هل ترك النبي لفعل يكون دليلا على حرمته؟.. الإفتاء ترد
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (أخبرني أحد أصدقائي بأنه سمع شخصًا يقول: كل ما تركه النبي عليه الصلاة والسلام يكون محرمًا؛ فما مدى صحة هذا الكلام؟ وهل ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفعل ما يدلّ بمجرده على تحريمه؟.
. الإفتاء تجيب
وقالت دار الإفتاء، إنه من المقرَّر شرعًا لدى علماء الأصول أنَّ فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدلّ على عدم التحريم فقط، ويتَّسع للأحكام الأربعة الأخرى الوجوب والندب والإباحة والكراهة؛ فقد صلى الفريضة وهي واجبة، وصلَّى الراتبة وهي مندوبة، وأكل وشرب وهو مباح، وشرب قائمًا وبال قائمًا وهو مكروه؛ ليدلّ على الجواز.
وفي المقابل تَرْك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفعلٍ ما يدل على عدم الوجوب فقط ويتَّسع للأحكام الأربعة الأخرى وهي الحرمة والكراهة والإباحة والندب، فقد ترك الكذب وهو حرام، وترك الإسراف في الوضوء وهو مكروه، وترك أكل الضب وهو مباح، وترك صيام داود عليه السلام يوم ويوم وهو مندوب.
وفي ذلك يقول الإمام أبو عبد الله التلمساني في "مفتاح الوصول في بناء الفروع على الأصول": [ويلحق بالفعل في الدلالة الترك؛ فإنَّه كما يستدل بفعله صلى الله عليه وآله وسلم على عدم التحريم يُستدل بتركه على عدم الوجوب] اهـ. (ص: 25، ط. مكتبة الكليات الأزهرية).
وقالت إنه إذا ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا فيحتمل وجوهًا غير التحريم منها:
1- أن يكون تركه عادة: قُدِّم إليه صلى الله عليه وآله وسلم ضبٌّ مشويّ فمدّ يده الشريفة ليأكل منه؛ فقيل: إنه ضب، فأمسك عنه، فسُئل: أحرام هو؟ فقال: «لَا، ولكنَّه لَمْ يَكُنْ بأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أعَافُه» والحديث في "الصحيحين"، وهو يدل على أمرين:
أحدهما: أن تركه للشيء ولو بعد الإقبال عليه لا يدل على تحريمه.
والآخر: أن استقذار الشيء لا يدل على تحريمه أيضًا.
2- أن يكون تركه نسيانًا، فقد سها صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة، فترك منها شيئًا، فسئل: هل حدث في الصلاة شيء؟ فقال: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» أخرجه البخاري ومسلم.
3- أن يكون تركه مخافةَ أن يُفرض على أمته، كتركه صلاة التراويح حين اجتمع الصحابة ليصلوا معه.
4-أن يكون تركه؛ لعدم تفكيره فيه، ولم يخطر على باله، فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يخطب الجمعة إلى جذع نخلة، ولم يفكر في عمل كرسي يقوم عليه ساعة الخطبة، فلما اقترح عليه عمل منبر يخطب عليه وافق وأقره؛ لأنه أبلغ في الإسماع، واقترح الصحابة أن يبنوا له دكة من طين يجلس عليها؛ ليعرفه الوافد الغريب، فوافقهم ولم يفكر فيها من نفسه.
5- أن يكون تركه لدخوله في عموم آيات أو أحاديث، كتركه صلاة الضحى وكثيرًا من المندوبات؛ لأنها مشمولة بقوله تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77]، وأمثال ذلك كثيرة.
6- أن يكون تركه خشية تغيير قلوب الصحابة أو بعضهم:
قال صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها: «لَوْلاَ حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ ثُمَّ لَبَنَيْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ بِنَاءَهُ» وهو في "الصحيحين"، فترك صلى الله عليه وآله وسلم نقض البيت وإعادة بنائه حفظًا لقلوب أصحابه القريبي العهد بالإسلام من أهل مكة، ويحتمل تركه صلى الله عليه وآله وسلم وجوهًا أخرى تعلم من تتبع كتب السنة، ولم يأت في حديث ولا أثر تصريح بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا ترك شيئًا كان حرامًا أو مكروهًا] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء النبي أحاديث السنة النبی صلى الله علیه وآله وسلم على عدم یدل على ک النبی
إقرأ أيضاً:
انتبه .. حالة واحدة لا يكون الابتلاء سببا في رفع درجات العبد
الابتلاء دائما ما يكون سببا في رفع الدرجات وزيادة حسناته وهذا صحيح في أغلب الأحوال، لكن الشريعة بيّنت أن هناك حالة واحدة يأتي الابتلاء على الإنسان دون أن يُكتب له أجر أو تُرفع له درجة.. وفي هذا التقرير نوضح هذه الحالة، ونتأمل كيف يمكن أن يكون البلاء سببًا في البُعد عن الله.
حالة واحدة لا يكون الابتلاء سببا في رفع درجات العبدوفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد مهنا، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الابتلاء ليس دائمًا سببًا للترقي، بل يعتمد على كيفية استقبال الإنسان له.
وأوضح الأستاذ بجامعة الأزهر، في تصريحات تلفزيونية: "يقال أن العبد يترقى بالابتلاء، ولكن فى الواقع ليس كل ابتلاء يؤدى إلى الترقى، بل قد يؤدى إلى السقوط أو الضياع إذا لم يتم التعامل معه بالشكل الصحيح".
وأوضح الأستاذ بجامعة الأزهر، أنه من المهم أن نفهم أن الابتلاء قد يرفع الإنسان أو يخفضه، حسب رد فعله تجاهه، كما ورد فى الحديث الشريف، فإن أشد الناس ابتلاء هم الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، لكن ليس المهم فى الابتلاء ذاته، بل فى كيفية تعامل الإنسان معه، فالإيمان بالابتلاء يتطلب الصبر والرضا، وإذا استسلم العبد لله فى حال الابتلاء، فإنه يرتقى روحيًا.
وأضاف: "الله أعلم بما هو خير لنا، وإذا نظرنا إلى الابتلاء كفرصة للتقرب إلى الله، فإننا نرتقى ونحقق التوازن الروحى الذى يرضى الله سبحانه وتعالى".
أمينة الإفتاء: مستحضرات التجميل ليست عذرًا شرعيًا يبيح التيمم
هل ملامسة عورة الطفل أثناء تغيير ملابسه ينقض الوضوء؟.. الإفتاء تجيب
هل يجوز إلقاء بقايا الطعام في القمامة؟.. الإفتاء تجيب
المفتي يبحث مع رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الارتقاء بخدمات دار الافتاء
كيفية الأذان والإقامة عند الجمع بين الصلاتين.. دار الإفتاء تجيب
هل الحر الشديد من علامات غضب الله؟.. الإفتاء تحسم الجدل
وأضاف: "الابتلاء لا يغيّر القدر، لكن الرضا والصبر يغيرانك أنت.. والجزاء على حسب الموقف"، مشيرًا إلى أن من رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط، محذرًا من التذمر المستمر والجزع، فالصبر وإن كان مرًّا في طعمه إلا أن عاقبته أحلى من العسل.
وأكد أن الرضا هو السبيل الأصيل للتعامل مع الأقدار، داعيًا كل من يمر بابتلاء أن يتذكر أن "القدر واقع لا محالة، فاختر طريق الرضا وابشر بالفرج"، مستشهدا بقول الله تعالى: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"، موضحًا أن الجزاء الإلهي للصابرين ثلاثي الأبعاد: "صلوات من ربهم، ورحمة، وهدى".
هل الابتلاء يدل على محبة الله؟من جانبه، قال الدكتور أسامة قابيل، من علماء الأزهر الشريف، إن الابتلاء في حياة الإنسان ليس نقمة، بل هو أول دليل على محبة الله لعبده، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه"، مؤكدًا أن هذه اللحظات من البلاء تكشف للإنسان معادن نفسه، وتجعله يعيد النظر في علاقته بالله واحتياجاته الحقيقية.
وأوضح خلال تصريحات تلفزيونية، أن الابتلاء يفتح للعبد بابًا من الفهم والتسليم، ويكشف له من يحبونه بصدق، كما يبرز له جوانب من قوته الداخلية لم يكن يدركها، مبينًا أن "الابتلاء حب كبير من ربنا، لا يشعر به إلا من تعلقت روحه بالله وكان له رصيد إيماني قوي".
وأضاف: "الابتلاء لا يغيّر القدر، لكن الرضا والصبر يغيرانك أنت.. والجزاء على حسب الموقف"، مشيرًا إلى أن من رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط، محذرًا من التذمر المستمر والجزع، فالصبر وإن كان مرًّا في طعمه إلا أن عاقبته أحلى من العسل.
وأكد الدكتور أسامة أن الرضا هو السبيل الأصيل للتعامل مع الأقدار، داعيًا كل من يمر بابتلاء أن يتذكر أن "القدر واقع لا محالة، فاختر طريق الرضا وابشر بالفرج"، مستشهدا بقول الله تعالى: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"، موضحًا أن الجزاء الإلهي للصابرين ثلاثي الأبعاد: "صلوات من ربهم، ورحمة، وهدى".
وتابع: "كل من مر بابتلاء سيكتشف لاحقًا أن في قلب كل محنة منحة عظيمة، وأن بعد الصبر فرجًا كبيرًا، لأن الله لا يبتلي إلا من أحب، ولا يترك قلبًا لجأ إليه دون أن يهديه ويواسيه".