نبض الدار :مواسم الهجرة من مطرح !!

[email protected]

مطرح المدينة التجارية السياحية، التاريخ والتراث، مطرح مدينة يتعانق فيها البحر والجبل ليصنعا جمالا على مد البصر، مطرح توأم مسقط التاريخية السياسية، مطرح مهوى قلوب أهل عمان، مطرح موطن ومرتع طفولة الكثير من الشخصيات والأسماء التي أسهمت في بناء النهضة وتجددها.

مطرح هذه أمست وأصبحت تشهد هجرة معاكسة إلى ولايات أخرى، فصار العمانيون يشكلون فيها نسبة الـ25% تقريبا.

ومع هجرتهم تقفل مدارس، وتنتقل منها مؤسسات حكومية وغير حكومية، ويغادرها تجارها الأصليون إلى أماكن جديدة، فكل يوم نسمع عن مغادرة جهة معينة من مطرح إلى ولايات أخرى.

عندما يغادرها سكانها مجبرين، لأنهم تصرف لهم أراض في العامرات أو السيب، فلا شك أن بقية الجهات ستغادر خلف ساكنها المغادر وعائلته وأسرته. ثم، فلمن ستترك مطرح ؟ السائح يقطع آلاف الكيلومترات ليرى الأهالي الأصليين في المدن والولايات، ببيوتهم وثقافتهم وتراثهم الغارق في التاريخ، وتعاملهم اليومي في السوق والحارة وعند المعالم السياحية، فهو لا يأتي لرؤية الوافدين والمقيمين الذين يعيشون حياة طارئة ومؤقتة وكيفما كانت، بلا أي لون أو طعم أو رائحة من تراث البلد.

لمن ستترك مطرح ؟ لصالح من يخليها سكانها الأصليون الذين عاشوا فيها وفي عرقها وفي أيامها المرة والحلوة معا، أين دور وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، وهي التي بشرتنا بالتخطيط العمراني وأنسنة المدن، وأن تعيد للمدن رونقها وجمالها بإنسانها العماني وأسرته وعائلته الممتدة في جواره.

توجد آلاف وآلاف قطع الأراضي السكنية في الولاية سواء فوق المرتفعات أو في أكناف الولاية العريقة، ولكن لا تزال الوزارة تصرف لسكان الولاية أراض في ولايات أخرى بعيدة، فيغادر المطرحي ولايته وفي العين دمع محبوس، وفي القلب أسى لمفارقة الأهل والجيران ومسقط الرأس والتاريخ الممتد.

هجر مطرح الكثير ولا يزال نزيف الهجرة مستمرا تحت ضغط هذا الأمر الذي لم يتغير رغم تغير أهداف وزارة الإسكان والتخطيط العمراني إلى ماهو أوسع وأكثر سعيا نحو أنسنة المدن منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

ترى ماذا سيبقى من مطرح إذا غادرها الـ٢٥% الباقون، لمن ستترك الولاية ؟ وهل هَجر العمانيين الولاية هو الحل الأفضل والأمثل؟ ولماذا وكيف وكل الأسئلة المشروعة ؟ إنها ولاية وتاريخ وتراث وعبق وقيمة إنسانية، ومدينة بأكملها سيعتريها النسيان والهجران! وسيعفى التاريخ من ذكرها، فقد تسمى وقتها «ليتل انديا» أو «إنديا تاون» فكم سيكون الثمن باهظا ؟ وهل ستكون للعودة من سبيل بعد قطع الأواصر كلها.

يا وزارة الإسكان والتخطيط العمراني رفقا، ففي يدك الحل الناجع والسريع للاحتفاظ بالبقية الباقية من العمانيين، بل ولاستعادة من مضى منهم، ليعود بأولاده وشبابه إلى مسقط رأسه وموطن طفولته وأجداده.

د. طاهرة اللواتية إعلامية وكاتبة

المصدر: لجريدة عمان