كيف أستثمر أموالي في عالم يزداد حرارة؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
مع بدء مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ كوب 28 (COP28)، وهو الاجتماع العالمي السنوي بشأن تغير المناخ الذي ينعقد في دبي، هناك مدرستان فكريتان مهيمنتان، وكلتاهما خاطئة. تقول إحداهما إن المستقبل ميؤوس منه وإنه محكوم على أحفادنا بالمعاناة على كوكب يحترق. والأخرى تقول إننا سنكون جميعا بخير لأن لدينا بالفعل كل ما نحتاج إليه لحل مشكلة تغير المناخ.
والحق أننا لسنا منذورين للعنة، كما أننا لا نملك كل الحلول. ما نمتلكه حقا هو الإبداع البشري، وذلك هو الأعظم بين ما لدينا من أصول. ولكننا نحتاج من أجل التغلب على تغير المناخ إلى أن يتقدم الأثرياء من الأفراد والشركات والبلاد لضمان إتاحة التكنولوجيات الخضراء للجميع في كل مكان، حتى البلاد الأقل ثراء التي تنتج كميات كبيرة من الانبعاثات، من قبيل الصين والهند والبرازيل.
لنبدأ بما يمكن أن يفعله الأفراد الأثرياء، مثلي أنا، للمساعدة. فالمستثمرون الأثرياء يمتلكون رأس المال الكافي للقبول بالمخاطرة، والحق أنه ينبغي عليهم أن يقبلوا على المزيد من المخاطر. فينبغي أن يستثمروا في الشركات التي تعمل على تطوير حلول خضراء انتقالية -وخاصة الحلول ذات الإمكانيات التي تعاني حاليا من نقص التمويل، ومنها الهيدروجين الأخضر وإدارة الكربون. ولقد أنشأت -قبل سبع سنوات- صندوقا مع أشخاص آخرين من ذوي الثروات الكبيرة لدعم الشركات التي يمكن أن تقلل منتجاتها ما لا يقل عن 1% من انبعاثات الغازات العالمية، برغم إدراكي التام لأن أغلب الشركات التي نستثمر فيها سوف تفشل. فقد كنت أدرك أيضا أن الأمر يستحق المخاطرة.
كما ينبغي على الأفراد الأثرياء أن يغيروا أنماط حياتهم لتقليل انبعاثاتهم حتى الصفر. فلو أنك تسافر بطائرة خاصة، مثلما أفعل، فبوسعك أن تتحمل التكلفة الإضافية لوقود الطيران المستدام المصنوع من المحاصيل والنفايات منخفضة الكربون وهذا لن يخفض انبعاثاتك وحسب، ولكنه سوف يساعد أيضا في زيادة الطلب على الوقود النظيف، فيزيد العرض ويصبح في النهاية رخيصا بما يكفي لاستخدامه على نطاق أوسع في الطيران التجاري. ومن شأن هذا أن يغير قواعد اللعبة في ما يتعلق بتقليل الانبعاثات الناجمة عن السفر الجوي لمسافات طويلة وهو من أصعب مشاكل المناخ.
ومن حيث الحجم، تستطيع الشركات والحكومات الغنية أن تفعل أكثر من أثرى الأفراد والمستثمرين. فبوسعها الاستفادة من قوتها الشرائية في شراء المنتجات الخضراء لتسريع تبنّي التكنولوجيات الجديدة. ويعني هذا كهربة أساطيل مركبات الشركات، وشراء مواد منخفضة الكربون لمشاريع البناء والالتزام باستخدام نسبة عالية من الكهرباء النظيفة.
قد يعترض رؤساء الشركات على الإنفاق الإضافي، زاعمين أن وظيفتهم هي تعظيم العائد للمساهمين. وهذا صحيح، ولكن العديد من الشركات تمول بالفعل جهودا في تغير المناخ لا تؤثر بقدر ما أقترحه: وهو تقليل ما أسميه بالتكلفة الإضافية الخضراء، أي الأسعار الأعلى التي تأتي غالبا مع البدائل الأكثر صداقة للبيئة. ففي حال إعادة توجيه الشركات أموالها التي تنفقها حاليا على جهود تغير المناخ نحو خلق أسواق للمنتجات النظيفة، فسوف تحقق أقصى استفادة من كل دولار تنفقه على تغير المناخ.
وبوسع الدول الغنية أيضا أن تفعل المزيد في ما يتصل بالسياسات، على سبيل المثال، في المساعدة على جعل المنتجات النظيفة قادرة على المنافسة مع نظيراتها التقليدية من خلال وضع حوافز ضريبية وبيئة مواتية للبدائل الخضراء. والتشريعات -من قبيل قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة- مثال للاستثمارات الفيدرالية في المناخ، المقصود منها تسريع عملية تقليل الكربون. ومن المهم بصفة خاصة أن تتخلص أصعب الصناعات من الوقود الأحفوري -من قبيل صناعتي الأسمنت والصلب- فيكون هذا مثالا تحتذيه الحكومات الأخرى.
قد يتطلب الأمر قفزة إيمانية معينة للاعتقاد بأننا قادرون على حل مشكلة تغير المناخ. ولكن البشر سبق أن تغلبوا على ما بدا مستحيلا من قبل. فمنذ بداية القرن، انخفض عدد الأطفال الذين يموتون كل عام في جميع أنحاء العالم إلى النصف. وكان هذا التقدم نتيجة -جزئيا- لعمل الحكومات والشركات والمنظمات غير الربحية معا لحل المشكلة، بإعطاء الأولوية للابتكارات في العلوم والسياسات لخفض تكلفة اللقاحات المنقذة للحياة التي مكنت من حماية عدد أكبر بكثير من الأطفال.
إن التقدم المستمر الذي يحرزه العالم في مجال الصحة والتنمية يرتبط ارتباطا وثيقا بقدرتنا على حل مشكلة تغير المناخ. فالأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة، ويتمتعون ببعض الاستقرار المالي، سيكونون أقدر على التعامل مع درجات الحرارة الشديدة والجفاف وحرائق الغابات، وسيكونون أقدر على تحمّل تكاليف التكنولوجيات اللازمة للحد من تغير المناخ. ويعني هذا، بالنسبة للأثرياء، الالتزام المستمر بالقضاء على الفقر، وتحسين الصحة، وتمويل البرامج التي تساعد الناس على التكيف مع عالم أعلى حرارة.
وفي حين أن الأغنياء يتحملون القدر الأعظم من المسؤولية، فسوف يستوجب الأمر منا في نهاية المطاف أن نعمل على خفض التكلفة الإضافية الخضراء إلى الصفر، بوصفنا مستهلكين، وموظفين، وناخبين. ففي كل مرة تختار فيها منتجا صديقا للمناخ -سواء أكان ذلك مصباح ليد، أو تركيب مضخة حرارية، أو تناول اللحوم الناتجة عن تغذية نباتية أو قيادة سيارة كهربائية- فإنك ترسل إشارة إلى السوق مفادها أن هذا المنتج الأخضر عليه طلب. ومع ارتفاع الحجم، ينخفض السعر. فلا تستفيد فقط من شراء المنتج الأخضر، وإنما تصبح جزءا من الحل لأصعب تحد واجهته البشرية على مدار تاريخها.
بيل جيتس أحد مؤسسي مؤسسة Breakthrough Energy Ventures، وهو صندوق استثمر أكثر من ملياري دولار في الشركات التي تساعد على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
خدمة نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشرکات التی تغیر المناخ
إقرأ أيضاً:
وزيرة البيئة: تحفيز الاستثمارات الخضراء بتعاون القطاعين العام والخاص.. المعرض العربي للاستدامة فرصة لإتاحة الشراكات المختلفة في المنطقة العربية
وزيرة البيئة:
المعرض فرصة لتبادل الممارسات الصحيحة المستدامة وإتاحة الشراكات المختلفة من المنطقة العربية
الجلسات النقاشية تعكس إدراكا عميقًا لتحديات وفرص التنمية المستدامة
استعراض آليات تحفيز الاستثمارات الخضراء بتعاون القطاعين العام والخاص
خلق مناخ داعم لتوفير تمويل المناخ والتنمية، وتأهيل البنوك الوطنية
أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة على أهمية فعاليات المعرض العربي للاستدامة، والذي يأتي كبادرة هامة فى وقت حيوي يعاني فيه العالم زخم من نزاعات، وحروب، وتأثيرات خارجية، يمكن أن تنسينا قضية الاستدامة وكيفية ترشيد الموارد الطبيعية، مؤكدة على أن هذا المعرض ليس مجرد كونه منصة رقمية أو استراتيجية، بل يعد فرصة لتبادل الممارسات الصحيحة المستدامة وإتاحة الشراكات المختلفة من قلب المنطقة العربية وباسم المجتمع المدني، كما يعطى رسالة قوية موجهه أن الطموح العربى من أجل الحفاظ على هذه الحياة مازال موجود، ويعمل من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، كمتحدث رئيسي في الجلسة الافتتاحية، لفعاليات المعرض العربي للاستدامة في دورته الأولى، والذي يقام خلال الفترة من 18 إلى 20 مايو الجاري، وذلك تحت رعاية ومشاركة جامعة الدول العربية، وبتنظيم من تحالف شركاء جامعة الدول العربية للاستدامة، وبمشاركة واسعة من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الدولية، في خطوة تهدف إلى دعم التكامل الإقليمي في مسار تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك بحضور الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، وندى العجيزي، مدير إدارة التنمية المستدامة والتعاون الدولي - جامعة الدول العربية، والمهندس مصطفى عثمان المنسق العام - تحالف شركاء جامعة الدول العربية للاستدامة.
وأعربت وزيرة البيئة عن سعادتها بالمشاركة في افتتاح المعرض العربي للاستدامة، ومحاور الجلسات النقاشية لهذا المعرض والتنوع فيها، والتي تعكس إدراكا عميقا وشاملاً لتحديات وفرص التنمية المستدامة، لافتة إلى أنه لا يمكن النظر إلى الشق البيئي فى قضية الاستدامة دون الأجزاء الاجتماعية والاقتصادية، كما لا يمكن ونحن نعيش فى عالم متغير يركز على التكنولوجيا والرقمنة، البعد عن المجتمعات المحلية الهشة التي ستتأثر بتغير المناخ، مشددة أيضًا على أنه لا يمكن تجاهل قضايا مثل الأمن الغذائي، والأمن المائي، باعتبارهم من التحديات الرئيسية الموجودة فى مجتمعاتنا العربية، ومؤكدة على الدور الهام للشركاء والممولين، وأهمية أن يكون الطموح العربي قوي وقابل للتطبيق وذلك بالعزيمة، والإرادة السياسية، والتمويل، وأجيال شابة يتم البناء عليهم.
كما شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، فى الجلسة النقاشية حول "الشراكة الفعالة من أجل مستقبل مستدام" والتى تناولت أهمية الشركات الوطنية والعربية والدولية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما سلطت الضوء على دور المنتدى كإطار تنسيقي عربي موحد، واستعراض أفضل الممارسات في بناء الشراكات الاستراتيجية التي تدعم جهود تحقيق أجندة 2030، حيث تهدف الجلسة إلى توحيد الجهود والموارد ضمن شراكات فعالة لتحقيق أجندة التنمية المستدامة 2030، وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف الحكومية والخاصة والمجتمع المدني لتحقيق الاستدامة، وأدار هذه الجلسة السيدة ندى العجيزي، مدير إدارة التنمية المستدامة والتعاون الدولي - جامعة الدول العربية، وبمشاركة الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، وممثلى مصرف أبو ظبي الإسلامي - مصر، التجاري وفا بنك إيجيبت، وشركة Jordan Gaz.
وأشارت وزيرة البيئة إلى أنه فيما يخص سبل تحفيز الاستثمارات الخضراء بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، إلى عدد من المحاور الرئيسية، في مقدمتها بناء الثقة بين الشركاء ودمج البعد البيئي بلغة تناسب مختلف أصحاب المصلحة وتظهر فوائد تحقيق البعد البيئي لهم، ولعل لغة الاقتصاد هي الأنسب في تحقيق ذلك، بالإضافة إلى تعزيز ايجاد تمويل يضم أكثر من مجال في نفس الوقت، مثل حزمة مشروعات نوفي التي تضم الطاقة والغذاء والمياه معا لتربط بين مجالات تهم معيشة المواطن بشكل مباشر.
وأضافت د. ياسمين فؤاد أن تحفيز شراكة الاستثمارات بين القطاعين الخاص والعام، يتطلب سهولة ووضوح الاجراءات المعتادة، وهذا ما عملت عليه الحكومة المصرية في الفترة الماضية، ومنها تسريع إجراءات إصدار الموافقات البيئية، وأيضا ضرورة تغيير فكرة التعامل مع ملف البيئة بالنظر له كملف محفز للاستثمار ، حيث قدمت تجربة الاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة حول العالم وخاصة في الدول العربية نموذجا واضحا لامكانية تحويل ملف بيئي في المقام الأول يقوم على تقليل الانبعاثات إلى قطاع اقتصادي يقوم على اكتاف القطاع الخاص، وذلك من خلال إضافة البعد الاقتصادي والقيمة المضافة، مشيرة إلى أن تحقيق شراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص يتطلب أن تقدم الدولة مجموعة من الحوافز، لذا قدمت الحكومة المصرية مجموعة من الحوافز الاستثمارية في ٤ مجالات ضمن قانون الاستثمار الجديد بما يحفز عملية الانتقال الأخضر، وهي الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر وإدارة المخلفات وبدائل الأكياس البلاستيكية احادية الاستخدام.
واستعرضت وزيرة البيئة، الجهود المبذولة في ملف الطاقة الجديدة والمتجددة، والسعي للتوسع في إشراك القطاع الخاص، مشيرة إلى أنه تم إصدار أول تعريفة في عام 2015، وتعديلها لاحقًا لتسهيل الاستثمار، ومع ارتفاع تكلفة تكنولوجيا التحول إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، عملت وزارة البيئة خلال عام 2015 على التغلب على هذا التحدي من خلال الاستفادة من تمويل المناخ، حيث تم الحصول على 470 مليون دولار، بالإضافة إلى مشروعات أخرى مثل صندوق التكيف، وصندوق المناخ الأخضر، وصندوق البيئة العالمي.
ولتنظيم هذا الجهد، سعت الوزارة إلى وضع الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ وتحديد أولوياتنا حتى عام 2050، وكذلك إعداد الخطة الوطنية لعام 2030، بالإضافة إلى تحديد أول حزمة من المشروعات، مضيفة أنه لتحقيق ذلك، كان لا بد من العمل على التكيف والتغيير في قطاعات الطاقة والمياه والزراعة، سواء على المستوى الحكومي أو من خلال القطاع الخاص، وذلك لضمان الحصول على المنح والقروض، كما أنشأت الوزارة وحدة الاستثمار البيئي والمناخي، والتي تهدف إلى تحديد مصادر التمويل المختلفة واحتياجات أصحاب المصلحة داخل جمهورية مصر العربية، مشيرة إلى منصة المناخ التى أطلقتها الوزارة والتي وفرت 62 فرصة استثمار تشمل مشروعات صغيرة ومتوسطة وكبيرة، وكيفية مساهمة البنوك الوطنية في دعمها.
وأوضحت وزيرة البيئة أن الوزارة تسير في طريق خلق مناخ داعم لتوفير تمويل المناخ والتنمية، وهو ما استلزم تأهيل المصارف والبنوك الوطنية، حيث تم في عام 2019 تنفيذ أول مشروع لتمويل المناخ، وكانت فكرته ترتكز على تقديم الدعم الفني من خلال البنك المركزي المصري للبنوك الوطنية، بهدف التفرقة بين التنمية المستدامة وتمويل المناخ.
جدير بالذكر أن فعاليات المعرض العربي للاستدامة يُعقد خلال الفترة من 18 إلى 20 مايو 2025، والذي ينظمه تحالف شركاء جامعة الدول العربية للاستدامة، وبرعاية جامعة الدول العربية،وحيث يُمثل هذا المعرض ملتقى إقليميًا رفيع المستوى يجمع نخبة من ممثلي الحكومات، والمؤسسات الأكاديمية، والمنظمات الدولية، والشركات الرائدة، لتبادل الخبرات واستعراض أفضل الممارسات في مجالات الاقتصاد الأخضر، والتقنيات النظيفة، والحوكمة البيئية، والتنمية الشاملة.