رأي اليوم:
2025-06-12@01:13:44 GMT

المقاومة الشعبية والمقاومة الفردية

تاريخ النشر: 12th, July 2023 GMT

المقاومة الشعبية والمقاومة الفردية

موسى العدوان

 

المقاومة الشعبية أو حرب العصابات، تلجأ إليها الأمم الضعيفة أو منظمات التحرير الوطنية، ضد عدو محتل أو مستعمر أقوى منها، بغرض طرده واستعادة سيادتها الوطنية وكرامتها. والمقاومة الشعبية هي نشاط عسكري طويل الأمد شرّعته القوانين والأنظمة الدولية، ويجري خفية بين السكان المدنيين. والمقاومة الشعبية هي نقيض للإرهاب الذي ينتهك حقوق الإنسان، ويقوض الأمن والاستقرار في المجتمعات المدنية وتحرّمه الشرائع الدولية.

لقد أثبتت أحداث التاريخ أن الأوطان، التي تُنتهك سيادتها، وتُستباح أراضيها من قبل قوات أجنبية، لا يمكن لها أن تتحرر وتستعيد سيادتها وكرامتها، إلا من خلال مقاومة وطنية جريئة وفعّالة، يمارسها الشعب على أرضه، ضد العدو المحتل أو المستعمر. وهناك الكثير من الأمثلة لعمليات المقاومة الشعبية في العالم التي قاومت المحتلين، واستطاعت بتصميمها وشجاعتها أن تحرر أوطانها، وتحقق استقلالها وسيادتها.

أما بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، فبعد ما يقارب 30 عاما من عقد اتفاقية أوسلو المشؤومة، بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، والتي وعدت بإقامة دولة فلسطينية خلال بضع سنوات، وما تلاها من مفاوضات سلمية عبثية، فقد وصلت جميعها إلى طريق مسدود، لم يحقق أي مكسب للفلسطينيين. وهكذا لم يعد أمام الفلسطينيين من خيار، سوى اللجوء إلى خيارهم الاستراتيجي الوحيد، وهو الاعتماد على النفس وإشعال فتيل المقاومة الشعبية داخل الأرض المحتلة، كي تأخذ دورها في المقاومة المسلحة ( غير المخترقة ) ضد العدو المحتل.

ومن المُلاحظ أن عمليات المقاومة التي تجري على الأرض الفلسطينية حاليا، والتي يقوم بها شباب صغار السن، لا تمثل المقاومة الشعبية الشاملة، التي يشارك بها أكبر عدد من المقاومين في مختلف المدن والقرى الفلسطينية. صحيح أن هناك مقاومة في قطاع غزة بما يسمى عرين الأسود وكتائب القسّام وسرايا القدس والعديد من الكتائب الأخرى، وفي مدينة جنين ما يسمى بكتائب جنين، وقامت بعمليات مقاومة جريئة ضد العدو لكنها غير كافية. فما يجري على الأرض، يمكن وصفه بِ ( المقاومة الفردية ) حتى وإن جرى بتوجيه من تلك المنظمات.

صحيح أن المقاومة الفردية تزعج العدو وتوقع به بعض الخسائر، ولكنها غير قادرة على تحرير الأرض لأنها فردية العمل. فتحرير الأرض يتطلب استراتيجية شاملة تحدد الخطط والأهداف، وتنفذ عملياتها مهما صغر أو كبر حجمها، بما يتفق والخطة الاستراتيجية الشاملة. إن عمليات المقاومة الفردية التي يضحي خلالها الشباب بأرواحهم – مع التقدير والرحمة لمن استشهد منهم – تشبه لسعات البعوض في جسد فيل ضخم، لكونها تحقق أهدافا محدودة غير مخطط لها.

تلك العمليات الفردية التي ينفذها الشباب صغار السن، بمبادرة منهم أو بتوجيه من منظمات معينة، لا تحقق إلا مكاسب محدودة، في حين يكون رد فعل العدو الإسرائيلي، أكثر ضررا من المكاسب التي تحققت في العمليات الفردية بعدة أضعاف، لاسيما وأن الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، تتعاون مع العدو في محاولة إخماد المقاومة، وإلقاء القبض على المقاومين. فتكون النتيجة استشهاد المقاومين ومعهم عددا من المدنيين، وهدم منازل أهاليهم، وتدمير البنية التحتية في المنطقة.

المقاومة الحقيقية التي يجب اتباعها، تتمثل في مقاومة شعبية شاملة ومنظمة، يشارك بها كافة أبناء الشعب الفلسطيني عمليا من الداخل وماديا من الخارج. فيجري تنظيمهم تحت قيادة وطنية سرّية موحدة، بعيدا عن قيادة السلطة الفلسطينية، لتضع الاستراتيجية المطلوبة بهدف تحرير الأرض المحتلة، وليس الجلوس على الكراسي والاستعراض على البساط الأحمر، أو امتلاك الأموال والعقارات في مختلف دول العالم.

وهنا أودّ أن أذكّر بما قاله الثائر الكوبي تشي جيفارا : ” إنني أؤمن بأن النضال هو الطريق الوحيد أمام الشعوب الساعية إلى التحرر، ويعتبرني الكثيرون مغامرا. فعلا أنا مغامر لكن من طراز مختلف عن المغامرين، الساعين وراء نزوات فردية عابرة، إذ أنني أضحي بكل شيء من أجل الثورة والنضال “.

كما أذكّر بالوفد الفيتنامي، الرباعي الذي ذهب إلى باريس في أواخر الستينات، للتفاوض مع الأمريكان في إنهاء عمليات المقاومة الناجحة في الحرب الفيتنامية، لكنه رفض ركوب السيارات والفنادق التي أعدتها لهم المخابرات الأمريكية، واستأجروا سيارات على نفقتهم، ثم أقاموا عند طالب فيتنامي في إحدى ضواحي باريس، وحضروا الاجتماعات في الوقت المحدد.

وهنا أرغب أن أتحدث بفكر عسكري، بعيد عن العواطف والمزايدات، التي قد لا تعجب البعض، فأقول لمن يهمهم الأمر من القادة الفلسطينيين : ” اتقوا الله بالشباب الفلسطيني الذين يضحون بأرواحهم تحت شعار المقاومة، فنشاهد جنازاتهم محمولة على الأكتاف بين يوم وآخر، بلا نتيجة فعلية تستحق تلك التضحيات.

المطلوب . . هو أن تتوقف عمليات المقاومة الفردية، واستبدالها بمقاومة شعبية فعّالة، تعمل تحت قيادة وطنية موحدة، تضع استراتيجية شاملة لعمليات المقاومة والتحرير، على المديين القريب والبعيد، لتجري جميع العمليات صغيرة وكبيرة على ضوئها، لتصبّ في النهاية في الهدف الاستراتيجي الكبير، وهو تحري الوطن واستعادة الكرامة. وبعكس ذلك سيتواصل تقديم قوافل الشهداء، وتحمّل الخسائر في مختلف المجالات، دون تحقيق أي نتيجة إيجابية تذكر، مع ضياع الهدف الرئيسي للقضية الفلسطينية . . !

 

فريق ركن اردني متقاعد

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

رسالة من الحوثيين إلى كتائب القسام.. فلسطين في قلب صنعاء

نشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مساء الاثنين، رسالة وصلتها من جماعة الحوثي اليمنية، وتضمنت تأكيدات باستمرار الدعم اليمني للمقاومة الفلسطينية ولمعركة "طوفان الأقصى".

وأشارت كتائب القسام إلى أن "الرسالة وصلت من رئيس هيئة الأركان العامة اليمني اللواء الركن محمد الغماري بمناسبة عيد الأضحى المبارك".

وجاء في نص الرسالة: " في هذه الأيام المباركة من شهر ذي الحجة، ومع حلول عيد الأضحى المبارك، يطيب للقوات المسلحة اليمنية أن ترفع إليكم قيادة وجنودا، أسمى آيات التهاني والتبريكات، مقرونة بالفخر والاعتزاز، بصمودكم الأسطوري، وبطولاتكم الخالدة التي سطرتموها في ميادين المواجهة مع العدو الصهيوني الغاصب".


وتابعت: " إن ما يجترحه مجاهدو القسام من عمليات نوعية، وضربات موجعة، ومواقف إيمانية راسخة، هو موضع إعجاب وإلهام لكل الأحرار، وهو دليل لا يدحض على أن من توكل على الله، وثبت في ساحات الوغى، فإن النصر حليفه، ولو اجتمعت عليه قوى الأرض".

واستكملت الرسالة الحوثية: "نشد على أياديكم الطاهرة، ونؤكد لكم أن اليمن شعبا وجيشا وقيادة سيبقى حاضرا في ميدان المعركة مع فلسطين، قلبا وسلاحا، مواقفا ودعاء، حتى يتحقق الوعد وتعود الأرض لأهلها، وإن غزة التي صارت رمزا للعزة، لن تُكسر ما دام في هذه الأمة من يشبه القسام، رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، آمنوا بأن الجهاد فريضة، وبأن النصر وعد من الله لعباده المستضعفين الصادقين".



وجدد الحوثيون العهد في هذا العيد، وقالوا: "درب الجهاد هو دربنا ومصير العدو هو الهزيمة، وأن فلسطين في قلب صنعاء، كما أن القدس في عقيدتنا ومناهجنا وبوصلتنا".

وختموا رسالتهم قائلين: "أعاده الله عليكم وعلى شعبنا الفلسطيني بالحرية والنصر، وعلى الأمة الإسلامية بالعزة والوحدة، وعلى المقاومين في كل الساحات بالنصر والتمكين".

وفي وقت سابق، تعهدت جماعة "أنصار الله" الحوثية، باستمرار عملياتها العسكرية ضد الاحتلال مهما بلغت التحديات والضغوط، وذلك خلال تدشين خطة طوارئ أمنية في محافظة صنعاء للمرة الأولى.

والجمعة، أكد زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي، التمسّك بدعم الشعب الفلسطيني في وجه المجازر الوحشية التي يرتكبها "العدو الصهيوني في قطاع غزة".

مقالات مشابهة

  • كمال حسنين: معركتنا الحقيقية ستكون على المقاعد الفردية ولدينا كوادرنا التي تحظى بثقة الشارع المصري
  • “الأحرار الفلسطينية”: الحملات الشعبية كـ”مادلين” تحرج العدو الصهيوني
  • لماذا تتركز عمليات الاحتلال بخان يونس وكيف ترد المقاومة؟
  • “الأحرار الفلسطينية”: الحملات الشعبية كـ”مادلين” لها تأثير دولي وتحرج العدو الصهيوني
  • المقاومة في غزة تكشف تفاصيل ملاحقة عصابات المرتزقة المدعومة من الاحتلال شرق رفح
  • عمليات نوعية لمجاهدي سرايا القدس ضد جحافل العدو في غزة والضفة
  • أمن المقاومة الفلسطينية يكشف تورط مخابرات عربية في تمويل وتوجيه “مرتزقة العدو”
  • رسالة من الحوثيين إلى كتائب القسام.. فلسطين في قلب صنعاء
  • مهم.. رئيس هيئة الأركان اليمني يوجه رسالة مهمة إلى المقاومة الفلسطينية الباسلة
  • ما بين الحياة الآمنة تحت الاحتلال والمقاومة أيهما كلفته أكبر؟ (2)