يصف جنود إسرائيليون قدامى خدموا في مدينة الخليل بالضفة الغربية، شوارع البلدة القديمة بأنها "مقسّمة حسب الجنسية"، وأنه "يتم فصل المنطقة المحيطة بالحرم الإبراهيمي على أساس الدين".

ويقول هؤلاء الجنود إن مهمتهم الأساسية، حين كانوا في الخدمة العسكرية، هي تأمين الممرات والطرق التي يستخدمها 850 مستوطنا يقطنون في تلك المدينة الفلسطينية.

حين أنهى الجنود خدمتهم في البلدة القديمة بالخليل، وشهدوا على واقع لم يسبق لهم أن عاشوه في مكان آخر، قرروا "كسر الصمت".

هؤلاء الجنود الإسرائيليون، ممن أنهوا الخدمة العسكرية في الخليل خلال الانتفاضة الثانية التي اندلعت في سبتمبر/أيلول 2000، قرروا العمل كنشطاء لإنهاء الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، فأسسوا منظمة "كسر الصمت"، في مارس/آذار عام 2004.

جاء ذلك في بيان للمنظمة التي قالت إنها تستهدف كشف جرائم الاحتلال وتعاملهم الطائفي مع الفلسطينيين.

ويسير السكان الفلسطينيون في أزقة وشوارع البلدة القديمة بمدينة الخليل بحذر شديد، فالنقاط العسكرية الإسرائيلية في كل مكان، وهناك مناطق يكون الدخول إليها مقيدا بأنظمة عسكرية، مثلا مسموحة للمستوطنين وممنوعة على الفلسطينيين، كما أن أي تحرك مشبوه يصدر عن فلسطيني قد يكلف صاحبه حياته.

Since October 7th, Israeli politicians, journalists and commentators have been doubling down on their claim to the Israeli public that “there are no innocents in Gaza.” They willingly ignore the fact that Gaza’s population stands at 2.3 million, with 40% of them under age 15. ???? pic.twitter.com/l2xutX46Wh

— Breaking the Silence (@BtSIsrael) December 7, 2023

اقرأ أيضاً

رئيس وزراء قطر يطالب بتحقيق فوري بالجرائم الإسرائيلية في غزة

وتخضع الخليل القديمة لرقابة وسيطرة أمنية مشددة من جنود إسرائيليين هدفهم الأساسي تأمين الحماية لحركة المستوطنين في البلدة القديمة ومستوطنة كريات أربع المُلاصِقة، وتأمين محيط الحرم الإبراهيمي.

العمل اليومي لهؤلاء الجنود يجعلهم منخرطين في الحياة اليومية للمدنيين، وفي كثير من الأحيان يتدخلون لفض مشادات بين الفلسطينيين والمستوطنين هناك، أو يضطرون لتفتيش النساء والأطفال والرجال وفحص هوياتهم والتحقيق معهم ميدانيا.

وقد اكتسبت المنظمة منذ ذلك الحين مكانة خاصة في نظر الجمهور الإسرائيلي، وفي وسائل الإعلام بسبب دورها الفريد في إعطاء صوت لتجربة الجنود هناك.

وأخذ هؤلاء الجنود على عاتقهم تعريف الجمهور بواقع الحياة اليومية في الأراضي المحتلة، من خلال شهاداتهم على سيطرة الجيش الإسرائيلي على كافة مناحي حياة المدنيين في الأراضي الفلسطينية.

ولم يقتصر عملهم على مدينة  الخليل ذات الطابع الأمني المعقد، بل امتد لكل مناطق التوتر في الضفة الغربية تحديدا.

وتقول المنظمة على موقعها الإلكتروني: "نحن نسعى إلى تحفيز النقاش العام حول الثمن المدفوع مقابل الواقع الذي يواجه فيه الجنود الشباب سكانا مدنيين يوميا، ويشاركون في السيطرة على الحياة اليومية لهؤلاء السكان.. إن عملنا يهدف إلى إنهاء الاحتلال".

Since the horrific massacre by Hamas on October 7th, the West Bank has been on fire. More Palestinians have been killed in the West Bank than in any year since 2005. That’s over 220 people in a little less than two months.

At least eight of them were killed by armed settlers
???? pic.twitter.com/2xHpdLMI71

— Breaking the Silence (@BtSIsrael) December 3, 2023

اقرأ أيضاً

ناشط: البريطانيون لا يؤيدون جرائم إسرائيل في غزة

وتصف المنظمة الجنود القدامى المنضوين في عضويتها بأنهم "خدموا في المناطق (مصطلح متعارف عليه في إسرائيل للإشارة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة) وكانوا يشهدون ويشاركون في العمليات العسكرية التي غيرتهم بشكل كبير".

وقال الجنود إن "حالات الاعتداء على الفلسطينيين وتدمير الممتلكات هي القاعدة منذ سنوات، لكن هذه الحوادث لا تزال توصف رسميا بأنها حالات متطرفة وفريدة من نوعها".

وترى المنظمة أن الواقع وما يجري في الضفة الغربية بالتحديد معروف لدى الجنود والقادة الإسرائيليين، "إلا أن المجتمع الإسرائيلي بشكل عام يواصل غض الطرف والإنكار لما يحدث باسمه".

وتشير المنظمة إلى أن الجنود المُسرَّحين العائدين إلى الحياة المدنية "يكتشفون الفجوة بين الواقع الذي واجهوه في (المناطق)"، و"الصمت الذي يجدونه في وطنهم إزاء هذا الواقع".

وتسعى المنظمة بأنشطتها إلى إيصال أصوات هؤلاء الجنود، ودفع المجتمع الإسرائيلي لمواجهة الواقع الذي خلقه الاحتلال.

وتجمع المنظمة شهادات من جنود خدموا في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، منذ سبتمبر عام 2000، وتنشرها لرفع مستوى الوعي بواقع ما يجري على الأرض.

Along with many of our Israeli human rights partners, we call on the international community to act to stop the forcible transfer currently happening in the West Bank. This madness must not be allowed to continue and our government clearly has no intention of stopping it. pic.twitter.com/BFnhCqZiWs

— Breaking the Silence (@BtSIsrael) October 29, 2023

اقرأ أيضاً

ترودو يرفض جرائم إسرائيل في غزة.. ونتنياهو يرد غاضبا

وتتركّز أنشطة أعضاء المنظمة على تعزيز الوعي العام، عبر عقد محاضرات واجتماعات منزلية وفعاليات عامة أخرى تسلط الضوء على الواقع من خلال أصوات الجنود السابقين.

وتنظم المنظمة جولات في الخليل وجنوب تلال الخليل في الضفة الغربية، بهدف تمكين الجمهور من الوصول إلى الواقع المتواجد على بعد دقائق فقط من منازلهم.

وحتى الآن، جمعت المنظمة شهادات من أكثر من 1400 جندي يمثلون جميع طبقات المجتمع الإسرائيلي ويغطون جميع الوحدات العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية تقريبا.

ولتقديم رواية موثقة، تعمل المنظمة على فحص الشهادات التي يدلي بها الجنود عن تجاربهم، ليتسنى نشرها بدقة، إذ يتم التحقق من جميع الحقائق مع شهود عيان إضافيين وأرشيفات منظمات حقوق الإنسان الأخرى النشطة في هذا المجال.

وتؤكد المنظمة على أولوية حماية الجنود الذين يختارون الإدلاء بشهادتهم أمام الجمهور حول خدمتهم العسكرية، حيث يختار معظم الجنود عدم الكشف عن هويتهم، بسبب الضغوط المختلفة من المسؤولين العسكريين والمجتمع الإسرائيلي ككل.

وأثارت أنشطة المنظمة اهتمام وسائل الإعلام الغربية والمحلية، ونقلت أفلام وثائقية تجارب وشهادات هؤلاء الجنود القدامى، رغم انتقادات من بعض الإسرائيليين، ومهاجمة رواياتهم التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين.

The Streets in the center of Hebron are segregated according to nationality. The Area surrounding the Tomb of the Patriarchs is segregated based on religion
In any case @DemMaj4Israel, a good place to start would be to ask local Palestinians or Israeli soldiers who served there???? https://t.co/KgH8D86css pic.twitter.com/l0T35QMd7k

— Breaking the Silence (@BtSIsrael) November 22, 2023

اقرأ أيضاً

منظمات فلسطينية تتهم إسرائيل بجرائم ضد الإنسانية

وفي نظر البعض يصل الأمر لاعتبار أن عمل هؤلاء الجنود الناشطين في مجال حقوق الإنسان وإنهاء الاحتلال في الأراضي الفلسطينية يندرج ضمن "الخيانة" لدولة إسرائيل، وهو ما يعرضهم في بعض الفعاليات الميدانية التي يقيمونها في الضفة الغربية لاعتداءات يرتكبها الجنود الذين يخدمون هناك، أو مستوطنون متطرفون.

وتؤكد المنظمة على مطلب عودة الأسرى الإسرائيليين في غزة فورا، لكنها تعارض بعض الإجراءات العسكرية التي ترى المنظمة أنها تعقّد المشهد.

ونشرت المنظمة بيانا مع عدد من شركائها الإسرائيليين في مجال حقوق الإنسان، دعت فيه المجتمع الدولي إلى "التحرك لوقف الترحيل القسري الذي يحدث حاليا في الضفة الغربية"، مؤكدة أنه "لا يجب السماح لهذا الجنون بالاستمرار، ومن الواضح أن حكومتنا ليس لديها أي نية لوقفه".

وترى المنظمة أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، "ضاعف السياسيون والصحفيون والمعلّقون الإسرائيليون ادعاءاتهم للجمهور الإسرائيلي بأنه لا يوجد أبرياء في غزة. وهم يتجاهلون عن طيب خاطر حقيقة مفادها أن عدد سكان غزة يبلغ 2.3 مليون نسمة، 40% منهم تحت سن الـ15 عاما".

وتقول المنظمة إنه منذ "7 أكتوبر/تشرين الأول، والضفة الغربية مشتعلة، وقُتل عدد من الفلسطينيين في الضفة الغربية أكثر من أي عام آخر".

وتشهد الضفة الغربية أوضاعا متوترة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، قبل شهرين، إذ كثّف الجيش الإسرائيلي خلالها من حملات مداهمة واقتحام قرى وبلدات الضفة الغربية والقدس، صاحبها مواجهات واعتقالات وإطلاق للرصاص وقنابل الغاز، اعتقل خلالها نحو 3700 فلسطينيا، وفق أحدث إحصائية لمؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.

في وقت استشهد برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة إلى 274، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

اقرأ أيضاً

أهمية توثيق كل الجرائم الإسرائيلية

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: كسر الصمت جرائم جرائم إسرائيل الحرم الإبراهيمي غزة الضفة الضفة الغربیة وقطاع غزة المجتمع الإسرائیلی فی الضفة الغربیة البلدة القدیمة هؤلاء الجنود المنظمة على اقرأ أیضا pic twitter com فی غزة

إقرأ أيضاً:

الاستيطان الرعوي وحرب غزة.. كيف يستغل الاحتلال الإسرائيلي الحيوانات لتعزيز التوسع؟

"تسليح المستوطنين وسرقة الأراضي، مع الاعتداء على الفلسطينيين، وذلك بغرض إنشاء المزيد من البؤر الاستيطانية" هكذا يصف الأهالي بقلب الضفة الغربية المحتلة، الوجه الآخر من بشاعة الاحتلال الإسرائيلي؛ على بُعد كيلو ميترات قليلة فقط، عن قطاع غزة المحاصر، الذي يكابد ويلات حرب الإبادة منذ عامين.

وخلال الساعات القليلة الماضية، في خلّة الضبع بمسافر يطا، جنوب الخليل، أقدم مستوطنون على إقامة بؤرة استيطانية جديدة، فوق أنقاض منازل فلسطينية، قد هدمها الاحتلال بالآونة الأخيرة؛ وذلك وسط تحذيرات مُتسارعة من محاولات السّرقة الكاملة للمنطقة وطرد سكانها الأصليين.

في هذا التقرير، تسلّط "عربي21" الضّوء على أداة التوسّع الاستيطاني، الذي بات يستند إليه جيش الاحتلال الإسرائيلي، بغية التهام المزيد من الأراضي، وكذا نشر العوائق والحواجز العسكرية، ما يُعتبر حربا أخرى إضافية، يتجرّع مرارها الفلسطيني.

ماذا تفعل عندما تكون لديك عزومة أو تحتاج للحم من أجل إعداد الطعام؟ تذهب لشرائه، هذا هو المعتاد في كل العالم.

أما في مستوطنات الضفة الغربية، فعند الحاجة إلى الخراف، يستدعي أحد المستوطنين مجموعة من أصدقائه من الشرطة الإسرائيلية، ويحمل سلاحه، ثم يذهب إلى أقرب مزرعة فلسطينية… pic.twitter.com/w7kgPkRN77 — Tamer | تامر (@tamerqdh) September 9, 2024

"شرعنة" الاحتلال.. 
"توزّعت معظم البؤر الاستيطانية عقب "طوفان الأقصى" على محافظة الخليل (8 بؤر)، رام الله (6 بؤر)، بيت لحم (4 بؤر)، فيما أقيمت 3 بؤر أخرى في كل من: نابلس ثم باقي المحافظات" هذا ما كشفت عنه هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الحكومية الفلسطينية، خلال الأيام القيلة الماضية.

وأضافت الهيئة، أنّ الاحتلال قد شرعن (إقامة غير قانونية) 11 بؤرة استيطانية، وتحويلها إلى مستعمرات أو أحياء استيطانية تتبع لمستعمرات قائمة سلفا، وأحالت ما مجموعه 9 بؤر أخرى لإجراءات الشرعنة. ناهيك عن شقّ 7 طرق لتسهيل تحرك المستوطنين وربط بؤر بمستوطنات قائمة.

وبحسب المصدر الفلسطيني نفسه، فإنّ الحواجز الدائمة والمؤقتة من بوابات وحواجز عسكرية أو ترابية -تقسّم الأراضي الفلسطينية وتفرض تشديدات على تنقل الأفراد والبضائع- قد بلغت 872 حاجزا عسكرياً وبوابة، منها أكثر من 156 بوابة استحدثت عقب 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

"الجديد في الإجراءات الإسرائيلية في عام الحرب هو تسريع كل المخططات والسياسات سواء البناء الاستيطاني أو مصادرة الأراضي أو هدم المباني الفلسطينية" تابعت الهيئة، مشيرة إلى: "الاستيلاء على 52 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) خلال عام الحرب، وإقامة 12 منطقة عازلة حول المستعمرات".

بالإضافة إلى ما سبق، درست جهات تخطيط دولة الاحتلال الإسرائيلي ما عدده: 182 مخططا هيكليا لبناء ما مجموعه 23 ألفا و267 وحدة استيطانية على مساحة 14 ألف دونم، وتمّت المصادقة على 6300 وحدة منها، وفقا لما كشفت عنه الهيئة الفلسطينية، مردفة أنّ: "المخططات الهيكلية توزّعت على محافظة المدينة المقدسة بـ65 مخططا هيكليا".

#شاهد| مستوطنون يطلقون مواشيهم بمحاصيل زراعية للقلسطينيين شرق شعب البطم، وقاموا باستفزاز المواطنين وسرقة هاتف لأحد النشطاء الاجانب pic.twitter.com/XXJNn20ARw — وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) May 31, 2025
كيف يتم استحداث البؤرة.. 
"نعيش في الضفة بقلب الطبيعة التي تحيط بالقرى، بقلب أراضينا التي ورثناها أبا عن جد، لنستيقظ يوميا على مستوطنين جُدد يرعون أغنامهم وأبقارهم، ليستولون فجأة على الأراضي، بمساندة جيش الاحتلال الإسرائيلي" هكذا يصف عدد من الفلسطينيين الواقع المرير، الذي يُقاومونه بما أوتوا من جهد وإصرار.

ويتابعون في وصف للمشهد التي لا يُغادر ذاكرتهم الحيّة: "يبني المستوطنون مزارعهم على أرض سُرقت منّا، وبوقاحة يطلبون مدّ المياه والكهرباء من سلطة الاحتلال. هكذا، فجأة، يُحدث المستوطن إلى بؤرة استيطانية جديدة، ليضمّ إليه أراض جديدة في كلّ مرّة يرعى فيا. ما يسمى سياسة: الاستيطان الرعوي".



المستوطنون لا يكتفون بسرقة الأراضي لإنشاء البؤر الاستيطانية، بل يعتدون أيضا على التجمعات السكانية الفلسطينية المتواجدة في الضفة الغربية. ووثّق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، 1536 هجمة حتى 24 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أسفرت 152 هجمة منها عن سقوط الشهداء بين الفلسطينيين.

وتابع المكتب الأممي: "1226 هجمة ألحقت الأضرار بممتلكات تعود للفلسطينيين. بينما تقول هيئة الجدار إن 11 فلسطينيا استشهدوا برصاص المستوطنين". ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، هُجّرت 285 أسرة فلسطينية تضم 1669 فردا، بمن فيهم 807 أطفال، من التجمعات البدوية والرعوية، أرجاء الضفة الغربية، جرّاء هجمات المستوطنون والقيود التي يفرضونها بالقوّة.

مصادر محلية: فيديو يوثق سرقة ميلشيات المستوطنين جراراً زراعياً من قرية مردا قرب سلفيت خلال ساعات الليل pic.twitter.com/W4QIVm4lwI — شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 1, 2025
أيضا، هدمت 1814 منشأة ومنزلا في عموم الضفة المحتلة منذ ما يُناهز العامين (منذ 7 أكتوبر)، نتج عنها تهجير نحو 4500 فلسطيني. فيما تبرز منظمة "السلام الآن" العبرية أنّ 43 بؤرة جديدة قد أُنشئت منذ "طوفان الأقصى" جلّها بؤر زراعية، بالمقارنة مع متوسط سنوي كان يبلغ 7 بؤر على مدى 3 عقود تقريبا، ما قبل ذلك.

وبحسب عدد من التقارير العبري، ووفقا للمنظّمة ذاتها، فإنّ حكومة الاحتلال الإسرائيلي موّلت هذه البؤر المُشرعنة غصبا بما يُناهز 7.5 ملايين دولار خلال العام الماضي، فيما خصّصت لها 20 مليون دولار هذا العام. ما يكشف بالملموس أنّ ما تعيشه الضفة الغربية المحتلة لا يقلّ خطورة عمّا يواصل عليه الاحتلال من حرب للإبادة الجماعية بقلب القطاع المحاصر. 


"السّرقة" بوضح النّهار..
عقب توقيع "اتّفاق أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، عام 1993، تمّ تقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى ثلاث مناطق، وهي: المنطقة أ والمنطقة ب والمنطقة ج.

المنطقة أ -السيطرة الأمنية والمدنية للسلطة الفلسطينية-: تشكّل 18 في المئة من الضفة الغربية المحتلة. 

المنطقة ب -السيطرة المدنية للسلطة والأمنية لكيان الاحتلال-: تشكل 21 في المئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة.

المنطقة ج -السيطرة الأمنية والمدنية فيها للكيان الصهيوني-: تشكّل 61 في المئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة.


وفي حديثهم لـ"عربي21" أكّد عدد من الفلسطينيين، أنّ: "الاحتلال الإسرائيلي، لا يعترف بهذه التقسيمات، على الرّغم من ظلمها لنا أساسا؛ إذ أنّهم يُشرعنون لاستباحة كافة أراضيها، لسرقتها في وضح النهار، بالتّحايل، وعبر انتهاج سياسة الاستيطان الرّعوي، الوقح".

وبحسب عدد من التّقارير الإعلامية العبرية، المُتفرٍّقة، فإنّ: "الاحتلال الإسرائيلي عبر الاستيطان الرعوي، يتذرّع بقانون إسرائيلي، يقول: كل أرض لا يتم استصلاحها طيلة 10 سنوات تصبح ملكا لهم"، ما يجعل اعتداءات المُستوطنين المُتواصلة على الأراضي والأهالي في الضفة الغربية المحتلة، يُفسّر بكونه: "تمهيدا للتوسّع".

بعد مواجهات مع الفلاحين.. مستوطنون يشعلون النار في المحاصيل الزراعية للفلسطينيين بموسم الحصاد في سهل مرج سبع ببلدة المغير شمال شرق رام الله#تفاعل ليصل إليك كل جديد pic.twitter.com/GL6fOqCHED — TRT عربي (@TRTArabi) May 27, 2025
وفي إحدى التقارير العبرية، المُتطرّقة لـ"الاستيطان الرّعوي"، قالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إنّ: "الهدف منه هو: الاستيلاء على المناطق ج". في إشارة إلى أنّ: "المستوطنون الرّعاة، ينتمون في الواقع إلى جمعيات ومؤسّسات تسعى للسيطرة على أراضي الضفة".

وكان السكرتير العام لحركة "أمانا" الاستيطانية، زئيف حيفر، قد بيّن في تقرير نشرته مجلة "معا" أنّ: "المزارع الاستيطانية الرعوية وسيلة أكثر نجاعة من البؤر التي تعتمد البناء الاستيطاني التقليدي"، مردفا: "خلال 50 سنة استطعنا السيطرة على 100 كيلو متر مربع من مساحة الضفة الغربية، بينما سيطرت المزارع الرعوية الاستيطانية في فترة قصيرة على أكثر من ضعفي هذه المساحة". 

"يخططون لإنشاء مزيدٍ من البؤر الاستيطانية المخصصة لرعاة الأغنام والأبقار في المناطق جيم" أكّد السكرتير العام لحركة "أمانا" الاستيطانية؛ وذلك أمام ما يصفه عدد من الفلسطينيين بـ"تخلّي العالم عليهم، وخيبة أملهم من المجتمع الدولي".

ويتابع الفلسطينيين، وفقا لعدد من المنشورات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، التي رصدتها "عربي21" بالقول: "نُمنع من دخول أراضينا أو الاقتراب منها، وغالبا ما نتعرّض للاعتداء أو الطرد بالقوة من قبل مستوطنين مسلحين، مدعّمين بجيش الاحتلال الإسرائيلي"، ما يضرب عرض الحائط كافة القوانين والمواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان، وأمام مرأى العالم.

لم يتركوا شيئًا من شرهم وفسادهم في الأرض، حتى الطيور تعمّدوا قتلها.

مستوطنون يدهسون أوزًا لمزارع فلسطيني في قرية مسافر يطا، قضاء الخليل . pic.twitter.com/PbB5RFyu7P — Tamer | تامر (@tamerqdh) February 3, 2025
واضطرّ أكثر من 1,000 فلسطيني إلى مغادرة أراضيهم منذ عام 2020، وذلك في الأغوار الشمالية، فقط، إثر اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، ناهيك عن حرمانهم من أساسيات العيش (ماء وكهرباء). فيما تتوالى الأرقام في المناطق الفلسطينية الأخرى، بقلب الضفة الغربية المحتلة.

كذلك، في عام 2023، هجّرت قسرا، نحو 25 قرية بدوية شرقي الضفة الغربية المحتلة، كانت تقطنها منذ عقود طويلة عشائر تصنفها الأمم المتحدة من ضمن الشعوب الأصلية للمنطقة. 

خطر مُتسارع.. 
أعلن وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الحرب، يسرائيل كاتس، الخميس، أنّ: "المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت" صادق على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة تشمل تسوية (شرعنة) بؤر استيطانية، على طول الحدود مع الأردن".

وتحت بند "منح المراعي" عملت وزارة الزراعة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، خلال الفترة ما بين 2017 حتى 2024، موّل الاحتلال "المزارع الاستيطانية" الرّامية لتهجير الفلسطينيين من ديارهم، بما يُقارب 3 ملايين شيكل، فيما استثمر "الصندوق القومي اليهودي" فيها ما يناهز 4.7 مليون شيكل، بتمويل من المتطوعين، بمعنى أن دولة الاحتلال الإسرائي بكامل من فيها، تدعم "المستوطنات الرّعوية".

وأمام صمت العالم، عن هذه "السّياسة التوسّعية" المُستجدّة، يُواصل الاحتلال الإسرائيلي سياسته لسرقة الأراضي الفلسطينيي، حيث لا تقلّ وحشية "الاستيطان الرّعوي" عن حرب الإبادة التي تُمارس على قطاع غزة المحاصر.


أي تنديد؟
وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، هاميش فالكونر، انتقد هذه السياسات، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" بالقول إنّ: "المستوطنات تضرّ بأمن الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، وتنتهك القانون الدولي".

وكانت مصر، قد أعربت أيضا عن إدانتها التي وصفتها بـ"الشّديدة" لـ"إعلان دولة الاحتلال الإسرائيلي عن إنشاء وكالة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، إلى جانب اعترافها بـ13 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية".

وأوضحت وزارة الخارجية المصرية، عبر بيان رسمي، رفضها المُطلق لمزاعم "المغادرة الطوعية"، فيما شدّدت على أنّ: "التهجير الذي يتم تحت القصف والحصار والتجويع هو جريمة حرب وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني".

إلى ذلك، دعت مصر، المجتمع الدولي ومجلس الأمن، إلى: "اتّخاذ موقف حاسم تجاه هذه الانتهاكات الإسرائيلية، والتحرك بجدية لوقف التوسع الاستيطاني واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس".

مقالات مشابهة

  • المقاومة توقع جيش الاحتلال بكمين في حي الشجاعية.. مروحيات تخلي الإصابات
  • ووتش تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب باستهداف الطائرات المدنية بصنعاء
  • جيش الاحتلال يعترف بمقتل 3 جنود في جباليا.. ونتنياهو: قلوبنا تتألم
  • حكومة الاحتلال تشتري تمديد خدمة جنود الاحتياط بالمال.. وتتهرب من تجنيد الحريديم
  • الاحتلال يقتحم المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة
  • بسبب قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة.. هزة أرضية في الضفة الغربية
  • وزير الخارجية السعودي يدين منع إسرائيل زيارة لجنة عربية إلى الضفة الغربية
  • وزير خارجية السعودية: رفض إسرائيل زيارة اللجنة العربية الى الضفة الغربية "تجسيد لرفضها مسلك السلام"
  • عاجل. وزير الخارجية السعودي: رفض إسرائيل زيارة الوفد العربي إلى الضفة الغربية تجسيد لرفضها السلام
  • الاستيطان الرعوي وحرب غزة.. كيف يستغل الاحتلال الإسرائيلي الحيوانات لتعزيز التوسع؟