ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم إمامة الجالس للقائم في الصلاة؟ حيث يوجد شخص لا يستطيع الصلاة إلا وهو جالس؛ فهل يجوز له أن يقوم بإمامة أهل بيته، ومَن يكون موجودًا معهم وهو جالس؟

حكم ترك خطبة الجمعة وأداء الركعتين فقط مع الإمام .. أمين الإفتاء يجيب هل إدراك الإمام قبل التسليم من الصلاة يحصل صاحبه على ثواب الجماعة

وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إنه من المقرر شرعًا أنَّه يجوز اقتداء القائم بالقاعد في الصلاة؛ فقد صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الظهر يوم السبت أو الأحد في مرض موته جالسًا، والناس خلفه قيامًا.

وذكرت دار الإفتاء، أنه قد حثَّ الشرع الشريف على أداء الصلوات المكتوبة في جماعة ورتَّب عليها الفضل العظيم، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة؛ منها: ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً».

حكم الصلاة خلف المتنفل

وقد اختلف الفقهاء في اقتداء المصلِّي فرضًا بإمام يصلي نافلةً؛ فذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة في إحدى الروايتين إلى عدم جوازه؛ لعدم اتحاد صلاتيّ الإمام والمأموم.

قال العلامة المرغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 59، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ولا يصلِّي المفترض خلف المتنفِّل)؛ لأنَّ الاقتداء بناء، ووصف الفرضية معدوم في حقِّ الإمام، فلا يتحقَّق البناء على المعدوم] اهـ.

وقال البدر العيني في "البناية شرح الهداية" (2/ 364، ط. دار الكتب العلمية): [م: (لأن الاقتداء بناء) ش: أي بناء أمر وجودي؛ لأنه عبارة عن متابعة الشخص لآخر في أفعاله بصفاتها، وهو مفهوم وجودي لا سلب فيه، وبناء الأمر الوجودي على المعدوم بصفاتها غير متحقق] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 166، ط. مكتبة القاهرة): [وفي صلاة المفترض خلف المتنفل روايتان: إحداهما: لا تصح، نص عليه أحمد في رواية أبي الحارث، وحنبل، واختارها أكثر أصحابنا، وهذا قول الزهري، ومالك، وأصحاب الرأي] اهـ.

آراء الفقهاء

بينما ذهب الشافعية، والحنابلة في روايةٍ -رجَّحها جماعة منهم، كابن قدامة وابن تيمية- والظاهرية: إلى أنَّه لا يشترط اتحاد الصلاتين؛ فيجوز للمفترض أن يأتمَّ بالمتنفِّل، وأن يأتم المتنفِّل بالمفترض، والمفترض بفرض آخر.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 166): [والثانية: يجوز. نقلها إسماعيل بن سعيد. ونقل أبو داود، قال: سمعت أحمد سئل عن رجل صلى العصر ثم جاء فنسي، فتقدم يصلي بقوم تلك الصلاة، ثم ذكر لمَّا أنْ صلى ركعة، فمضى في صلاته؟ قال: "لا بأس". وهذا قول: عطاء، وطاوس، وأبي رجاء، والأوزاعي، والشافعي، وسليمان بن حرب، وأبي ثور، وابن المنذر، وأبي إسحاق الجوزجاني، وهي أصح] اهـ.

وقال الإمام ابن حزم الظاهري في "المحلى بالآثار" (3/ 140، ط. دار الفكر): [جائز صلاة الفرض خلف المتنفِّل، والمتنفل خلف من يصلي الفرض، وصلاة فرضٍ خلف من يصلي صلاةَ فرضٍ أخرى، كلُّ ذلك حسن وسُنَّة] اهـ.

وهو قول طائفة من السَّلف؛ منهم: عطاء بن أبي رباح، وطاوس، وسليمان بن حرب، وأبو ثور، والأوزاعي. ينظر: "الأوسط" لابن المنذر (4/ 218، ط. دار طيبة).

والمختار للفتوى: ما ذهب إليه الشافعية ومن وافقهم من أنَّ صلاة المفترض خلف المتنفل جائزةٌ؛ لما جاء من حديث معاذ رضي الله عنه: "أنَّه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثمَّ يرجع فيؤم قومه" رواه البخاري.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فصلاتُك للعشاء جماعة خَلْف الإمام الـمُتنفِّل صحيحة؛ فيجوز اقتداء المأموم المصلِّي فرضًا بالإمام المتنفِّل، وكذا مَن يصلِّي نافلة بمن يصلِّي فرضًا، إذ لا يشترط موافقة نية المأموم لنية الإمام.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الصلاة آراء الفقهاء

إقرأ أيضاً:

حكم صلاة الفجر لمن يسافر قبلها.. دار الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم صلاة الفجر لمن يسافر قبلها؟ فأنا أخْرُج من بيتي مسافرًا قبل الفجر، ولا أَصِل مكان العمل إلَّا بعد طلوع الشمس؛ فما الحكم؟

ما يستحب للمسلم فعله بعد صلاة الوتر؟ الأزهر يجيبصلاة الضحى.. اعرف وقتها وهل تكون سرية أم جهرية وحكم أدائها في جماعة

وقالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال إنه إذا شَرَع المسلم في السفر إلى محلِّ عمله قبل أذان الفجر ثم دخل وقت الفريضة: فإن كان يَعْلَم أنَّه يَصِل عادةً إلى مكانٍ يمكنه الصلاة فيه آتيًا بشروط الصلاة وأركانها قبل طلوع الشمس؛ فعليه تأخيرها إلى ذلك الحين.

وتابعت: وإن كان يَعْلَم أنَّه لا يَصِل إلى شيءٍ من ذلك إلَّا بعد طلوع الشمس، ويتعذر عليه أداء الصلاة تامةَ الشروط والأركانِ في المواصلات؛ فليُصلِّها آتيًا بما يَقْدِر عليه من الشروط والأركان، ويستحب له بعد ذلك إعادة الصلاة إن بقي وقتها، أو يقضيها إذا خرج الوقت.

وذكرت دار الإفتاء أن وقت أداء صلاة الصبح يَبْدَأ من طلوع الفجر الصادق، وينتهي بطلوع الشمس؛ لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ» أخرجه مسلم، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا»، حتى قال: «وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ» أخرجه أحمد والترمذي.

وأكدت أن تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها من غير عذرٍ حرامٌ شرعًا؛ لقول الله تعالى: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ [النور: 37].

طباعة شارك دار الإفتاء صلاة الفجر حكم صلاة الفجر أذان الفجر وقت أداء صلاة الصبح تأخير الصلاة

مقالات مشابهة

  • حكم الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة .. الإفتاء توضح
  • هل المصافحة عقب الصلاة بين المصلين بدعة؟.. الإفتاء تجيب
  • صعدة تحيي ذكرى قدوم الإمام الهادي إلى اليمن
  • حكم إخفاء أغراض الآخرين بقصد المزاح.. الإفتاء تجيب
  • هل تصح الصلاة مع وجود طلاء الأظافر؟.. الإفتاء تجيب
  • عاجل. الخارجية الألمانية: إسرائيل أصبحت ضمن الأقلية في موقفها من المسألة الفلسطينية
  • اقتسام السلطة واحتساب الشعب
  • هل يجوز قطع الصلاة لإنقاذ طفلي من خطر؟ ..الإفتاء تجيب
  • هل يجب الاستعاذة قبل الفاتحة في الصلاة؟.. حكم تكرارها بكل ركعة
  • حكم صلاة الفجر لمن يسافر قبلها.. دار الإفتاء تجيب