ألمانيا.. مؤتمر عن الإسلام دون دعوة ممثلي المسلمين
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
برلين- دعت وزارة الداخلية الألمانية إلى مؤتمر للإسلام، في حين أن غالبية الحضور لا يرتبطون بمؤسسات تمثل المسلمين.
ويركز المؤتمر على "مكافحة معاداة السامية ومعاداة المسلمين في فترات الانقسام الاجتماعي" حسب عنوانه، لكن المجلس الأعلى للمسلمين، الذي عادة ما يمثل الصوت المسلم في أحداث مشابهة، لم تتم دعوته.
واستمر المؤتمر على مدى يومي 21 و22 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ولم تكن هناك أي كلمة افتتاحية خاصة بالهيئات التي تجمع المسلمين، ولم يظهر صوتها في النقاشات الرسمية إلا في اليوم الثاني مع شخصية وحيدة هي عمر كونتيش، عن اتحاد المساجد المالكية، وذلك من بين 11 متحدثا، في حين حضرت بعض الشخصيات المسلمة في الورشات التي لم يسمح للإعلام بتغطيتها.
يقول الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين، عبد الصمد اليزيدي، للجزيرة نت "لا ندري سبب عدم دعوتنا، لكننا لا نبالي بذلك، وحتى عندما ندعى نحن من نقرر هل نشارك أم لا بناء على البرنامج".
وأضاف اليزيدي أن وزارة الداخلية الألمانية في تخبط واضح، ليست لديها رؤية، والمؤتمر كان مسرحية لمحاولة تبرئة ألمانيا وجزء كبير من المجتمع الذي له ميولات يمينية متطرفة معادية للسامية وللإسلام.
وربطت تقارير غياب المجلس لكونه يضم بين أعضائه المركز الإسلامي في هامبورغ، الذي تعرض مؤخرا لحملة تفتيش واسعة بحجة الاشتباه بمخالفته النظام العام ودعمه لحزب الله اللبناني. وقال المركز في بيان إنه على يقين أن نتائج البحث لن تؤدي إلى تأكيد الشكوك بحقه.
ركزت وزيرة الداخلية نانسي فايزر، بشكل كبير على "مواجهة معاداة السامية في المجتمعات المهاجرة". وقالت في كلمة مطولة إن "ضمان أمن إسرائيل ومواجهة معاداة السامية وحماية اليهود في البلد هي مصالح عليا لألمانيا".
وأضافت الوزيرة إن "معاداة السامية المتعلقة بإسرائيل" منتشرة في المجتمع، ولا توجد فقط عند من يمثلون الأغلبية، ولكن كذلك بين المسلمين في ألمانيا، ثم إن الأبحاث تؤكد هذه النتائج.
كما دعت المسؤولة الحكومية المجتمعات الإسلامية في ألمانيا إلى "التحدث بصوت عال وواضح ضد معاداة السامية وإدانة الإرهاب في صلوات الجمعة وكل التجمعات".
وقالت إنه "لا يكفي للمنظمات الإسلامية زيارة معبد يهودي أو اتخاذ موقف ضد معاداة السامية، دون إيصال ذلك إلى المساجد والمجتمعات المحلية ونشره عبر الإنترنت"، قائلة إن مثل هذا الموقف "لن تكون له قيمة إلا إذا تم نقله على نطاق واسع وصريح".
وخصصت الوزيرة جزءا كبيرا من وقتها للحديث عن حركة حماس، وقالت إنه لا "توجد كلمة (لا) عند الحديث عن هجمات حماس الإرهابية الفظيعة" حسب قولها، وشددت على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
وعندما تحدثت الوزيرة عن الجانب الفلسطيني، اكتفت بالحديث عن "معاناة وموت الفلسطينيين في الحرب"، لكنها قالت إنهم "ضحايا الإرهاب الذي اقترفته حماس"، دون أي إشارة إلى مسؤولية الجانب الإسرائيلي.
كما قالت في معرض حديثها عن "معاداة المسلمين في ألمانيا"، إنه "لا يجب بأي حال من الأحوال تحميل المسلمين في ألمانيا مسؤولية الإرهاب الإسلامي"، وإن "إحساس عدد من المسلمين بوقوعهم ضحايا لهجمات تستهدف المسلمين هو حقيقة يومية في ألمانيا".
وأشارت إلى نتائج بحث رسمي حول انتشار الإسلاموفوبيا في ألمانيا، جاء فيه أن نصف الألمان يعترفون بمعاداة المسلمين، لكنها قالت إنها لا تتفق مع كل ما جاء فيه.
اتهامات خطيرة للإسلاموأثارت تصريحات الرئيس الألماني الأسبق كريستيان فولف كثيرا من الجدل، عندما قال إن "هناك جذورا لكراهية المسلمين لليهود في الدين الإسلامي"، زاعما أن هذه الكراهية هي جزء من التعليم في عدة أجزاء من العالم الإسلامي، كما ادعى أن القرآن يرسم صورة "مشوهة جزئيا" عن اليهودية، مطالبا المسلمين بمواجهة تاريخهم.
وفي تصريحات خطيرة، قال وولف "يجب أن يكون واضحا للجميع أننا لا نعيش في المدينة المنورة في القرن السابع، حيث أمر النبي محمد بقتل وطرد اليهود، بل على أعتاب عام 2024″، حسب ما نقلت عنه عدة وسائل إعلام ألمانية.
وانتقدت هيئة "مجلس الإسلام لأجل ألمانيا"، تصريحات فولف، وقال رئيسها برهان كيسيجي إن تصريحات وولف "تعتمد على قراءات منحازة ومشوهة للمصادر الإسلامية"، وكتب على "إكس" (تويتر سابقا) أنه لا يمكن العثور على ما يوصف بمعاداة الإسلام للسامية في التاريخ الإسلامي.
وتابع برهان أن هذا الكلام يعارض نظرة الإسلام للإنسانية، لافتا وجود ظاهرة حديثة تستغل نصوصا من التراث لأجل إظهار أنها معادية للسامية، وهي "الظواهر التي لا يجب إعطاؤها مساحة بحكم أنها تخدم الخطابات العنصرية".
من جانبه علق اليزيدي أن كلمة فولف "مخزية وفضيحة"، مستدركا للجزيرة نت "أعتقد أن هذا ليس رأيه، ولكن الضغط الذي وقع عليه بحكم أنه كان أول من قال إن الإسلام ينتمي إلى ألمانيا وبحكم أنه كان دائما متوازنا".
كما لم تكمل وزيرة الداخلية أشغال اليوم الأول، وانصرفت بعد قراءة خطابها الذي كان طويلا، مما أدى إلى انتقادات كبيرة، خصوصا ممن لم يتفقوا مع ما جاء في كلمتها. ونقلت قناة دويتشه فيله عن مصادرها أن عددا من المشاركين أحسوا كما لو أنهم "أطفال مدارس"، وأن فايزر بدت كما لو أنها معلمة في فصل دراسي.
لم تتم دعوة الاتحاد الإسلامي التركي المعروف اختصارا بـ"ديتيب"، وهو أكبر اتحاد إسلامي في البلاد، يرعى نحو 900 مسجد، ويتوفر على قرابة ألف إمام يتم تكوينهم في تركيا، ومئات الآلاف من الأعضاء. وتتهم برلين دائما هذا الاتحاد بكونه ذراعا دينية لتركيا، لكنه ينفي أن يكون تابعا للسياسات التركية.
ورغم غيابه، أشارت وزيرة الداخلية إلى الاتحاد، وقالت إنها "مصدومة" من زيارة مسؤول من طالبان لمسجد كولونيا التابع لـ"ديتيب"، رغم تبرؤ هذا الأخير من الزيارة وتأكيده أن جمعية أفغانية هي من نظمتها. وعلاوة على التردد الدائم من برلين لدعوة "ديتيب"، فإن وصف أردوغان لحماس بـ"حركة تحرر وطني" زاد التوتر مع الألمان.
وحاولت الجزيرة نت التواصل مع "ديتيب"، وبعثنا له استفسارا مرتين على البريد المتعلق بالتواصل مع الصحفيين، لكننا لم نتوصل بأي رد.
ورغم أن المجلس الأعلى للمسلمين دائم التنسيق مع السلطات الألمانية، فهو بدوره لم يعد مرحبا به، وقد تعرض مؤخرا لحملة إعلامية كبيرة لمجرد دعوته غداة هجوم حماس إلى وقف أعمال العنف من كل الأطراف.
يقول اليزيدي "مجلسنا يسعى لإيقاف الردة الحاصلة على الدستور الألماني القائم على الحقوق والواجبات، وعلينا أن نسعى للتماسك المجتمعي في هذا البلد، وأن نوقف الظلم بحق المدنيين في أي مكان".
وتابع "لكن في هذا المؤتمر، دعيت شخصيات معروفة بعدائها للإسلام، لكي تتحدث على المنصة عن موضوع معاداة السامية. هذه محاولة لإبداء التعاطف مع المواطنين اليهود من خلال تحميل مسؤولية العداء للمسلمين، رغم أن المسلمين بريئون من هذا، والإسلام في تاريخه كان متصالحا مع جميع الطوائف، كما عاش اليهود حياة آمنة في عدة بلدان مسلمة بشهادة اليهود".
وحضر المؤتمر كذلك الإسرائيلي أحمد منصور، الذي يقدم نفسه خبيرا في الحركات الإسلامية، له آراء تنتقدها عدد من الشخصيات والمنظمات الإسلامية في ألمانيا. كما حضرت لمياء قدور، عن حزب الخضر، التي تقدم نفسها كصوت مسلم ليبرالي، وأسست قبل سنوات جمعية للترويج لإسلام ليبرالي، وهو نموذج تدعمه ألمانيا بقوة لتوافقه مع سياساتها الداخلية الخاصة باندماج المهاجرين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأعلى للمسلمین معاداة السامیة المسلمین فی فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
الدكتورة رانيا المشاط تعقد اجتماعات ثنائية مكثفة مع ممثلي الحكومات والمؤسسات الدولية خلال فعاليات الاجتماع السنوي ومنتدى الأعمال للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية
عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، عددًا من الاجتماعات الثنائية مع ممثلي الحكومات ومحافظي الدول لدى البنك الأوروبي، وذلك خلال مشاركتها في الاجتماع السنوي الرابع والثلاثين ومنتدى الأعمال للبنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية لعام 2025، والمنعقد بلندن في الفترة من 13 إلى 15 مايو الجاري، تحت شعار "توسيع الآفاق، قوى مستدامة".
العلاقات المصرية التركية
والتقت الدكتورة رانيا المشاط، السيد/ محمد شيمشك، وزير الخزانة والمالية بجمهورية تركيا، حيث أكدت خلال اللقاء على العلاقات التاريخية بين جمهورية مصر العربية، وجمهورية تركيا، مشيرة إلى الزيارة التاريخية التي قام بها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تركيا خلال شهر سبتمبر الماضي، والتي شكّلت علامة فارقة في تاريخ العلاقات المصرية – التركية، ومثّلت انطلاقة جديدة نحو مرحلة أكثر تعاونًا وشراكة.
وذكرت أن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا بلغ 3 مليارات دولار خلال النصف الأول من عام 2024، وهو رقم يعكس متانة العلاقات التجارية، كما تشهد العلاقات الاستثمارية تطورًا، مشيرة إلى الجهود التي تقوم بها الدولة المصرية من أجل تمكين القطاع الخاص وتعزيز النمو الاقتصادي وفتح المجال لمزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وأوضحت «المشاط»، انفتاح مصر على جهود نقل وتبادل الخبرات في مختلف المجالات التي نصت عليها مذكرة التفاهم التي تم توقيعها خلال الزيارة الرئاسية، فضلًا عن أهمية تعزيز الجهود المشتركة في مجال التصنيع، مشيرة إلى العلاقات الوثيقة التي تربط جمهورية مصر العربية مع المؤسسات الإقليمية والدولية، وشركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، ومنظمات ووكالات الأمم المتحدة، لدعم جهود تحقيق التنمية المستدامة.
العلاقات المصرية الأذرية
في سياق آخر، التقت الدكتورة رانيا المشاط، السيد/ ميكائيل جباروف – وزير الاقتصاد بجمهورية أذربيجان، حيث تطرق الجانبان إلى تعزيز العلاقات الثنائية الاقتصادية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية أذربيجان في مختلف المجالات، لا سيما في ظل التحديات الدولية الراهنة التي تستوجب تعاونًا إقليميًا أكثر فاعلية وتكاملًا.
وخلال اللقاء، أشادت «المشاط»، بمبادرة الجانب الأذري باقتراح عقد الدورة السادسة للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في جمهورية مصر العربية خلال شهر سبتمبر 2025، لافتة إلى الاستثمارات الأذربيجانية في مصر من خلال 35 شركة قائمة، تعمل في مجالات متعددة منها السياحة، الصناعة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما بلغ عدد السياح الأذريين الذين زاروا مصر في عام 2024 نحو 6،660 سائحًا.
كما ناقشا تعزيز التعاون المشترك في مجال التعدين، حيث عرضت الدكتورة رانيا المشاط، قانون الثروة المعدنية الجديد، واستحداث بابًا حول هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية.
العلاقات المصرية الأرمينية
وفي سياق آخر، التقت الدكتورة رانيا المشاط، السيد/ فاهي هوفهانيسيان، وزير المالية الأرميني، وخلال اللقاء أكدت على عمق علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين، مشيرة إلى زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، إلى أرمينيا في 2023، والتي مثلت خطوة مهمة على صعيد تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وساهمت في فتح آفاق جديدة للتعاون بين مصر وأرمينيا في مختلف المجالات، إضافة إلى تعزيز أطر التعاون الثنائي، حيث تضمنت الزيارة توقيع اتفاقيات شملت عدة جوانب اقتصادية وتجارية وثقافية، مما يساهم في بناء علاقة قوية ومستدامة بين البلدين.
وأكدت حرص مصر على تعزيز وتعميق العلاقات الثنائية مع أرمينيا في المستقبل، مشيرةً إلى أهمية تكثيف التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية، التجارية، العلمية، والثقافية، ومؤكدةً حرص مصر على توفير بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين الأرمينيين، مع توفير الحوافز والفرص في مختلف القطاعات الاقتصادية، موضحةً استعداد مصر للعمل مع أرمينيا لتوسيع نطاق التعاون الثنائي بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
وعرضت «المشاط»، التجربة المصرية في تعزيز العلاقات مع المؤسسات الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف، لحشد التمويلات للقطاع الخاص، بما يجذب الاستثمارات الأجنبية.
صندوق أوبك للتنمية الدولية
وخلال الفعاليات المختلفة، التقت الدكتورة رانيا المشاط، السيد/ طارق نصار، المدير العام المساعد لصندوق أوبك للتنمية الدولية، حيث ناقش الجانبان أوجه التعاون المشترك، خاصة في ظل الدور المحوري الذي يقوم به صندوق أوبك للتنمية الدولية في تمويل القطاع الخاص المصري، وفي هذا الصدد أكدت «المشاط»، تقدير جمهورية مصر العربية العميق للعلاقات الممتدة والشراكة الوثيقة مع صندوق أوبك للتنمية الدولية، والتي تقوم على أسس من الالتزام المتبادل والجهود المستمرة لدعم أهداف التنمية المستدامة في البلاد، متابعة أن ذلك التعاون يأتي تأكيدًا على ما يبذله الصندوق من مساعٍ حثيثة وجهود لدعم مسارات التنمية، وتحقيق آثار إيجابية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.