بين ألم الفقد ومعاناة النزوح، تشهد العائلات الفلسطينية في قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة بعد 48 يوما من العدوان المتواصل الذي أسفر عن ارتقاء عشرات آلاف الشهداء والمصابين بنيران آلة الحرب والموت التابعة لجيش الاحتلال.

وفي أحد مشاهد الألم التي خلفها الاحتلال، تجلس سحر عوض بين سريري عبود (12 عاما) ابن شقيقتها ومصعب (14 عاما) ابن شقيق زوجها، وهما من الأقارب القليلين الذين بقوا على قيد الحياة من عائلتها  إثر استشهاد 80 منهم على الأقل في العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.



في مدرسة بمدينة رفح تضم عشرات الجرحى الذين تم إجلاؤهم من مستشفيات مدينة غزة، تروي سحر كيف نزحت جنوبا من حي الشيخ رضوان في مدينة غزة.

والجمعة الماضي، قصف الاحتلال  المبنى المؤلف من ستة  طوابق، ما أسفر عن استشهد أكثر من 80 شخصا من عائلة عوض التي مسحت بالكامل.

وقالت: "بعد وقوع القصف، ذهبوا لإجلاء الشهداء والإصابات فقامت طيران الاحتلال بقصفهم مرة ثانية، وأضافت: "لم ندفن سوى الجثث التي طارت من شدة القصف إلى الجوار"، مشيرة إلى أن كثيرين ما زالوا تحت الأنقاض، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.


وبترت ساق مصعب الذي غطت وجهه الكثير من الإصابات، واستشهد شقيقه. وأشارت سحر إلى عبود الذي يخرج من بطنه خرطوم بلاستيكي وهمست وهي تبكي "لا يعلم أن كل عائلته استشهدت، والدته وشقيقتاه وشقيقه وجدته".

ولم يتبق لعبود سوى والده لأنهما أصيبا معا في القصف قبلها بأيام.

وأردفت: "أخي الكبير وعائلته استشهدوا، اختي نزحت لدينا من بيت حانون واستشهدت مع زوجها وأولادها، لم يبق سوى عبود. شقيق زوجي استشهد مع كل نسله، أبناؤه وبناته وأحفاده، مسحوا جميعا ولم يبق منهم أحد".

وروت سحر، لوكالة الأنباء الفرنسية، أنها نزحت مع والدتها وابنها محمد من الشيخ رضوان باتجاه جنوب القطاع، مضيفة أن نجلها الذي كان يدفع والدتها على كرسي متحرك احتجزه جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتابعت خلال حديثها: "افرجوا عنه بالأمس، ولكنه في حالة يرثى لها. تعرض للتعذيب وجردوه من ملابسه. لم يتمكن من الحديث وإخبارنا بكل ما حصل".

وقالت إنها بحثت عن مصعب وعبود اللذين كانا في المستشفى الإندونيسي في بلدة بيت لاهيا شمال غزة، لحين عثرت عليهما.

وبقي أفراد قليلون في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، قالت سحر إنهم يرفضون النزوح جنوبا قبل إخراج جثث الأقارب من تحت الركام ودفنها. وأشارت وهي تبكي "من ذهب ربنا يرحمه، لكني أشعر بالرعب على الباقين. لم يبق غيرهم".

وبينما يترقب المواطنون توقف القصف لو لساعات للملمة جراحهم، يواصل الاحتلال مجازره، ويكثف قصفه على مخيمات اللاجئين ومراكز الإيواء ومنازل المواطنين.


فداء زايد (33 عاما) أنجبت ابنها البكر عدي (20 عاما) وهي في الثالثة عشرة من عمرها. وقالت "كبرت معه ومع قصي (ابنها الثاني وعمره 19 عاما) وابنتي شهد (17 عاما)".

وقبل عدة أيام، كان عدي ووالدته أمام البيت في جباليا وهو أكبر مخيم للاجئين في قطاع غزة، وقالت "آخر ما قاله لي إنه ينتظر الهدنة على أحر من الجمر، وأن التهدئة ستكون في يوم الجمعة، وطلب مني أن أعد وليمة من الأرز والدجاج".

وأضافت "وقع  قصف قوي سقط فيه عشرات الشهداء، مشيت بنفسي على خمسين شخصا بين شهيد وجريح، كنت أبحث عن عدي، كان الرماد والدخان يغطي المكان لم أتمكن من التعرف عليه إلا من حزامه".

وتابعت بأسى "كنا نقف جميعا معا، لكن ربنا اختاره من بيننا شهيدا".

وروت فداء كيف توجهت مع زوجها وأولادها للمستشفى لتكفين ابنها، ثم دفنته العائلة بنفسها في المقبرة.

وتابعت: "نزحنا لمدرسة في رفح في اليوم التالي، ولم أشعر أني مصابة في ظهري. الجرح في قلبي وصدري جعلني لا أشعر بجسدي، قلبي الذي ينزف وليس ظهري".

ولليوم الـ48 على التوالي، يواصل الاحتلال عدوانه على غزة، ما أسفر عن ارتقاء أكثر من 14532 شهيدا، بينهم نحو 6 آلاف طفل و 4آلاف امرأة، فضلا عن إصابة ما يزيد على 35 ألفا آخرين بجروح مختلفة جلهم من الأطفال والنساء، وفقا لأحدث أرقام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه كل من وزارة الخارجية القطرية و"كتائب القسام" عن بدء سريان الهدنة الإنسانية بين المقاومة والاحتلال، غدا الجمعة في الساعة 7 صباحا بالتوقيت المحلي.  

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الفلسطينية غزة الاحتلال الإسرائيلي فلسطين غزة الاحتلال الإسرائيلي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي يجبر ثلاث عائلات مقدسية على إخلاء منازلها جنوب المسجد الأقصى

اضطرت ثلاث عائلات مقدسية في فلسطين، اليوم، إلى إخلاء منازلها قسرًا، في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى المبارك، نتيجة ضغوط وقرارات صادرة عن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستعمارية.

وأوضحت محافظة القدس، في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن الإخلاء شمل أم ناصر الرجبي وأبناءها، حيث أُجبر نجلها ناصر الرجبي على إخلاء منزله مع عائلته، وقد اضطر طاقم إسعاف إلى نقل نجله عوض (29 عامًا)، الذي يرقد في غيبوبة كاملة، إضافة إلى ابنته (24 عاما) وهي من ذوي الإعاقة، مضيفةً أن الإخلاء شمل أيضًا نجلها الثاني عايد الرجبي وعائلته.

وذكرت محافظة القدس أن "هذه الخطوة تأتي في سياق سياسة تهجير قسري متواصلة بحق سكان الحي، إذ نفَّذت قوات الاحتلال منذ شهر يونيو 2024 عمليات إخلاء طالت 13 منزلًا في حي بطن الهوى، كما تتهدد مخاطر حقيقية مبنى كايد الرجبي، بعد أن أمهلت سلطات الاحتلال العائلات حتى تاريخ 5-1-2026 كموعد نهائي لتنفيذ قرارات الإخلاء، بحسب مسؤول لجنة حي بطن الهوى، زهير الرجبي".

وقال زهير الرجبي إن "المحكمة العليا الإسرائيلية تنظر حاليًا في خمسة ملفات قانونية، بانتظار البت في طلبات الاستئناف المُقَدَّمة من الأهالي، وتشمل هذه القضايا 26 منزلًا يقطنها نحو 250 فردًا، في ظل ادعاءات تسوقها سلطات الاحتلال وجمعيات استعمارية لتبرير قرارات الإخلاء، وسط مخاوف متزايدة من توسيع دائرة التهجير في الحي".

وتستند جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستعمارية إلى مزاعم تفيد بملكية نحو 5 دونمات و200 متر مربع من أراضي حي بطن الهوى لليهود منذ عام 1881، وهي دعاوى بدأت عام 2015 وأدخلت عشرات العائلات الفلسطينية في دوامة من القضايا أمام المحاكم الإسرائيلية.

ويُعد حي بطن الهوى، الواقع على بُعد نحو 400 متر من المسجد الأقصى المبارك، ويقطنه قرابة 10 آلاف مقدسي، من أكثر أحياء بلدة سلوان استهدافًا، في إطار مساعٍ لتعزيز السيطرة الاستعمارية على محيط المسجد الأقصى وربط البؤر الاستعمارية في سلوان ببعضها.

ولا يملك المواطنون خيارًا للدفاع عن حقهم في منازلهم وإثبات ملكيتهم إلا باللجوء إلى المحاكم الإسرائيلية، التي في الغالب تكون محاكم صورية، وتابعة لمنظومة الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يجبر ثلاث عائلات مقدسية على إخلاء منازلها
  • الاحتلال الإسرائيلي يجبر ثلاث عائلات مقدسية على إخلاء منازلها جنوب المسجد الأقصى
  • من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
  • 6 عائلات تخلي منازلها تمهيدا لهدمها في مدينة نابلس
  • الاحتلال يُجبر عائلات فلسطينية على ترك منازلهم في نابلس
  • تمهيدًا لهدمها.. قوات الاحتلال تجبر أصحاب 6 منازل في نابلس على إخلائها
  • تمهيدًا لهدمها.. قوات الاحتلال تجبر أصحاب 6 منازل على إخلائها
  • الإعلام الحكومي: المنخفض كشف عمق الكارثة في غزة وربع مليون نازح تضرروا منه
  • الإعلام الحكومي: المنخفض كشّف عمق الكارثة الإنسانية بغزة وخسائره قُدرت بـ4 ملايين $
  • الإعلام الحكومي: المنخفض الجوي كشّف عمق الكارثة الإنسانية بغزة