جريدة الوطن:
2024-06-12@11:00:01 GMT

فن الدبلوماسية .. إتيكيت المقابلات الصحفية «1»

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

فن الدبلوماسية .. إتيكيت المقابلات الصحفية «1»

تؤكِّد المدارس الدبلوماسيَّة والإعلاميَّة الاحترافيَّة والَّتي لها باع وخبرة طويلة في مجال الإعلام والصحافة بمختلف أنواعها وجنسيَّاتها على اختيار الكلمة الراقية الرقيقة المهذَّبة بمختلف المناسبات والفعاليَّات، بالإضافة إلى تناسُق مستوى نبرة الصوت مع الجملة المركَّبة من خلال سياقات الحديث ونَوْعه في المقابلات الصحفيَّة بمختلف الأنواع (المرئيَّة، المسموعة، المكتوبة، وأخيرًا المرئي المسموع).

ونحن كدبلوماسيِّين نعرف بأنَّ المسؤولين على مختلف مناصبهم كوزراء أو وكلاء أو مديري عموم هُمْ (ملمَّعون) من قِبل الدَّولة، بالإضافة إلى دخولهم دَوْرات وحلقات بذلك. وعَلَيْه، فنحن لا ننظر لَهُمْ أو نُقِيم لهم تحليلًا حَوْلَ خلفيَّتهم؛ لكونهم لا يتعدَّون أصابع اليد، وإنَّما نهتمُّ ونُحلِّل الصحفي الَّذي سوف نقوم باستقباله؛ كونه من عامَّة النَّاس. وعَلَيْه، فإنَّنا نقوم بتحليل شخصيَّة الصحفي أثناء المقابلة، وتُعدُّ كاريزما الصحفي هي الدليل القاطع على مدى اهتمام دائرته أو وزارته بصقل وتطوير مهاراته الصحفيَّة بمفاهيم البروتوكول وإتيكيت المقابلات الصحفيَّة.
كُلُّنا نعْلَم بأنَّ أسئلة المقابلات تقريبًا 60% هي أسئلة كلاسيكيَّة.. مِثال على ذلك:(كيف انطباعكم عن جدول الزيارة؟ ورأيكم بالاتفاقيَّة الموقّعة؟ وكيف ترون تطوُّر العلاقات بَيْنَ البلدَيْنِ..؟ وغيرها من الأسئلة المعلومة). وفي بعض الأحيان نحن الدبلوماسيون نطلب إجراء مقابلة صحفيَّة ليس لغرض الصحافة أو التصريح، وإنَّما لرؤية عامَّة الشَّعب وهُمْ فريق العمل الصحفي (المصوِّر، الصحفي)، وبالتَّالي يُمكِن عمل إحصائيَّة أو نظرة عامَّة عن مدى اهتمام الجهة الراعية لفريق العمل وهُمْ من عامَّة النَّاس، وإن كانت هناك أخطاء بروتوكوليَّة أو بفنِّ الإتيكيت، وهذه تحصل بصورة غير مباشرة لقلَّة اهتمامهم بهذا الجانب والَّذي سوف ينعكس سلبًا على سمعة الوزارة أو الدائرة أو الشركة أو الجهة الراعية، لذلك ركَّزت المدارس والمعاهد الدبلوماسيَّة مع الكُلِّيَّات الإعلاميَّة المتخصِّصة في مجال الإعلام والعلاقات العامَّة بإدخال مفاهيم البروتوكول والإتيكيت في برامجها تكاد تكُونُ سنويَّة داخل البلد أو خارجه؛ لغرض صقل وتطوير كاريزما الصحفيِّين الَّذين هُمْ على مساس مع الوفود والضيوف. ونحن هنا ليس بصددِ كفاءة تحرير الخبر (مكتوبة أو مسجَّلَة) وإنما بالانطباع الأوَّل عن كاريزما الشخص الإعلامي.
هناك بعض النقاط المشتركة، سواء للصحفي أو الصحفيَّة أثناء أخذ التصريح أو المقابلة الصحفيَّة الفرديَّة بمختلف أنواعها.. ومن المعروف لدى الجانب الإعلامي أنَّ المقابلات الصحفيَّة (مقابلة فرديَّة أو أخذ تصريح صحفي) مع السِّياسيِّين تختلف كثيرًا عن مع رجال الدِّين أو رجال الأعمال، بالإضافة إلى اختلافه، سواء كان مع النِّساء أو الرجال بنَفْسِ المُسمَّيات؛ لذلك تتفاخر المدرسة البريطانيَّة، خصوصًا بهذا المجال، بحيث تجذب كثيرًا من شرائح المُجتمع للدخول والانخراط بهذه الحلقة المهنيَّة لمعرفة أُسُس إتيكيت المقابلات الصحفيَّة ابتداء من الحديث الَّذي يُبنى على ثلاثة محاور جوهريَّة وهي:(الكلمة، المعنى، النَّحْو)، وهنا تؤدِّي مدارس اللُّغة دَوْرًا جوهريًّا باعتماد نظريَّة التعلُّم ونظريَّة الاكتساب وأيُّهما لَهُما الدَّوْر الكبير في إيصال المحتوى إلى المُستقبل بكُلِّ بساطة وهدوء وتميُّز ورُقي في المشاعر، بالإضافة إلى تناغم لُغة الجسد، وخصوصًا الوَجْه في إرسال المعنى الجميل والهادئ لمفردات الحديث، عكس ما نراه هذه الأيَّام في بعض القنوات التلفزيونيَّة من استخدام كلمات مستفزَّة بعيدًا عن فنِّ وأخلاقيَّات إدارة وهدف المقابلة الصحفيَّة وحرفيَّتها.
كما أنَّ طبيعة إتيكيت مستوى نبرة الصوت والابتسامة البسيطة الهادئة هي من مفاتيح اللقاءات الصحفيَّة الناجحة.. ومن أهمِّ النقاط الواجب اعتمادها لدى الصحفيِّين أثناء المقابلات الخاصَّة هي ما يلي: معرفة جنس الوفد (نسائي أو رجالي)، نَوْع الوفد سياسي، اقتصادي، ديني، عسكري، دراسة مسبقة للاتفاقيَّات والمقابلات السابقة، زيارته الأولى للبلد أو متكرِّر ضِمْن لجان مشتركة، هدف الزيارة هل هو للاطِّلاع والمشاركة بمؤتمر؟ أم توقيع اتفاقيَّات أو مناقشات ومفاوضات.. وغيرها من المجالات الأخرى، وفود صحيَّة أو أكاديميَّة لغرض تبادل الخبرات وعقد اتفاقيَّات.. وغيرها، لذلك على الصحفي أو الجهة الراعية أن تكُونَ على دراية تامَّة بجميع التفاصيل قَبل إرسال فريق العمل الصحفي من (محرِّر الخبر، المصوِّر)، بالإضافة إلى صحفي احتياط؛ لأنَّه ـ لا سمح الله ـ تعرَّض لوعكة صحيَّة مفاجئة فالبديل يكُونُ جاهزًا.
سوف نتناول بالمقال القادم فنَّ الإتيكيت من ناحية: بداية حديث المقابلة ومهارة نهايته، إتيكيت الجلوس مع الضَّيف أو المستقبلين وكذلك إتيكيت المشي أثناء الدخول إلى موقع المقابلة أو الخروج مِنْها، تسلسل الأفكار بالطرح، مهارة إدارة المقابلة الصحفيَّة، إتيكيت الهندام الخارجي (نهارًا أو ليلًا)، طبيعة ونَوْع المقابلة مكتوبة أو مسجَّلة، إتيكيت مستوى نبرة الصوت، ولغة الجسد.. وغيرها من فنون إتيكيت المقابلات الصحفيَّة.

د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: بالإضافة إلى ة الصحفی ة بمختلف

إقرأ أيضاً:

بين النور والظلام.. خيط رفيع

كانت مدينة أسوان الخميس الماضي الموافق 6 يونيو على موعد مع تسجيل أعلى درجة حرارة في العالم، حيث سجلت درجة الحرارة بها ٤٩.٦ درجة مئوية متخطية بذلك درجات الحرارة في مدن مثل الكويت والدمام والأحساء بالسعودية وغيرها من مدن العالم المعروفة بالارتفاع الشديد في درجات الحرارة. وقد تناقلت وسائل الإعلام المصرية والعالمية ووسائل التواصل الاجتماعي هذا الخبر على نطاق واسع باعتباره هجمةً طبيعيةً أو مناخيةً شرسةً على مصر عمومًا وأسوان بوجه خاص. وهو مؤشر هام لدخول مصر حزام التغيرات المناخية، الأمر الذي يستدعي التفكير في كيفية التعاطي الإنساني مع الطبيعة للوقاية من هجماتها الشرسة وبالأخص حماية البشر. حيث تتعدد أوجه الكوارث الطبيعية ما بين زلازل وبراكين وفيضانات وسيول وأعاصير، وهو الذي دفع الإنسان منذ قديم الأزل للتفكير في كيفية حماية نفسه وممتلكاته من أخطارها بالعقل والعلم، بل إلى كيفية تحويل الظواهر الطبيعية القاسية ببعض مناطق العالم إلى فرص وموارد لخدمة حياة الإنسان، فهناك بلاد تعيش في جليد وبرد قارس طول العام تقريبًا ومن أسفل هذا الجليد براكين ثائرة مثل أيسلندا، ولكنها نجحت في التكيف مع هذه الظروف الطبيعية القاسية واستثمارها في تحويل البراكين أسفل الجليد عن طريق بخار الماء إلى طاقة نظيفة متجددة من نفس تلك الطبيعة القاسية. وهناك مدن كاملة عائمة على مياه البحر مثل فينيسيا في إيطاليا. وهناك ايضًا بلاد أخرى ذات طبيعة جبلية وعرة، ولكن تم استثمارها وزراعتها فيما يُعرف بزراعة المدرجات. والأمثلة على ترويض الإنسان للطبيعة والتعاطي معها كثيرة جدًّا، وساعده في ذلك التقدم العلمي والتكنولوچي. فلم يخلقِ الله عز وجل الطبيعةَ لتكون عدوًّا للإنسان، بل سخَّرها له من أجل إعمار الكون. وفي سورة الحديد قال تعالى ﴿وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ ومنافعُ للناس﴾. ومن سموم الثعابين والعقارب توصل الإنسان إلى استخراج الترياق والدواء الشافي من الأمراض.

وبالعودة إلى شمس أسوان الساطعة طول العام وغيرها من المدن المصرية خاصة في الجنوب.. ألا يفجِّر ذلك فينا طاقات التفكير للاستثمار في الطاقة الشمسية بشكل أكثر توسعًا واحترافيةً للتغلب على مشكلة انقطاع الكهرباء التي عجزتِ الحلول التقليدية عن توفيرها بشكل مستدام؟ هل يصبح مشروع الطاقة الشمسية مشروعًا قوميًّا يتكاتف فيه القطاعان العام والخاص من أجل تحقيق فائض من الكهرباء ومن ثم إقامة العديد من المشروعات التنموية؟ هل نبدأ في إعادة تخطيط الأولويات التعليمية لتواكب متطلبات سوق العمل بمجال إنتاج الطاقة الشمسية؟ ومن المعلوم أن هناك مشروعات كبرى بمجال الطاقة الشمسية أطلقتها الدولة المصرية في الفترة الأخيرة، ومن أهمها محطه بنبان أكبر محطة للطاقة الشمسية بالعالم، ويتم إلقاء الضوء عليها حتى بالمناهج الدراسية بمرحلة التعليم الأساسي. ولكن يحتاج الأمر إلى التوسع في منظومة الطاقة الشمسية على كافة المستويات من حيث التعليم والتدريب المهني وإنتاج الألواح الشمسية والمولدات وغيرها من مستلزمات هذه الصناعة التي تُعَد كنزًا استراتيچيًّا نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي النظيف من الكهرباء وتوفير مليارات الدولارات نظير استيراد المازوت والوقود غير النظيف المطلوب لتشغيل محطات الكهرباء التقليدية. والأهم أيضًا هو ترويج ثقافة الاعتماد على الطاقة الشمسية وإتاحة إنتاجها للجميع حتى ولو بشكل فردي بالمنازل. لعلنا نستطيع بذلك حل معضلة الظلام رغم طاقات النور المتفجرة من حولنا.

مقالات مشابهة

  • «التعليم»: تحديد موعد المقابلات الشخصية للمتقدمين إلى المدارس اليابانية خلال أيام
  • بالرابط.. شروط التقديم في مدارس مصر المتكاملة للغات EiLS
  • قدّم لابنك الآن| رابط التقديم في مدارس مصر المتكاملة 2024
  • فتح باب التقديم في مدارس مصر المتكاملة 2024
  • فتح باب التقديم بمدارس مصر المتكاملة للغات.. وهذه شروط الالتحاق
  • بحث مستجدات القضية اليمنية مع المبعوث الأممي
  • غزة .. ارتفاع عدد الشهداء من الصحفيين إلى 150
  • بين النور والظلام.. خيط رفيع
  • «الصحفيين» تهنئ الجماعة الصحفية بـ«يوم الصحفي»: سيظل عيدا سنويا للمهنة
  • "الصحفيين" تهنئ الجماعة الصحفية بـ "يوم الصحفي".. وتؤكد: سيظل عيدًا سنويًا لحرية الصحافة