نوافذ: هل تصنعُ «الورش» كُتابا!
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
تأثرتُ في سنوات دراستي الإعدادية بفتاتين تكبرانني في العمر، كانتا تكتبان نصوصا آسرة. ربما لأنّني شعرتُ آنذاك باستحالة أن أكتب شيئا مُماثلا لما تكتبانه، اللغة والخيال الساحر والحيل السردية، تلك الكتابة التي لم أكن أفطن أساليبها بوعي آنذاك، ولكن حدسي كان يؤكد لي الفوارق بيننا. لكنَّ الفتاتين المتمتعتين بقوة أدبية لافتة، انطفأتا بمجرد الزواج وإنجاب الأبناء، وانتهى بهما الأمر إلى انطواء شاحب!
ولستُ على يقين إن كان انقطاعهما مُتعلقا بالانطباعات الاجتماعية التي تصاحبُ المرأة الكاتبة! أو لأنّهما لم تتعاملا مع الكتابة باعتبارها مشروعا يكبرُ بالدأب والممارسة، لكن كل ما أنا متأكدة منه هو اختفاؤهما المبكر!
تذكرتُ الفتاتين عندما أعلن بيت الزبير إقامة ورشة خاصة للكتابة الروائية، فتقدم عدد جيد من الشباب رغم أنّها ورشة مدفوعة.
ولعليّ أسأل: هل يُولد أحدنا مُصابا بعلّة الكتابة فلا يجد نفسه خارجها؟ هل نشعرُ حقا بذبذبات صغيرة في رؤوسنا تدعونا لمجازفة من هذا النوع فلا يستقيم اتزاننا دونها؟ أهي رغبة كامنة فينا أم أنّها تنمو على مهل ومشقة فيما لو توفرت لها ظروف مناسبة؟
ألحت عليّ الأسئلة دون توقف، لكن استدعاء حادثة الفتاتين أحالني على أنّ الموهبة والإلهام والاستعداد الفطري أسباب أساسية لكنها غير كافية لصناعة كاتب جيد، فالكتابة شأن قابل للتعلم.
ولعليّ أطرح السؤال من وجهة نظر مناقضة: هل يمكننا صناعة كاتب جيد فيما لو وفرنا له جميع أسباب التعلم، لكن ليس بحوزته الحساسية الأولى للكتابة؟
في الحقيقة لا نستطيع تأكيد ذلك أو نفيه، لأنّ «الإلهام» أمر غير قابل للقياس على نقيض ما نخوضه من تجارب التعلم والدربة والمران. فالكاتب - كما يقول همنجواي- لا يولد متمتعا بالمعرفة لكنه يولد مفطورا على التعلم بصورة أسرع من غيره، يُذهل بالكلمات كأنّه يقرأها لأول مرة.
إنّ ادعاء معرفة جوهر الكتابة وإمكانية تعليمه للآخرين هو محض زيف! فلا أحد يستطيع أن يُعلم أحدا الكتابة! إنّها تجربة فريدة لا تحكمها قاعدة، ولو تتبعنا سير الروائيين لوجدنا أنّ كل واحد منهم غير مطابق للآخر في الميل وفي الأساليب وفي الطقوس، فالروائي الياباني كازو إيشوغورو، على سبيل المثال، لم يكن يذهب إلى الكتابة حتى تكون لديه خطة واضحة عمّا سيكتب -كما تشير بعض المقالات- فمسودة الرواية تأخذ منه عاما كاملا، أما بناء الشخصيات والمواضيع فتأخذ أكثر من ذلك، وهذا كله قبل الشروع في الكتابة الفعلية! بينما في حوار آخر يكشف بول أوستر بأنّه: «يبدأ نصوصه من الجملة الأولى ويشقّ بها طريقه إلى الجملة الأخيرة. فالفقرة هي الوحدة الطبيعية للكتابة ووحدة تكوين البناء. وشيئاً فشيئاً تتزايد الصفحات ببطء شديد حتى النهاية»، وبالتالي ليس لأحدنا أن يتبع طريقا آخر، ليس لنا إلا أن نسلك طريقنا الخاص في كل مرّة. ولذا أجد من الضروري ألا تطبعنا «ورش الكتابة» بطابع واحد وبرؤى واهمة. وأتفاجأ حقا ممن يُصدرون أنفسهم في مهمة من هذا النوع وكل ما يفعلونه هو تعليب الكتابة بأطر مدرسية جامدة!
هذا بالتأكيد لا يعني أن نبقى أسرى نظرة رومانتيكية تُمجد مخطوطاتنا دون فحص أو اشتغال.. فالعلاقة الفردية بالكتابة لا تمنع وضعها تحت مجهر السؤال، وغربلتها ومحوها إن تطلب الأمر، دون فقدان لأصواتنا الخاصة. فلا يمكن لأي ورشة جيدة أن تحرك الكاتب الخامد فينا، ما لم يكن لدينا سؤال عميق وتأمل لديناميكية النصّ وما يعتمل فيه.
ولعلي أسأل: لو قُدر للفتاتين الموهوبتين فسحة الانضمام إلى ورشة كتابة، فرصة الاحتكاك بتجارب أنضج، فسحة نمو مشروعهما بشكل مطرد، هل كان من الممكن أن يتغير مصيرهما الآن!
لعلي أجزم بأنّ الموهبة بجوار الممارسة غير كافيتين أيضا إذا لم يقترنا بالدوافع الداخلية العميقة، تلك التي تنبعُ من شعور عميق بأننا نفقد المعنى خارج الكتابة.
هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ورشة عمل لتقييم الأندية في أمانة العاصمة
الثورة نت/..
نظمت وزارة الشباب والرياضة، ممثلةً بلجنة تقييم وتطوير الأندية والاتحادات الرياضية، اليوم، ورشة عمل لتقييم الأندية وتطوير أدائها الرياضي والثقافي والاجتماعي.
وفي الورشة التي حضرها ممثلو أندية أمانة العاصمة، اعتبر نائب وزير الشباب والرياضة نبيه أبو شوصاء، الورشة محطة انطلاق عمل اللجنة لتصحيح وضع العمل الشبابي والرياضي وتطوير أداء الأندية في المحافظات.
وأشار إلى أن اللجنة بدأت بالأندية، كونها حجر الأساس في العمل الشبابي، ونواة انطلاق وتطوير الرياضة اليمنية، لافتًا إلى أن ورشة أخرى ستعقب هذه الورشة مخصصة للاتحادات الرياضية.
وأوضح أبو شوصاء، أن الأندية عانت كثيرًا وحرمت بسبب توقف الدعم المخصص لها من الوزارة جراء العدوان، مبينًا أن أبرز أهداف عمل اللجنة إصلاح أوضاع الأندية من خلال عملية التقييم التي تنفذها اللجنة حيث وضعت استمارة شاملة لتقييم أوضاعها، والوصول إلى المعلومات الدقيقة عن وضع كل نادي.
وشدَّد على ضرورة أن تؤدي الأندية دورها الرعائي ومسؤولياتها المناطة بها كمؤسسات شبابية رياضية تربوية تجاه النشء والشباب، وتحرص على تفعيل الجوانب الرياضية والثقافية والاجتماعية الهادفة.
فيما أكد وكيل قطاع الرياضة علي هضبان، أهمية الورشة لتصحيح أوضاع القطاعين الشبابي والرياضي، مثمنًا رعاية وزير الشباب والرياضة وجهود اللجنة برئاسة نائب وزير الشباب والرياضة، والتي تؤسس لعمل شبابي رياضي مستقبلي أكثر حيويةً وعطاءً.
وقُدمت في الورشة، التي حضرها مديرو الأندية بوزارة الشباب طه تاج الدين، والاتحادات وائل القرشي، والعلاقات أحمد العمري ومكتب الشباب بالأمانة عبدالله عبيد، ونائب مدير مكتب الشباب بالأمانة زيد جحاف، توضيحات من مدير المشاريع المهندس أحمد التويتي، عن استمارة التقييم التي ستعمل الأندية على إنجازها للوصول إلى معلومات واضحة يمكن تحويلها إلى أرقام وإحصائيات تساعد الوزارة على النهوض بواقع الأندية وتطويرها.