أهم 4 أسئلة راهنة حول حرب إيران وإسرائيل
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
وضعت "حرب الاثني عشر" يومًا بين إيران وإسرائيل أوزارها، وسط ترجيحات بأن اتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين، وجد ليبقى، مدعومًا بقوة دفع أميركية، حدَت بالرئيس دونالد ترامب إلى اعتباره "منجزًا شخصيًا" لن يسمح لأحدٍ بتبديده.
بيدَ أن ضجيجَ الأسئلة والتساؤلات حول مرحلة ما بعد الحرب، ما زال يتعالى؛ ضجيجًا لا يماثله سوى ضجيج التوقعات والتكهنات الذي يحيط بنتائج الحرب (الفعلية)، وتداعياتها على مختلف الملفات العالقة والأزمات المفتوحة.
مردّ ذلك أننا لا نعرف حتى الآن، حجم الضرر والخسائر التي لحقت بالطرفين.. فمن جهة إيران، ما زالت التقديرات تتباين بشأن حجم التدمير الذي تعرضت له منشآتها النووية والإستراتيجية.
ومن جهة إسرائيل، فقد نجحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية في فرض طوقٍ مشددٍ حول المعلومات عن الأهداف التي ضربتها إيران، وما قد يكون لحق بها من أضرار وخسائر.. وكل حديث حول هذه العناوين، يندرج في باب التخمينات والتوقعات، حتى وإن صدر عن مراجع مهنية واستخبارية عليا.
جملة من الأسئلة والتساؤلات تعصف بقوة في أذهان المراقبين والسياسيين، بانتظار انجلاء غبار الضربات الجوية والصاروخية المتبادلة.. وسط يقين جازم بأن فصلًا داميًا وتدميريًا من المواجهة قد انقضى، ليبدأ من بعده، فصلٌ لا يقل ضراوة، من "الكِباش السياسية" على موائد التفاوض، المكان الذي سيجري من فوقه ومن حوله، ترجمة توازنات القوى الجديدة، وتتظهّر بنتيجته، صور النصر والهزيمة.
أولًا: سؤال النصر والهزيمةربما يكون السؤال عمن خسر أكثر في هذه الحرب، أكثر دقة وتعبيرًا عن واقع الحال، من سؤال من ربح أكثر فيها.. معادلة "رابح- رابح" لا تعكس واقع حال الطرفين المتحاربين، بقدر ما تعكسه معادلة "خاسر- خاسر"، والخسارة في "حرب الاثني عشر" يومًا، لم تتوزع على طرفيها بالقدر ذاته.
نصيب إيران من الخسارة، أعلى من نصيب إسرائيل، ولا يعني فشل نتنياهو في تحقيق "نصره المطلق" على إيران، إنه مُني بهزيمة نكراء، فقد حقّق دون ذلك، الكثير من المكتسبات، لعل أهمها من دون استثناء، استباحة الأجواء الإيرانية طولًا وعرضًا، من دون خسائر تذكر، والخرق الأمني الكبير الذي اتسع على الراتق على ما يبدو، وكان بنتيجتهما، إلحاق خسائر جسيمة بمشروعَي إيران النووي والصاروخي، واستهداف عشرات القادة والعلماء، وضرب موجودات إستراتيجية للدولة والنظام.
إعلانغير أن النتيجة التي كرّستها الحرب، ولا تخطئها العين، كشفت من جديد "حدود القوة" الإسرائيلية، وهي نتيجة أطلت برأسها من حرب غزة وجنوب لبنان، إذ بات معروفًا للقاصي والداني، أن إسرائيل من دون الولايات المتحدة، ليست سوى دولة من وزن متوسط في هذا الإقليم، وأنه من دون جسور الإمداد والتدخل الأميركي المباشر- كما حصل عندما ضربت المواقع النووية الثلاثة- ما كان لإسرائيل أن تخرج من حروبها في الإقليم مزهوة بصور النصر المتبجح.
في المقابل، نجحت إيران في كسر هيبة "القبة الحديدية" وطبقاتها الصاروخية المتعددة، وضرب إسرائيل في عمقها وعلى امتداد رقعتها الجغرافية، وخلّفت صورًا للدمار والخراب، لم نعتد على مثلها إلا في المدن والعواصم العربية.
هذا تطور سيَعلَق في الذاكرة الجمعية للإسرائيليين، وربما لأجيال قادمة، وسينضاف إلى صور السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، لتشكل كابوسًا يقض مضاجع "واحة الأمن والازدهار لكل أبنائها اليهود".
لكن الردّ الإيراني على أهميته، ظل يعاني من "دعسة ناقصة"، وظلت الفجوة كبيرة، بين لغة الخطاب المثقل بالتهديدات، وما يجري على الأرض من أفعال، هي دون ذلك.
كان يتعين على إيران، أن ترفع إلى أقصى حد، فاتورة التطاول الإسرائيلي على سيادتها وذخائرها الإستراتيجية، إن لم يكن بدافع الثأر والانتقام لما ألمّ بها، فأقله لاسترداد ميزان الردع، وتفادي "نموذج لبنان" ما بعد اتفاق 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، والذي تسعى إسرائيل لتعميمه على مختلف المسارات والساحات.
أيًا كان الأمر، فنحن ما زلنا بحاجة لمزيد من الوقت والمعلومات للتعرف على المستوى الذي بلغته الخسائر في صفوف الفريقين، قبل إطلاق الأحكام النهائية، بخصوص النصر والهزيمة.
وحتى ذلك الحين، سنظل نراقب احتفالاتهما المتزامنة بالنصر المظفّر، وسنظل نتابع التحليلات المتناقضة حول من ربح ومن خسر، وتلكم وحدها دلالة، تنهض شاهدًا على أن أيًا منهما لم يحقق نصرًا مطلقًا أو مؤزّرًا.
ثانيًا: سؤال السياسة بوصفها امتدادًا للحرب كذلكواشنطن، كما طهران، توّاقتان للجلوس إلى مائدة المفاوضات، لم يعد الأمر مهمًا إن كانت مباشرة أم غير مباشرة، وهو أمرٌ لم يكن مهمًا من قبل على أية حال.. إسرائيل ليست معنية بالتفاوض، إلا إذا كان مشروطًا برفع المفاوض الإيراني راية بيضاء وتوقيع صك إذعان.
هذا لن يحدث، ونتائج الحرب ما زالت تبقي لطهران هامشَ مناورة واسعًا نسبيًا..هل ستنتهي المفاوضات إلى اتفاق مؤقت (إعلان مبادئ)، أم إلى اتفاق نهائي، كما يرغب دونالد ترامب؟.. هل ستقبل إيران بمعادلة "صفر تخصيب": تعليق مؤقت، كونسورتيوم دولي، وغير ذلك من صيغ يجري تداولها؟
هل ستقبل إيران بفرض قيود على برنامجها الصاروخي بعد أن أظهر فاعلية في الحرب الأخيرة (حجمها، عددها، رؤوسها، مدياتها) إلى غير ما هنالك؟.. ماذا عن علاقة إيران ببقية أطراف ما كان يعرف بـ"محور المقاومة"، وهو التعبير الدبلوماسي الملطف، للعبارة الأميركية "دور إيران المزعزع للاستقرار الإقليمي"، هل تبقى على حالها، أم يعاد النظر في دينامياتها ومعادلاتها؟
تجاوزت واشنطن حديث رئيسها عن "تغيير النظام" وعادت للحديث عن "تغيير السياسات"، إسرائيل لا تقرأ من الصفحة ذاتها، وهي ما زالت على قناعتها بأن تحييد التهديد الإيراني، يستوجب تغيير النظام.. مُهمةٌ، ستواصل تل أبيب العمل على إنجازها، وإن بأدوات أخرى.
إعلانقلنا في سياقات الحرب، إن معيار النصر والهزيمة بالنسبة لإيران، إنما يتمثل في قدرتها على الاحتفاظ بحقوقها في برنامج نووي سلمي مدني، ودورة تخصيب على أرضها، حتى بشروط استثنائية من الرقابة والتحقق والشفافية، واحتفاظها ببرنامجها الصاروخي، الذي يمثل "قوة الردع" الوحيدة التي تتوفر عليها، لغايات دفاعية وهجومية، إن نجحت إيران في تحقيق هذه الأهداف، فإن المنجز المتحقق، يستحق الثمن الذي دفعته في هذه الحرب، وطوال سنوات وعقود من المعاناة تحت مقصلة الحصار والعقوبات الدولية، وبخلاف ذلك، يكون نتنياهو قد قطع أكثر من نصف الطريق إلى "نصره المطلق".
نقول ذلك، وفي الذهن، أن تجريد إيران من هذين البرنامجين، لا يبقيها مكشوفة الظهر، بلا أنياب ومخالب فحسب، وإنما سيؤسس لتطورات داخلية لاحقة، قد لا نعرف عمقها وجوهريتها.
ثالثًا: سؤال التماسك الداخلي هنا وهناكوحّدت الحرب الجبهات الداخلية لكل من إيران وإسرائيل، توارى الجدل الداخلي، ودُفعت الانقسامات بين الكيانات والمكونات للخلف.. لكن ذلك لن يدوم طويلًا.. نتنياهو سيعود لمواجهة "عقدة غزة" المثيرة للانقسام الداخلي، ومثلُها عقدتا "الحريديم" والإصلاح القضائي".. الرجل في وضع مثالي للغاية اليوم، يمكن القول إنه شخصيًا "انتصر" في هذه الحرب: شعبيته في أعلى مستوى، وعلاقاته مع واشنطن وعواصم الغرب تحسنت بشكل ملحوظ، ولهذا أخذ يفكر بتنظيم انتخابات مبكرة لتجديد قيادته و"شرعيته" وائتلافه، إن لم يفعل ذلك الآن، فقد يفقد فرصته النادرة هذه. انقسامات إسرائيل بنيوية عميقة، تخفف التحديات الخارجية من حدتها ولا تلغيها.. "اليوم خمر وغدًا أمر".
في إيران، ثمة وضع مشابه، على اختلاف الظرف والسياق، توحد الجبهة الداخلية أثناء الحرب، لن يبطل احتمال عودة الانقسامات بعدها، والصراع على "خيارات إيران ما بعد الحرب"، قد يشتعل على نحو غير مسبوق، بين من يريد المضي قدمًا في نهجها "الثوري" المقاوم للاستكبار العالمي والشيطانَين، الأكبر والأصغر، ومن يريد لها العودة للمجتمع الدولي والاقتصاد العالمي والانتباه لقضاياها الداخلية.
وسوف يتفاقم هذا الجدل على وقع التحديات الناجمة عن متطلبات إعادة إعمار ما خربته الحرب، كما سيتفاقم على وقع التحقيق، إن جرى التحقيق، في التقصير الذي رافق هذه الحرب، ومكّن إسرائيل من أن تضرب- في مقتل- قياداتها وعلماءَها.
كيف ستنتهي هذه التفاعلات الداخلية على ضفتي الحرب، وما الذي سيترتب عليها من تداعيات على صعيد السياسة الخارجية وبقية أزمات المنطقة، وتوازنات القوى فيها واصطفافاتها.. تلكم أسئلة ما زالت في عالم الغيب.
رابعًا: سؤال غزةالأهم من كل هذا وذاك، كيف ستنعكس نتائج الحرب واتفاق وقف النار بين إيران وإسرائيل على قطاع غزة، وحرب التطويق والتطهير والتجويع والإبادة التي تُشنّ عليها منذ أزيد من عشرين شهرًا.
حرب إسرائيل على إيران لم تبدأ من أجل غزة، ولم تنتهِ باتفاق يشملها.. هذه الحقيقة تعيد طرح أسئلة المحور ووحدة الساحات وانفصالها.. لكن الأهم، أن نتنياهو الذي خرج "ملكًا متوجًا" لإسرائيل من هذه الحرب، بات بمقدوره أن يذهب بعيدًا في غزة، وبالاتجاهين: استمرار الحرب أو وقف النار.
يستطيع أن يوظف رصيده الشعبي المتنامي للمضي في تحقيق ما رسمه من أهداف لحربه على القطاع، لا سيما أن الرجل بات مقتنعًا بأن حماس ضعفت أكثر بعد الحرب مع إيران، بإضعاف حلفائها.. لكن الحسم في غزة سيحتاج إلى أشهر عديدة، قد تتآكل معها شعبيته الصاعدة، وقد يواجه انتخابات مبكرة في ظروف أسوأ، لا سيما إن تعرضت حياة الأسرى والمحتجزين لدى حماس، للتهديد.
والانتخابات المبكرة من ناحية ثانية، تحرره من سطوة بعض حلفائه الأكثر فاشية وتطرفًا، فيذهب إلى اتفاق مع حماس، يلامس رغبة الأغلبية الإسرائيلية التي تريد إغلاق ملف غزة والرهائن، دونما خشية من "فرط الائتلاف" وضياع الحكومة.. الكرة اليوم في ملعب نتنياهو شخصيًا.
إعلانعلى أنه يتعين علينا أن نراقب باهتمام كذلك، كيف سيتصرف دونالد ترامب في ملف غزة، هل سيرجح فكرة "السلام الشامل في الإقليم" للدفع باتجاه صفقة في غزة، أم أنه سيمتنع عن ممارسة ضغط أكبر على حليفه في تل أبيب، بعد أن عرضه لضغط شديد للتقيد باتفاق وقف النار مع إيران؟
مزاجية ترامب وتقلباته السريعة، تجعل من الصعب التنبؤ بما سيقدم عليه، والأيام القادمة وحدها ستكشف ما إذا كان تفاؤل البعض بفرج قريب لغزة في محله، أم أنه سابق لأوانه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إیران وإسرائیل النصر والهزیمة هذه الحرب ما زالت من دون
إقرأ أيضاً:
فقدوا ذويهم ودُمرت منازلهم.. من هم شهداء الجزيرة الخمسة في غزة؟
غزة- قبل منتصف ليل الأحد-الاثنين، ترجّل خمسة من فرسان قناة الجزيرة في قطاع غزة، بعدما استهدفهم الاحتلال الإسرائيلي في قصف غادر، أوقف نبضهم وأطفأ عدساتهم، لكنه لم يمح أثرهم ولا صوتهم من ذاكرة غزة.
أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومؤمن عليوة، ومحمد نوفل، 5 وجوه كانت تعمل على نقل صوت غزة للعالم، وفضح جرائم الاحتلال، فصارت اليوم عناوين للفقد والألم، وأيقونات للتضحية في سبيل الكلمة الحرة.
لم يجمعهم فقط شعار قناة الجزيرة، بل رابط أعمق، وهو الإيمان بأن الصحافة في غزة ليست مهنة عادية، وإنما هي واجب إنساني ووطني، ورسالة قضية يدفع الصحفي ثمنها من دمه.
أنس.. صوت الشمال
حين أغلقت آلة الحرب الإسرائيلية أبواب شمال غزة أمام معظم وسائل الإعلام، كان اسم أنس الشريف يلمع، كاسرا سياسة التعتيم الإسرائيلية، فانطلق دون كلل، ينقل ما يجري، غير آبه بتهديدات الاحتلال له، ومظهرا شجاعة فائقة نالت إعجاب الملايين عبر العالم.
وُلد الشريف في مخيم جباليا في ديسمبر/كانون الأول 1996، وهو متزوج وأب لطفلين. تخرج في جامعة الأقصى بغزة، حصل على بكالوريوس في فن الإذاعة والتلفزيون، ليبدأ مسيرته في عالم الصحافة عام 2014 كمراسل حر، متنقلا بين مواقع الأحداث في غزة وشمالها.
عرفه الناس أول مرة خلال تغطيته لمسيرات العودة وكسر الحصار في عام 2018، ثم برز أكثر في معركة "سيف القدس" مايو/أيار 2021، حيث كان من المراسلين الذين نقلوا صورة الحرب لحظة بلحظة.
وفي الحرب المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، اختارت الجزيرة الشريف ليكون مراسلها في شمال القطاع، حيث تحمل عبء كشف المجازر والانتهاكات وسط مخاطر غير مسبوقة.
ومنذ بداية الحرب، لم يكن الاحتلال راضيا عن إصراره على مواصلة التغطية، فهدده عبر اتصال هاتفي مطالبا بمغادرة المنطقة إلى الجنوب، لكنه رفض.
إعلانوفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2023، قصف الاحتلال منزل الصحفي الشريف في جباليا، مما أدى إلى استشهاد والده، لكنه عاد في اليوم التالي إلى الميدان، وكأن الفقد لم يزده إلا تصميما على مواصلة الرسالة.
وبعد استشهاده، نشر أقارب الشريف وصية له جاء في مقدمتها "إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي"، وأكد أنه بذل كل ما يملك من جهد وقوة ليكون سندا وصوتا لأبناء شعبه الفلسطينيين، وأنه لم يتوان يوما عن نقل الحقيقة كما هي.
في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، ولد محمد قريقع عام 1992، ونشأ يتيم الأب، ووحيدا برفقة أمه "نعمة"، التي رعته وكرست حياتها لتربيته.
اختار الشاب المحب للقراءة والثقافة، دراسة الإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث حصل على البكالوريوس عام 2014.
عمل في وسائل إعلام محلية عدة، منها فضائية الأقصى وإذاعة الرأي، قبل أن يبدأ عمله مع وكالات أنباء عالمية كمراسل حر، وفي أغسطس/آب 2024، انضم إلى قناة الجزيرة مراسلا من قلب مدينة غزة.
لم تكن حياته خلال الحرب مجرد عمل صحفي، بل كانت سلسلة من الفواجع؛ فقد طرده الاحتلال من منزله في الشجاعية، ودمر بيته، وراح يتنقل مع والدته المسنة بين أماكن النزوح.
وفي مارس/آذار 2024 تعرّض قريقع لمحنة عصيبة حينما اجتاح الاحتلال مستشفى الشفاء حيث كان نازحا فيه مع والدته "نعمة"، وفرّق بينهما، فاعتقل الابن، وأمر الأم المسنة والمريضة بالتوجه لجنوب القطاع، أي أن تقطع وحدها قرابة 8 كيلومترات سيرا على الأقدام.
وبعد أيام، أفرج الاحتلال عن قريقع، فبدأ في البحث عن والدته، ليجدها بعد نحو أسبوعين، جثة هامدة قريبا من المستشفى، مصابة برصاصة قناص إسرائيلي في رأسها، لتظل حسرتها جرحا مفتوحا في قلبه حتى يوم استشهاده.
ورغم عمق الألم، بقي محمد في مدينته، يروي للعالم تفاصيل مآسيها، جامعا بين الألم الشخصي والواجب المهني.
مؤمن عليوة.. المهندس الذي أحب العدسةمؤمن عليوة، شاب في مقتبل العمر، ولد عام 2002 في حي الشجاعية، وتميز منذ صغره في دراسته حتى التحق بكلية الهندسة في الجامعة الإسلامية تخصص هندسة الحاسوب.
كان مؤمن على وشك التخرج قبل أن تسرقه الحرب وتقتله صواريخ الاحتلال، عرفه أصدقاؤه كلاعب كرة قدم موهوب، لعب مع نادي غزة الرياضي ثم في نادي "خدمات الشجاعية"، إلى جانب مهاراته في برمجة وصيانة الأجهزة الإلكترونية.
قبل 4 أشهر فقط، التحق مؤمن بفريق الجزيرة كمصوّر ومونتير، وسرعان ما برز بمهارته الميدانية، موثقا بعدسته معاناة غزة اليومية في لقطات تحولت إلى شهادات بصرية مؤثرة.
هدم الاحتلال منزله في الشجاعية وجرفه بالكامل، لكن الكاميرا بقيت في يده حتى اللحظة الأخيرة.
إبراهيم ظاهر.. بين الميدان و"الإسعاف"
ينتمي إبراهيم لمخيم جباليا، وبدأ حياته المهنية في مجال التصميم الجرافيكي، قبل أن تدفعه أحداث مسيرات العودة وكسر الحصار عام 2018 للعمل كمصور صحفي مع منصات محلية مثل "الشمال أونلاين".
وفي الحرب الأخيرة، كان جزءا أساسيا من فريق الجزيرة في الشمال، يرافق أنس الشريف في معظم المهام.
إلى جانب عمله الإعلامي، كان إبراهيم متطوعا في خدمات الإسعاف، يزاوج بين نقل المصابين وتوثيق الجرائم.
إعلانفقد إبراهيم نحو 170 فردا من عائلته في المجازر الإسرائيلية، ودُمرت منازلهم جميعا، عرفه زملاؤه كشخص دمث الخلق، نشيط ومبدع، وكان يحتفظ بصورة لأنس الشريف على خلفية هاتفه، كرمز للصداقة التي جمعتهما حتى لحظة الرحيل.
من يحاسب إسرائيل على اغتيال أنس الشريف ومحمد قريقع؟#شبكات #حرب_غزةpic.twitter.com/8zX2aSD75y
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 11, 2025
محمد نوفل.. من المِقود إلى خط النارمن مخيم جباليا، بدأ محمد عمله مع فريق الجزيرة كسائق، ثم أصبح مساعد مصور، يحمل المعدات، ويؤمن الوصول إلى مواقع التغطية في ظل القصف والحصار.
مع بداية الحرب، تعرض منزله للقصف، ونجا من تحت الركام مصابا بكسر في الحوض، بينما فقد العديد من أفراد أسرته.
حوصر محمد في المستشفى الإندونيسي، شمالي القطاع، ثم فقد والدته قبل شهرين بقصف إسرائيلي، وسبقها شقيقه الأكبر خلال حصار جباليا الأخير.
رغم كل ذلك، عاد إلى العمل مع الفريق، يرافقهم في تنقلاتهم، ويشاركهم تحدي خطر الميدان حتى لحظة استهدافهم الأخير.