لجريدة عمان:
2025-12-08@00:19:33 GMT

نوافذ: هل تصنعُ «الورش» كُتابا!

تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT

تأثرتُ في سنوات دراستي الإعدادية بفتاتين تكبرانني في العمر، كانتا تكتبان نصوصا آسرة. ربما لأنّني شعرتُ آنذاك باستحالة أن أكتب شيئا مُماثلا لما تكتبانه، اللغة والخيال الساحر والحيل السردية، تلك الكتابة التي لم أكن أفطن أساليبها بوعي آنذاك، ولكن حدسي كان يؤكد لي الفوارق بيننا. لكنَّ الفتاتين المتمتعتين بقوة أدبية لافتة، انطفأتا بمجرد الزواج وإنجاب الأبناء، وانتهى بهما الأمر إلى انطواء شاحب!

ولستُ على يقين إن كان انقطاعهما مُتعلقا بالانطباعات الاجتماعية التي تصاحبُ المرأة الكاتبة! أو لأنّهما لم تتعاملا مع الكتابة باعتبارها مشروعا يكبرُ بالدأب والممارسة، لكن كل ما أنا متأكدة منه هو اختفاؤهما المبكر!

تذكرتُ الفتاتين عندما أعلن بيت الزبير إقامة ورشة خاصة للكتابة الروائية، فتقدم عدد جيد من الشباب رغم أنّها ورشة مدفوعة.

قلتُ في نفسي: «ثمة ما تغير في الوعي العام، فعندما شاركتُ في ورشة نجوى بركات -وتمخضت عنها روايتي «التي تعد السلالم» ٢٠١٤- شعرتُ بنبرة لوم متسائلة: «هل يمكننا تعلم الكتابة حقا؟!»، لاسيما وأنّ جيلنا والأجيال التي سبقتنا، غلفت الكتابة غالبا بنظرة رومانسية باعتبارها دفقة شعورية، لا يمكن أن تصبح محط نقاش قبل اكتمالها!

ولعليّ أسأل: هل يُولد أحدنا مُصابا بعلّة الكتابة فلا يجد نفسه خارجها؟ هل نشعرُ حقا بذبذبات صغيرة في رؤوسنا تدعونا لمجازفة من هذا النوع فلا يستقيم اتزاننا دونها؟ أهي رغبة كامنة فينا أم أنّها تنمو على مهل ومشقة فيما لو توفرت لها ظروف مناسبة؟

ألحت عليّ الأسئلة دون توقف، لكن استدعاء حادثة الفتاتين أحالني على أنّ الموهبة والإلهام والاستعداد الفطري أسباب أساسية لكنها غير كافية لصناعة كاتب جيد، فالكتابة شأن قابل للتعلم.

ولعليّ أطرح السؤال من وجهة نظر مناقضة: هل يمكننا صناعة كاتب جيد فيما لو وفرنا له جميع أسباب التعلم، لكن ليس بحوزته الحساسية الأولى للكتابة؟

في الحقيقة لا نستطيع تأكيد ذلك أو نفيه، لأنّ «الإلهام» أمر غير قابل للقياس على نقيض ما نخوضه من تجارب التعلم والدربة والمران. فالكاتب - كما يقول همنجواي- لا يولد متمتعا بالمعرفة لكنه يولد مفطورا على التعلم بصورة أسرع من غيره، يُذهل بالكلمات كأنّه يقرأها لأول مرة.

إنّ ادعاء معرفة جوهر الكتابة وإمكانية تعليمه للآخرين هو محض زيف! فلا أحد يستطيع أن يُعلم أحدا الكتابة! إنّها تجربة فريدة لا تحكمها قاعدة، ولو تتبعنا سير الروائيين لوجدنا أنّ كل واحد منهم غير مطابق للآخر في الميل وفي الأساليب وفي الطقوس، فالروائي الياباني كازو إيشوغورو، على سبيل المثال، لم يكن يذهب إلى الكتابة حتى تكون لديه خطة واضحة عمّا سيكتب -كما تشير بعض المقالات- فمسودة الرواية تأخذ منه عاما كاملا، أما بناء الشخصيات والمواضيع فتأخذ أكثر من ذلك، وهذا كله قبل الشروع في الكتابة الفعلية! بينما في حوار آخر يكشف بول أوستر بأنّه: «يبدأ نصوصه من الجملة الأولى ويشقّ بها طريقه إلى الجملة الأخيرة. فالفقرة هي الوحدة الطبيعية للكتابة ووحدة تكوين البناء. وشيئاً فشيئاً تتزايد الصفحات ببطء شديد حتى النهاية»، وبالتالي ليس لأحدنا أن يتبع طريقا آخر، ليس لنا إلا أن نسلك طريقنا الخاص في كل مرّة. ولذا أجد من الضروري ألا تطبعنا «ورش الكتابة» بطابع واحد وبرؤى واهمة. وأتفاجأ حقا ممن يُصدرون أنفسهم في مهمة من هذا النوع وكل ما يفعلونه هو تعليب الكتابة بأطر مدرسية جامدة!

هذا بالتأكيد لا يعني أن نبقى أسرى نظرة رومانتيكية تُمجد مخطوطاتنا دون فحص أو اشتغال.. فالعلاقة الفردية بالكتابة لا تمنع وضعها تحت مجهر السؤال، وغربلتها ومحوها إن تطلب الأمر، دون فقدان لأصواتنا الخاصة. فلا يمكن لأي ورشة جيدة أن تحرك الكاتب الخامد فينا، ما لم يكن لدينا سؤال عميق وتأمل لديناميكية النصّ وما يعتمل فيه.

ولعلي أسأل: لو قُدر للفتاتين الموهوبتين فسحة الانضمام إلى ورشة كتابة، فرصة الاحتكاك بتجارب أنضج، فسحة نمو مشروعهما بشكل مطرد، هل كان من الممكن أن يتغير مصيرهما الآن!

لعلي أجزم بأنّ الموهبة بجوار الممارسة غير كافيتين أيضا إذا لم يقترنا بالدوافع الداخلية العميقة، تلك التي تنبعُ من شعور عميق بأننا نفقد المعنى خارج الكتابة.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية

يواصل المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» فعاليات معسكره التدريبي النوعي على شاطئ العقير، مستهدفاً صقل مهارات 60 شاباً وشابة في فنون «البشت الحساوي» و«الجص» و«الأبواب الخشبية».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); ويأتي ذلك ضمن مبادرات «شتاء العقير» المستمرة حتى 17 ديسمبر 2025م، لتمكين المواهب الوطنية من تحويل الموروث الثقافي إلى منتجات إبداعية مستدامة.مبادرات «شتاء العقير»ويمثل المعسكر تجربة تدريبية هي الأولى من نوعها التي تمتد لـ 30 يوماً متواصلة، في بيئة مفتوحة تجمع بين التعليم المكثف والاستكشاف السياحي، بإشراف مباشر من محافظة الأحساء وهيئة تطوير الأحساء والأمانة، لضمان مخرجات نوعية تخدم قطاع الحرف اليدوية.
أخبار متعلقة محافظ الأحساء يتفقد تطوير ميناء العقير التاريخي ويزور "معسكر وِرث"«رمال العقير».. ساحة أولمبية مصغرة للعائلات على شاطئ الأحساء”رملية“ الأحساء.. أول كرنفال عائلي للرياضات الشاطئية في المملكةويركز البرنامج على ثلاثة مسارات دقيقة تشمل ورش عمل نظرية وعملية متخصصة، وإنتاج أعمال فنية مستدامة تعتمد على إعادة تدوير الخامات المحلية، بالإضافة إلى جولات ثقافية ميدانية تربط المتدربين بمعالم الأحساء التاريخية لإلهامهم في أعمالهم الفنية.
ووصف المشارك يزن عبدالواحد تجربته بأنها نقلة معرفية دمجت بين تخصص العمارة والفنون التقليدية، مشيراً إلى أن التنوع الكبير في خلفيات المشاركين ساهم في توليد أفكار مبتكرة لتطوير منتجات الجص والهدايا التراثية القابلة للتسويق.تصميم حقائب وقطع أزياء عصريةوأكدت أماني البواردي أن الدافع الرئيسي لمشاركتها هو توثيق الحرف الآيلة للاندثار، حيث تمكنت من إتقان نقوش الجص المعقدة مثل ”المنجور“ و”الوردة النجدية“، واكتسبت تقديراً عميقاً لحرفة البشت الحساوي وما تتطلبه من دقة وصبر.
ولفتت دانا الرويلي إلى أن المعسكر فتح لها آفاقاً لدمج الحداثة بالتراث، حيث تخطط لنقل غرز البشت الدقيقة وتوظيفها في تصميم حقائب وقطع أزياء عصرية، واصفة التجربة بأنها مزيج ملهم بين المتعة والتعلم الجاد في أحضان الطبيعة.
ويرى المشارك عبدالعزيز المرباطي أن المعسكر لم يكن مجرد دورة تدريبية، بل بوابة لتحقيق دخل إضافي، بعد تعلمه أسرار خياطة البشوت والتعرف على النقوش التاريخية في ”قصر إبراهيم“، مشيداً بالتنظيم الاحترافي الذي وفره المعهد الملكي.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } أنور الشيخ - اليوم اماني البواردي - اليوم د أحمد الشهري - اليوم دانا الرويلي - اليوم سلمان الشواف - اليوم شروق البلادي - اليوم عبدالعزيز المرباطي - اليوم يزن عبدالواحد - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });إنشاء مراكز تراثيةوأشار الدكتور أحمد الشهري إلى أن انضمامه للمعسكر بعد فترة الامتياز جاء لاستكشاف الهوية الوطنية، مؤكداً عزمه على نقل هذه المعرفة التراثية وإبرازها للمجتمع، في حين وظفت المرشدة السياحية شروق البلادي مخرجات التدريب لربط الحرف بالتراث وتقديم تجارب سياحية مبتكرة للزوار.
واعتبر سلمان الشواف أن التدريب العملي المكثف، بدءاً من مراحل صناعة الأبواب القديمة وصولاً إلى إنتاج بشت متكامل، يمثل فرصة ذهبية لإحياء هذه الفنون، داعيا إلى إنشاء مراكز تراثية دائمة في كافة المناطق لضمان نقل هذه الخبرات للأجيال القادمة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية - اليوم var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });شغف بالتراثوأوضح أنور الشيخ أن شغفه بالتراث قاده لمجال الإرشاد السياحي تأثراً بنجاح النسخة الأولى للمعسكر، واصفاً تجربة ”شتاء العقير“ بأنها منصة حيوية لتعلم أسرار الحرف اليدوية من مصادرها الأصيلة.
وأكد الشيخ استفادته القصوى من المسارات الثلاثة، بدءاً من مراحل تصنيع البشت، مروراً بتقنيات الأجداد في صناعة الأبواب الخشبية، وصولاً إلى جماليات النقش على الجص، داعياً إلى مأسسة هذه الجهود عبر إطلاق مراكز تراثية دائمة في مختلف المناطق لحفظ الإرث الثقافي وتعليمه للنشء.

مقالات مشابهة

  • معروضات فنية وورش تدريبية في "معرض تجليات" بالعوابي
  • المكتب الوطني للتنافسية ينظّم الورش التطويرية للمؤشرات الدولية
  • خبيرة توضح مزايا اعتماد 3 مدن بالمملكة ضمن مدن التعلم العالمية
  • تربويون: التعلم القائم على المشاريع استثمار في مستقبل الطلبة
  • مختص: انضمام الرياض والعلا إلى «اليونسكو لمدن التعلم» إنجاز جاء بعد تحقيقها للمعايير
  • جمعية المحاسبين تنظّم ورشة ضريبة الدخل والمبيعات
  • قصر ثقافة الطفل بجاردن سيتي يشهد غدا انطلاق ملتقى "همم للقمم"
  • كيف يعزز بلاكبورد جودة التعليم الإلكتروني؟ ثورة رقمية تغيّر مستقبل التعلم في العالم العربي
  • من مختبرات ديب مايند إلى الذكاء الخارق.. قراءة في تجربة ريفليكشن إيه آي
  • «وِرث» يحول شاطئ العقير إلى ورشة لصناعة البشت والأبواب الحساوية