وزير الري: التحديات الأخيرة أدت لتفاقم الضغوط على موارد المياه العذبة بالمنطقة العربية

أكد وزير الموارد المائية والري الدكتور هاني سويلم أن المنطقة العربية تعاني من ندرة المياه منذ زمن طويل، حيث أدت العديد من العوامل والتحديات في العقود الأخيرة لتفاقم الضغوط على موارد المياه العذبة، بما في ذلك النمو السكاني والهجرة وأنماط الاستهلاك المتغيرة والنزاعات الإقليمية وتغير المناخ ونظم الإدارة.

جاء ذلك خلال مشاركة وزير الري في افتتاح "المؤتمر العربي الخامس للمياه" والذي انطلقت فعاليات اليوم الأربعاء، ويستمر لمدة يومين بالمملكة العربية السعودية تحت عنوان "التنمية المستدامة في المنطقة العربية.. الهدف السادس - التحديات والفرص"، لبحث رؤية مستقبلية لتحقيق الأمن المائي المستدام في الوطن العربي، واعتماد خارطة طريق ملهمة لتحقيق أمن مائي عربي مستدام، كما شارك في اجتماعات الدورة الخامسة عشر لـ "المجلس الوزاري العربي للمياه" لمناقشة إجراءات تنفيذ الخطة التنفيذية لاستراتيجية الأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة، وكذلك متابعة خطة التنمية المستدامة 2030، فيما يخص قطاع المياه بالمنطقة العربية، وتعزيز ودعم التعاون العربي في استغلال الموارد المائية المشتركة.

وقال الدكتور سويلم - خلال كلمته في المجلس الوزاري العربي للمياه - إن المنطقة العربية تعد أيضا الأكثر ندرة في المياه بين جميع مناطق العالم، حيث تقع 19 دولة من بين 22 دولة عربية في نطاق شح المياه، ويفتقر ما يقرب من 50 مليون شخص لمياه الشرب الأساسية، ويعيش نحو 390 مليون شخص في المنطقة - أي ما يقرب من 90 في المائة من إجمالي عدد السكان - في بلدان تعاني من ندرة المياه، حيث تشير تقارير للأمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية إلى وجود أربعة تحديات رئيسية تؤثر على إدارة الموارد المائية في المنطقة العربية، وهذه التحديات هي: ندرة المياه والاعتماد على الموارد المائية المشتركة وتغير المناخ والأمن الغذائي.

وأشار الوزير إلى ما يواجهه إخواننا في الأراضي الفلسطينية المحتلة من تحديات متزايدة لتوفير احتياجاتهم من المياه، حيث تمثل الهجمات الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة تهديدا خطيرا للوضع الإنساني، ما يثير قلقا كبيرا، خاصة فيما يتعلق بخدمات المياه والصرف الصحي المتاحة للسكان المدنيين المحاصرين، على الرغم من أن توفير المياه هو خدمة إنسانية يكفلها القانون الدولي الإنساني.

وأضاف "لا يمكن إغفال آثار الحروب على إمداد السكان بالاحتياجات الضرورية للحياة فيما يتعلق بإمدادات المياه والغذاء والكهرباء مثلما هو الوضع في قطاع غزة المنكوب، فبالإضافة لما خلفه العدوان على الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي حصد أرواح ما يزيد على ١١ ألف شهيد في غضون شهر فقط، فإن تدهور الأوضاع الإنسانية وفقدان الاحتياجات الأساسية للحياة يجعل هذا الرقم قابل للزيادة بصورة كبيرة".

وأكد وقوف مصر بجانب الأشقاء العرب إزاء الأحداث "المتطرفة"، التي شهدتها البلدان العربية سواء ما يتعلق بالإعصار الذى ضرب ليبيا الشقيقة أو الفيضانات الغزيرة التي ضربت الصومال الشقيقة، وهو ما أسفر عن مقتل ونزوح المئات وخلف خسائر مادية جسيمة، متوجها بالدعوة لدعم الصومال الشقيق لتحديد احتياجاتها وأولوياتها فيما تواجهه من أزمة إنسانية كبيرة من خلال صناديق التمويل وتسيير قافلات الإغاثة والإيواء.

ولفت إلى أن مصر تعد خير مثال للدول التي تعاني من العديد من التحديات المترتبة على ندرة المياه وتغير المناخ، وهو ما انعكس على اهتمام مصر الكبير بملف المياه والتغيرات المناخية بإعتباره أحد أهم الملفات الحيوية والمصيرية للدولة المصرية، حيث تأتي مصر على رأس قائمة الدول القاحلة والأقل من حيث معدل الأمطار التي لا تتجاوز ١.٣ مليار متر مكعب، مع الاعتماد شبه المطلق على نهر النيل بنسبة ٩٨ في المائة والذي يأتي من خارج الحدود، ويبلغ نصيب الفرد في مصر من المياه سنويا نصف حد الفقر المائي عالميا، وعليه يتم سد الفجوة بين الموارد المائية المتاحة المقدرة بنحو ٦٠ مليار متر مكعب والطلب على المياه المقدر بـ ١١٥ مليار متر مكعب عن طريق إعادة استخدام ٢١ مليار متر مكعب، بالإضافة إلى استيراد ما يفوق ٣٤ مليار متر مكعب من المياه الافتراضية لسد الفجوة الغذائية، بخلاف تحديات التغيرات المناخية من خلال إرتفاع مناسيب البحر وزيادة موجات الحرارة العالية وتزايد موجات الأمطار والجفاف.

وعلى ضوء ما تقدم، أكد وزير الري أن وجود تعاون مائي فعَّال عابر للحدود يُعد بالنسبة لمصر أمراً وجودياً، ولكي يكون هذا التعاون ناجحاً، فإن ذلك يتطلب إدارة الموارد المائية المشتركة على مستوى الحوض باعتباره وحدة متكاملة، كما يتطلب ذلك مراعاة الالتزام غير الانتقائي بمبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق، لا سيما مبدأ التعاون والتشاور لضمان الاستخدام المنصف للمورد المشترك وتجنب الإضرار ما أمكن.

وقال سويلم إنه اتصالا بذلك، تبرز أخطار التحركات الأحادية غير الملتزمة بتلك المبادئ، والتي يعد أحد أمثلتها سد النهضة الإثيوبي الذي تم البدء في إنشائه دونما تشاور ودون إجراء دراسات وافية عن سلامته أو آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة، وتستمر عملية البناء والملء بل والشروع في التشغيل بشكل أحادي، وهو ما يمثل خرقا للقانون الدولي ولا يتسق مع بيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر عام ٢٠٢١.

وعلى الصعيد الدولي، أوضح الوزير أن مصر انخرطت بفاعلية في جميع المبادرات الدولية المائية، حيث تمكنت مصر خلال رئاستها لمؤتمر المناخ وبالتعاون مع الشركاء الدوليين من وضع المياه في قلب العمل المناخي العالمي، وتنظيم مائدة مستديرة رئاسية عن الأمن المائي، واستضافة جناح خاص للمياه، ويوم خاص للمياه، كما تم تتويج كل هذه الجهود بإدراج المياه للمرة الأولى على الإطلاق في القرار الجامع الصادر عن مؤتمر المناخ.

وتابع "كما تشرف مصر برئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة (أمكاو) لمدة عامين، حيث تعمل مصر خلال رئاستها في الدفع بإحراز تقدم في ملف المياه على مستوى القارة الأفريقية فضلا عن أبراز تحديات القارة على الأجندة العالمية.

كما قامت مصر بدور فعال في القيادة المشتركة مع دولة اليابان في الحوار التفاعلى الثالث حول المياه والمناخ، والذي أسفر عن توصيات هامة تساعد في رسم خارطة الطريق لعقد الأمم المتحدة للمياه المقرر عام ٢٠٢٨.

وتقوم مصر بصفتها رئيسا لمجلس وزراء المياه الأفارقة بقيادة إدارة الحوار الإقليمي الإفريقي للمنتدى العالمي العاشر للمياه والمزمع عقده في بالي بدولة إندونيسيا عام ٢٠٢٤.

وفي هذا الإطار، أكد الدكتور سويلم دعم مصر الكامل للمملكة العربية السعودية لاستضافة المنتدى العالمي الحادي عشر للمياه والذي سيعقد عام ٢٠٢٧ وتسخير كافة إمكانياتها لدعم المملكة في هذا الشأن.

وأشار أيضا إلى إطلاق مصر لمبادرة العمل بشأن التكيف مع المياه والقدرة على الصمود (AWARe) في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف بالتعاون مع العديد من المنظمات الدولية كمبادرة محورية للتصدي لتحديات تغير المناخ من خلال حلول فعالة لإدارة المياه، وتتكون المبادرة من ٦ مسارات عمل تغطي موضوعات مختلفة تتعلق بالمياه والمناخ، وتتميز المبادرة بطبيعة فريدة تعتمد في المقام الأول على تلبية احتياجات وتحديات الدول والبلدان النامية، وتركز على نهج فعال للعمل على الاستجابة لتلك الاحتياجات.

وأضاف أنه منذ إطلاق المبادرة تم إنشاء لجنة توجيهية دولية متعددة الاطراف لإدارتها، وتم عقد الاجتماع الأول لها في أسبوع القاهرة السادس للمياه في ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٣، كما تم إطلاق سكرتارية المبادرة لتنسيق الجهود والتي تستضيفها المنظمة العالمية للارصاد الجوية في جينيف، وقد بدأت هذه المبادرة أنشطتها، حيث تستضيف مصر أول مركز إقليمي لبناء القدرات وهو "المركز الإفريقي للمياه والتكيف مع المناخ"، وتمت صياغة أنشطة لتنمية القدرات، كما أنه جاري العمل على صياغة مشروعات جاذبة للتمويلات المناخية بالتعاون مع المنظمات الأممية العاملة في مجال المياه تنفذ بالدول الشريكة - على سبيل المثال وليس الحصر (اليونسكو - الفاو - برنامح الأمم المتحده الانمائى) -، كما أكدت أكثر من ١٦ دولة - حتى الآن - منها ٦ دول عربية هى (السودان - لبنان - المغرب - تونس - العراق - الأردن) عن رغبتها في الانضمام للمبادرة، ومن المتوقع مضاعفة هذا العدد بحلول الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف عن طريق الجهود المتواصلة للتوسع في مناطق أخرى من العالم.

ودعا سويلم، الدول العربية للانضمام للمبادرة لتحقيق الزخم والنجاح المطلوب، وبما يُمكن من العمل في مجموعة من المشروعات بصورة مشتركة للتكيف مع التغيرات المناخية للحد من الآثار السلبية لها، وبما يُمكن الدول من الاستفادة من صندوق الخسائر والأضرار، والدعوة للمشاركة في اجتماع اللجنة التوجيهية لمبادرة AWARe والمقرر عقده يوم ١٠ ديسمبر ٢٠٢٣ بجناح المياه خلال مؤتمر (COP28) والذىدي سيتم خلاله تحديد احتياجات الدول سواء مشروعات تنفيذية أو بناء قدرات.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: سد النهضة وزير الري مياه الشرب قضية المياه هاني سويلم مبادرة AWARe الموارد المائیة المنطقة العربیة ملیار متر مکعب ندرة المیاه فی المنطقة وزیر الری

إقرأ أيضاً:

انقطاع مفاجئ للمياه يثير موجة غضب أهالي بورسعيد

اندلع غضب واسع واستياء كبير بين سكان بورسعيد إثر انقطاع مفاجئ لمياه الشرب عن عدة مناطق بالمدينة، دون سابق إنذار، ما أربك الحياة اليومية للمواطنين.

تفاجأ أهالي بورسعيد صباح اليوم بانقطاع المياه، ما أثار حالة من التذمر، خاصة مع عدم وجود أي إعلانات مسبقة من الجهات المسؤولة، وقد عانى العديد من الأسر من تعطل أعمالهم المنزلية، فيما توقفت بعض المحال والمنشآت الصغيرة عن العمل، لا سيما في المناطق المرتفعة التي شهدت ضعفًا أو انقطاعًا تامًا في ضخ المياه.

من جانبها، أعلنت محافظة بورسعيد أن الانقطاع جاء نتيجة أعمال صيانة طارئة تجريها شركة مياه الشرب بهدف تحسين كفاءة الشبكة وضمان استمرارية الخدمة. وقدمت المحافظة اعتذارها للمواطنين عن هذا العطل غير المتوقع، مشيدة بتفهمهم وتعاونهم خلال هذه الفترة.

أكدت المحافظة أن الفرق الفنية التابعة لشركة المياه تعمل على مدار الساعة للانتهاء من أعمال الإصلاح في أسرع وقت ممكن، متوقعة عودة الخدمة إلى طبيعتها خلال ساعة واحدة من بدء الإصلاحات.

وتأتي هذه الأعمال ضمن خطة شاملة تتبناها شركة مياه الشرب لتطوير البنية التحتية القديمة ومعالجة الأعطال المفاجئة، في إطار جهود المحافظة لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

مقالات مشابهة

  • مياه بني سويف: تطهير محطات المياه والصرف الصحي استعدادا لعيد الأضحى
  • وزير الموارد المائية يبحث مشروع إعادة تأهيل نظام الري في وادي النقرة
  • وزير الموارد المائية يبحث إعادة تأهيل نظام الري في وادي النقرة
  • شهامة ابن البلد| وزير الري يشيد بأخلاق المواطن الجميل.. ماذا حدث؟
  • وزير الري يوجه بتطهير المساقي لوصول المياه إلى جميع الأراضي بالدقهلية
  • انقطاع مفاجئ للمياه يثير موجة غضب أهالي بورسعيد
  • ياسر إدريس يستقبل خالد الخليفي ويهنئه برئاسة الاتحاد العربي للرياضات المائية
  • وزير الموارد المائية: ملتزمون بمتابعة نتائج مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه
  • تحذير عاجل.. نصف مليون جنيه غرامة لـ ترويج الشائعات حول جودة المياه
  • الري: تغير المناخ يدفعنا لزيادة الاعتماد على التكنولوجيا فى إدارة المياه