عشت فى القاهرة ما يزيد على 40 عامًا، وسكنت فى الكثير من مناطقها وفى عشرات البيوت والشقق.. ومشيت نهارًا وليلًا فى ميادينها وحواريها وأزقتها وممراتها.. نعم ممراتها.. فهناك العديد من سكان القاهرة لا يعرفون أن فيها ممرات بين مبانى ومحلات وسط البلد تضم مقاهى ودكاكين والمداخل الخلفية للعمارات.. وهى عالم آخر قد لا يلاحظه المارة، لأن الدخول إليها يكاد لا يتسع سوى لشخص واحد.
ومنذ أيام زرت القاهرة التاريخية بصحبة المهندس محمد الخطيب، استشارى مشروع تطوير القاهرة التاريخية، وتعرفت على قاهرة أخرى قادمة–إذا اكتمل المشروع- يمكن أن يجعل من هذه المدينة ليست عاصمة الدولة المصرية فقط بل عاصمة العالم العربى، خاصة وأن أكثر السياحة العربية تكون فى القاهرة والقليل منها يذهب مؤخرًا إلى الساحل الشمالي!
ورغم أن السياحة ليست كل أهداف المشروع كما يقول المهندس محمد الخطيب، أن هناك أهدافًا أخرى قد تسبق السياحة وهى المحافظة على القاهرة التاريخية ومناطقها المختلفة من التآكل والاختفاء، وهى حاليًا فى مرحلة الانهيار والتهالك وهى تمثل حقبًا تاريخية مهمة مضت ولازالت آثارها باقية مثل الأيوبية والمملوكية والفاطمية بالإضافة إلى القاهرة الخديوية ومنطقة المقابر!
وفى هذه الجولة شاهدت جانبين متناقضين من وجه القاهرة التاريخية.. الوجه الذى تم تطويره من خلال هذا المشروع والوجه الذى لازال على حاله منذ مئات السنين وصل إلى مرحلة لا تسر عدوًا ولا حبيبًا ولا تليق بتاريخ القاهرة ولا بآثارها.. حيث تحولت معظمها إلى أحواش لكل أنواع الحيوانات وخرابات لكل أنواع الموبقات!
ولكن.. الجانب الذى تم تطويره وشاهدته، وما أجريته من حوار مع سكان مناطق سوق السلاح أو الخيامية يدعو للأمل والتفاؤل لتفهمهم لأهمية مشروع التطوير بعد أن تأكد لهم أنه لا نية مبيتة من الدولة أو الحكومة لتهجيرهم والاستيلاء على مساكنهم وحياتهم وأعمالهم بل يطالبون بالتطوير فى أسرع وقت لأن فى ذلك تحسينًا لمستوى معيشتهم وأعمالهم، حيث إن تطويرًا سيتم فى إطار مثلث «السكن والعمل والمزار».. وهو ما يجعل مشروع التطوير صعبًا للغاية، وذلك لأن هذه الثلاثية معقدة وأجزم أنها عطلت كل المسئولين بالوزارات والجهات المعنية فى التفكير فى أى مشروع لتطوير القاهرة التاريخية خلال الخمسين سنة الماضية على الأقل!
فقد كانت كل المشروعات السابقة تكتفى بتطوير مبنى تاريخى أو شارع مثل المعز لدين الله.. ولكن لو مشيت خطوة واحدة إلى الداخل من هذا الشارع ستجد أكوامًا من الخرابات بالمعنى الحرفى للكلمة وليست مجرد مبانٍ وبيوت تاريخية مهدمة.. وذلك لأن سكان القاهرة التاريخية يسكنون داخل وحول وفوق مبانيها الأثرية وإن أى تفكير فى التطوير يحتاج أولا إلى إفراغها من سكانها حتى يمكن العمل على إعادة تأهيلها وتطويرها. وقبل كل ذلك للمحافظة عليها من الانهيار والاختفاء الكامل، وهو ما كان يتوقعه -ولازال- كل خبير أثرى أو مخطط عمرانى ومعمارى للقاهرة التاريخية خلال الخمسين سنة القادمة!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القاهرة سكان القاهرة مشروع تطوير القاهرة التاريخية القاهرة التاریخیة
إقرأ أيضاً:
زراعة الشيوخ: القفزة التاريخية للصادرات تعزز الاقتصاد وتفتح أسواقا جديدة
قال النائب محمد شعيب، أمين سر لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، إن ارتفاع الصادرات الزراعية المصرية لتصل 9 مليارات دولار في 2024 يمثل إنجازاً تاريخياً للقطاع الزراعي والدولة ككل، مشيراً إلى أن هذا الرقم القياسي يعكس نجاح السياسات الحكومية في دعم الزراعة وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
وأضاف "شعيب" أن هذه القفزة تعكس أهمية القطاع الزراعي كقاطرة للنمو الاقتصادي، حيث يساهم في 15% من الناتج المحلي الإجمالي، ويشكل نحو 24% من إجمالي الصادرات غير البترولية، ويوفر فرص عمل لما يزيد عن ربع القوى العاملة في مصر، مؤكداً أن هذه المؤشرات تجعل القطاع الزراعي أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الوطني.
وأشار أمين سر زراعة الشيوخ إلى أن حجم الصادرات وصل إلى نحو 7.5 مليون طن تشمل أكثر من 400 منتج زراعي، مع التصدير إلى أكثر من 160 دولة، ما يعكس قدرة مصر على فتح أسواق جديدة وتعزيز حضورها في الأسواق الدولية، وهو ما يزيد من قدرة الاقتصاد المصري على النمو وتحقيق الاستدامة.
وأوضح محمد شعيب أن هذا الإنجاز لم يكن ليحدث دون الالتزام بتطبيق ضوابط صارمة للجودة وسلامة الغذاء وفق المعايير الدولية، مشيراً إلى أن وزارة الزراعة تعتمد على منظومة متكاملة من المعامل المركزية وأنظمة المراقبة لضمان سلامة المنتجات ومطابقتها لمتطلبات الأسواق الخارجية.
وختم النائب، بالتأكيد أن هذه النتائج تؤكد أن الزراعة المصرية تسير على طريق التطوير المستدام، وتعكس التزام الدولة بدعم المنتج المحلي، ورفع قدراته التنافسية، وتحقيق مزيد من النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة للشباب وكبار السن على حد سواء.