الجزيرة:
2025-06-26@11:46:32 GMT

أهم 4 أسئلة راهنة حول حرب إيران وإسرائيل

تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT

أهم 4 أسئلة راهنة حول حرب إيران وإسرائيل

وضعت "حرب الاثني عشر" يومًا بين إيران وإسرائيل أوزارها، وسط ترجيحات بأن اتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين، وجد ليبقى، مدعومًا بقوة دفع أميركية، حدَت بالرئيس دونالد ترامب إلى اعتباره "منجزًا شخصيًا" لن يسمح لأحدٍ بتبديده.

بيدَ أن ضجيجَ الأسئلة والتساؤلات حول مرحلة ما بعد الحرب، ما زال يتعالى؛ ضجيجًا لا يماثله سوى ضجيج التوقعات والتكهنات الذي يحيط بنتائج الحرب (الفعلية)، وتداعياتها على مختلف الملفات العالقة والأزمات المفتوحة.

مردّ ذلك أننا لا نعرف حتى الآن، حجم الضرر والخسائر التي لحقت بالطرفين.. فمن جهة إيران، ما زالت التقديرات تتباين بشأن حجم التدمير الذي تعرضت له منشآتها النووية والإستراتيجية.

ومن جهة إسرائيل، فقد نجحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية في فرض طوقٍ مشددٍ حول المعلومات عن الأهداف التي ضربتها إيران، وما قد يكون لحق بها من أضرار وخسائر.. وكل حديث حول هذه العناوين، يندرج في باب التخمينات والتوقعات، حتى وإن صدر عن مراجع مهنية واستخبارية عليا.

جملة من الأسئلة والتساؤلات تعصف بقوة في أذهان المراقبين والسياسيين، بانتظار انجلاء غبار الضربات الجوية والصاروخية المتبادلة.. وسط يقين جازم بأن فصلًا داميًا وتدميريًا من المواجهة قد انقضى، ليبدأ من بعده، فصلٌ لا يقل ضراوة، من "الكِباش السياسية" على موائد التفاوض، المكان الذي سيجري من فوقه ومن حوله، ترجمة توازنات القوى الجديدة، وتتظهّر بنتيجته، صور النصر والهزيمة.

أولًا: سؤال النصر والهزيمة

ربما يكون السؤال عمن خسر أكثر في هذه الحرب، أكثر دقة وتعبيرًا عن واقع الحال، من سؤال من ربح أكثر فيها.. معادلة "رابح- رابح" لا تعكس واقع حال الطرفين المتحاربين، بقدر ما تعكسه معادلة "خاسر- خاسر"، والخسارة في "حرب الاثني عشر" يومًا، لم تتوزع على طرفيها بالقدر ذاته.

نصيب إيران من الخسارة، أعلى من نصيب إسرائيل، ولا يعني فشل نتنياهو في تحقيق "نصره المطلق" على إيران، إنه مُني بهزيمة نكراء، فقد حقّق دون ذلك، الكثير من المكتسبات، لعل أهمها من دون استثناء، استباحة الأجواء الإيرانية طولًا وعرضًا، من دون خسائر تذكر، والخرق الأمني الكبير الذي اتسع على الراتق على ما يبدو، وكان بنتيجتهما، إلحاق خسائر جسيمة بمشروعَي إيران النووي والصاروخي، واستهداف عشرات القادة والعلماء، وضرب موجودات إستراتيجية للدولة والنظام.

إعلان

غير أن النتيجة التي كرّستها الحرب، ولا تخطئها العين، كشفت من جديد "حدود القوة" الإسرائيلية، وهي نتيجة أطلت برأسها من حرب غزة وجنوب لبنان، إذ بات معروفًا للقاصي والداني، أن إسرائيل من دون الولايات المتحدة، ليست سوى دولة من وزن متوسط في هذا الإقليم، وأنه من دون جسور الإمداد والتدخل الأميركي المباشر- كما حصل عندما ضربت المواقع النووية الثلاثة- ما كان لإسرائيل أن تخرج من حروبها في الإقليم مزهوة بصور النصر المتبجح.

في المقابل، نجحت إيران في كسر هيبة "القبة الحديدية" وطبقاتها الصاروخية المتعددة، وضرب إسرائيل في عمقها وعلى امتداد رقعتها الجغرافية، وخلّفت صورًا للدمار والخراب، لم نعتد على مثلها إلا في المدن والعواصم العربية.

هذا تطور سيَعلَق في الذاكرة الجمعية للإسرائيليين، وربما لأجيال قادمة، وسينضاف إلى صور السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، لتشكل كابوسًا يقض مضاجع "واحة الأمن والازدهار لكل أبنائها اليهود".

لكن الردّ الإيراني على أهميته، ظل يعاني من "دعسة ناقصة"، وظلت الفجوة كبيرة، بين لغة الخطاب المثقل بالتهديدات، وما يجري على الأرض من أفعال، هي دون ذلك.

كان يتعين على إيران، أن ترفع إلى أقصى حد، فاتورة التطاول الإسرائيلي على سيادتها وذخائرها الإستراتيجية، إن لم يكن بدافع الثأر والانتقام لما ألمّ بها، فأقله لاسترداد ميزان الردع، وتفادي "نموذج لبنان" ما بعد اتفاق 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، والذي تسعى إسرائيل لتعميمه على مختلف المسارات والساحات.

أيًا كان الأمر، فنحن ما زلنا بحاجة لمزيد من الوقت والمعلومات للتعرف على المستوى الذي بلغته الخسائر في صفوف الفريقين، قبل إطلاق الأحكام النهائية، بخصوص النصر والهزيمة.

وحتى ذلك الحين، سنظل نراقب احتفالاتهما المتزامنة بالنصر المظفّر، وسنظل نتابع التحليلات المتناقضة حول من ربح ومن خسر، وتلكم وحدها دلالة، تنهض شاهدًا على أن أيًا منهما لم يحقق نصرًا مطلقًا أو مؤزّرًا.

ثانيًا: سؤال السياسة بوصفها امتدادًا للحرب كذلك

واشنطن، كما طهران، توّاقتان للجلوس إلى مائدة المفاوضات، لم يعد الأمر مهمًا إن كانت مباشرة أم غير مباشرة، وهو أمرٌ لم يكن مهمًا من قبل على أية حال.. إسرائيل ليست معنية بالتفاوض، إلا إذا كان مشروطًا برفع المفاوض الإيراني راية بيضاء وتوقيع صك إذعان.

هذا لن يحدث، ونتائج الحرب ما زالت تبقي لطهران هامشَ مناورة واسعًا نسبيًا..هل ستنتهي المفاوضات إلى اتفاق مؤقت (إعلان مبادئ)، أم إلى اتفاق نهائي، كما يرغب دونالد ترامب؟.. هل ستقبل إيران بمعادلة "صفر تخصيب": تعليق مؤقت، كونسورتيوم دولي، وغير ذلك من صيغ يجري تداولها؟

هل ستقبل إيران بفرض قيود على برنامجها الصاروخي بعد أن أظهر فاعلية في الحرب الأخيرة (حجمها، عددها، رؤوسها، مدياتها) إلى غير ما هنالك؟.. ماذا عن علاقة إيران ببقية أطراف ما كان يعرف بـ"محور المقاومة"، وهو التعبير الدبلوماسي الملطف، للعبارة الأميركية "دور إيران المزعزع للاستقرار الإقليمي"، هل تبقى على حالها، أم يعاد النظر في دينامياتها ومعادلاتها؟

تجاوزت واشنطن حديث رئيسها عن "تغيير النظام" وعادت للحديث عن "تغيير السياسات"، إسرائيل لا تقرأ من الصفحة ذاتها، وهي ما زالت على قناعتها بأن تحييد التهديد الإيراني، يستوجب تغيير النظام.. مُهمةٌ، ستواصل تل أبيب العمل على إنجازها، وإن بأدوات أخرى.

إعلان

قلنا في سياقات الحرب، إن معيار النصر والهزيمة بالنسبة لإيران، إنما يتمثل في قدرتها على الاحتفاظ بحقوقها في برنامج نووي سلمي مدني، ودورة تخصيب على أرضها، حتى بشروط استثنائية من الرقابة والتحقق والشفافية، واحتفاظها ببرنامجها الصاروخي، الذي يمثل "قوة الردع" الوحيدة التي تتوفر عليها، لغايات دفاعية وهجومية، إن نجحت إيران في تحقيق هذه الأهداف، فإن المنجز المتحقق، يستحق الثمن الذي دفعته في هذه الحرب، وطوال سنوات وعقود من المعاناة تحت مقصلة الحصار والعقوبات الدولية، وبخلاف ذلك، يكون نتنياهو قد قطع أكثر من نصف الطريق إلى "نصره المطلق".

نقول ذلك، وفي الذهن، أن تجريد إيران من هذين البرنامجين، لا يبقيها مكشوفة الظهر، بلا أنياب ومخالب فحسب، وإنما سيؤسس لتطورات داخلية لاحقة، قد لا نعرف عمقها وجوهريتها.

ثالثًا: سؤال التماسك الداخلي هنا وهناك

وحّدت الحرب الجبهات الداخلية لكل من إيران وإسرائيل، توارى الجدل الداخلي، ودُفعت الانقسامات بين الكيانات والمكونات للخلف.. لكن ذلك لن يدوم طويلًا.. نتنياهو سيعود لمواجهة "عقدة غزة" المثيرة للانقسام الداخلي، ومثلُها عقدتا "الحريديم" والإصلاح القضائي".. الرجل في وضع مثالي للغاية اليوم، يمكن القول إنه شخصيًا "انتصر" في هذه الحرب: شعبيته في أعلى مستوى، وعلاقاته مع واشنطن وعواصم الغرب تحسنت بشكل ملحوظ، ولهذا أخذ يفكر بتنظيم انتخابات مبكرة لتجديد قيادته و"شرعيته" وائتلافه، إن لم يفعل ذلك الآن، فقد يفقد فرصته النادرة هذه. انقسامات إسرائيل بنيوية عميقة، تخفف التحديات الخارجية من حدتها ولا تلغيها.. "اليوم خمر وغدًا أمر".

في إيران، ثمة وضع مشابه، على اختلاف الظرف والسياق، توحد الجبهة الداخلية أثناء الحرب، لن يبطل احتمال عودة الانقسامات بعدها، والصراع على "خيارات إيران ما بعد الحرب"، قد يشتعل على نحو غير مسبوق، بين من يريد المضي قدمًا في نهجها "الثوري" المقاوم للاستكبار العالمي والشيطانَين، الأكبر والأصغر، ومن يريد لها العودة للمجتمع الدولي والاقتصاد العالمي والانتباه لقضاياها الداخلية.

وسوف يتفاقم هذا الجدل على وقع التحديات الناجمة عن متطلبات إعادة إعمار ما خربته الحرب، كما سيتفاقم على وقع التحقيق، إن جرى التحقيق، في التقصير الذي رافق هذه الحرب، ومكّن إسرائيل من أن تضرب- في مقتل- قياداتها وعلماءَها.

كيف ستنتهي هذه التفاعلات الداخلية على ضفتي الحرب، وما الذي سيترتب عليها من تداعيات على صعيد السياسة الخارجية وبقية أزمات المنطقة، وتوازنات القوى فيها واصطفافاتها.. تلكم أسئلة ما زالت في عالم الغيب.

رابعًا: سؤال غزة

الأهم من كل هذا وذاك، كيف ستنعكس نتائج الحرب واتفاق وقف النار بين إيران وإسرائيل على قطاع غزة، وحرب التطويق والتطهير والتجويع والإبادة التي تُشنّ عليها منذ أزيد من عشرين شهرًا.

حرب إسرائيل على إيران لم تبدأ من أجل غزة، ولم تنتهِ باتفاق يشملها.. هذه الحقيقة تعيد طرح أسئلة المحور ووحدة الساحات وانفصالها.. لكن الأهم، أن نتنياهو الذي خرج "ملكًا متوجًا" لإسرائيل من هذه الحرب، بات بمقدوره أن يذهب بعيدًا في غزة، وبالاتجاهين: استمرار الحرب أو وقف النار.

يستطيع أن يوظف رصيده الشعبي المتنامي للمضي في تحقيق ما رسمه من أهداف لحربه على القطاع، لا سيما أن الرجل بات مقتنعًا بأن حماس ضعفت أكثر بعد الحرب مع إيران، بإضعاف حلفائها.. لكن الحسم في غزة سيحتاج إلى أشهر عديدة، قد تتآكل معها شعبيته الصاعدة، وقد يواجه انتخابات مبكرة في ظروف أسوأ، لا سيما إن تعرضت حياة الأسرى والمحتجزين لدى حماس، للتهديد.

والانتخابات المبكرة من ناحية ثانية، تحرره من سطوة بعض حلفائه الأكثر فاشية وتطرفًا، فيذهب إلى اتفاق مع حماس، يلامس رغبة الأغلبية الإسرائيلية التي تريد إغلاق ملف غزة والرهائن، دونما خشية من "فرط الائتلاف" وضياع الحكومة.. الكرة اليوم في ملعب نتنياهو شخصيًا.

إعلان

على أنه يتعين علينا أن نراقب باهتمام كذلك، كيف سيتصرف دونالد ترامب في ملف غزة، هل سيرجح فكرة "السلام الشامل في الإقليم" للدفع باتجاه صفقة في غزة، أم أنه سيمتنع عن ممارسة ضغط أكبر على حليفه في تل أبيب، بعد أن عرضه لضغط شديد للتقيد باتفاق وقف النار مع إيران؟

مزاجية ترامب وتقلباته السريعة، تجعل من الصعب التنبؤ بما سيقدم عليه، والأيام القادمة وحدها ستكشف ما إذا كان تفاؤل البعض بفرج قريب لغزة في محله، أم أنه سابق لأوانه.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات إیران وإسرائیل النصر والهزیمة هذه الحرب ما زالت من دون

إقرأ أيضاً:

هل انتهت حرب الـ 12 يومًا بين إيران وإسرائيل؟

في منعطف غير متوقع أعاد خلط الأوراق في واحدة من أكثر مناطق العالم توتراً، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليزف للعالم "بشرى" وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بعد 12 يومًا من حرب كادت أن تنفجر في عمق الشرق الأوسط، لا سيما مع توجيه إيران ضربة غير مسبوقة لقاعدة "العديد" الأميركية في قطر.

من شفير الهاوية إلى طاولة التهدئة

جاء إعلان ترامب بعد تصعيد عسكري اعتقد كثيرون أنه سيكون الشرارة لحرب إقليمية واسعة. إلا أن الرئيس الأميركي باغت الجميع بإعلانه توصّل الطرفين إلى اتفاق كامل على وقف إطلاق النار، قائلاً: "كانت حربًا يمكن أن تدمر الشرق الأوسط، لكنها لم تفعل، ولن تفعل أبدًا!"، مضيفًا بعباراته المعتادة: "بارك الله إسرائيل، وبارك الله إيران، وبارك الله الشرق الأوسط، وبارك الله الولايات المتحدة الأميركية، وبارك الله العالم".

تنسيق وتفاهمات مبكرة

ورغم أن تفاصيل الاتفاق بقيت طي الكتمان، إلا أن مؤشرات كثيرة ظهرت تباعًا، تشير إلى أن الأمور جرت بتنسيق محكم. فقد كشف موقع "واللا" العبري، وكذلك صحيفة "نيويورك تايمز"، أن طهران نسّقت مسبقًا هجومها على قاعدة العديد مع قطر، وأن الولايات المتحدة كانت على علم بذلك.

ترامب نفسه أكّد هذه الرواية في منشور على منصته "تروث سوشيال"، شاكراً إيران على "إبلاغنا مسبقًا"، ما أتاح اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بمنع وقوع إصابات. ووصف الرد الإيراني بـ"الضعيف للغاية"، معتبراً أنه جاء كرد رمزي على الضربة الأميركية التي دمّرت منشآت نووية إيرانية مطلع الأسبوع الجاري.

ضربة أنهت أحلام إيران النووية

نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس بدوره شدّد على أن إيران لم تعد قادرة على تصنيع سلاح نووي بالمعدات المتوفرة لديها بعد الضربة الأميركية، مضيفًا أن طهران إن حاولت مجددًا في المستقبل فستواجه الجيش الأميركي مرة أخرى.

حرب أم "مسرحية محسوبة"؟

يرى مراقبون أن الضربة الإيرانية لقاعدة العديد لم تكن تصعيدًا مفتوحًا بقدر ما كانت "ضربة لحفظ ماء الوجه"، تمهّد لطريق دبلوماسي نحو التهدئة، خاصة في ظل تقارير متزامنة من موقعي "أكسيوس" و"واللا" تؤكد أن ترامب يسعى لإنهاء الحرب، وقد أبلغ بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما نقل "واللا" عن مسؤول في البيت الأبيض قوله: "نريد اتفاقًا الآن، لا مزيد من الحروب".

من الرابح من الاتفاق؟

تحوّل وقف إطلاق النار إلى فرصة ثمينة لجميع الأطراف، وإن تفاوتت نسب المكاسب:

الولايات المتحدة: أظهرت تفوقها العسكري وجاهزيتها الحاسمة من خلال استهداف منشآت نووية إيرانية بدقة عالية، ما أعاد ضبط معادلة الردع في المنطقة.

إسرائيل: خرجت منتشية بما اعتبرته "إزالة تهديد وجودي"، ما يمنحها فترة لالتقاط الأنفاس بعد شهور طويلة من القتال متعدد الجبهات.

إيران: وعلى الرغم من الخسائر الفادحة، فإن الاتفاق منحها مخرجًا مشرّفًا من أزمة كادت أن تعصف بنظامها، لا سيما في ظل الاختراقات الأمنية التي كشفتها الجولة الأخيرة من المواجهة، والعقوبات الاقتصادية الخانقة التي ترزح تحتها منذ سنوات.

الشرق الأوسط والعالم: تنفّست عواصم عديدة الصعداء، بعد أن كانت الحرب الإيرانية الإسرائيلية تنذر بشلل اقتصادي وتوتر سياسي في المنطقة والعالم. الاتحاد الأوروبي عبر وزراء خارجيته دعا صراحة للعودة إلى الدبلوماسية ووقف التصعيد.

لماذا لا تنتهي حرب غزة؟

التطور الدراماتيكي في ملف إيران وإسرائيل أعاد إلى الواجهة تساؤلات مشروعة حول الأسباب الحقيقية التي تحول دون إنهاء الحرب في قطاع غزة، المستمرة منذ أواخر عام 2023، رغم الضغوط الدولية المتزايدة ومبادرات الوساطة المتعددة.

فهل تفتقد حرب غزة إلى الإرادة السياسية ذاتها؟ أم أن غياب أطراف فاعلة بحجم إيران وإسرائيل في المعادلة الداخلية للقطاع يجعل من الصراع أكثر استعصاءً على الحل؟ أسئلة مفتوحة تنتظر إجابات، في وقت تبدو فيه "نوافذ التهدئة" نادرة في سماء المنطقة.

شرارة الحرب أُخمدت.. ولكن هل أُطفئت جذورها؟

كشف الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولي، عن تداعيات خطيرة قد تشهدها المنطقة عقب استهداف إيران لقاعدة العديد الأمريكية في قطر، وخرقها المزعوم لوقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً، مؤكداً أن المنطقة تقف أمام مفترق طرق حاسم.

وقال مهران في حديث خاص لـ"صدى البلد"، إن استهداف إيران لقاعدة العديد يمثل تطوراً نوعياً في طبيعة الصراع، إذ انتقلت طهران من سياسة الاستهداف غير المباشر عبر وكلائها في المنطقة إلى المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية، مشدداً على أن هذا التحول الاستراتيجي في السلوك الإيراني ينذر بمرحلة جديدة من الصراع قد تتجاوز حدود الضربات المحدودة.

بعد قصف “العُديِد” الأمريكية.. تخوفات من عدم تفعيل "هدنة ترامب"| وخبير استراتيجي: الهجوم معادلة جديدة حال عودة المفاوضاتهل يخضع عقد الإيجار لمدة 59 عاما لقانون الإيجارات القديمة؟| تحليل قانونيإيران تستهدف "الُعديِد" ردًا على قنابل “يوم القيامة”.. وخبراء: الضربة رمزية.. وطهران تتجنب مواجهة مباشرة مع واشنطنهاني سليمان خبير في الشأن الإيراني: إيران ضربت لترد لكنها لا تبحث عن مواجهة مع واشنطن

وأضاف الخبير القانوني، أن الموقف الحالي يمثل أخطر أزمة تشهدها المنطقة منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، خاصة مع وجود تهديدات إيرانية واضحة باستهداف المزيد من القواعد الأمريكية في المنطقة والرد الإسرائيلي المرتقب على خرق وقف إطلاق النار.

وحول تساؤلات ما إذا كانت الحرب قد انتهت فعلياً بعد إعلان ترامب، أوضح الدكتور مهران أن الحديث عن نهاية الصراع سابق لأوانه تماماً في ظل استمرار التصعيد الميداني، مشيراً إلى أن ما نشهده الآن هو فترة هدوء مؤقتة تسبق عاصفة أكبر، خاصة مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي أن خرق وقف إطلاق النار سيكون له ثمن وعقاب.

ثلاثة سيناريوهات محتملة للأيام المقبلة

ورصد الخبير، ثلاثة سيناريوهات محتملة للأيام المقبلة، الأول وهو سيناريو الحرب الشاملة، حيث تتصاعد المواجهات لتشمل ضربات إسرائيلية مباشرة للأراضي الإيرانية تستهدف منشآت نووية ومراكز قيادة، مقابل هجمات إيرانية واسعة على إسرائيل وقد تكون علي القواعد الأمريكية في المنطقة، مما قد يؤدي إلى تدخل حزب الله وفصائل المقاومة في العراق وسوريا واليمن، محولاً المنطقة بأسرها إلى ساحة حرب مفتوحة.

 

أما السيناريو الثاني فهو المواجهة المحدودة، حيث يتم تبادل ضربات محسوبة بين الطرفين دون الوصول إلى حرب شاملة، مع استمرار الوساطات الإقليمية والدولية لاحتواء الموقف، وهو ما يراه مهران السيناريو الأرجح في المرحلة الراهنة، استناداً إلى الخبرة التاريخية في إدارة الأزمات بين القوى الكبرى.

وعن السيناريو الثالث التهدئة والمفاوضات، أوضح مهران أنه رغم استبعاده في الوقت الحالي، إلا أن الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية الدولية قد تدفع جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات، خاصة مع ارتفاع تكلفة الحرب وتداعياتها على الاقتصاد العالمي المتعثر أصلاً.

وفيما يتعلق بالموقف القانوني، شدد أستاذ القانون الدولي على أن استهداف إيران لقاعدة العديد قد يمثل انتهاكاً واضحاً للسيادة القطرية بموجب المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن إيران تستند في موقفها إلى حق الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة 51 من الميثاق، في مواجهة التهديدات الإسرائيلية والأمريكية المستمرة، مشير أيضا الي أن مفهوم السيادة يثير العديد من الإشكاليات خاصة في ظل تواجد قواعد أجنبية علي الأراضي القطرية.

 عدم ثقة من إيران في اتفاق وقف إطلاق النار

وحول أسباب عدم ثقة إيران في اتفاق وقف إطلاق النار، أرجع مهران ذلك إلى تجارب تاريخية مريرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018 رغم التزام طهران بكافة بنوده، والاغتيال الأمريكي للجنرال قاسم سليماني على الأراضي العراقية في ينايرعام 2020، مما خلق فجوة ثقة يصعب تجاوزها، وبعد خيانة امريكا المفاوضات الأخيرة بشأن الاتفاق النووى، وفترة الاسبوعين للتفكير في دخول الحرب.

وعن تأثيرات الأزمة الراهنة على المنطقة العربية، حذر عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي من أن الدول العربية المضيفة للقواعد الأمريكية باتت أهدافاً محتملة في أي صراع مقبل، ما يضعها في موقف بالغ الحرج، داعياً هذه الدول إلى اتخاذ موقف أكثر استقلالية يضمن حماية أمنها الوطني بعيداً عن توريطها في صراعات خارجية.

هذا وأكد مهران على أن الخروج من الأزمة الراهنة يتطلب مبادرة دولية واسعة النطاق ترعاها قوى مؤثرة ومحايدة، تهدف إلى وضع ضمانات حقيقية لأمن جميع دول المنطقة، وتؤسس لنظام أمني إقليمي مستقر قائم على مبادئ القانون الدولي واحترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مشددا أيضا علي ضرورة الوصول لحل في القضية الفلسطينية لأن الانتهاكات الإسرائيلية هي السبب الرئيسي في كل ما يحدث.

وشدد أيضا الدكتور مهران على أن استمرار الوضع الراهن وسياسات فرض الأمر الواقع بالقوة لن تؤدي سوى إلى مزيد من عدم الاستقرار وتقويض أسس النظام الدولي بأكمله، محذراً من أن أي مواجهة شاملة في المنطقة لن تقتصر تداعياتها على أطراف الصراع فقط، بل ستطال العالم بأسره اقتصادياً وأمنياً وسياسياً.

طباعة شارك إيران ترامب وقف إطلاق النار سلاح نووي

مقالات مشابهة

  • كيف تعامل الجيل "زد" مع الحرب بين إيران وإسرائيل؟
  • الجزيرة تنشر صور الكمين الذي نفذته القسام ضد ناقلتي جند في خان يونس
  • صحيفة قبرصية تكشف عن موجة نزوح استيطاني إلى الجزيرة عقب هجمات إيران على “إسرائيل”
  • أبرز محطات الحرب بين إيران وإسرائيل خلال 12 يوماً (إنفوغراف)
  • كيف سينعكس وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل على الحرب في غزة؟
  • بعد الهدنة بين إيران وإسرائيل.. ما مصير غزة؟
  • هل انتهت حرب الـ 12 يومًا بين إيران وإسرائيل؟
  • بدء وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
  • بدء وقف النار بين إيران وإسرائيل