كشف تقرير حديث صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) عن تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن، في ظل استمرار تدهور قيمة العملة المحلية، وارتفاع حاد في أسعار الوقود والمواد الغذائية، وخاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا. ويأتي هذا التدهور في سياق أزمة مركّبة تعصف بالبلاد، نتيجة الحرب المستمرة وتراجع الموارد وانقسام المؤسسات النقدية والمالية.

 

انخفاض كبير في قيمة الريال اليمني

 

وأوضحت نشرة السوق والتجارة التي أصدرتها الفاو لشهر مايو 2025 أن الريال اليمني فقد نحو 33% من قيمته مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، و5% مقارنة بشهر أبريل المنصرم، مشيرة إلى أن هذا الانخفاض المتسارع يعكس أزمة سيولة خانقة يعيشها القطاع المصرفي في المناطق المحررة، إضافة إلى تقلّص كبير في احتياطيات النقد الأجنبي، نتيجة استمرار توقف صادرات النفط والغاز منذ أبريل 2022 بفعل التصعيد الحوثي ضد المنشآت الحيوية في المحافظات النفطية.

 

مفارقات حادة بين مناطق السيطرة

 

وسلّط التقرير الضوء على تباين اقتصادي صارخ بين مناطق الشمال الخاضعة للحوثيين، ومناطق الجنوب والشرق الخاضعة للحكومة، حيث أظهرت البيانات تراجعًا حادًا في واردات المواد الغذائية عبر الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، خاصة ميناء الحديدة، في مقابل استقرار نسبي لتلك الواردات عبر ميناء عدن.

 

وفي مفارقة لافتة، أشار التقرير إلى أن واردات الوقود عبر ميناء رأس عيسى الخاضع للحوثيين شهدت ارتفاعًا كبيرًا، متجاوزة واردات الغذاء، الأمر الذي يكشف عن أولويات تجارية غير متوازنة قد تسهم في تعميق الأزمة الإنسانية، حيث يتم التركيز على الوقود – الذي غالبًا ما يعاد بيعه في السوق السوداء – على حساب الإمدادات الغذائية والطبية الضرورية للسكان.

 

تحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة

 

وحذّرت الفاو من أن استمرار هذا التدهور الاقتصادي دون تدخلات عاجلة وفعّالة على المستويين المحلي والدولي، قد يؤدي إلى كارثة إنسانية متفاقمة، لاسيما في ظل تفشي الجوع وسوء التغذية وغياب الخدمات الأساسية في أغلب مناطق البلاد. وتُظهر المؤشرات أن ملايين اليمنيين باتوا على شفا المجاعة، في ظل عجز الأسر عن توفير احتياجاتها اليومية وسط الارتفاع المستمر للأسعار وتراجع الدخل وانعدام فرص العمل.

 

غياب استراتيجية وطنية لإنقاذ الاقتصاد

 

وفي سياق متصل، أشار التقرير إلى غياب رؤية اقتصادية موحدة بين الأطراف اليمنية لإنقاذ الاقتصاد أو على الأقل الحد من تداعيات الانهيار. فالانقسام السياسي والعسكري، وتعدد مراكز القرار، وغياب التنسيق في إدارة الموارد المالية والتجارية، كلها عوامل تُسهم في اتساع الهوة بين شمال وجنوب البلاد، وتزيد من هشاشة الاقتصاد الوطني.

 

دعوة لتدخل عاجل

 

ودعت الفاو في ختام تقريرها إلى ضرورة تكثيف الجهود الدولية لدعم الاقتصاد اليمني، من خلال تسريع آليات المساعدات الإنسانية، وتحفيز التمويل الدولي لدعم استيراد المواد الغذائية، ومساندة البنك المركزي اليمني في جهود استقرار العملة.

 

كما شددت على أهمية إطلاق حوار اقتصادي شامل بين كافة الأطراف اليمنية لتوحيد السياسات المالية والنقدية، كخطوة أولى نحو التخفيف من المعاناة الإنسانية التي طالت أكثر من ثلثي السكان.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

تقرير أمريكي يعترف: إخفاق البنتاغون في وقف العمليات اليمنية مع غزة رغم ترسانة دفاعية هائلة

يمانيون |
كشف موقع “ريسبونسبل استيتكرافت” الأمريكي المتخصص في الشؤون الاستراتيجية، عن أرقام صادمة لحجم الصواريخ التي أطلقتها البحرية الأمريكية دفاعاً عن الكيان الصهيوني في مواجهة الهجمات اليمنية المستمرة منذ أكتوبر 2023، مؤكداً أن هذه الترسانة الهائلة أخفقت تماماً في وقف العمليات العسكرية المساندة لغزة.

وبحسب الموقع، استند التقرير إلى شهادة الأدميرال جيمس كيلبي، القائم بأعمال رئيس العمليات البحرية الأمريكية، الذي حذر من أن معدل استخدام صواريخ الدفاع الجوي الاعتراضية من طراز “ستاندارد ميسايل-3” بلغ مستوى “ينذر بالخطر”، في محاولة لحماية السفن والملاحة المرتبطة بالكيان الصهيوني.

وأوضح التقرير أن البحرية الأمريكية أصدرت بيانات دقيقة عن عدد الصواريخ التي أُطلقت بين أكتوبر 2023 و31 ديسمبر 2024، ما أتاح تقدير إجمالي الصواريخ التي استُخدمت ضد القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر خلال الأشهر الستة الأولى من 2025. ووفقاً للأرقام، بلغ المجموع 268 صاروخاً من طراز “SM-2″، و159 صاروخاً من طراز “SM-3″، و280 صاروخاً من طراز “SM-6” منذ أكتوبر 2023 وحتى نهاية يونيو 2025.

ورغم هذا الكم الهائل من النيران الأمريكية، أكد الموقع أن واشنطن فشلت في تحقيق أي ردع حقيقي، إذ واصلت صنعاء عملياتها النوعية على مدى 22 شهراً متواصلة، مبرهنة على قدرتها على استنزاف القدرات الدفاعية الأمريكية، وإبقاء الضغط على الممرات البحرية الاستراتيجية المؤدية إلى الكيان الصهيوني.

واعتبر التقرير أن هذه الأرقام تعكس مأزقاً استراتيجياً للبنتاغون، إذ تحولت محاولاته لاعتراض الهجمات اليمنية إلى استنزاف مالي وعسكري ضخم، دون أن ينجح في منع القوات المسلحة اليمنية من مواصلة إسنادها الميداني للمقاومة الفلسطينية في غزة.

مقالات مشابهة

  • تقارير دولية:خطر هجمات الجيش اليمني محصورة بالشركات والأساطيل المرتبطة بإسرائيل
  • 1006 موضوعات وبلاغات تلقتها العمانية لحقوق الإنسان خلال العام الماضي
  • البنك المركزي العراقي:الدين العام لشهر أيار الماضي بلغ (85.50) تريليون ديناراً
  • مبيعات الإسكندرية للأدوية تتخطي 2.7 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي
  • هام: مجلس إدارة البنك المركزي يكشف مؤشرات تعافي الاقتصاد اليمني
  • تقرير أمريكي يعترف: إخفاق البنتاغون في وقف العمليات اليمنية مع غزة رغم ترسانة دفاعية هائلة
  • الرقابة المالية: 16.4 مليار جنيه قيمة عقود التأجير التمويلي خلال مايو الماضي
  • «صندوق النقد العربي» يتوقع نمو الاقتصاد في مصر بنسبة 4.7% العام المقبل
  • الدرهم يرتفع مقابل الدولار وتراجع مقابل الأورو خلال الأسبوع الماضي وفق بنك المغرب
  • «صناعة الحبوب» تكشف أسباب انخفاض واردات مصر من القمح