أول حلقة على ألا يكون برنامجها مجرد حوار، بل حالة، أو رحلة داخل الوجدان المصري، وأصرت على تقديم شيء مختلف بعيداً عن الإثارة السطحية، بالتعاون مع فريق عمل البرنامج الذي أثنت عليه كثيراً خلال حديثها.
وأكدت أنها لا تبحث أبداً عن «التريند» وإنما عن القيمة والتركيز على الرسالة التي تريد إيصالها للجمهور المستهدف، بالتثقيف وتوفير الفن الراقي في زمن تتسم فيه الكثير من البرامج بالسطحية، مشيرةً إلى أهمية الحافظ على التوازن بين التطور والهوية.
وحول أبرز التحديات التي واجهتها في مسيرتها أوضحت إسعاد يونس أن أصعب المواقف بالنسبة لها كمنتجة تمثلت في الحصول على إذن الرقابة الإعلامية في مصر بإجازة بعض أعمالها.
كما ألقت الضوء على محطات مهمة من حياتها مثل دراستها للموسيقى وعملها في الإذاعة، ثم الفوازير والدراما الخفيفة والتمثيل، فضلاً عن كتابة القصص الساخرة، وقالت: «جمهوري الحقيقي هو الناس التي تستيقظ مبكراً لتعمل بجد ونشاط، وأحب أن أقدم قصصهم، صناعتهم، أكلهم، موسيقاهم، فهم من حافظوا على الهوية المصرية، رغم التغيرات الحاصلة من حولنا».
وفي حديثها عن الذكاء الاصطناعي، أشارت إلى أنه طغى على المهنة إلا أنه لن يسبب اندثارها ولن تحل الآلة محل الإعلامي، مشيرة إلى إيمانها بأن الإعلام لا بد أن يكون بسيطاً لأن الجمهور المتلقي يريد أن يفهم ليحب ما يسمعه، وعندما تتحدث بلغتهم، تدخل قلوبهم، مشيرةً إلى أن برنامج «صاحبة السعادة» قائم على أساس استضافة الشخصيات وكأنهم في منزلها وتتحدث معهم كأنهم أصدقاء منذ زمن .
وأكدت أنها ليست ضد«الترند» وإنما ضد السطحية الفارغة ومن يصعد سريعاً يسقط أسرع، أما المحتوى الذي يتمتع بروح وذاكرة، وفن فسيعيش أطول وهذا هو هدفي.

مقالات مشابهة

  • الحزن الذي يحرق شرايين القلوب!
  • السيد القائد الحوثي: استهداف العدو لأطفال الطبيبة الفلسطينية التسعة هي واحدة من المآسي المتكررة التي يعيشها الفلسطينيين
  • السيد القائد عبدالملك الحوثي: لا ينبغي أن تكون النظرة مقصورة إلى معاناة الشعب الفلسطيني فيما يتعلق بأسبوع واحد فقط
  • كريم رمزي: الأهلي مؤسسة تجعلك سعيدا.. وإمام عاشور لاعب الموسم
  • خوف وعضات قاتلة.. لماذا تتجاهل السلطات المغربية الكلاب الضالة التي تهاجم المواطنين؟
  • نور أعرج لـ سانا: نحرص على أن تكون رحلة الحج فرصة لترسيخ قيم التواضع، ونظافة المخيمات في المشاعر، فقد كنا من أوائل البعثات العربية والإسلامية التي قمنا بتبني مشروع نظافة الخيم في عرفات ومنى، إضافة إلى الصحة المستدامة لدى حجاجنا من خلال التوعية الصحية التي
  • ارتفاع مؤشرات السعادة في أبوظبي.. المدينة الأكثر أماناً في العالم
  • 6 خطوات كفيلة بإعادته.. لماذا يتجنب طفلك المراهق التواصل معك؟
  • إسعاد يونس: الإعلام مسؤولية ورسالة وليس ميكروفوناً وكاميرا
  • هيئة الدواء: رغيف الخبز قد يكون عدوًا خفيًا لبعض الأشخاص