بوابة الوفد:
2025-07-06@09:02:18 GMT

الحرب العادلة

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

الحرب أداة مشروعة لكن الإخفاق فى الالتزام بأعرافها وقواعدها الأخلاقية العادلة يخلف على الدوام بحارًا من الأسى والألم. فى الصراعات المسلحة لا بد أن تلعب الأخلاق دورًا مهمًا كى تتحقق العدالة ويتم تقليل الأضرار الناجمة عنها.

عن «أخلاقيات الحرب» صدر كتاب يحمل هذا العنوان لمؤلفه الخبير الاستراتيجى «ديفيد فيشر» يعيد من خلاله التفكير فى العلاقة الممكنة بين الأخلاق والحرب، ويعمل على الانخراط فى التفكير فيما يسمى بالحرب العادلة، ففى عالم تسوده الحروب والنزاعات التى لا تتوقف، يقدم هذا الكتاب مقاربات جنيالوجية، تعود بالموضوع إلى جذوره الأولى التى يمكن أن نستنير بها فى معالجة وتنظيم تصورنا للحرب فى علاقتها بالأخلاق.

يركز فيشر على أن العالم المعاصر يعيش أزمة أخلاقية لا يمكن انكارها، ويحاول الاجابة عن سؤال وهو: كيف يمكن للحروب التى تخلق ضحايا، وتدمر البيئة والقيم والأشخاص، أن تكون عادلة؟

فمنذ القرن التاسع عشر أصبح تسود المجتمعات المعاصرة نزعة تشكيكية فى الأخلاق الموروثة. وازداد الأمر تأكيدا بعد فشل عصبة الأمم المتحدة وانهيارها، وعدم قدرتها على الحد من الحربين العالمتين الأولى والثانية، إلى درجة أصبح الكل يؤمن معها بأن العلاقات الدولية لا يمكن بأى حال من الأحوال، أن تضبط المعايير الأخلاقية وأن كل شىء يجب أن يبتسم بالواقعية، والسياسات المرادفة لها. لكن على الرغم من ذلك، لا يزال نبض الحس الأخلاقى موجودًا عند البعض ممن يعلنون من دون استسلام أن الدولة المعاصرة مطالبة بالتمسك، ولو بالحد الأدنى من الأخلاقيات.

إن «فيشر» يسعى فى مقارنته إلى رسم الحدود ووضع المعايير التى تسمح بالقول إننا بصدد حرب عادلة أو غير عادلة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا العمل ليس جديدًا فى التاريخ، بل كل ما هنالك أن «فيشر» يحاول فقط مراجعة بعض المبادئ التى حضرت فى فلسفات أخلاقية وسياسية كثيرة، فهناك العديد من المبادئ الخاصة بالحرب العادلة المتفق عليها، التي تمت صياغتها عبر القرون. ويكفى التذكير بما صاغه القديس أوغسطين بقوله إن الحرب العادلة هى التى تكون ثأرًا من ظلم أو لاستعادة شىء جرى الاستيلاء عليه. وعلى الرأى من كل هذا فالحرب تبقى شرًا فى ذاتها، ويجب العمل علي تجبنها. وفى هذا السباق يقول القديس أوغسطين: «على الحكيم أن يرثى لحقيقة أن يكون مضطرًا لشن حرب».

لكى تكون الحرب عادلة فى نظر «فيشر» يجب أن تخضع لمعايير متعددة منها: ضرورة استحضار عملية الموازنة بين النفع والضرر، بين خسائر الحرب ومكتسباتها سواء قبل تشويها أو بعدها. فلا ينبغى أن يكون الضرر أكثر من النفع، بمعنى أنه على الحرب أن تقوم على حسابات استراتيجية وتكتيكية دقيقة، حيث لا تفوق التبعات السلبية الخير المستهدف فى تحقيقه، على الرغم من أن حساب النتائج يبقى أمرًا صعبًا، إلا أنه ضرورى جدًا. وإذا كانت الحرب تقوم على قضايا معنية، فيجب أن تكون هذه القضايا بالضرورة قضايا عادلة. وعندما تزول دوافع الحرب وأسبابها، فيلزم انهاؤها فى أقرب وقت ممكن.

يضيف «فيشر» مبدأ آخر أسياسيًا، لا يقل عن القضية العادلة، مبدأ الحصانة بالنسبة لغير المقاتلين، والامتناع عن الإضرار بعامة الشعب البسطاء. هذه المبادئ لا تطبق أثناء الحرب فقط، بل بعدها كذلك.

وإذا كانت الجوانب السلبية المرافقة للحرب لا مفر منها، فلا يجب أن تكون غاية فى حد ذاتها حتى يمكن تبريرها. فالغاية تكون فى هذه الحالة هى المحدد الرئيسى للطبيعة الأخلاقية للفعل، على الرغم من أن الغاية، ولو كانت نبيلة، مما يؤثر على الدوافع النبيلة ويسىء إليها. كل هذه شروط فى نظر «فيشر» يمكن اعتبارها بمثابة مبادئ للحرب العادلة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حكاية وطن الحرب العادلة الحرب أداة مشروعة العادلة الحرب العادلة

إقرأ أيضاً:

هل يمكن أن تصبح دبي عاصمة الويب 3 العالمية؟

لطالما قدمت دبي نفسها كمدينة المستقبل، منارة لامعة للطموح، والتوق إلى الابتكار، والسعي المتواصل نحو الريادة العالمية. وبينما يتجه العالم تدريجيًا نحو تبني تكنولوجيا البلوكشين، والعملات الرقمية، والإنترنت اللامركزي المعروف باسم Web3، تلعب دبي مرة أخرى دورًا محوريًا. هذه المرة، تسعى لأن تصبح المركز العالمي الأول للعملات الرقمية الحديثة والمتقدمة.

كجزء من هذا التحول الكبير، لا تكتفي دبي باستضافة شركات الكريبتو، بل تحتضن النظام المالي الكامل والمتنوع للاقتصاد الرقمي. من العقارات المرمّزة، إلى بنية التمويل اللامركزي (DeFi)، وتحويل الأموال الرقمية الدولية، وغيرها من الابتكارات التكنولوجية، تتيح للمدينة أن تصبح عقدة مركزية ومؤثرة في تدفقات قيمة الأصول الرقمية.

يتعرف المتداولون والمؤسسات على الأدوات والبورصات المتقدمة التي تسمح لهم بالتحويل الفوري إلى عملات دولية بطريقة أكثر موثوقية، مثل التحويل من USDT إلى الدولار الأمريكي، من خلال نظام شفاف ومنظم. هذه الآليات الأساسية هي التي تمهد الطريق للنجاح الحقيقي والمستدام في هذا القطاع المتسارع.

البنية التحتية الملهمة للابتكار

لا تقتصر طموحات دبي على السياسات الورقية فقط، بل تعمل بجد على تطوير البنية التحتية الضرورية لدعم اقتصاد ويب 3 صحي وواعد.يجري إعداد النظام بسرعة كبيرة، مع مناطق حرة مثل مركز دبي للسلع المتعددة (DMCC) التي تقدم نظام تصاريح مخصص للكريبتو، وجهود داخل مركز دبي المالي العالمي (DIFC) لدعم الابتكار في التكنولوجيا المالية المتقدمة.

علاوة على ذلك، تتماشى طموحات دبي في Web3 مع بنيتها التحتية المادية والرقمية. فالسكان يتمتعون بمهارات ومعرفة قوية في استخدام التكنولوجيا، مع وجود خدمات الإنترنت الممتازة، والسحابية، التي تقدمها الحكومة، مما يسهل تطوير حلول بلوكشين محلية واختبارها وتوسيع نطاقها بشكل فعّال.

تعمل المدينة أيضًا على اختبار تبني البلوكشين على المستوى الحكومي. تسعى مبادرات مثل استراتيجية دبي للبلوكشين ومشروع "دبي الذكية" لتحويل كل مستند قانوني إلى سجل عقاري يتم تخزينه في دفتر أصول لامركزي. وهذا يبعث برسالة واضحة للمستثمرين والمبتكرين: دبي لا تفتح أبوابها فقط لشركات الكريبتو، بل تدمج التكنولوجيا في صميم هويتها المؤسسية.

جاذبية المواهب في الصحراء

يُعد استقطاب المواهب والاحتفاظ بها أحد العناصر الحاسمة في نمو أي مركز تكنولوجي واقتصادي. وفي هذا السياق، أصبحت دبي أكثر تنافسية من أي وقت مضى. بفضل إجراءات التأشيرات المبسطة، والمزايا الضريبية، ونمط الحياة العصري المتعدد الثقافات، أصبحت المدينة وجهة جذابة للمطورين، والمستثمرين، ومؤسسي مشاريع Web3 من أوروبا، وآسيا، والأمريكيتين.

ومع انتقال الشركات إلى دبي، تصطحب معها نخبة عالمية من المبرمجين، وخبراء التمويل، والمبدعين. وتمتد جاذبية دبي المهنية إلى ما هو أبعد من الحوافز التقليدية، لتشمل عناصر مثل التنوع، والأمان، والفخامة، والجودة المعيشية. كما أصبحت فعاليات مثل الهاكاثونات، وقمم Web3، والمؤتمرات جزءًا أساسيًا من تقويم دبي السنوي، مما يساهم في بناء خلفية ثقافية وفكرية لازمة لنمو بيئة تكنولوجية مزدهرة.

والأهم من ذلك، أن دبي تستثمر بشكل مباشر في تطوير المواهب المحلية. توفر الجامعات الكبرى وبرامج التدريب المهني الآن محتوى أكاديمي متخصص في تكنولوجيا البلوكشين والعملات الرقمية، في حين تقوم مسرعات الأعمال مثل DIFC FinTech Hive بربط الشركات الناشئة برأس المال، والدعم الاستشاري، والتوجيه العملي.

ابتكار الاقتصاد المالي واقتصاد الرموز

لا يقتصر تبني دبي للأصول الرقمية على بناء البنية التحتية أو جذب الأعمال فقط، بل يعكس رؤيتها المستقبلية الممتدة. وبينما يفكر المصرف المركزي الإماراتي في إطلاق درهم رقمي، تختبر مؤسسات مالية محلية، مثل ناسداك والبورصة المحلية، استخدام السندات المرمّزة بالتعاون مع العملات المستقرة. المنطقة في طريقها نحو ثورة اقتصادية رقمية شاملة.

ترحب دبي بفكرة العملات المستقرة والعملات الرقمية، ما يجعلها مركزًا عالميًا للنقاش حول الابتكار المالي المستقبلي. ويدل سعيها إلى دمج مدفوعات الكريبتو في الخدمات اليومية، مثل الفنادق أو وكالات السيارات، على استعدادها لتغيير جذري في طرق تبادل القيمة.

تدمج دبي نفسها تدريجيًا في شبكة الأصول الرقمية المربوطة، مثل USDT، والتي تُعد من أهم نقاط التداول والسيولة عالميًا. ومع انخفاض تكاليف المعاملات، وسهولة الوصول إلى عملات رقمية منظمة بمستوى مؤسسي، من المرجح أن تصبح دبي المنصة الطبيعية لدخول وخروج المعاملات الرقمية واسعة النطاق في آسيا، وأفريقيا، وأوروبا.

ثقافة التعاون التنافسي

يمكّن هذا النهج دبي من تصدر سباق الريادة في Web3، وربما تصبح الدولة الوحيدة في العالم التي تحقق توازنًا حقيقيًا بين التنافس والتعاون. وعلى الرغم من أن المدينة تستقطب العلامات التجارية العالمية، إلا أنها تعزز كذلك ثقافة المجتمعات المحلية، وتمنح الشركات الناشئة، والمؤثرين، والخبراء المحليين مكانًا بارزًا على الطاولة.

توفر مؤتمرات مثل "قمة البلوكشين المستقبلية" و"TOKEN2049 دبي" منصات للتواصل، والتمويل، وتبادل المعرفة مع أبرز العقول في هذا القطاع المتغير بسرعة. إن الجمع بين الابتكار المؤسسي واسع النطاق والإبداع المحلي يخلق نظامًا بيئيًا قويًا يصعب تكراره أو تقليده.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى انفتاح المؤسسات الحكومية على التعاون الحقيقي مع قطاع الكريبتو. مثال على ذلك هو هيئة تنظيم الأصول الافتراضية (VARA)، التي تجري مشاورات دورية مع أصحاب المصلحة وتحدث إرشاداتها باستمرار لمواكبة أفضل الممارسات العالمية. يُعد هذا النموذج التكراري والشامل في الحوكمة عنصرًا بالغ الأهمية في قطاع تقني يتطور أسرع بكثير من أي تشريع.

الثروات والعقبات: تحديات وآفاق مستقبلية

من الطبيعي ألا يكون طريق دبي نحو أن تصبح عاصمة Web3 العالمية سلسًا تمامًا. فما زالت هناك تحديات تتعلق بالاستدامة المالية طويلة الأمد، والآثار البيئية لتعدين العملات الرقمية، وتحقيق الامتثال من دون كبح الابتكار. كما يجب على دبي الحفاظ على تفوقها التنافسي، خصوصًا مع اتجاه مدن مثل سنغافورة، وهونغ كونغ، وزيوريخ لتبني تشريعات أكثر تحررًا ودعمًا لصناعة الكريبتو.

مع ذلك، فإن انطلاقتها المبكرة، واتساق رؤيتها الاستراتيجية، ومرونتها العملية، منحتها ميزة واضحة تجعل من الصعب على المدن الأخرى منافستها. موقعها الجغرافي المركزي، وانفتاحها الاقتصادي، وقيادتها الطموحة، يجعل منها قوة عالمية مرشحة لقيادة اقتصاد رقمي لامركزي ومتجدد.

دبي لا تصنع المستقبل فقط، بل توجه دعوة صريحة للعالم بأسره للمشاركة في رسم ملامحه. بنيتها التحتية، سياساتها، وطموحاتها تجعل منها عاصمة واضحة لهذا العصر الجديد، حيث تتلاشى الحدود الوطنية، وتفسح المركزية المجال للتعاون الدولي الواسع.

اقرأ أيضاًريا أبي راشد تنشر صورا من افتتاح عمرو دياب ثالث فروع فندقه بدبي

محمد عبده «فنان العرب» والمايسترو هاني فرحات فى حفل غنائي ضخم بـ «دبي».. الليلة

بنك الإمارات دبي الوطني يخفض عوائد شهادات الادخار بنسبة 1%

«التضامن الاجتماعي» تنظم معرض «ديارنا للحرف اليدوية والتراثية» ببنك الإمارات دبي

مقالات مشابهة

  • 9 خطوات لتجنب حرائق التكييفات داخل العقارات السكنية
  • الدائري الإقليمي .. توجيهات عادلة من الرئيس السيسي للحكومة والداخلية
  • نائب حزب الله: لا يمكن لأحد أن ينتزع منا سلاح المقاومة!
  • أحداث المعجرة التى وقعت يوم عاشوراء.. الأزهر يوضحها
  • بعد تسببه فى وفاة 18 فتاة وسائق.. تعرف على العقوبة التى يواجهها سائق الطريق الإقليمى
  • تحرير 145 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق
  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر التى فى خاطري !!
  • وزير الإسكان: هناك لجان ستحدد قيما إيجارية عادلة لتحقيق التوازن بين المالك والمستأجر
  • هل يمكن أن تصبح دبي عاصمة الويب 3 العالمية؟
  • سفير مصر ببروكسل : القاهرة تقدر مواقف بلجيكا الداعمة للحقوق الفلسطينية