تقرير أممي: ازدياد تحديات المعيشة في اليمن مع تراجع مؤشرات التنمية
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
كشف برنامج أممي عن اتساع فجوة التحديات المعيشية التي يواجهها اليمنيون بفعل الانقلاب الحوثي والحرب والتغيرات المناخية والأزمات المختلفة في المنطقة، وسط توقعات بمزيد من الخسائر الاقتصادية، وتحذيرات متصاعدة من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، وتراجع مؤشرات التنمية، وعدم جدوى المساعدات الإغاثية.
وتنبأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وقوع خسائر فادحة للاقتصاد اليمني خلال العقود الثلاثة المقبلة بفعل التغيرات المناخية، بواقع 93 مليار دولار من إجمالي الناتج المحلي، وتأثر 3.
وتوقعت الشبكة الدولية في تقرير خطتها القُطرية في اليمن للعام المقبل، أن يتفاقم الوضع الاقتصادي والإنساني خلال الشهر الحالي، وأن تصل نسبة اليمنيين المصنفين ضمن مستويات الأزمات والطوارئ لانعدام الأمن الغذائي، إلى 41 في المائة، بعد أكثر من 8 سنوات من الصراع الذي أدخل البلاد في واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم.
وأرجع التقرير أسباب التدهور المحتمل إلى النقص الحاد المتوقع في تمويل خطط المساعدات الإنسانية، والزيادة في أسعار المواد الغذائية والوقود، التي توقع وصولها إلى نحو 30 في المائة فوق المستويات المتوسطة، إلى جانب استمرار الصراع، حيث سيحتاج 21.6 مليون يمني خلال العام المقبل إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية.
وذكر التقرير أن اليمن لا يزال يعاني من انعدام الأمن الغذائي، وأن أحدث تحليل جزئي للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أثبت أن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد والشديد لا يزال مرتفعاً، بحسب البيانات التحليلية لسوء التغذية الحاد الذي أجراه التصنيف المتكامل للبراءات أخيراً.
كما توقع التقرير أن يعاني مئات الآلاف من الأطفال من سوء التغذية الحاد، خصوصاً أن 17.3 مليون يمني يحتاجون إلى المساعدات الغذائية والزراعية، وأكثر من 20.3 مليون شخص يفتقرون إلى الخدمات الصحية الحيوية، و15.3 مليون شخص آخر يحتاجون إلى المياه النظيفة واحتياجات الصرف الصحي الأساسية.
بنية تحتية متهالكة
تأثرت الخدمات العامة والبنية التحتية في اليمن بشدة بسبب الحرب والظواهر المناخية المتطرفة، كما جاء في التقرير الذي تطرق إلى توقف رواتب معظم العاملين في القطاع العام، بما في ذلك المهنيون الحيويون مثل المعلمين والعاملين في مجال الرعاية الصحية.
ومن تأثيرات الظواهر المناخية المتطرفة التي تعرض لها التقرير؛ أزمة المياه الحادة في البلاد، والتي تركت الغالبية من دون مياه نظيفة، مع تحذير الأمم المتحدة من استنزافها بالكامل بحلول عام 2025، خصوصاً مع افتقار نحو 18 مليون شخص إلى إمكانية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي.
وكان وزير الزراعة والري والثروة السمكية، سالم السقطري، شدد على أهمية تعزيز العلاقة الترابطية بين موارد الطاقة والمياه والغذاء، بعدّها من أهم الموارد اللازمة للحياة، في إطار أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، وضرورة الترابط والتكامل فيما بين الأهداف الـ17 التي أقرتها خطة الأمم المتحدة لعام 2030.
وفي حلقة نقاشية حول الحلول المستدامة في التنمية الإنسانية في الطاقة والغذاء والمياه، للصندوق الكويتي للتنمية، والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، أوضح السقطري أن تحديات المناخ الجاف منذ فترة طويلة، وارتفاع الضغوط على المياه والطاقة والغذاء، أثّرا على البلد بشكل كبير.
وبسبب هذه العوامل تجاوز معدل الفقر في اليمن 70 في المائة من إجمالي السكان، ويعاني أكثر من 17 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي، وغيرها من المؤشرات المفزعة، التي تواجهها الحكومة بإقامة المشروعات التي تتمثل في إنشاء محطات لتحلية المياه في مناطق السهول الساحلية، وخيارات إنشاء السدود.
ويطالب المنسق العام للجنة العليا للإغاثة جمال بلفقيه، بإعادة تأهيل المنشآت الحيوية التي تعرضت للتدمير بسبب الحرب من الأموال الموجهة للإغاثة، ودعم وتشجيع الزراعة والاصطياد السمكي، ما يوفر فرص عمل للمواطنين ويساعد في الانتقال من المرحلة الدرجة الثالثة المتعلقة بإنقاذ الحياة إلى تحقيق استدامة تنموية.
ولفت بلفقيه إلى أن التقارير تتحدث عن نحو 20 مليار دولار تسلمتها المنظمات الإغاثية من الدول المانحة على مدى أكثر من 8 سنوات، وقال: «ما زلنا في مرحلة إنقاذ الحياة»، متمنياً أن تتولى الجهات الرسمية الإشراف والرقابة ورفع التقارير الدورية على أعمال المنظمات الإغاثية وأوجه الدعم في القطاعات المختلفة، خصوصاً الاحتياجات ذات الأولوية القصوى في عموم المحافظات.
تراجع مؤشرات التنمية
وفقاً لتقرير التنمية المستدامة الذي ترصد الأمم المتحدة من خلاله التقدم في خطة التنمية المستدامة لعام 2030؛ حل اليمن في المرتبة 163 من بين 166 دولة، بمؤشر 46.8 بتراجع كبير عمّا حققه في عام 2010، حين سجل 49.5، ما يشير إلى تراجع هائل في التنمية المستدامة بسبب الأزمات السياسية والانقلاب والحرب.
وحقق مستوى تنفيذ الهدف الأول الخاص بالقضاء على الفقر تراجعاً مستمراً، حيث وصلت معدلات الفقر إلى مستوى دخل 2.15 دولار في اليوم الواحد، إلى جانب تراجع الهدف الخامس عشر الخاص بالحياة البرية والهدف السادس عشر لتعزيز المجتمعات السلمية وتوفير وصول العدالة إلى الجميع.
وإلى جانب تراجع الهدف السابع عشر الخاص بتعزيز شراكات فعّالة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ظلت باقي الأهداف في حالة ركود ولم تسجل أي تقدم، باستثناء الهدف رقم 13 الهدف الخاص باتخاذ تدابير عاجلة لمكافحة تغير المناخ، الذي تعد جهود تحقيقه في المسار الصحيح، برغم ما يواجهه من تحديات رئيسية.
ويرى الأكاديمي في جامعة صنعاء جميل عبد القادر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن جميع التحديات التي فرضتها الظواهر المناخية تحتاج إلى وجود دولة قوية للتعامل معها، أما في حال الانقسامات الحادّة التي يشهدها اليمن؛ فإن فرص تحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي للبلاد تتضاءل إلى أدنى المستويات، ما ينذر بمزيد من المعاناة للسكان.
وينوه عبد القادر وهو أستاذ في علم الاقتصاد، بأن بناء اقتصاد متماسك وإحداث تنمية متوازنة ومستدامة، وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني؛ كل ذلك ضمانات وحيدة وممكنة لمواجهة مختلف التحديات المعيشية والطبيعية، أما دون ذلك فإن كل الجهود المبذولة لمواجهة هذه التحديات لن تنتج سوى حلول آنية ومؤقتة قد تؤجل الكوارث أو تحد منها، لكنها لن تمنعها تماماً.
ويبدي استغرابه من استمرار الاعتماد على المنح والمساعدات الدولية، خصوصاً أن الحروب والأزمات تزداد في المحيط الإقليمي، ما يقلل من حجم الاهتمام باليمن، ويقلص من حجم المساعدات الموجهة إليه، في حين لا تتنبه السلطات إلى ذلك، ولا تعمل على إيجاد حلول بديلة.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اقتصاد الزراعة التنمية الامم المتحدة التنمیة المستدامة الأمم المتحدة الأمن الغذائی ملیون شخص فی الیمن
إقرأ أيضاً:
هالة السعيد: التكنولوجيا المالية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في مصر
أكدت الدكتورة هالة السعيد، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية، أن التكنولوجيا المالية تلعب دورًا محوريًا في دعم التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة، وذلك من خلال تبسيط المعاملات المالية وتعزيز الشمول المالي.
وأشارت خلال كلمتها في المؤتمر الدولي السنوي لمعهد التخطيط القومي، إلى أن التكنولوجيا المالية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالشركات الناشئة، حيث تسهم بشكل كبير في توفير التمويلات، مما يعزز ريادة الأعمال، ويساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وخفض معدلات الفقر.
وأضافت أن ارتفاع معدلات الفقر يرتبط بانتشار العمالة غير اللائقة التي لا تضيف قيمة حقيقية للمجتمع، مشيرة إلى أن قطاع التكنولوجيا المالية يعد من أكثر القطاعات جذبًا للاستثمارات في مصر خلال السنوات الخمس الماضية.
كما أوضحت أن عدد شركات التكنولوجيا المالية شهد زيادة بنسبة 5.5% منذ عام 2018 وحتى نهاية عام 2024، نتيجة لتوجه الدولة نحو تعزيز الشمول المالي.
وجاءت تصريحات السعيد خلال فعاليات اليوم الأول للمؤتمر الدولي السنوي لمعهد التخطيط القومي، والذي يُعقد تحت عنوان "الابتكار والتنمية المستدامة"، ويستمر لمدة يومين في 24 و25 يونيو 2025.
ويشارك في المؤتمر عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ورئيس مجلس إدارة المعهد، إلى جانب مجموعة من متخذي القرار، وصناع السياسات، والخبراء المتخصصين، والأكاديميين، وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالابتكار والبحث العلمي.
ويتناول المؤتمر أربعة محاور رئيسية، أولها تقييم أوضاع المنظومة الوطنية للابتكار في مصر لدعم التنمية المستدامة، يليه محور توظيف الابتكار لدعم التنمية المستدامة، ثم محور التطبيقات الوطنية الابتكارية، وأخيرًا محور الخبرات والممارسات الدولية في حوكمة الابتكار وتعزيز دوره في التنمية.
تشمل الأوراق البحثية والنقاشات في اليوم الأول قضايا تتعلق بالأبعاد التنموية للبحث العلمي والابتكار، وتحديات بيئة الأعمال أمام الشركات الناشئة، وتجارب حوكمة التقنيات الناشئة، ودور الابتكار الأخضر والغذائي في مواجهة تغير المناخ، إضافة إلى تشريعات الذكاء الاصطناعي كأداة لدعم الاقتصاد الأخضر.
أما فعاليات اليوم الثاني، فتتناول السياسات الدولية للابتكار الاجتماعي، وتنمية رأس المال البشري، ودور الابتكار في تمكين المرأة في الزراعة، وأهمية التمويل التنافسي لدعم البحث والتطوير، بجانب استعراض دور التكنولوجيا المالية في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
كما تشمل الجلسات تجارب المختبرات التنظيمية للذكاء الاصطناعي، وتطوير نماذج أعمال الابتكار المسؤول، وتأثير الابتكار على التنمية الصناعية، وتوطين الصناعة ونقل التكنولوجيا، وآليات تمويل المناخ المبتكرة بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر.